مؤرخ أمريكي: الصين تبدأ أزمة عالمية جديدة بالتهام سريلانكا

حجم الخط
9

نيويورك: منذ نهاية شهر آذار/ مارس الماضي شهدت سريلانكا احتجاجات عنيفة، ساعدت في تحجيمها الأوامر التي صدرت للجيش بإطلاق النار فورا على المحتجين. لكن الاضطرابات أدت إلى استقالة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا الذي كان الشخصية السياسية المهيمنة في البلاد. ومن المرجح ألا ينجو شقيقه الرئيس من هذه الدوامة. وتعتبر الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية الأسوأ في سريلانكا منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1948.

ويقول جوردون جي. تشانج، وهو أستاذ جامعي وكاتب ومؤرخ أمريكي، اشتُهر بكتابه “الانهيار القادم للصين” في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي إن سريلانكا هي مجرد الفصل الافتتاحي في العالم. فالاضطرابات التي شهدتها البلاد تشكل الحلقة الأولى في سلسلة من الأزمات التي على وشك أن تتعرض لها الدول الضعيفة، وربما حتى الدول الكبيرة الحجم. فالحرب في أوكرانيا التي تفاقم المشكلات الكامنة في سريلانكا وغيرها من الدول، تهز تقريبا كافة أرجاء العالم.

ويضيف تشانج أن الأحداث التي تشهدها سريلانكا توضح أيضا كيف أن الصين على وشك أن تهيمن على العالم؛ إذ تقوم بكين بإفساد قادة الدول، وإغراقهم في الديون، وزعزعة استقرار الحكومات في نهاية المطاف. ويبدو أن بكين تستهدف الديمقراطيات بوجه خاص.

وتعاني سريلانكا من نقص السماد؛ حيث تنفق الحكومة حوالي 400 مليون دولار سنويا لاستيراده لكنها لم تستطع مؤخرا شراءه بسبب نقص العملة الأجنبية. وللحفاظ على احتياطي العملة الأجنبية قررت الحكومة العام الماضي حظر السماد الكيماوي. وأدى ذلك إلى اضطرار المزارعين لهجر الحقول، وانضمام بعضهم إلى الاحتجاجات الأخيرة التي فاقمها ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وقال رئيس الوزراء الجديد رانيل ويكريميسنجه إنه سيضمن حصول كل شخص على ثلاث وجبات يوميا. وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) “لن تكون هناك أزمة جوع، وسوف نجد الطعام”.

ويرى تشانج أن هذا وعد قد لا يستطيع ويكريميسنجه الوفاء به. إذ ليس باستطاعة سريلانكا حل مشاكلها بنفسها. فجائحة كورونا أنهت السياحة، وهي مصدر رئيسي للإيرادات. وعلاوة على ذلك، بدد غزو روسيا لأوكرانيا – وهما دولتان من بين المصادر الكبيرة للسائحين – كل أمل في تحقيق تعاف هذا العام.

ومع ذلك، فإن القضية لا تقتصر على وصول السائحين. إذ يبدو أن حرب أوكرانيا تنهي فترة عولمة دامت عقودا، وهذا التحول سيكون صعبا بالنسبة للدول التي تعتمد على غيرها. ومن ثم فإن أزمة سريلانكا هي مجرد البداية. وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية أن سريلانكا هي “الدولة الأولى التي تتهاوى نتيجة الضغوط الاقتصادية المتزايدة، ومن المرجح أنها لن تكون الأخيرة”.

ويقول تشانج إن سريلانكا تواجه أيضا صعوبة أخرى تتمثل في الصين. فأسرة راجاباكسا المهيمنة، التي يُعتقد منذ وقت طويل أنها في جيب الصين، اقترضت مبالغ طائلة من مصادر صينية لحساب مشروعات غير مدروسة. والكثير من هذه المشروعات قليلة الأهمية في منطقة هامبانتوتا محل إقامة عائلة راجاباكسا.

ولم يكن ميناء هامبانتوتا، الذي خسر 300 مليون دولار خلال ستة شهور، مدروسا جيدا منذ البداية. ومن ثم، لم تستطع الجهة المشغلة للميناء سداد قروض من الصين بلغت 4ر1 مليار دولار. وبالقرب من الميناء هناك مركز مؤتمرات بلغت قيمته 5ر15 مليون دولار نادرا ما يتم استخدامه. وبفضل قرض من الصين قدره 200 مليون دولار استطاعت سريلانكا بناء مطار راجاباكسا القريب، الذي لا يستطيع حتى سداد قيمة فواتير الكهرباء.

