طرابلس – «القدس العربي»: خسائر يومية باتت تسجلها ليبيا، البلد ذو الاقتصاد الريعي المعتمد بشكل كلي على النفط كمصدر وحيد للدخل، في ظل عدم وجود مبادرات فعلية وحقيقية لحل هذه الأزمة سياسياً واقتصادياً، وسط انشغال الأطراف المسؤولة بالصراع على السلطة وبمعركة البقاء.
وقال الوزير المختص للنفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية محمد عون، إن إغلاقات المنشآت النفطية تسببت في انخفاض معدل إنتاج النفط في البلاد بنحو 600 ألف برميل خام يوميًا، وباحتساب السعر بمتوسط 100 دولار للبرميل، فإن ليبيا تخسر فرصًا بيعية تقدر بـ60 مليون دولار يوميًا.
وتابع عون في تصريحات إلى قناة فرانس 24: «لا نستطيع المساعدة في أزمة الطاقة الأوروبية بسبب حرب أوكرانيا، فالدولة الليبية ليس في إمكانها الآن المساهمة بإنتاج أي كمية إضافية سواء من النفط الخام أو الغاز، وليس لدينا احتياطي لنضخه إلى السوق العالمية، ولن نتمكن من ذلك قبل خمس أو ست سنوات على الأقل».
ونفى عون وجود تهريب للنفط الخام، موضحاً أن ما يهرب ما هو الوقود البنزين والديزل، متابعًا: «نحن كقطاع نفط مسؤوليتنا تقف عند خروج الشاحنات من مستودعات شركة البريقة لتسويق النفط المسؤولة عن توزيع الوقود في ليبيا، وأن منع التهريب مسؤولية وزارة الداخلية والقوات المسلحة والجهات الأمنية الأخرى وحرس الحدود».
وفي 19 نيسان/أبريل الماضي، أصدر عون قرارًا بتشكيل لجنة تتولى التواصل مع الجهات المتسببة في الإقفالات بالمواقع النفطية، ومناقشتها ومحاورتها بغية إيجاد حلول سريعة لإعادة فتح النفط من جديد دون أي شروط. وفي موقف مغاير عن موقف وتوجه حكومة الوحدة الوطنية، رفض وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية محمد عون، تسلُّم الغرب إدارة النفط لأنه ينتقص من السيادة الوطنية. وأضاف عون أنه لو أن الأمم المتحدة وسفراء الدول الغربية ساعدونا في الخروج من الأزمة نعم، لكن لا أن يسعوا لمعالجة شبيهة بما حدث مع العراق في النفط مقابل الغذاء . وألقى باللوم على الدول الخارجية بسبب تدخلها في شؤون ليبيا، قائلًا إن الدول التي أطاحت بالنظام السابق استمرت في تدخلها، ولم تبن دولة بعد ذلك، وهو ما اعترف به (الرئيس الأمريكي الأسبق باراك) أوباما. وأضاف عون أنه كان عليها مساعدة ليبيا لأنه من الصعب بناء دولة في خضم انهيار الجيش والشرطة وباقي مؤسسات الدولة، مردفًا أن الموالين للجهات الخارجية هم سبب المشكلة الأساسية في الدولة الليبية.
وقبل يوم من تصريحات وزير النفط، قال موقع «أفريكا أنتليجنس» إن واشنطن لعبت دوراً مركزياً في المأزق الذي أدى إلى إغلاق حقلي الشرارة والفيل في 17 نيسان/أبريل، ما أدى إلى خفض إنتاج ليبيا اليومي من النفط بنحو النصف.
وتابع الموقع الاستخباراتي أن الولايات المتحدة – وبهدف تعزيز إنتاج النفط الليبي كوسيلة للحد من اعتماد أوروبا على الخام الروسي – تعمل لعدة أسابيع بوتيرة سريعة على آلية لعدم تسييس إدارة عائدات النفط الليبية التي تديرها المؤسسة الوطنية للنفط.
وأوضح «أفريكا أنتليجنس» أن الآلية التي كان من المقرر أن تديرها المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي وممثل عن السلطات في شرق ليبيا، تهدف إلى تمكين رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله من تمويل صيانة المنشآت النفطية مع منع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة من استغلال عائدات النفط كوسيلة للاحتفاظ بمنصبه.
وقال الموقع الفرنسي إن الآلية التي عملت عليها الولايات المتحدة كانت ستسمح للدبيبة بتلقي الأموال فقط لدفع رواتب موظفي الدولة وتمويل الإعانات الحكومية للسلع الأساسية وفق قوله، موضحاً أن السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند الذي أراد التحرك بسرعة لم ينتظر حتى يتم تشغيل الآلية رسمياً.
وأشار موقع «أفريكا أنتليجنس» إلى أن رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، وافق في 13 أبريل على دفع مبلغ 6 مليارات دولار من حساب المؤسسة في المصرف الليبي الخارجي إلى مصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية، وفي المقابل كان على الحكومة أن تدفع دفعة فورية قدرها 37.6 مليار دينار ليبي (7.8 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي) إلى المؤسسة الوطنية للنفط.
والخميس، ألقى وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية، محمد عون، باللوم على خليفة حفتر، بشأن عمليات الإغلاق الأخيرة التي تعرضت لها عدد من المنشآت والحقول النفطية في شرق وجنوب ليبيا، ما أدى إلى خفض إنتاج البلاد النفطي إلى النصــف تقريبًا.