دمشق – «القدس العربي» : لاقت زيارة رأس النظام السوري بشار الأسد إلى الإمارات العربية المتحدة، في قمة هي الأولى عربياً له منذ 11 عاماً، انتقاداً دولياً ومحلياً، حيث اعتبرت بعض الدول، الزيارة محاولة واضحة لإضفاء الشرعية والتطبيع مع النظام السوري، معبرين عن «خيبة أمل كبيرة» لا سيما أن الزيارة تزامنت مع ذكرى اندلاع الثورة السورية وسقوط أول الضحايا، مذكرين بمجازر الأسد بحق السوريين.
وانتقدت بريطانيا الأحد، زيارة رأس النظام السوري بشار الأسد، إلى الإمارات العربية المتحدة، معارضة تطبيع أي دولة علاقاتها مع الأسد، وذلك بعد تنديد الخارجية الأمريكية بالزيارة التي اعتبرت أنها تضفي شرعية على النظام السوري. وقال الممثل البريطاني الخاص لسوريا، جوناثان هارجريفز، عبر حسابه على موقع تويتر، «نظام الأسد غير النادم يواصل ارتكاب الفظائع ضد الشعب السوري»، وحث جميع الأطراف على الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ودعا النظام السوري وداعميه إلى الكف فورًا عن انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
خيبة أمل أمريكية
كما طالب المسؤول البريطاني، النظام بالمشاركة الجدية في الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لتعزيز السلام الدائم في سوريا، بما في ذلك من خلال المشاركة بشكل هادف في الاجتماع القادم للجنة الدستورية في جنيف.
وكان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، قال إن «واشنطن تشعر بخيبة أمل عميقة ومقلقة من هذه المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية على رئيس النظام، بشار الأسد». ووفقا لصحيفة «نيويورك تايمز» قال برايس إن الأسد يظل مسؤولًا عن مقتل ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين، وتشريد أكثر من نصف السكان السوريين قبل الحرب، والاعتقال التعسفي والاختفاء لأكثر من 150 ألف رجل وامرأة وطفل سوري، مؤكداً أن واشنطن ما زالت تعارض جهود تطبيع العلاقات أو إعادة تأهيل الأسد، وأن الولايات المتحدة لن تتنازل أو ترفع العقوبات عن سوريا ما لم يتم إحراز تقدم نحو حل سياسي للصراع الذي أودى بحياة مئات الآلاف منذ اندلاع الثورة ضد الأسد.
انتقادات دولية ومحلية لاستقبال أبو ظبي رأس النظام
وحث الدول التي تفكر في التعامل مع نظام الأسد على أن تقيّم بعناية الفظائع المروعة التي ارتكبها النظام بحق السوريين على مدار العقد الماضي، فضلًا عن جهود النظام المستمرة لمنع وصول الكثير من المساعدات الإنسانية والأمن إلى سوريا، حسب ما نقلته وكالة رويترز في مراسلة إلكترونية مع برايس.
ونشر المبعوث الأمريكي السابق إلى سوريا، جويل ريبورن، تغريدة على «تويتر» قال فيها «الخطوة الأولى على طريق العقاب، لا تحب الولايات المتحدة معاقبة الحلفاء، لكن في بعض الأحيان لا يمكن تجنب ذلك، كما رأينا في آب من عام 2017 وتشرين الأول من 2019».
محليا، عقد رئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط، اجتماعاً افتراضياً مع مدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية الإماراتية والتعاون الدولي، عبد الله مطر المزروعي، عبّر فيه عن رفض الائتلاف الوطني للتطبيع مع نظام الأسد، مشدداً على أن الأسباب التي أدت إلى طرده من الجامعة العربية لا تزال قائمة.
وفي بيان منفصل، اعتبر الائتلاف الوطني السوري، أن استقبال الإمارات العربية المتحدة لمجرم الحرب بشار الأسد سابقة خطيرة وخروجاً عن قرارات الجامعة العربية، وخرقاً للعقوبات الدولية، ومكافأة له على جرائمه، واستخفافاً بدماء مليون شهيد سوري. وقال الائتلاف الوطني في بيان رسمي إن «استقبال المجرم بشار، خطيئة فادحة لا بدّ من استدراكها، ونذكّر بأن القبول بالمجرم هو قبول بإجرامه، وهو الذي هجّر نصف هذا الشعب الأبي ودمر بلاده وفتح الحدود لكل الميليشيات الإرهابية، لا سيما ميليشيات إيران، التي وصلت نيرانها إلى الإمارات نفسها، من خلال الاستهداف الصاروخي المتكرر، لميليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لنظام إيران».