والقليل جدا من الأشخاص على علم بالحجم الكامل للديون المستحقة لأطراف صينية؛ لأن هناك قروضا يصعب تتبعها لصالح شركات حكومية والبنك المركزي السريلانكي. ومهما يكن قدر تلك القروض فإنها أدت إلى كسر ظهر سريلانكا.

ويؤكد تشانج أن الصين هي الدولة المقرضة المفترسة في العالم، وهو أمر واضح من خلال مبادرتها “الحزام والطريق”. وهذا المشروع الصيني الكبير يركز على الطرق، والموانئ، وطرق السكك الحديدية والتي لها مبرر تجاري ضئيل أو ليس لها مبرر على الإطلاق مثل مشروعات سريلانكا. وحتى الآن، وقعت 146 دولة مذكرات اتفاقيات تتعلق بمبادرة الحزام والطريق مع بكين. وبعض هذه الدول تجد نفسها حاليا تحت رحمة الصينيين.

ويختتم تشانج تقريره بالقول إن سريلانكا تتطلع الآن للحصول على المساعدة من جانب صندوق النقد الدولي، لكن هذه ليست بالضرورة فكرة جيدة. ويتعين على المجتمع الدولي عدم مساعدة الصين الجشعة على التهام المجتمعات الصغيرة الضعيفة.

وأشار إلى أنه “إذا ما قدم صندوق النقد الدولي العون لسريلانكا قبل التأكد من توقفها عن الاصطفاف مع الصين، فإنه بذلك سوف يدعم الاستثمار الصيني ويعزز سياسيا دولة أصبحت تعمل بالوكالة لصالح الصين”.

(د ب أ)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول برعي حمدان ....اسيوط:

    الدولة التالية في الافلاس بسبب القروص الضخمة التي فاقت المائة والخمسين مليار دولار وانفقت على مشريع لا فائدة منها …هي
    مصر التي اهلكها السيسي بالقروض والمشاريع التي لا فائدة منها

    1. يقول سامى عبد القادر:

      صدقت تماماً يا أخى الفاضل برعى حمدان
      .
      ولكن على عكس الفقيدة سيريلانكا, فإن التنين الصين العملاق لن يجد شيئاً ليلتهمه فى مصر, بعد أن التهمها وهضمها وتجشأها الكيان الصهيونى وحبيبته الإمارات!!! … ولا عزاء لأحد فى بلدنا المُلتهمة المُستباحة المنهوبة المحتلة مصر, والتى كانت قبل سبعة عقود فقط عزيزة وجميلة وغنية ومتألقة وسيدة مهابة بين أقرانها, حتى أصابها فيروس العسكر القاتل المدمر, وخاصة متحوره الأخير الخطير السيسى, فجعلها حصيداً كأن لم تغن بالأمس … وإنا لله وإنا إليه راجعون

  2. يقول إبن آكسيل:

    الصين أرحم منكم مليار مرة …..ديكتاتورية الصين أرحم مليار مرة من ديمقراطيتكم الوهمية ….

  3. يقول آلاء الله برهاني:

    وستزيد أزمة سريلانكا اشتدادا بسبب الانتشار المتوقع لوباء “جدري القرود” الذي يتسبب به الشذوذ الجنسي بين الذكور على وجه الخصوص حسب تقارير منظمة الصحة العاليمة ، ومعروف أن وجهات السياحة العالمية تعج أيضا بطلاب السياحة الجنسية ومنهم شريحة كبيرة من المثليين الذكور مما سيؤدي بالتأكيد إلى انتشار كبير لجدري القرود !

  4. يقول سامي ابو راشد:

    الف الف الف مبروك
    التشنايزه بيستاهلو كل خير
    الف مبروك عقبال تايوان

  5. يقول loco:

    الغرب متوجس من قوة التنين الصيني فتراه يشيطن فيه ليلا و نهارا حتى ولو ان الصين ليست بملك من الملائكة الا ان الغرب نسى استعماره لجزء كبير من العالم وقام باستعباد الشعوب المستعمرة و نهب ثرواتها بحيث بفضل دلك اصبح بما عليه اليوم

  6. يقول ملاحظ:

    ربما …..ربما …..ادارة الصين لشؤون لسريلانكا احسن من ادارتها من اهلها

  7. يقول شهاب الجزائر:

    لو أمريكا أو بريطانيا هي التي التهمت سيريلانكا ما
    فيه مشكلة اما الصين لا. يا اخي الصين أرحم منهما
    على الأقل انها لا تقتل و لا تدمر البلد.
    شعوب غبية و ساذجة.

  8. يقول Sa:

    العمل من الصين أولى من العمل مع اشباح البنك الدولي…

إشترك في قائمتنا البريدية