دي ميستورا يؤكد لـ«القدس العربي» أن الأزمة السورية حلها لن يكون إلا سياسيا

حجم الخط
0

ميونخ – ألمانيا- «القدس العربي»: 20 رئيس دولة، وأزيد من 60 وزير خارجية، ومئات المسؤولين الدوليين، إلى جانب عدد كبير من الخبراء وصناع القرار، ورؤساء المنظمات الإقليمية، يشاركون في مؤتمر ميونخ للأمن الذي تحتضنه هذه المدينة الواقعة في جنوب ألمانيا، مع رغبة ملحة للمشرفين على هذا الحدث أن يكون أحد أهم اللقاءات السنوية لاتخاذ القرارات المحورية على المستوى الدولي.

وعلى مدى أيام المؤتمر الذي انطلقت أعماله يوم الجمـــعة واستمرت حتى مساء الأحد وسط إجـــراءات أمنـــية مشددة، حاول الحاضرون تبادل وجهات النظر حول المواقف تجاه عديد القضايا الدولية وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية التي كانت أحد الملفات الرئيسية، إلى جانب الصراع في الشرق الأوسط بشقيه الفلسطيني وما نتج عن الحراك العربي الأخير، والنزاعات الثنائية وما خلفته من أزمات. واعتبر منظم المؤتمر الدبلوماسي الألماني السابق فولفغانغ ايشنغر، أن الاجتماعات بحثت بشكل غير مسبوق الأزمات العالمية خلال العام المنصرم، للتوصل إلى سبب عدم قدرة المجتمع الدولي على مواجهتها. وحذر ايشنغر من أن «النظام العالمي ينهار حاليا».
وأضاف: «نعيش في زمن انهيار النظام. يختبر الجميع في هذا الفراغ إلى أي حد يستطيعون المواصلة: (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين في أوكرانيا، والصين في مواجهة اليابان، وإيران في الملف النووي، والجهاديون في أفعالهم الفظيعة». وأكد ايشنغر أن «هناك حاجة ضرورية جدا لحوكمة عالمية. يجب على مجلس الأمن الدولي حل أزمة كل أسبوع: (كأزمة) إيران، أو سوريا. ولكن عوضا عن ذلك يبدو المجلس في طريق مسدود، ولا توجد أي رغبة في الإصلاح».
وحذرت منظمة مجموعة الأزمات الدولية في المؤتمر الأمني من أنه «على الصعيد العالمي، تبدو الزيادة في التنافس الجيوسياسي، وكأنها تتجه نحو عالم أقل سيطرة»، وتتجه الأمور لتصبح غير قابلة التنبؤ بها. وأشارت المجموعة إلى «نقاط إيجابية» حصلت خلال العام الماضي، بينها استمرار المحادثات النووية مع إيران، ومحاولات تشكيل الحكومة الأفغانية، ومحادثات السلام في كولومبيا، فضلا عن التقدم الإيجابي في العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا. ولكن بشكل عام، «اتسمت غالبية العام بالكآبة»، وفق مجموعة الأزمات الدولية، التي أضافت بالقول إن «النزاعات تتصاعد مجددا بعد تراجع كبير اثر انتهاء الحرب الباردة. إن حروب اليوم تقتل وتشرد أشخاصا أكثر وهناك صعوبة في إنهائها مقارنة مع الأعوام الماضية».
وكشف ستيفين دي ميستورا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا الذي التقته «القدس العربي» وهو يجري سلسلة لقاءات مع رؤساء الوفود أن العمل للتوصل إلى السلام في سوريا لا يزال صعبا وهناك عمل شاق ينتظره وليس الأمر سهلا، لكنه عبر عن إصرار الكثير من الدول على المضي قدما هذه المرة نحو تجسيد الوعود التي تم إطلاقها على أرض الواقع، مع التأكيد على ضرورة تقديم كافة الأطراف لتنازلات تسمح بالتوصل لأرضية اتفاق. وشدد المسؤول الأممي على أن الحل في سوريا لن يمر على ماسورة دبابة، بل سوف يكون عن طريق حل سياسي عادل يتم التوصل إليه بتجاوز كافة النقاط العالقة. وأضاف على أن أطراف الصراع أصبحوا أكثر ثقة على أن هذا هو الخيار الوحيد المتاح. وشدد دي ميستورا على أهمية تكفل المجتمع الدولي بقضية اللاجئين السوريين والعمل الجاد لإنهاء الصراع للعودة إلى بلدانهم في ظل الأوضاع المزرية التي يعيشونها.

