منع النظام المصري مؤخرًا وخلال 8 أيام فحسب إقامة عزاءين لاثنين من أبرز مَنْ شغلوا المصريين مؤخرًا أو منذ فترة، مجددًا بذلك عهد الأنظمة العسكرية التي حكمت مصر منذ يوليو/تموز 1952م في التضييق على جنازات النبلاء من المختلفين معهم كليًا أو جزئيًا، خاصة أولئك الذين يتوقع أن يشهد عزاؤهم إقبالًا شعبيًا كبيرًا يكشف احتفاء المصريين بهم وتحدي حكامهم الظلمة عبرهم، ففي الأحد 20 من مارس/تموز الماضي منع الأمن المصري إقامة عزاء السيدة بهيرة الشاوي زوجة رجل الأعمال صفوت ثابت التي لقيت الله بعد تجرعها الحسرة الشديدة على زوجها السجين منذ ديسمبر/كانون الثاني 2020م ثم نجلها بعده بأشهر قليلة، دون ذنب جنياه سوى رغبة السلطات في الاستحواذ على شركتهما الشهيرة بالقوة، مما اضطر الراحلة للاستغاثة على صفحتها على أحد مواقع التواصل، خاصة أن زوجها يبلغ من العمر 75 عامًا، فما كان من السلطات الأمنية إلا أن احتجزتها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لثماني ساعات ثم أفرجت عنها بكفالة مالية، ولم تستح السلطات نفسها بعد وفاة السيدة «كمدًا» من منع تلقي عزائها في «مسجد الشرطة» حي «الشيخ زايد».
أما في الاثنين 28 من مارس/آذار نفسه فقد منعت السلطات أيضًا خروج جنازة نقيب المحامين رجائي عطية من «مقر النقابة» كما أراد جموع أعضائها، خاصة أن الراحل لقي الله قبلها عن نحو 84 عامًا، قبلها بيومين وهو يدافع عن 9 زملاء له أمام محكمة جنايات أمبابة، حيث اتهمهم النظام في 2015م بالتجمهر وتعطيل سير دائرة لجنح المستأنف، إلا أن السلطات الأمنية المرعوبة من انكشاف محبة الآلاف لموقف عطية الذي اختتم حياته به، بدفاعه عن المحامين المتهمين المحبوسين ظلمًا بقوانين شابها العوار والبطلان، منذ الانقلاب من مثل التجمهر، هذا رغم أن الراحل كان من المحسوبين على نظام المخلوع حسني مبارك، وهكذا منع النظام (على أعلى مستوى)، حسب بيان لجموع المحامين، تلقي أهله وصحبه العزاء فيه بقاعتين ملحقتين بمسجد «عمر مكرم» في ميدان التحرير بعد منع عزائه بالنقابة ربما خوفًا من تحول الجنازة لمظاهرة حاشدة من المحامين نصرة لزملائهم.
يُذكّرُ منع العزاءين الأخيرين بما هو أصعب وأفظع، إذ منع السيسي في الثلاثاء 18 من يونيو/حزيران 2019م مجرد تشييع جنازة الرئيس الراحل محمد مرسي، والذي وافته المنية عن نحو 67 عامًا، على نحو غامض، أثناء محاكمته باليوم نفسه في إحدى القضايا التي لفقها النظام له بعد نحو 5 سنوات من الانقلاب وحبسه انفراديًا، وأبدع السيسي في التشفى من الراحل إذ رفض دفنه نهارًا في مدافن أسرته في محافظة الشرقية، وأصر على دفنه عقب صلاة الفجر في مقابر «مرشدي الإخوان» في مدينة نصر، عقب تغسيله بمعرفة السلطات ومنع أبنائه وزوجته من حضور الغسل، وفي عتمة الفجر منعت السلطات الصحافيين من حضور الدفن، وأصرت ألا يرى أبناؤه جثمانه، فضلًا عن منع عزائه بـ»قرية العدوة» مسقط رأسه، خوفًا من إقبال الشعب على الجنازة.
وما فعله السيسي مع مرسي سبق أن كرره مع مقاوميه السلميين مرات، منها منع عزاء وحضور دفن مرشد الإخوان الأسبق محمد مهدي عاكف الذي توفي عن نحو 89 عامًا في 22 من سبتمبر/أيلول 2017م في مستشفى لسجن، وقد صلى عليه في مسجد السجن 9 أشخاص من المقربين إليه ومن بينهم 3 أفراد من الأمن، ليدفن بالمقابر التي دفن بها مرسي شرقي القاهرة في مدينة نصر، وسط حصار أمني حولها لثكنة عسكرية ومنع لذويه من الحضور، والأمر تكرر مع القيادي الإخواني الراحل إثر سجن طويل الدكتور عصام العريان أيضًا، إثر نوبة قلبية هذه المرة في «سجن العقرب» الشهير بالتضييق على المعتقلين فيه، وذلك في 13 من أغسطس/آب 2020م.
وكان انتباه العسكريين لأهمية منع جنازات مخالفيهم بدأ قبل قرابة 57 عامًا، إذ رفض الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر رفضًا قاطعًا في 18 من مارس/آذار 1965م تنفيذ وصية الملك فاروق بدفنه (بعد وفاته يومها غريبًا في إيطاليا) في «المقبرة الملكية» في «مسجد الرفاعي» وبالتالي تشييعه، ولكن تدخلًا بإلحاح شديد جاء من طرف حاكم السعودية وقتها الملك فيصل، ووافق على إثره عبد الناصر بصعوبة على استقبال القاهرة الجثمان على ألا يدفن فاروق إلا في مسجد «إبراهيم باشا» وبعد منتصف الليل، وبتكتم شديد لئلا تندفع الجماهير معلنة محبتها للملك ونظامه، لكن عبد الناصر تخلى عن حذره مع وفاة الزعيم الوفدي مصطفى النحاس بعدها بنحو 5 أشهر، أي في 23 من أغسطس/آب من نفس العام ظانًا أن الشعب تناسى رئيس الوزراء الأسبق، وأنه صدق حملات التشهير والتنكيل به والنيل من ذمته وتاريخه على مدار نحو 12 عامًا من 1952م، غير أنه فوجئ بحشود الجماهير تعلن محبتها له، ولعل ذلك أحد أبرز أسباب حرصه على الحكم بقبضة دامية.
ومع الرئيس الراحل محمد أنور السادات خفت قبضة التدخل الأمني مع الأموات بعض الشيء، فسمح بنقل رفات الملك فاروق لـ»مسجد الرفاعي»، كما أوصى قبل وفاته، ولكن تحت حصار أمني مشدد وتكتم أشد، ومع مجيء الرئيس المخلوع حسني مبارك خفف من تلك الوطأة قليلًا فسمح بجنازات لمرشدي الإخوان الأربعة الذي توفوا في عصره بداية من الراحل عمر التلمساني، مرورًا بمحمد حامد أبو النصر، مصطفى مشهور، نهاية بمأمون الهضيبي، وكان عزاؤهم حافلًا بتجمع مختلف القوى الوطنية، وإن لم يخل الأمر من اعتقال عدد من المعزين على الطريق المؤدي للمقابر، وبمجيء 17 من يونيو/حزيران 1998م جاءت وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، ليعود مبارك سيرة سابقيه من مخافة حدوث تجمع في القاهرة يصعب معه التدخل الأمني، فحظر تشييع الجنازة من «مسجد الحسين»، حيث كان الشعراوي يفسر «القرآن الكريم» صوتيًا غالبًا، ليذيعه التلفزيون الحكومي منذ عهد السادات، إلا أنه اشتهر بعدم تماهيه مع النظامين فاشترط مبارك أن يتم التشييع بالقرب من دقادقوس مسقط رأس الشيخ في ميت غمر محافظة الدقهلية، وفي السياق نفسه جاءت وفاة الزعيم الوفدي الثالث (بعد سعد زغلول ومصطفى النحاس) فؤاد سراج الدين في 9 من أغسطس/آب 2000م ولأن تشييع الجنازة كان حافلًا من «مسجد عمر مكرم» فقد ضاق مبارك بالأمر خاصة لما امتدت الجنازة على كورنيش النيل بجموعها الغفيرة فأمر الأمن بالتدخل لتفريقها بالقوة!
ثم جاء السيسي لمصر بالقوة فصار منع جنازات وعزاء المناضلين جميعهم عُرفًا سائدًا، ورغم ثورة المصريين على مبارك وزمانه ونظامه إلا أن السيسي أمر له بجنازة عسكرية فخمة وعزاء مماثل في الأربعاء 26 من يناير/كانون الثاني 2020م وحضرها بنفسه تأكيدًا على تحدي الشعب ومعاندته بتقدير مَنْ يكرهه والتضييق على مَنْ يحبه حتى بعد الممات، ولعل تحدي السيسي للمصريين وتقريبه للذين لا يحبونهم وتكريمهم، واحتقار الذين يحبونهم ويقدرونهم ويحترمون مواقفهم أو بعضها، ولعل هذا الإصرار على تحدي جموع المصريين يغرق السيسي ونظامه ولو بعد حين!
كاتب من مصر
الطغاة لا يرحمون لا الأحياء و لا الأموات ولا “الأحياء الأموات ” قوله تعالى: “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”. “قَالَ رَبِّ بِمَآ أَنْعَمْتَ عَلَىَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ”.
