مهرجان بيروت للرقص المعاصر يعلن «العصيان الثقافي» بين 25 و29 أيار عمر راجح: نبحث عن أشكال تعبير جديدة في بلد مرهون ومنهوب وثقافته تتراجع

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت ـ «القدس العربي»: بعد عروض في مدينة ليون الفرنسية بين 5 و7 أيار/مايو تبدأ في بيروت فعاليات مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر ـ بايبود الـ18 الذي يحمل عنوان «العصيان الثقافي» ويمتد بين 25 و29 من الجاري. مؤسس المشهد اللبناني للرقص المعاصر، ومؤسس «مقامات» و«ملتقى ليمون» و«مهرجان بايبود» التي تشكل مظلة لتطوير هذا الرقص، ومشاركة المهتمين به بعضهم مع الآخر خاصة في الدول العربية، هو الفنان عمر راجح بمشاركة ميا حبيس. فالفكرة الأساسية لهذه المنتديات هي التعاون والتجريب والتطوير. مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر ـ بايبود ينطلق بين فضائين ثقافيين هما متحف سرسق ومسرح بيريت في الجامعة اليسوعية، ويحظى بدعم من المراكز الثقافية الفرنسية والإيطالية والإسبانية. وستشهد المدينة ستة عروض بينها عروض من ألمانيا وإيطاليا وغيرها.

هنا حوار مع عمر راجح:
○ لماذا العصيان الثقافي؟
•انبثقت الفكرة من العمل الذي نقوم به منذ سنتين، ومن الأسئلة حول الثقافة بشكل عام، والتي فرضت نفسها إثر جائحة كورونا. إضافة لكوننا انتقلنا من بلد إلى آخر كعائلة. تعبير العصيان الثقافي ورد في الكتيب الصحافي الخاص بـ«سيترن بيروت» وذلك حين كنا بصدد تفكيكه في السادس من آب/اغسطس سنة 2019. فقد كنا حيال إعادة نظر بالثقافة التي نقدمها. حالياً بات للعصيان الثقافي معنى مختلفا، وهو انبعث فجأة بعد ثلاث سنوات، وباتت له دلالات أكبر بكثير. بمعنى الحاجة لإعادة النظر بالعمل الثقافي بشكل عام. والإجابة على أسئلة حول ماهية الثقافة، وما هو معناها، وتالياً أثرها في المجتمع. أما على مستوى بيروت فهناك محو للثقافة في لبنان بشكل عام. فالوضع الاقتصادي والسياسي في غاية الصعوبة إلى جانب حضور الميليشيات، وهذا مرئي ومنظور. وما لا نراه أن بلداً يتم شطبه، حيث الثقافة تتراجع وتنفك عن منطقها الطبيعي. من هنا انبثق عنوان «العصيان الثقافي».
○ كم يترك عنوان المهرجان أثره في مضمون العروض التي ستقدمها الفرق المشاركة؟
•تمت برمجة العروض بناء لتوجه المهرجان. وإلى جانب العروض هناك ورشات فنية، ولقاءات، واجتماعات بين عدد من مدراء المهرجانات الذين سيتواجدون في بيروت بين 25 و29 أيار/مايو. كما أن جزءاً من المهرجان يُعرض على منصة citerne.live. وهذا ما يؤكد أننا بصدد البحث عن أشكال جديدة للتعبير الفني. ومن هذا المفهوم ستكون أكثرية عروض المهرجان في الباحة الخارجية من متحف سرسق. إذاً إعادة النظر في الكثير من الأمور ضرورية، وهذا لا يعني الإلغاء بل التجريب من خلال أطر جديدة. إنه السؤال الثقافي عن كيفية التعبير في بلد مرهون ومنهوب، والعلاقات داخله غير واضحة. وهل طبيعي أن نقصد مسرحاً لحضور عرض لشكسبير مثلاً؟ إنه السؤال.