دبلوماسية الاجتماعات الهامشية

الحضور اللافت لمسؤولين دوليين رفيعي المستوى على غرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافرورف، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينز شتولتنبرغ، والرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو إضافة لمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ورؤساء كل من فنلندا وليتوانيا وأستونيا، وغيرهم من كبار المسؤولين، صنع زخما للمؤتمر الذي تسابقت لنقل وقائعه مئات المؤسسات الإعلامية، وتركزت أهميته في اللقاءات الجانبية التي عقدها رؤساء الوفود مع بعضهم لاتخاذ مواقف بشأن العديد من القضايا. ومن أبرز اللقاءات الجانبية اجتماع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي حيث ناقشوا عددا من القضايا الحساسة والمحورية وعلى رأسها الملف اليمني الذي ألقى بضلاله على اجتماعات الوفود الخليجية. وحسب ما كشفه مصدر دبلوماسي حضر اللقاء فإن أمريكا تفهمت الانشغال الخليجي بزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة وخصوصا في اليمن على ضوء سيطرة الحوثيين على مقاليد الأمور، وعبرت عن مساندتها لهذا الطرح. وخلال لقاءات المسؤولين الخليجيين في المؤتمر تم اتخاذ بعض القرارات حيال القضايا، حيث كشفت مصادر دبلوماسية عن إعادة الإمارات العربية المتحدة النظر في قرارها السابق بشأن انسحابها من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، حيث أكدت على أنها سوف تمضي في هذا المسعى، وهذا على إثر النقاشات التي قام بها رئيس دبلوماسيتها الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان الذي عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين حاليين وسابقين. وزير الخارجية القطري عقد بدوره سلسلة لقاءات متواصلة مع عدد من رؤساء الوفود والمسؤولين الدوليين للدفع بالجهود الدولية فيما يخص القضايا الراهنة وخاصة الملفين الفلسطيني مع فرانك لونستين المبعوث الأمريكي للسلام في منطقة الشرق الأوسط والسوري مع ستيفين دي ميستورا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا الذين أخذا حيزا من اهتمامه. وشدد العطية للأول على أن الممارسات الإسرائيلية ضد المقدسات الدينية خاصة المسجد الأقصى، والقمع الذي تمارسه قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية من شأنه عرقلة الجهود الرامية لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة. وأكد رئيس الدبلوماسية القطرية مع المبعوث الأممي لسوريا على أن موقف قطر ثابت تجاه إيجاد حل سياسي للأزمة بما يحفظ لسوريا وحدتها ويحقق تطلعات شعبها في الحرية والكرامة.
كما كانت للعطية جلسة نقاش فكري مع القادة الشباب تطرقت لعدة قضايا تشغل بال الدول والمجتمعات وتناولت الإشكالات الحالية والنظرة المستقبلية لحلها في إطار الجهود الدولية الرامية لإحلال السلام.
50 عاما من دبلوماسية الحوار
ويعد مؤتمر ميونخ للأمن الذي بدأ قبل 50 عاما منتدى للحوار الدولي حول السياسة الأمنية. وحاولت بدورها المجموعة الأوروبية دفع الروس إلى الخروج من صراع جامد لتمرير اتفاق شامل مع الأوكرانيين، من خلال وصفة مزجت بين الضغط والتحفيز.

سليمان حاج إبراهيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية