غزة – “القدس العربي”:
لم تتمكن إدارة سجون الاحتلال من كسر إرادة الأسرى الإداريين، في معركتهم ضد هذا النوع من الاعتقال، رغم ممارساتها القمعية على مدار الـ 100 يوم الماضية، في الوقت الذي يستمر فيه الأسير الإداري خليل عواودة الذي قرر تصعيد خطوات الاحتلال، بالشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام.
ولا يزال نحو 500 معتقل إداري مستمرين في مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال الإسرائيلي تحت شعار “قرارنا حرية”، لليوم الـ 100 على التوالي، رفضا لهذا النوع من الاعتقال، الذي لا يستند لأي تهم، ويصدر بأمر من قائد عسكري.
عواودة يواصل إضرابه في ظل وضع صحي خطير
وقد شرع جميع الأسرى الإداريين منذ بداية العام الجاري، باتخاذ موقف جماعي، تمثل بمقاطعة شاملة لكل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري (مراجعة قضائية، استئناف، عليا). جاء ذلك في إطار برنامج نضالي لمواجهة الاعتقال الإداري، وهو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، ولا يسمح بموجبه للأسير ولا محاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني، لتكون إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة.
وتزعم سلطات الاحتلال أن المعتقلين الإداريين لهم “ملفات سرية” لا يمكن الكشف عنها، وعادة ما تقوم إدارة السجون بتمديد مدة الاعتقال الإداري خلال فترة اعتقال الأسير لأكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات كما في حالة المناضل علي الجمال.
هيئة الأسرى تطالب بتشكيل “طواقم طوارئ” لمتابعة الاعتقالات في جنين
وكان عدد من الأسرى الإداريين المرضى، قرروا سابقا وقف التعامل مع عيادات السجون، كما امتنعوا عن تناول الدواء، رغم تأثير ذلك على صحتهم.
في هذه الأوقات يواصل الأسير الإداري خليل عواودة (40 عاما) من بلدة إذنا غرب الخليل، إضرابه عن الطعام لليوم الـ 38 على التوالي، رفضا لاعتقاله الإداري.
ويؤكد حسن عبد ربه الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إن عواودة جرى نقله قبل عدة أيام من زنازين العزل الانفرادي في “عوفر” الى “عيادة معتقل الرملة” بعد تدهور حالته الصحية. وفي هذه الأوقات يعاني الأسير من آلام في الرأس والمفاصل، وصداع وهزال، وإنهاك شديد، وفقد من وزنه أكثر من 16 كيلو غراما. ولا تزال سلطات الاحتلال ترفض مطالب هذا الأسير، الخاصة بإنهاء اعتقاله الإداري التعسفي، أو التعاطي معه، رغم تراجع وضعه الصحي.
وحمل نادي الأسير سلطات الاحتلال كامل المسؤولية عن الوضع الصحي للأسير عواودة، بعد نقله إلى عيادة “سجن الرملة”، نتيجة تدهور حالته. وأشار نادي الأسير الى أن عواودة اعتقل في تاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول 2021، وصدر في حقه أمر اعتقال إداري مدته ستة شهور، وسبق أن تعرض للاعتقال عدة مرات منذ عام 2002، وهذا الاعتقال الخامس، بينهم ثلاثة اعتقالات إدارية، وهو متزوج وأب لأربعة.
يذكر أن هذا الإضراب هو الإضراب الثاني حيث خاض سابقا مع الأسرى الإضراب الجماعي عام 2012.
يشار إلى أن عشرات الأسرى خاضوا سابقا إضرابات فردية عن الطعام، وصلت بعضها لأكثر من أربعة أشهر متتالية، ولم يفكوا إضراباتهم رغم خطورة وضعهم الصحي، إلا حين حصلوا على قرارات من الاحتلال بإطلاق سراحهم فورا، أو بقرارات أخرى بعدم تجديد الاعتقال عند انتهاء مدة المحكومية التي يقضونها.
كما يواصل الأسير خليل موسى مصباح من مخيم جنين إضرابه عن الطعام لليوم السادس على التوالي رفضا لعزله المتواصل منذ 35 يوما، في زنازين معتقل “عسقلان”. وكان المعتقل مصباح تعرض قبل نحو شهر إلى اعتداء وحشي من قبل السجانين في عزل “عسقلان” بعد أن جرى نقله إليه من “مجدو”، وكان قد واجه خلال الفترة القليلة الماضية عمليات نقل وعزل مستمرة. وقال نادي الأسير إن زنازين “عسقلان” هي الأسوأ والتي يحتجز فيها المعتقلون، حيث تصاعدت مؤخرا عمليات العزل الانفرادي، التي تشكل أخطر السياسات التنكيلية الممنهجة التي تنفذها إدارة معتقلات الاحتلال بحق المعتقلين، الذين وصل عدد المعزولين منهم حتى نهاية الشهر الماضي لنحو 29 معتقلا.
يذكر أن مصباح محكوم بالسجن لمدة 20 عاما، ومعتقل منذ عام 2003، وهو من بين المعتقلين المرضى الذين يواجهون سياسة الإهمال الطبي “القتل البطيء”، حيث يعاني من مشاكل صحية مزمنة في المعدة والأمعاء والأوعية الدموية.
ومع اشتداد حملات الاعتقال التي تنفذها قوات الاحتلال في هذه الأوقات، وتحديدا في محافظة جنين، طالب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، من المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية كافة، بتكثيف تواجدها هناك، مؤكدا على ضرورة أن تشكل هذه المؤسسات والمنظمات “طواقم طوارئ” خاصة لرصد وتوثيق مجمل الانتهاكات، والمتمثلة في الاقتحامات وهدم البيوت وإطلاق النار على المواطنين بشكل عشوائي وتنفيذ الاعتقالات.
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال وأجهزتها العسكرية ستحاول الهروب من فشلها الأمني والسياسي، من خلال تنفيذ مثل هذه الأعمال التي قال إنها “تعكس مدى وحشية هذه العصابة المنظمة”، مطالبا المجتمع الدولي بأن يكون على قدر المسؤولية، وألا يعطي إسرائيل الفرصة لارتكاب مجازر جديدة في مخيم جنين وبلدة يعبد، ومختلف بلدات محافظة جنين، وطلب من الوحدة القانونية في الهيئة متابعة الاعتقالات التي تتم في جنين بشكل فوري، واستخدام السبل القانونية كافة التي تضمن سلامتهم وتمنع التفرد بهم. وحمل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عما يحدث من تطورات خطيرة على الساحة الفلسطينية، وقال “لا يمكن أن يتحقق الهدوء والاستقرار إلا بزوال الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.