○ كم من الأسئلة الفلسفية تطرحها العروض التي سيتابعها الجمهور اللبناني؟
•لا شك بأنها تطرح أسئلة فلسفية، لكنها تطرح كذلك أسئلة من الواقع وعن نوع الحياة التي نعيشها. على سبيل المثال عرض الافتتاح في مسرح بيريت «آرا آرا» والذي تقدّمه فرقة إيطالية يدور حول فكرة العَلَم. شاهدته ووجدته من ضمن الأجواء التي نعيشها اليوم في لبنان، ولهذا تمت دعوته. الفرقة التي تقدم هذا العرض نالت منحة «إيرميس» في باريس. كما وتتضمن العروض أفلاماً عن الرقص لمخرجين لبنانيين. ويُقدّم الكوريغراف اللبناني بسّام أبو دياب عرضاً مميزاً، وهو مدعوم ومتابع من قبلنا منذ سنوات. سيقدم عرضه في مسرح بيريت في 27 أيار/مايو. إلى جانب عروض من فرنسا وإسبانيا ومن سويسرا وألمانيا وغيرها.
○ هل كان بناء التعاون ميسراً في لبنان مع متحف سرسق ومسرح بيريت وكذلك الداعمين من المراكز الثقافية؟
•بالتأكيد خاصة المراكز الثقافية الفرنسية والإيطالية والإسبانية، إلى جانب دعم السفارة السويسرية، ومؤسسات تجارية لبنانية دأبت على دعمنا منذ انطلاقتنا سنة 2011. ونهتم بأن يستمر التعاون، الذي يتكرر للسنة الثانية مع متحف سرسق، وعلى مدى طويل.
○ ماذا عن عروض ليون وهل من مشترك بينها وبين بيروت؟
•الندوات والحوارات مشتركة بين ليون وبيروت، إنما العروض الفنية تختلف. ليس جميع من قدّموا عروضاً في ليون قادرين على تلبية الحضور إلى بيروت، ومن المفترض أن يلتقيهم الجمهور اللبناني في السنة المقبلة.
○ تحدثتم عن اكتشاف العالم الرقمي numerique في هذا المهرجان فكيف سيتجسد؟
•المنصة الرقمية citerne.live والتي تمّ تأسيسها قبل سنتين وهي تستقبل عروضاً. قبل حوارنا هذا بيوم قدّمت هذه المنصة عرضاً من مدينة بلفور الفرنسية. أنشأنا هذه المنصة لتكون بتصرف المهرجانات والمراكز الثقافية ولتقديم عروضهم الفنية. وستبث كافة عروض المهرجان، وكذلك الندوات وورشات العمل. فالندوات التي شهدها مهرجان ليون كانت في بث مباشر على المنصة، وهذا ما سيتم اعتماده في مهرجان بيروت.
○ هل تقصد مدينة بيروت وأنت في مهمة تطوير عمل في إطار «ثيمة هندسة جسد مدمر»؟
•هذا ما قدمناه في العام الماضي على منصة سيترن. هذه المنصة تكتسب بعداً كبيراً ليس لنا كفرقة ومهرجان وحسب، بل لدينا شركاء في إسبانيا وفرنسا. منصة سيترن تتلقى دعماً من وزارة الثقافة الفرنسية ومن مدينة ليون كذلك. ولدينا شركاء في مدينة الإسكندرية، ورام الله، واسطنبول، وباري وغيرها. باتت هذه المنصة تشكل تجمعاً لمراكز ومهرجانات ثقافية تتيح لها تقديم أعمالها عبرها.
