بعد فترة قصيرة جدا من التفاؤل قذفت إيران بالمفاوضات الخاصة بإحياء الاتفاق النووي إلى نفق مظلم، وألقت الكرة من جديد في الملعب الأمريكي، حيث يبدو نجاح المفاوضات حاليا أبعد ما يكون، إلا إذا أعلنت الولايات المتحدة تغييرا سياسيا جوهريا في موقفها، وأعلنت مبادرة تتوافق مع الشروط التي عادت طهران إلى التأكيد عليها من جديد، بعد أن كانت قد أبدت مرونة نسبية بشأنها.
وقد جاء التشدد في الموقف الايراني مترافقا مع الاحتفال باليوم الوطني لتكنولوجيا الصناعات النووية، الذي صادف يوم السبت الماضي، كما أنه يصادف أيضا مرور عام على استئناف المفاوضات في فيينا في 6 إبريل من العام الماضي. وقد تسابقت الحكومة ومجلس الشورى ومجلس الأمن القومي في إعلان المواقف المتشددة، فقال رئيسي، إن طهران «لن تتراجع خطوة واحدة عن التقدم النووي الذي أحرزته». وأعاد وزير الخارجية التأكيد على «الخطوط الحمر» التي تلتزم بها الحكومة في المفاوضات. وفي الوقت نفسه تقدمت أغلبية ساحقة من أعضاء مجلس الشورى ببيان من شأنه أن يلزم الحكومة باستمرار تعليق المفاوضات حتى تستجيب واشنطن للشروط الإيرانية.
الموقف الحالي الذي من شأنه إطالة أمد تجميد الاتفاق النووي يسعد صناع السياسة في إسرائيل الرافضين لإحيائه، ويصب المزيد من الزيت على نار القلق في الرياض وأبوظبي والبحرين، ويعني أن رياح سباق تسلح وحرب باردة إقليمية تقترب بقوة من منطقة الشرق الأوسط، حيث يزداد لهيب الحروب بالوكالة في اليمن والعراق ولبنان والمقاومة في فلسطين، رغم الإجراءات الوقائية التي يتم اتخاذها، بما فيها ما حدث في اليمن بإبعاد الرئيس السابق عبدربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر، وتشكيل مجلس رئاسي لغرض تسهيل المفاوضات مع الحوثيين لإنهاء حرب اليمن، وقرار الحكومة الإسرائيلية إقامة سور عازل بالخرسانة المسلحة وأجهزة المراقبة الإلكترونية بطول 40 كيلومترا وارتفاع 9 أمتار لحماية مستوطنات شمال الضفة الغربية، والوقاية من تصاعد موجة المقاومة الحالية في فلسطين التي امتدت إلى تل أبيب.
رغم تداول أنباء عن احتمال فك تجميد أرصدة إيرانية بقيمة 7 مليارات دولار، تقول طهران إن واشنطن لم تظهر حتى الآن الإرادة اللازمة للتوصل إلى اتفاق
رؤية رئيسي للقضية النووية
في خطابه الاحتفالي باليوم الوطني للصناعات النووية قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إن ايران «لن تتنازل أبدا عن حقوقها النووية في المفاوضات» لأن هذه الحقوق تمثل الآن أحد مكونات القوة الشاملة للدولة، وجزءا من الهوية الإيرانية، وآية من آيات الفخر القومي، ولأنها أيضا أصبحت الميدان الذي تؤكد فيه المهارات البشرية، خصوصا الشباب، تفوقها وقدرتها على الإنجاز واستعدادها للمخاطرة. ومن ثم فإن «الأنشطة النووية السلمية ستستمر في اتجاه التقدم المتزايد، بالاعتماد على الإبداع والتدابير المبتكرة». وأعاد رئيسي التأكيد على «سلمية البرنامج النووي» قائلا: «نعلن للمرة المئة أن الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية سلمية» وأن عدم قبولها «لن يوقف عملنا أبداً». وانتقد المعايير المزدوجة في الحكم على الأنشطة النووية لبلاده قائلا، إنها تمثل حوالي 3% من الأنشطة على المستوى العالمي، لكنها تستحوذ على حوالي 25% من مجهود التفتيش والمراقبة الذي تقوم به الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ومن أهم ما تضمنه خطاب رئيسي، الإشارة إلى عزم إيران تبني استراتيجية تدمج أنشطتها النووية بالاقتصاد المدني وبالصناعات العسكرية، من خلال تطبيقات ذات طابع تجاري – مدني تضيف الكثير من العائد الاقتصادي. وقال إن أنشطة منظمة الطاقة الذرية في مجالات الطب والصيدلة والزراعة والصناعة والكهرباء وإنتاج أجهزة الطرد المركزي المتطورة ومحطات الطاقة النووية، تمثل إضافة حقيقية للاقتصاد، وكانت الأسرع نموا في السنوات الأخيرة، على الرغم من شدة استهدافها بالعقوبات. هذه الاستراتيجية قد تبرر الحاجة إلى تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تتجاوز ما نص عليه الاتفاق الأصلي، لإتاحة أجهزة نووية للاستخدام الاقتصادي في قطاعات الرعاية الصحية والإنتاج الزراعي والطاقة وغيرها.
شروط مجلس الشورى
من الناحية الفنية تعتبر مفاوضات فيينا «مُعَلّقة» منذ أعلنت إيران أنها لن تعود إليها إلا لغرض التوصل إلى اتفاق نهائي. ولا يبدو أن الرئيس الأمريكي على استعداد لتلبية شروط إيران، بينما الحزب الديمقراطي يقترب ببطء من موعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس في نوفمبر المقبل، وهي الانتخابات التي تعتبر تصويتا على فترة رئاسته حتى الآن، وتمثل مؤشرا على اتجاه الرياح السياسية في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2024. إيران تريد إلغاء تصنيف الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، ووضع نظام للتحقق من الإلغاء الكامل للعقوبات وكل ما يتبع ذلك من حرية المبادلات التجارية وتسوية المدفوعات بدون أي قيود، وإلغاء «آلية الزناد- snapback» التي تسمح للولايات المتحدة بفرض عقوبات فورا في حال وجود انتهاك لأحد بنود الاتفاق، والحصول على ضمانات قانونية- مؤسسية تلزم واشنطن بعدم الخروج من الاتفاق مرة أخرى. وقد جاءت الشروط الايرانية في أوضح صياغة ممكنة حتى الآن في البيان الذي أعلنه 250 عضوا في مجلس الشورى، وتضمن ما يلي:
أولا: أن تعطي أمريكا الضمان القانوني بعدم الخروج من الاتفاق النووي، وأن تتم المصادقة عليه بصورة قانونية تماما في أجهزة صنع واتخاذ القرار مثل الكونغرس، من أجل ألا يخلقوا عقبة أمام تنفيذه مستقبلا.
ثانيا: أحد الشروط الأساسية للمفاوضات هو «عدم التهديد بعد الاتفاق». لكن وجود «آلية الزناد»- snapback mechanism» يعنى وجود التهديد، لذا يتوجب أخذ الضمانات اللازمة بحيث لا يتم استخدام الآلية بذرائع مختلفة بعد ذلك.
ثالثا: نظرا لأن واشنطن اتخذت خلال المفاوضات قرارات حظر جديدة ضد أفراد ومؤسسات وأجهزة دولة في إيران، بما يؤشر إلى نية التخريب في مسار المفاوضات، لذا يتوجب تحديدا خلال المفاوضات، منع إجراءات حظر جديدة، وأن ينص الاتفاق على عدم إعادة فرض الحظر الملغى سابقا.
رابعا: ضمان حرية إيران في تصدير النفط، والحصول على عائدات التصدير بموجب الحصة المقررة لها من قبل منظمة أوبك قبل فرض الحظر وفي ضوء وضعها ومكانتها، وأن تصدر النفط لأي دولة، وبأي كمية يتم الاتفاق عليها بين الطرفين، وأن تستلم المبالغ المتعلقة بها عبر النظام البنكي من دون أي عائق.
خامسا: ضمان حق إيران في نقل مواردها المالية المستحصلة من بيع النفط، وأموالها المجمدة من جميع الدول، ويتوجب على الدول المفاوضة إزالة العقبات من هذا الطريق. وفي هذا السياق يُمنَع إيجاد أي عائق في مسار تبديل العملة الصعبة، وكذلك في اجتذاب رؤوس الأموال، ويكون التحقق من ذلك بواسطة الحكومة الإيرانية.
وأقام نواب مجلس الشورى شرعية بيانهم على أساس المادتين 6 و7 من قانون «المبادرة الاستراتيجية لإلغاء الحظر وصون مصالح الشعب الإيراني» الصادر في ديسمبر عام 2020 حول شروط ايران لتنفيذ التزامات الاتفاق النووي، وهو قانون ملزم للحكومة، ولا تستطيع انتهاك نصوصه إلا إذا تم تعديله مسبقا بموافقة المجلس.