قد لا يستحق بعض المذكورين في المقال ‘تعزية’ ذويهم أصلا كسعد زغلول.. و كذلك جمال.ع.الناصر مثلا..، “لإنجازاتهم” بحق الأمة…
…………
عموما التراث الفرعوني السحري مايزال هو السائد المسيطر في مصر و في الأرض جميعا غالبا.. ، و حيث أن سحرة فرعون أمنوا برب هارون و موسى عند رؤيتهم المعجزات الإلهية على يد موسى و لكن فرعون لم يؤمن إلا عند الغرق…………
أما سحرة و فراعين هذا العصر فهم رغم عدم إدعائهم الألوهية و لكنهم يتصرفون بفروعنية واضحة قد تكون أشد نكالا… و حتى يأتي المخلص بأمر الله فلا حول و لا قوة إلا بالله…
كل سلوك و كل تصريح و كل تصرف من السيسي منذ ان جاء إلى السلطة غصبا يدل بوضوح على جبنه البالغ و انه شخص رعديد
و ما هذه الإجراءات البالغة التشدد تجاه جنائز لموتى الا أكبر الادلة على ذلك ، دون اي اعتبار لمصيبة و جلال الموت و حزن اهل المتوفى،
و بعضهم مثل المحامي رجائي عطية لم يكن من كبار مؤيدي مبارك كما ذكر المقال فحسب ،بل من كبار مؤيدي السيسي نفسه ،وهو ما لم يذكره المقال ،ومع ذلك لم يشفع له لا تأييده هذا و لا سنه و لا مكانته ولا طريقة موته
بل يؤكد على الرعب و الجبن الذي يتلبس هذا المخلوق الذي ابتليت به مصر و المصريين ،بل برأيي العرب و المسلمين..أجمعين لمكانة و أهمية مصر و من يحكمها لديهم !
يوم لك … ويوم عليك
عندما قام السفاح اللص للسيسى بانقلابه العسكرى الدموى عام ٢٠١٣, أطلق عليه عبيد الطغاة لقب “الدكر”!! … ولست أدرى كيف يكون “دكراً”, من يخون العهد والقسم, ثم يختبئ خلف جحافل جرارة مُسلحة حتى أذنيها من الجيش والشرطة, لكى يستعملهم -بمنتهى الخسة- فى قتل وحرق واخفاء واعتقال وتعذيب وتشريد مئات الآلاف من شعب مصر الأعزل حتى من الحجارة!!!
.
الكارثة أن هذا “الدكر الفشنك”, هو الوحيد من بين كل من جلسوا على كرسى حكم مصر غصباً أو وراثةً أو انتخاباً, من أول مينا موحد القطرين وحتى يومنا هذا, الذى لا يعرفُ المصريون مكان سكنه!!! … حيث يختبئ كل يوم فى جُحرٍ مختلف هلعاً وخوفاً ورعُباً من الشعب الذى ابتُلى به فى يوم نحسٍ مستمر
.
كما أنه الوحيد منذ بداية عهد العسكر الفاشل الفشول المدمر قبل سبعة عقود حالكة السواد, الذى يصطحب كتيبة ضخمة من الثيران البشرية لتحرسه عند زيارة أى وحدة عسكرية!!! … أى أن يرتعد حتى من جيشه الذى أتى به عنوة على رقاب المصريين!!!
.
ومن كان هذا شأنه, فلا عجب أنه يرتجف وترتعد فرائصه من الجنازات, ومن أى تجمعات مدنية صغرت أم كبرت, ولا أستبعد أبداً أن يصدر فرماناً بألا يجلس أكثر من ثلاثة معاً لتناول وجبات الكشرى!! … ما هو دكر بقى!!!!
سامى عبد القادر ؟؟
منزل السيسى فى التجمع الخامس والكل يعرف ذالك ولكن لأنه رئيس مصر هو محاط بالحرس الجمهورية مثله مثل كل روساء مصر وملوك مصر
مقال رائع وتفصيلي لازمة الديمقراطية التي تعاني منها بلداننا
لو كان هناك رأي ورأي اخر .لما خافوا
الي الاخ الفاضل الاستاذ سامي عبد القادر تحيه خاصةً لكم ،مرة اخرى تلخص الاحداث بطريقة راءعه ولا عزاء للتجمع الخامس
ربنا يكرمك ويبارك لك ويحفظك يا أخى الفاضل أحمد … والله يا أحمد, أنا دائماً أشكر الله سبحانه وتعالى أن عافانى مما ابتلى به غيرى … فالدنيا ساعة, والموت أقرب إلينا من شراك نعالنا, والوقوف بين يدى الله قريب, والحساب عسير, والعاقبة مخيفة وأبدية لمن أعان الظالمين السفاحين القتلة الخونة ولو بشطر كلمة … فالحمد لله الذى عافانا من عمى القلوب والبصائر … ويا لها من نعمة عُظمى
حياك الله يا سيسي