○ ماذا عن تجديد العروض على هذه المنصة؟ وشروط الدخول إليها؟
•بالتأكيد. بعد عروض بلفور ستنقل المنصة عروض مهرجان بيروت للرقص المعاصر ـ بايبود. كذلك يعتمد مهرجان رام الله هذه المنصة، ولاحقاً ستكون بتصرّف مهرجان في إيطاليا. العروض متاحة للجميع بعضها مجاني وبعضها ببدل. بعد مراجعة الدخول إلى المنصة في العام الماضي تبين أنها من كافة أنحاء العالم وشملت بحدود 100 مدينة. يذكر أن الشركاء في رام الله استعانوا بشاشة كبيرة وضِعَت على أحد السطوح ما أتاح لجمهور كبير حضور ومتابعة مهرجان سويسرا.
○ هل لنا بتفاصيل عن البرمجة مع الشركاء بين بلفور، وباري وسانت أي ورام الله والإسكندرية وغيرها؟
•وإلى هؤلاء الشركاء نضيف برشلونة أيضاً. ونعتبر رام الله من الشركاء الأساسيين. ومساحات الشراكة بدأت منذ عام 2006 وقد استقبلتهم بيروت في عروض متكررة سنوياً خلال المهرجان. ومن المؤكد أن التعاون فيما بيننا يتم من خلال الهاتف أو اونلاين.
أفيش المهرجان لافت ويدعو للتبصر فيه كثير لفك لغز تداخل الأجساد. فماذا يجسد؟
•يُعبّر الأفيش عن توجه المهرجان. والصورة التي يحملها تختصر الكثير من الأفكار من دون أي كلام. ولنترك للناس قراءاتهم المستقلّة في هذه الصورة. في الحقيقة كان هذا الأفيش خيارنا ونحن مسرورون به، فهو يعكس إحساس وتوجه المهرجان. وبالنهاية مهمته أن يُقرأ كصورة، وليس لي إضافة أي كلام إليه. صوّرت الأفيش كيت سويني، ومنحتنا حق استعمال الصورة.
○ ما جديد «مقامات» و«ملتقى ليمون» و«مهرجان بايبود» وتداخلهم أو فرادتهم كل عن الآخر في إطار الرقص المعاصر؟
•تركيزنا حالياً على المهرجان، فقد افتتحنا عرضاً جديداً قبل أربعة أشهر، ومعه سنكون في جولة السنة المقبلة. أما المشروع الكبير والذي نحن بصدد التحضير له فمخصص لبينالي الفنون المعاصرة في مدينة ليون، كما نحن بصدد عمل جديد يصار لإفتتاحه في أيلول/سبتمبر المقبل. وهذا ما اُعده بالتعاون مع ميا حبيس.
○ ماذا تبدّل في مشروعك الفني إثر مغادرتك لبنان للعيش في فرنسا؟
•إن بحثنا في العمق فلا تغير. الحقيقة أن الإندفاع لا يزال موجوداً، وأساس النظرة الفنية لعملنا لا تزال هي نفسها. إنما وجودنا في فرنسا وفي مدينة ليون بالذات يختلف عن وجودنا في بيروت، والمقارنة لا تجوز. نحن في رحلة تطوير دائمة، وجديدنا متواصل، نظراً إلى الإمكانات الواسعة في ليون. إلى ذلك بيروت ما تزال اهتماماً أول، والمهرجان فيها متواصل سنوياً. وسعينا المستجد خلق تواصلا بين مدينتي ليون وبيروت. مكاننا موجود ويتطور في بيروت، ومعه ربحنا مكاناً جديداً هو ليون.
○ لماذا وقع اختيار الإقامة في فرنسا على مدينة ليون؟
•بعد سنتين من الإقامة في ليون وبعيداً عن أسباب الإختيار، أقول أننا كنا حيال إختيار صائب جداً في حياتنا. إنها مدينة تمتاز بناسها المنفتحين. كما تحمل قيمة وتقديراً للعمل على المستوى الثقافي والفني والاجتماعي، وكذلك على مستوى المسار اليومي للحياة. يمكنني القول إن المدينة تهتم بنفسها، وناسها يهتمون بها. ونحن في السنة الثالثة من الإقامة في ليون أشعر أننا كنا حيال اختيار ناجح.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية