هل كانت زيارة بينيت لموسكو لتأخير التوقيع على “النووي”؟

حجم الخط
0

عند اندلاع الحرب في أوكرانيا فرض الغرب عقوبات شديدة على روسيا. معظم هذه العقوبات تعاقب روسيا ولا تمس جوهرياً بالدول الغربية التي فرضتها، باستثناء عقوبات على الغاز والنفط الروسي. أوروبا (خصوصاً ألمانيا التي تجنبت الاستخدام المباشر للطاقة النووية) تعتمد بشكل كبير على استيراد الغاز والنفط من روسيا. والولايات المتحدة تستورد منها 8 في المئة من إجمالي استهلاكها للنفط.

لا يدور الحديث عن سلع كمالية يمكن الاستغناء عنها، ولا عن سلع يمكن استبدالها بسرعة من مصدر آخر. لذلك، فإن العقوبات التي تم فرضها استثنت الغاز والنفط الروسي، وبذلك مست بفعاليتها بشكل غير قليل. لأن تصدير الطاقة يشكل عاملاً مهماً في الاقتصاد الروسي. في جهود إيجاد مصادر جديدة، ضغطت أمريكا وأوروبا على اتحاد الدول المنتجة للنفط من أجل زيادة الإنتاج، لكنها في غضون ذلك ووجهت برفض نبع من سببين: الأول أن روسيا، منتجة النفط الكبرى خارج الكتلة العربية، منعت ذلك. والسبب الثاني هو أن زيادة الإنتاج ستخفف ارتفاع أسعار النفط. لذلك، ستقلل الأرباح الكبيرة من تسويقه.

العقوبات المفروضة على إيران عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي تشمل أيضاً عقوبات على تصدير نفطها. ولأن الانسحاب والعقوبات كانت أحادية الجانب، لا تشعر الصين بأنها ملزمة بها، ووقعت مع إيران اتفاقاً بعيد المدى لشراء النفط منها. أوروبا لا تتعاون مع العقوبات الأمريكية بشكل كامل، لأنها لم تكن جزءاً من عملية انسحاب ترامب من الاتفاق النووي. وهي تشارك فقط بشكل جزئي بسبب الخوف من فرض عقوبات أمريكية على من يخرق العقوبات على إيران. لا أعرف ما هو مستوى مشاركة أوروبا في مقاطعة النفط المفروضة على إيران، لكن من الواضح أن أمريكا لن تشتري النفط الإيراني ما دامت العودة إلى الاتفاق النووي لم تتم.

هذا الوضع يشكل محفزاً آخر لبلورة اتفاق مع إيران. بالنسبة لإسرائيل، تعد إيران هي العدو الرئيسي، ويجب فعل كل ما يمكن لإضعافها اقتصادياً، بدون أو مع اتفاق نووي جديد. ولكن من ناحية الدول الغربية، فالصورة مختلفة كلياً؛ فروسيا الآن هي العدو الواضح الذي يجب فعل أي شيء من أجل المس به. إيران في المقابل متهمة بالسعي إلى تطوير قنبلة نووية. وحسب رأي الغرب، فإن الاتفاق النووي سيمنعها من ذلك، على الأقل على المدى القصير. عند التوقيع على الاتفاق، سيتم رفع القيود عن شراء النفط منها، وهو شراء حيوي جداً لفرض العقوبات على استيراد النفط من روسيا.

في هذا السياق، تشترط روسيا التوقيع على الاتفاق النووي بالإعلان أنه لن يتضمن منع التجارة بينها وبين إيران. وحسب رأيي، هذا تصريح لا أهمية له، وهذا ما قاله الأمريكيون أيضاً، لأن إيران ليست من الدول التي تفرض عقوبات على روسيا، كما أنها تجنبت إدانة عدوانها على أوكرانيا في الأمم المتحدة، ولا أحد يمكنه أن يفرض عليها المشاركة في العقوبات.

أعتقد أن لروسيا مصلحة في تأخير التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران لمواصلة تصدير النفط إلى أوروبا والولايات المتحدة دون منافسة من قبل النفط الإيراني، الذي هناك عقوبات جزئية مفروضة على تصديره في هذه الأثناء. ثمة اعتقاد بأن جزءاً من هدف سفر نفتالي بينيت إلى موسكو هو تشجيع روسيا على تأخير التوقيع، فإسرائيل الرسمية تعارض التوقيع على الاتفاق.

على أي حال، عندما يتم التوقيع على الاتفاق، سيفتح الباب أمام تصدير نفط إيران إلى أوروبا والولايات المتحدة، الأمر الذي سيدخل أموالاً طائلة لإيران، وهي نتيجة غير ناجحة من ناحية إسرائيل. والنفط الإيراني الذي تتوق الولايات المتحدة وأوروبا للحصول عليه بديلاً (ولو جزئياً على الأقل لنفط روسيا)، هو رافعة قوية من أجل التوقيع على الاتفاق النووي الجديد. هذا التوق قد يعمل في غير صالح إسرائيل، لأنهم في ظل حماستهم الشديدة للتوقيع على الاتفاق، لن تصمم أمريكا ودول الغرب على شروط تصعّب على إيران أكثر من اللازم.

بقلمنوح شمير

هآرتس 22/3/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية