غزة – “القدس العربي”: بالرغم من الحديث عن وصول وفد أمريكي إلى المنطقة مطلع الشهر الجاري، لعقد لقاءات مع مسؤولين فلسطينيين وآخرين إسرائيليين، لترتيب إجراءات الزيارة المرتقبة للرئيس جو بايدن نهايات الشهر المقبل، إلا أن مسؤولين في السلطة الفلسطينية، يقولون إنه لم ترد حتى اللحظة معلومات مؤكدة حول إمكانية أن تشمل زيارة بايدن رام الله للقاء الرئيس محمود عباس، على غرار اللقاءات التي سيعقدها في تل أبيب.
وأجرى الوفد الأمريكي الذي ضم سياسيين ومسؤولين أمنيين، لقاءات اشتملت على بحث الترتيبات اللازمة للزيارة على غرار ما يجري ترتيبه لزيارات الرؤساء الأمريكيين، بما في ذلك عملية الوصول وأماكن الزيارة وكذلك الملفات التي ستبحث. وقد أجريت اتصالات مع مسؤولين فلسطينيين خلال الأيام الماضية، في سياق الترتيبات التي يجري إعدادها للزيارة، رغم عدم وجود تأكيدات رسمية حتى اللحظة بأن يتم تخصيص جزء منها لعقد لقاء مع الرئيس عباس في رام الله.
وحسب مصدر فلسطيني فإن الاتصالات التي أجريت منذ عدة أيام، رجح خلالها مسؤولون أمريكيون بأن يعقد اللقاء وتتم زيارة رام الله، دون تأكيدات نهائية حتى اللحظة. لكن التوقعات القوية في القيادة الفلسطينية، والحديث للمصدر الذي تحدث لـ “القدس العربي”، تشير إلى أن الزيارة سوف تتم، خاصة وأن طلبات فلسطينية عدة قدمت للإدارة الأمريكية من أجل البدء في تنفيذ وعودها التي قطعها بايدن خلال حملته الانتخابية.
زيارة القدس
وبالرغم أيضا من وجود حديث عن نية الرئيس الأمريكي خلال الزيارة، القيام بجولة في منطقة القدس الشرقية المحتلة، دون الترتيب مع إسرائيل، إلا أن الجانب الفلسطيني لم يبلغ بتلك الترتيبات في هذا الوقت، رغم أن الأمر يحمل في طياته مدلولات سياسية هامة للفلسطينيين، تؤكد عدم اعتراف الإدارة الأمريكية الحالية بالاحتلال الإسرائيلي للقدس، بخلاف وجه نظر الإدارة السابقة.
وكانت “القناة 11” العبرية، ذكرت أن هذا الموضوع طرح خلال اجتماعات تحضيرية للزيارة، وأوضحت أنه في حال قام بايدن بالتوجه الى القدس الشرقية، فان ذلك سيتم دون أن يرافقه مسؤولون اسرائيليون.
وعلمت “القدس العربي” أن مسؤولين فلسطينيين أبلغوا الأمريكيين الذين يرتبون لزيارة بايدن، أن الرئيس عباس سيطلب بأن يبادر الرئيس الأمريكي لتحقيق وعوده السابقة، لتصبح حقيقة على الأرض، وفي مقدمتها إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، وفتح مكتب تمثيل منظمة التحرير في واشنطن، والضغط الفعلي على إسرائيل لوقف النشاطات الاستيطانية، خاصة وأن وعود بايدن الستة للفلسطينيين، لم يتحقق منها سوى واحد، وهو عودة تمويل “الأونروا”.
وحاليا يدور الحديث في أروقة السلطة الفلسطينية، على ضرورة إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية التي أغلقتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، وكذلك فتح مكتب تمثيل منظمة التحرير في واشنطن، باعتبارها خطوات ملموسة تؤكد على تغيير الإدارة الأمريكية الحالية السياسية الخطيرة التي أقرتها إدارة ترامب.
والجدير ذكره أن الرئيس الأمريكي السابق كان قد أوعز بإغلاق القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية التي تقدم خدمات للفلسطينيين، كما قرر نقل تلك الخدمات للسفارة الأمريكية التي نقلها في العام 2018، من تل أبيب إلى القدس. وتعي القيادة الفلسطينية أن إنجاز هذه القضايا، يمثل بداية التحول حيث أن فتح القنصلية يعني ممارسة البيت الأبيض ضغطا حقيقيا على الحكومة الإسرائيلية التي ترفض الأمر، فيما يعد تحقيق الأمر الثاني مهما جدا، كونه سيشمل تغيير القوانين الأمريكية التي وضعتها إدارة ترامب، بخصوص التعامل مع القضية الفلسطينية.
وفي القيادة الفلسطينية لا أحد يعول على إمكانية أن يقدر بايدن في هذا التوقيت، على إطلاق عملية سياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تزيل فترة الجمود التي تهيمن على الملف منذ أبريل/ابريل من العام 2014، وهو التاريخ الذي توقفت فيه آخر مفاوضات بين الطرفين برعاية الإدارة الأمريكية قبل السابقة التي كان يرأسها باراك أوباما.
هذا وقد طالب الرئيس عباس رسميا بإنجاز هذه الملفات، خلال لقاءاته الشهر الماضي مع مساعدي وزير الخارجية الأمريكي، اللذين زارا المنطقة بهدف إعادة الهدوء، على خلفية أحداث القدس والمسجد الأقصى خلال شهر رمضان.
وفي إسرائيل، أعلن وزير العدل جدعون ساعر، في خضم اتصالات الوفد الأمريكي لترتيب الزيارة، رفض حكومته لإعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، لتقديم الخدمات للفلسطينيين، وأشار إلى أن هذا الأمر لن يتم بدون موافقة اسرائيلية، وأن الولايات المتحدة تعلم أن هذا لن يحصل.
وحين رد على التساؤلات حول الترتيب لقيام الرئيس بايدن بزيارة القدس الشرقية أثناء زيارته، قال إنه ليس مطلعا على التفاصيل.
وهاجم وزير المالية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الرئيس عباس، وقال “لا يمكن أن يكون الشخص الذي يرفع دعاوى قضائية ضد إسرائيل وجنود الجيش الإسرائيلي شريكا في أي شيء، وفي السلام”، وأضاف “عباس إرهابي مثل الإرهابيين الآخرين ويرتكب الإرهاب السياسي”.
ومن المتوقع أن تكون زيارة بايدن نهاية الشهر المقبل، بالتزامن مع قمتي دول السبع التي ستنعقد في ألمانيا في 26 يونيو/حزيران، والناتو في إسبانيا في 29 يونيو، من أجل بحث ملفات الزيارة ومواعيدها المحددة.
وفي إسرائيل يجري التحضير لعقد بايدن لقاءات مع كل من الرئيس يتسحاق هرتسوغ، ورئيس الوزراء نفتالي بينيت الذي كان قد وجه دعوة لزيارة بايدن، خلال اتصال جرى بينهما. وكان بايدن، أبلغ في ذلك الاتصال الهاتفي بأنه يرغب بزيارة إسرائيل، حيث ستكون هذه هي أول زيارة يجريها بايدن لتل أبيب منذ أن تولى الرئاسة في يناير/كانون الثاني 2021.
يشار إلى أن تقارير عبرية، تحدثت عن وجود اتصالات موسعة لعقد قمة عربية إسرائيلية أمريكية على مستوى الرؤساء، في إسرائيل، خلال زيارة بايدن، على غرار ما جرى خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، حين شارك في تلك القمة عدد من وزراء الخارجية العرب، وثمة تأكيدات قوية بأن تقاطعها القيادة الفلسطينية، التي أرسلت رسائل مباشرة بذلك للمسؤولين الأمريكيين، وكذلك بمقاطعة أردنية.
ولا ترى القيادة الفلسطينية وجود أي أفق سياسي حالي، يدفعها للمشاركة في قمة تحضرها وتحتضنها إسرائيل، التي تتهرب حكومتها من استحقاقات السلام، وتطلب بأن تكون هناك خطة سلام تحظى بدعم وإشراف دولي، تشارك فيها الإدارة الأمريكية.
اختبار الإرادة الأمريكية
يشار إلى أن حكومة الاحتلال كانت قد استغلت استمرار الترتيبات الخاصة بالزيارة، وأعلنت عن الموافقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية، في مسعى منها لتثبيت سياسات الأمر الواقع، كما قام رئيس الحكومة اليوم الثلاثاء بزيارة إلى مستوطنة “الكانا” شمال الضفة الغربية.
وقد دفع ذلك وزارة الخارجية الفلسطينية للتأكيد أن هذا الأمر يعد جزءا لا يتجزأ من دعم الحكومة الإسرائيلية لعمليات تعميق وتوسيع الاستيطان الاستعماري في أرض دولة فلسطين، وقالت إنه يندرج في إطار “سياسة التصعيد الإسرائيلية للأوضاع في ساحة الصراع، واستنجاداً بدوامة العنف للتغطية على عمليات الضم التدريجي للضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية”.
وأكدت أن إسرائيل “تختبر جدية الرفض الأمريكي للاستيطان بمشاريع جديدة عشية زيارة بايدن”، وأكدت أن طرح سلطات الاحتلال الإسرائيلي المخططات والمشاريع الاستيطانية بشكل متلاحق في الآونة الأخيرة يأتي في ظل الحديث عن زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، وفي ظل تأكيدات علنية على رفض الإدارة الأمريكية وادانتها للاستيطان.
وأوضحت الوزارة أن طرح هذه المخططات تأتي بهدف تعميق وتوسيع المستوطنات القائمة، واستكمال عمليات تهويد القدس، وتغيير معالمها، وواقعها التاريخي والقانوني والديموغرافي القائم، من خلال إغراقها في محيط استيطاني ضخم يفصلها تماما عن محيطها الفلسطيني، ويربطها بالعمق الإسرائيلي، وكان آخرها المصادقة على بناء 4 آلاف وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية.
وأشارت إلى أن ما يجري يثير عديد التساؤلات والشكوك، خاصة في ظل ما أورده الإعلام العبري بشأن تنسيق البناء الاستيطاني الجديد، والتشاور حوله مع الإدارة الأمريكية قبل الإعلان عنه.
واعتبرت الوزارة أن هذا الهجوم الاستيطاني المتصاعد يندرج في إطار عمليات الضم الزاحف للضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بهدف إغلاق الباب نهائيا أمام أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/يونيو بعاصمتها القدس الشرقية.
وحملت الخارجية الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت المسؤولية الكاملة والمباشرة عن مواقفها المعادية للسلام ومشاريعها الاستيطانية التوسعية التي تقوض أي جهود مبذولة لبناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تمهيداً لجلوسهما إلى طاولة المفاوضات.
زار رام الله أم لم يزورها لا فرق لن يغير شيء ولن يمنح فلسطين سوى ابرد تخدير، أمريكا بكافة إدارتها المتعاقبة الدينقراطين والجمهوريين كلاهما لا يعمل لصالح فلسطين موقف أمريكا واضح تقوية إسرائيل وحمايتها ودعمها ومساندتها.
حتى إذا صدق وزار المقاصد هل يتغير واقع اعتراف أمريكا بأن القدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال؟ إسرئيل تفعل ما تشاء لأنها تدرك أن أمريكا لن تسمح لأحد أن يتخذ ضد إسرائيل أي عقاب يضر في مصالحها ومصالح أمنها القومي. ويقينا لن توفي أمريكا بوعودها لفلسطين