اتهامات للولايات المتحدة
اتهم وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الولايات المتحدة بأنها طرحت مطالب إضافية خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، تتعارض مع قسم من بنود النص، وأنها في مجال إلغاء الحظر ترغب في بعض الأحيان طرح وفرض شروط جديدة خارج إطار المفاوضات. وأوضح أن إيران طلبت من الإدارة الأمريكية تقديم دليل على حسن نواياها بإلغاء بعض العقوبات، أو فك تجميد بعض الأرصدة الإيرانية لديها، قبل التوصل إلى اتفاق نهائي، وذلك بواسطة أوامر رئاسية تنفيذية لا تتطلب موافقة الكونغرس. وأشار بصورة ضمنية إلى أن طهران ما تزال في انتظار حدوث شيء من هذا القبيل. وطبقا للوزير فإنه «لو تمت رعاية خطوطنا الحمر، ورأينا اتفاقا جيدا وقويا ومستداما أمامنا، فلا شك في عزمنا على البقاء في الاتفاق وعودة جميع الأطراف إلى التزاماتها في إطار الاتفاق النووي». وهو ما يعني ضمنا أن إيران ستواصل انتهاك نصوص الاتفاق ما لم تتقدم الولايات المتحدة بالمبادرة المطلوبة. وأكد عبد اللهيان موقف إيران الحالي بقوله: «الآن على الجانب الأمريكي أن يثبت هل أنه يمتلك حسن النية أم لا».
ومع انشغال الإدارة الأمريكية بالحرب في أوكرانيا، والمواجهة الاستراتيجية ضد كل من روسيا والصين، فإن مسألة صوغ مبادرة سياسية لإنقاذ مفاوضات فيينا تتراجع. ورغم تداول أنباء عن احتمال فك تجميد ارصدة إيرانية بقيمة 7 مليارات دولار، تقول طهران إن واشنطن لم تظهر حتى الآن الإرادة اللازمة للتوصل إلى اتفاق. وتبدو علامات استفهام كبيرة بشأن إمكان حدوث ذلك سريعا، خصوصا أن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد مزايدات سياسية محمومة ذات «نزعة قومية» تستبعد تقديم تنازلات لإيران، ربما تكلف الديمقراطيين غاليا في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
كاتب مصري
قبل حرب أوكرانيا اقتصر تخوف العالم الحر على نووي كوريا الشمالية وإيران وبعد اجتياح روسيا لأوكرانيا تذكر العالم الحر أن روسيا لديها 12 ألف قنبلة نووية بجوار أوروبا وأقرب وأخطر من كوريا الشمالية وإيران وبالتالي أصبحتا مجرد أخطار ثانوية مقارنة مع خطر روسيا بقيادة عدوانية توسعية وداعمتها الصين النووية بقيادة عدوانية توسعية أيضاً ولم يعد الغرب يهتم بموعد مستعجل لإعادة العمل بالإتفاق النووي مع إيران وبات مفاوض إيراني يجلس بفراغ هائل لا يدري ما يفعل للخروج من عقوبات متراكمة يفرض مزيد منها بدل إلغائها.
ولاية فقيه حولت إيران لدمية بيد روسيا والصين تضيع مواردها في بث عدم الإستقرار بالإقليم وتعادي شعوب إيران والعرب والمسلمين والغرب، إذن حل مشاكل إيران أن يعلن مرشدها الأعلى عدمية نظريات سلفه ويستبدلها بفرض ملكية وراثية نيابية ويعلن نفسه ملكاً ويغير الدستور ويعيد إيران لموقعها الإستراتيجي زمن الشاه ضمن حلف السنتو مع باكستان وتركيا كجبهة دفاع عن العالم الحر ضد روسيا والصين فتتلقى أحدث أسلحة الغرب وتحل محل روسيا بتصدير النفط والغاز للإتحاد الأوروبي وتقصر إنفاق ثروات إيران على تحسين معيشة مواطنيها.
ايران نووية افضل من ايران عميلة امريكية. واعدوا لهم ما استطعتم.
المفاوصات الايرانية الامريكية هي سوب اوبرا بينهما، اليوم يتفقوا وغدا يختلفوا وبعد غد يتفقوا وهاكذا الى ما لا نهاية فهم كذلك منذ وصول خميني الى السلطة في ايران عام ١٩٧٩ فهي في حالة مد وجزر دائما ولفهم استراتيجية العلاقة بينهما لابد من فهم طبيعة الصراع بينهما وصراع كل منهما مع العدو الحقيقي والخصم الاستراتيجي لكلاهما في المنطقة. علاقة ايران مع الغرب علاقة تنافسية على السيطرة على المنطقة على حساب السنة الذين يرفضهم الغرب !