يدخل الغزو الروسي لأوكرانيا يومه الخامس والعشرين، وسط استمرار القتال رغم حديث عن قرب التوصل إلى حل وسط، بينما تواصل الدول الغربية ضغوطها على روسيا لإجبارها على وقف إطلاق النار.
باريس ـ «القدس العربي»: على مدى هذا الأسبوع، استمر القصف الروسي على أوكرانيا وسط رفض موسكو أمر محكمة العدل الدولية بوقف هجومها، بما في ذلك في وسط مدينة ماريوبول التي أعلن الجيش الروسي أمس السبت أنه دخلها بعد عدة أيام من الحصار. وستكون السيطرة على هذه المدينة الاستراتيجية نقطة تحول مهمة في الحرب، إذ ستسمح لروسيا بضمان الاستمرارية الإقليمية بين قواتها من شبه جزيرة القرم (جنوبًا) وقوات دونباس (شرقًا).
كما أكدت روسيا أنها استخدمت صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت في أوكرانيا، حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس السبت، أنها استخدمت صواريخ «كينجال» لتدمير مستودع أسلحة تحت الأرض في غرب أوكرانيا. ووفقًا لموسكو، فإن هذا النوع من الصواريخ، شديد القدرة على المناورة، يتحدى جميع أنظمة الدفاع المضادة للطائرات. وقالت وكالة «ريا نوفوستي» الحكومية إن استخدامه هو الأول من نوعه في الصراع في أوكرانيا.
زيلينسكي يدعو إلى السلام
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عبر عن «قلقه البالغ» بشأن الوضع في ماريوبول جنوب شرق أوكرانيا، وذاك خلال المكالمة الهاتفية الجديدة التي أجراها مساء الجمعة مع نظيره الرئيس الروسي فلاديمير. وطالب مرة أخرى بـ«رفع الحصار».
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من جانبه، اتهم أوكرانيا بارتكاب «جرائم حرب عديدة» مؤكدا أن القوات التي تقودها موسكو تبذل «كل ما في وسعها» لعدم استهداف المدنيين، كما جاء في بيان الكرملين، الذي أفاد أنه خلال هذه المكالمة «تم لفت الانتباه إلى جرائم الحرب العديدة التي ترتكبها قوات الأمن والقوميين الأوكرانيين يوميًا». فعلى الرغم من استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، يريد إيمانويل ماكرون الحفاظ على الارتباط بسيد الكرملين بأي ثمن.
ووسط التصعيد الروسي، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى السلام، قائلا، إن الوقت قد حان لكي توافق موسكو على «الاجتماع» من أجل «مناقشة» السلام بجدية من أجل تجنب العواقب «المتعددة» بالنسبة لروسيا. وبدا أن المفاوضات الروسية الأوكرانية ترسم تدريجياً وبوتيرة بطيئة إمكانية التوصل إلى حل وسط مع حديث رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي عن «تقارب» في المواقف بشأن مسألة وضع أوكرانيا المحايد والتقدم بشأن نزع السلاح في البلاد.
بايدن يحذر شي من دعم «مجرم الحرب»
ونقلت وكالات أنباء روسية عن هذا الأخير قوله إن «موضوع وضع أوكرانيا الحيادي وعدم عضويتها في حلف شمال الأطلسي هو أحد النقاط الرئيسية في المفاوضات، إنها النقطة التي اقترب فيها الأطراف من مواقفهم قدر الإمكان». ومع ذلك، أشار إلى «الفروق الدقيقة» حول «الضمانات الأمنية» التي تطالب بها أوكرانيا. وتابع قائلاً: «بالنسبة إلى نزع السلاح، أود أن أقول 50/50» قائلاً إنه لا يستطيع الكشف عن تفاصيل المفاوضات، لكن الوفود «في منتصف الطريق» للتوصل إلى اتفاق حول هذه القضية.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، وبعده وصفه للرئيس الروسي لأول مرة بـ«مجرم حرب» وإعلانه عن تقديم 800 مليون دولار كمساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا، بلغ مجموعها مليار دولار في أسبوع واحد، مضى إلى تحذير نظيره الصيني شي جين بينغ من «تداعيات وعواقب تقديم الصين الدعم المادي لروسيا في الوقت الذي تشن فيه هجومًا وحشيًا على المدن والمدنيين الأوكرانيين» وذلك خلال المقابلة عبر الفيديو التي أجراها الزعيمان مساء الجمعة، على خلفية الغموض بشأن الموقف الصيني فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا.
شي جين بينغ، قال لجو بايدن إن الصين والولايات المتحدة تتحملان مسؤولية المساعدة في تحقيق السلام العالمي. وبحسب تصريحات نقلها التلفزيون الصيني، جدد الرئيس الصيني القول لنظيره الأمريكي إن الصراع «ليس في مصلحة أحد».
