غزة- “القدس العربي”: لا يفطر الأسير الفلسطيني خليل عواودة (40 عاما)، وقت أذان المغرب كما باقي الصائمين، حيث يكمل صيامه الذي دخل اليوم الـ36 بلا طعام، رغم هزل جسده وضعفه ومرضه، طلبا للحرية، ورفضا للاعتقال الإداري، فيما بات خطر الموت يقترب أكثر من الأسير الذي يعاني من مرض السرطان ناصر أبو حميد، بعد إصابته وجميع الأسرى المرضى في “عيادة سجن الرملة” بـ”كورونا”.
ولا يزال الأسير عواودة من بلدة إذنا غرب محافظة الخليل، يستمر في صيامه عن الطعام، والذي بدأه قبل حلول شهر رمضان بأسابيع عدة، ضمن معركة “الأمعاء الخاوية” التي يخوضها رفضا لاعتقاله الإداري في سجون الاحتلال.
ويرفع هذا الأسير شعار الحرية، ويرفض كل محاولات إدارة السجون الإسرائيلية لثنيه عن الإضراب، ويصر على الاستمرار في مسيرة عشرات الأسرى الذين أرغموا الاحتلال على تلبية شروطهم بإطلاق سراحهم الفوري، أو عدم تجديد اعتقالهم الإداري عند انتهاء مدة محكوميتهم الحالية.
وهذا الأسير المضرب، المعتقل حاليا، يعاني بسبب مدة الإضراب من آلام في الرأس والمفاصل، ودوار وهزال، وعدم انتظام في نبضات القلب ومجرى التنفس، كما يعاني من صعوبة في الحركة والحديث المتواصل، حيث فقد من وزنه اكثر من 16 كيلو غراما.
ولا تزال إدارة “سجن عوفر”، تعزل الأسير عواودة في زنازين العزل الانفرادي، رافضة الاستجابة لطلبه بإنهاء اعتقاله الإداري التعسفي، أو التعاطي معه، في ظل تراجع وضعه الصحي بشكل ملحوظ.
والأسير عواودة أب لأربع طفلات، وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلته بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وحولته للاعتقال الإداري دون أن توجه له أي اتهام، وله عدة اعتقالات سابقة في سجون الاحتلال.
إلى ذلك فلا يزال نحو 500 معتقل إداري يواصلون مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال الإسرائيلي تحت شعار “قرارنا حرية”، لليوم الـ 97 على التوالي، في إطار خطة نضالية رافضة لهذا النوع من الاعتقال.
وقد اتخذ الأسرى الإداريون هذا القرار الجماعي مطلع العام الجاري، بإعلان المقاطعة الشاملة والنهائية لكل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري (مراجعة قضائية، استئناف، عليا).
والجدير ذكره أن الاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، لا يتم بموجبه السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني، حيث أن إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة.
وتزعم سلطات الاحتلال أن تهمة الأسير المعتقل إداريا سرية، وغالبا ما يتعرض المعتقل الإداري لتجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات كما في حالة المناضل علي الجمّال.
وفي سياق الحديث عن معاناة الأسرى، كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن الأسير أحمد أبو الهيجاء (28 عاما) من مخيم جنين، تعرض لأساليب قمع وحشية ويعاني حاليا من وضع خطير جراء زجه في زنازين قاسية غير صالحة للاستعمال الآدمي، أثناء توقيفه والتحقيق معه.
وقالت الهيئة إن الأسير أبو الهيجاء تعرض لأقسى أنواع التحقيق والتعذيب تتراوح لفترات طويلة تخللها ضرب وتنكيل، وألفاظ نابية وتهديد.
وأضافت أن ظروف المركز سيئة للغاية، فحيطانها خشنة تحتوي على نتوءات ما يصعّب الاتكاء عليها، وضوء مزعج للنظر، ولا يوجد في داخلها نوافذ والفراش قذر ذو رائحة كريهة.
هذا وقد أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تتعمد استخدام أساليب قمعية بحق المعتقلين خلال اعتقالهم، لافتا إلى أن المعتقلين يتعرضون للضرب بالأيدي والأرجل وأعقاب البنادق، وإطلاق قنابل الصوت والغاز، إضافة للتنكيل بهم بعد اعتقالهم وفي مراكز التحقيق.
هيئة الأسرى: الاحتلال يتعمد استخدام أساليب قمعية خلال حملات الاعتقال
وأعربت عن قلقها من استمرار الهجمة الشرسة التي تنتهجها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين، ولفتت إلى أن هذه الاعتداءات التي تمارسها دولة الاحتلال وأجهزتها العسكرية تمثل “محاولة فاشلة لكسر إرادة وصمود شعبنا”. وطالبت المنظمات الدولية والمؤسسات الحقوقية بالوقوف أمام مسؤولياتها لـ “ردع ومحاسبة دولة الاحتلال على هذه الجرائم والاعتداءات التي تمارسها، التي تتجاوز كافة الأعراف والقوانين الدولية”.
وطالب رئيس الهيئة قدري أبو بكر منظمة الصحة العالمية بتركيز اهتمامها خلال العام الحالي على أوضاع الأسرى المرضى داخل معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، الذين يتعرضون لجرائم طبية حقيقية تهدد صحتهم وبقائهم على قيد الحياة.
وجاء ذلك في رسالة ووجها أبو بكر إلى منظمة الصحة العالمية، التي تحيي “يوم الصحة العالمي” الذي يصادف السابع من أبريل/نيسان من كل عام، والذي تحاول خلاله بكل جهدها وطاقاتها وضع حد لتفشي وانتشار الأمراض من خلال طرق كل الأبواب والعمل الدائم على تشكيل خلايا لهذا الغرض، حيث طالبها بأن تعمل بشكل جدي وحقيقي لإنقاذ الأسرى الفلسطينيين الذين قال إنهم “يتركون فريسة للأوجاع والآلام ويحرمون من العلاجات والأدوية”.
وأعرب عن استيائه من عدم تدخل منظمة الصحة العالمية لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي بغرض زيارة المعتقلين المرضى والاطلاع على أوضاعهم، وتقديم الخدمات الطبية المناسبة لهم، رغم التوثيق اليومي لكل هذه الجرائم المخططة والممنهجة.
وأوضح أبو بكر أن الاحتلال يحتجز في معتقلاته 550 أسيرا مريضا، بينهم 200 حالة مرضية بحاجة إلى تدخلات علاجية فورية، كون أمراضهم خطيرة ومزمنة كالسرطان والكلى والأمراض النفسية، ولا يقدم لهم إلا بعض العلاجات البدائية التي تستند على المسكنات فقط، كما أن من يتولون الإشراف على المعتقلين المرضى لا يحملون الشهادات العلمية الطبية، وهم مجرد هواة ومتطوعين من جيش الاحتلال والأجهزة العسكرية الإسرائيلية، وهذا مخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية.