هآرتس.. للعالم ولاجئي أوكرانيا: جيناتنا لا تقبل سوى “شعب الله المختار”!

حجم الخط
2

لو فتحت إسرائيل أبوابها أمام لاجئي أوكرانيا مثل معظم الدول الأوروبية، لما بقيت إسرائيل. ولو خرجت عن أطوارها لاستيعاب لاجئين غير يهود بصورة إنسانية وبدون تحفظ مثلما تفعل معظم الدول الأوروبية الآن لكان هذا مناقضاً لجيناتها. لذلك، لا حاجة إلى إلقاء التهمة على هذا أو ذاك، اييلت شكيد أو نفتالي بينيت، فكل حكومة ستتصرف على هذا النحو. هذا مطبوع في جيناتنا، كراهية الأجانب مع التعالي على جميع الشعوب الأخرى رضعناها مع حليب أمهاتنا. لذلك، لا يمكن أن نتوقع بأن تتصرف إسرائيل بشكل مختلف إزاء حرب ليست حربها. ولذلك، لا يمكن التوقع بأن تتصرف إسرائيل بإنسانية دون انتقائية.
ما يحدث الآن في إسرائيل هو نتيجة عشرات السنين من التلقين. اسم اللعبة: الأنانية. كل شيء يقاس فقط حسب ما هو جيد لإسرائيل، ليس هناك اعتبار آخر. هذا القرص لا يمكن استبداله بحرب واحدة في أوكرانيا. دولة أحاطت نفسها بأسوار مادية، مثلما لم تفعل أي دولة أخرى، وبأسوار قومية ودينية، هي دولة لا يمكنها الانفتاح بين عشية وضحاها. الأسوار الوحشية التي بنيناها حولنا لم تكن جميعها أسواراً أمنية. بعضها أسوار ضد الرحمة مثل سياج الأسلاك الشائكة الكثيفة على الحدود مع مصر، وبعض الأسوار ضد الاختلاط. للسور الجيد والسور السيئ وظيفة للحماية من التهديد الديمغرافي المرضي. وهي أسوار لا يمكن تفكيكها الآن.
الجملة الافتتاحية لدى الإسرائيليين هي: لا يوجد مجال للمقارنة. لا يمكن المقارنة بين إسرائيل وأي دولة أخرى. هذا هو الاستثناء الفظيع الذي حكمنا به على أنفسنا من الإنسانية والرحمة والتماهي، ومن الامتثال للمجتمع الدولي والقضاء الدولي. إسرائيل شيء آخر. كل العالم يمكنه ويجب عليه استيعاب اللاجئين، لكن هذا لا ينطبق على إسرائيل. لماذا؟ لا مقارنة، ولأن إسرائيل حالة خاصة. كلمات المفتاح هي: الكارثة، الشعب المختار وخطر الإبادة. الله نفسه قال بأننا نحن الشعب المختار. كل طفل في الروضة سيقول لكم ذلك. فماذا تتوقعون إذاً؟
عندما يربون الأجيال على التعالي والوحشية حتماً سنغلق الأبواب أمام اللاجئين. وعندما نكرر طوال عقود أموراً عن تفرد الشعب اليهودي عن كل الشعوب، خصوصاً عن التفوق الأخلاقي السامي، فلا يمكننا التصرف بمساواة مع لاجئ حرب يهودي أو غير يهودي. الانتقائية في دمائنا، والتعالي في دمائنا. أبناء الشعب المختار لا يستوعبون إلا أبناء الشعب المختار. ومن الغريب ألا يفهم الجميع ذلك.
صحيح أن هناك مظاهر مؤثرة من التماهي والمساعدة والرحمة حتى في إسرائيل. ولكنها فردية، وأفعال جمعيات ومنظمات. هم بشكل عام أيضاً بقوا في مناطق الراحة: سنجمع ملابس لا حاجة لنا بها، سنتبرع بألعاب، سنقيم مستشفى ميدانياً مع كثير من الضجة والعلاقات العامة، وحتى على حدود غزة بعد أن قتلنا المئات من أطفالها.
تواصل الدولة صورة حارسة العتبة. كي لا يتلوث الدم المقدس. قلائل من الإسرائيليين سيوافقون على السير ضد التيار ويخاطرون ويدفعون ثمناً شخصياً لتغيير ذلك. المبررات موجودة دائماً: الفلسطينيون يريدون إبادتنا، أوكرانيا ليست دولة حدود، وسوريا النازفة كانت دولة حدود، لكنها عدوة لنا. عندها ما الذي تنتظرونه؟ السودانيون كانوا يشكلون خطراً ديمغرافياً، الأوكرانيون أيضاً يهددون بأن يكونوا كذلك. هناك تبرير ومن الأفضل أن يكون مع قبلة ضد أي أجنبي. ووراء كل ذلك تختفي فرضيات أساسية للصهيونية: شعب يجب أن يعيش منفرداً، ومسموح لنا فعل كل شيء بعد الكارثة، لا يمكن لأحد أن يقدم لنا المواعظ الأخلاقية، إسرائيل فوق الجميع، هي دولة يهودية قبل أي شيء.
لذلك، عندما يعرضون تفسيرات لسلوك إسرائيل المخجل، كما فعل رفيف دروكر عندما اقترح أن كل ذلك من أجل إغضاب اليسار (“هآرتس”، 16/3)، يجب أن نقول باستقامة: هذه هي إسرائيل، يا دروكر. لا يمكنها أن تكون غير ذلك.
بقلم: جدعون ليفي
هآرتس 17/3/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد اسماعيل:

    سبحان الله ! من فمك ادينك ! فلهذا ومن اجل ان يبعدوا الشعب الاوكراني اليهودي عن مجتمعاتهم يحولون اليهوديات الاوكرانيات الى بيوت الدعاره

  2. يقول ميساء:

    بل الشعب المحتال الذي سرق أرض فلسطين تحت جنح الظلام من مجموعة لئام،. والله يحرر فلسطين كل فلسطين و يكسر شوكة إسرائيل كسرا لا جبر بعده أبدا قولوا آمين يارب العالمين

إشترك في قائمتنا البريدية