ولفت إلى أن الزيارة تتزامن مع «ذكرى انطلاق الثورة السورية ومع ذكرى قتل نظام الأسد لأول شهيد فيها، مشدداً على «أن ذلك يزيد في عدم تقدير إرادة الشعب السوري ولا تضحياته الغالية على مدى إحدى عشرة سنة ماضية في صراعه مع النظام المجرم ورعاته» ولفت الائتلاف الوطني إلى أن الشعب السوري لم يكن ينتظر من أي دولة شقيقة احتضان هذا المجرم أو إعادة تدويره. وطالب الائتلاف الوطني، الإمارات العربية المتحدة بتصحيح موقفها والالتزام بالموقف العربي والدولي العام في عزل هذا النظام المجرم وعدم التطبيع معه أو الانجرار إلى إعادة تدويره.
معارضون: خطأ جسيم
وبينما اعتبرت دول غربية ان الزيارة، محاولة واضحة لإضفاء الشرعية، اعتبر معارضون سوريون أن الإمارات ارتكبت «خطأً جسيمًا» باستقبالها بشار الأسد. وكتب المعارض السياسي سمير نشار منددًا «دولة الامارات العربية المتحدة ارتكبت خطأ جسيماً في استقبالها بشار الاسد المتهم بانتهاكات ضد حقوق الانسان واستخدام الاسلحة الكيميائية المحرمة دولياً ضد السوريين، بسبب أوهامها أن التطبيع معه سوف يخرجه من الحضن الإيراني ويعيده للحضن العربي». وأضاف «منذ حرب الخليج الاولى في ثمانينيات القرن الماضي، كل الدول العربية وخاصة دول الخليج دعمت العراق في حربه ضد ايران، حافظ الاسد الوحيد الذي دعم ايران ضد العراق وأغلق الحدود السورية مع العراق لمدة ثماني سنوات إرضاءً لإيران».
الكاتب «نجم النجم» قال «لم يحظَ بشار الأسد في زيارته للإمارات، باستقبال يليق بـ»المصالحة»، وبرئيس لم يطأ أرض هذه البلاد منذ أكثر من 10 سنوات، بل ذهب مسرعاً وجلس في «الديوانية» مع قادة الإمارات، وعاد مسرعاً إلى دمشق. وكان من الأسهل والأكثر بهرجة أن يحظى بشار باستقبال العظماء، في زيارة إلى أصدقائه الحقيقيين من العرب، الذين لم يقطعوا علاقاتهم به أبداً طيلة سنوات العزلة المفروضة عليه، مثل لبنان والعراق والجزائر وسلطنة عُمان، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن».
وأضاف «في اعتقادي، فإن الإمارات تقود خط الاتصال التفاوضي المباشر مع النظام، على اعتبار أن أبوظبي نقطة دبلوماسية عربية ثقيلة بالنسبة للأمريكيين والإسرائيليين والإيرانيين والعرب، جميعهم. يتماشى ذلك مع سياسة «خطوة مقابل خطوة» التي أعلن عنها بيدرسون، ومع استمرار الانسداد السياسي والاختناق الاقتصادي في سوريا، ومع تشبث الأوروبيين بموقفهم الذي يضع تطبيق الحل السياسي شرطاً لازماً لتمويل إعادة إعمار سوريا. حصل كل ذلك، وسيحصل المزيد، لأن المعارضة السورية المقنّعة بعلم الثورة، لم تعد مرئية بالنسبة لأي جهة إقليمية أو دولية، بعدما أصبحت -ومنذ سنوات- مجرد مكتب تابع لجماعة الإخوان المسلمين على الصعيد السياسي، وعصابات مأجورة من الرعاع والمرتزقة الإسلاميين على الصعيد العسكري».
كما اعتبر المعارض السوري أيمن فهمي أبو هاشم، أن استقبال الإمارات للمجرم بشار الأسد، رسالة ذات اتجاهين «الأولى، تلبية مطلب الروس بفك العزلة العربية عن نظام بشار، وكسر عقوبات قانون قيصر من البوابة الخليجية. والثاني، إشارة واضحة للأمريكان باستعدادهم الذهاب مع روسيا والصين واللعب على التناقضات الدولية والإقليمية، ولو كان ذلك على حساب مصالح الغرب». وكان رأس النظام السوري، بشار الأسد، قد زار مساء الجمعة، دولة الإمارات والتقى نائب رئيس الدولة محمد بن راشد آل مكتوم وذلك في استراحة في دبي.
وحضر اللقاء ولي عهد دبي حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية ومكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة منصور بن زايد آل نهيان، وزير شؤون مجلس الوزراء محمد بن عبد الله القرقاوي، المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة أنور بن محمد قرقاش، ونائب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن الوطني علي بن حماد الشامسي، والمدير العام لجهاز أمن الدولة في دبي طلال حميد بالهول الفلاسي. كما حضره الوفد المرافق لبشار الأسد الذي يضم وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، ووزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، ونائب وزير الخارجية والمغتربين بشار الجعفري.