عقوبات غربية جديدة ضد موسكو
في غضون ذلك، تواصلت هذا الأسبوع العقوبات الغربية ضد روسيا، حيث أدرجت وزارة التجارة الأمريكية حوالي مئة طائرة روسية في القائمة السوداء، بما في ذلك طائرة رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش وبوينغز التابعة لشركة إيروفلوت، والتي انتهكت مؤخرًا العقوبات الأمريكية ضد روسيا. كما استبعد مجلس أوروبا الضامن لسيادة القانون في القارة، من جانبه، روسيا رسميًا بسبب حربها ضد أوكرانيا، وذلك خلال «اجتماع استثنائي» للجنة الوزراء، الهيئة التنفيذية للمنظمة. وهي خطوة استبقتها موسكو بالإعلان عن انسحابها من هذه المنظمة، التي يوجد مقرها بمدينة ستراسبورغ الفرنسية، والتي انضمت إليها روسيا في عام 1996.
علاوة على ذلك، واصل الاتحاد الأوروبي استخدام سلاح العقوبات الاقتصادية ضد موسكو، حيث حظر هذا الأسبوع تصدير سيارات السيدان الفاخرة والشمبانيا والمجوهرات وغيرها من الأشياء الفاخرة إلى روسيا، والتي لطالما كانت محل إعجاب النخب الداعمة لفلاديمير بوتين، وذلك بهدف معاقبة أسلوب حياتهم الفخم أثناء الغزو الروسي لأوكرانيا. وتشكل هذه الإجراءات المجموعة الرابعة من العقوبات التي يتبناها الاتحاد الأوروبي ضد موسكو، منذ قرار الكرملين مهاجمة أوكرانيا عسكريًا.
كما تمت إضافة 15 من رجال الأعمال أو رجال الصناعة، بمن فيهم الملياردير رومان أبراموفيتش، مالك نادي تشيلسي الإنكليزي لكرة القدم، إلى القائمة السوداء للروس الذين تمت مصادرة أصولهم في الاتحاد الأوروبي. وأيضاً حظر الاتحاد الأوروبي استيراد «السلع الأساسية في قطاع الحديد والصلب» وتصدير السلع الكمالية.
ووسط ذلك، أعلنت المنظمات الاقتصادية الدولية الكبرى، مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، يوم الجمعة أنها «مرعوبة وقلقة للغاية» من الغزو الروسي لأوكرانيا، وتخطط «لتأثير اقتصادي عالمي واسع النطاق». وشددت المنظمات الموقعة في بيان على أنه بالإضافة إلى «الكارثة الإنسانية المدمرة في أوكرانيا، فإن الحرب تعطل سبل العيش في المنطقة وخارجها، وتقلل من إمدادات الطاقة والغذاء، وتزيد الأسعار والفقر». في حين، استنكر الغربيون، خلال جلسة في الأمم المتحدة، «المعلومات المضللة» التي تغذيها روسيا حسب رأيهم. ونددت الدول الغربية الست الأعضاء في مجلس الأمن الدولي باستخدام موسكو لهذه الهيئة لنشر «معلومات مضللة» و«دعاية».
أكثر من 3 ملايين لاجئ
ومخاوف من الإتجار بالبشر
ومع استمرار الحرب، تجاوز عدد اللاجئين الأوكرانيين في بولندا حاجز المليونين، حيث أعلن حرس الحدود البولنديون أن عدد الوافدين من أوكرانيا إلى بولندا هربًا من الغزو الروسي تجاوز مليوني شخص يوم الجمعة، معظمهم من النساء مع الأطفال. وبينما فر أكثر من ثلاثة ملايين شخص من أوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي، تحذر المنظمات والجمعيات الإنسانية من خطر الإتجار بالبشر، لا سيما على حدود البلاد، حيث يمكن استهداف العديد من الأطفال الضعفاء.
وفي هذا الصدد، حذرت إيلفا جوهانسون، مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية، من المخاطر التي يواجهها الأطفال الفارين من أوكرانيا، بمن فيهم القُصر «غير المصحوبين». حيث أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» يوم الثلاثاء أن طفلًا يغادر أوكرانيا كل ثانية تقريبًا وأن القاصرين يمثلون نصف المنفيين في البلاد. وقدرت أن «هؤلاء القاصرين معرضون لخطر الوقوع ضحايا لمجرمين قد يستخدمونهم في الإتجار بالبشر، على سبيل المثال» موضحة أن لديها معلومات عن «مجرمين يأخذون الأيتام من دور الأيتام في أوكرانيا، ويعبرون الحدود متظاهرين بأنهم أقارب».
كما تحدث المفوض الأوروبي الفرنسي تيري بريتون عن وضع الأطفال الذين غادروا دور الأيتام الأوكرانية، بسبب خطر القصف الروسي. يعتقد أن «هؤلاء الأطفال التعساء على الطرق، يتم دفعهم كثيرًا في مولدافيا، ولا أخفي عنكم أن لدينا مخاوف كبيرة: نحتاج حقًا إلى الاعتناء بهم على نطاق واسع» مضيفًا: «بدأنا نرى حركة المرور، يحتمل أن تكون عصابات، أو تجار بشر».