إسرائيل بتصفيتها خدائي.. من “حرب الظلال” إلى حرب شاملة مع إيران

حجم الخط
0

تمت التصفية في نمط معروف من الماضي: نار يطلقها راكبو دراجات نارية يفرون من المكان. بالضبط بنفس الطريقة التي عمل فيها من صفى سلسلة من علماء النووي في العقد الماضي، وكذا من قتل في آب 2020 عبد الله أحمد عبد الله (أبو محمد المصري) رقم 2 في القاعدة، والذي كان مسؤولاً عن عمليات التنظيم في 1998 في كينيا وتنزانيا.

اتهمت إسرائيل بالتصفيات في كل الحالات السابقة: في حالة المصري، اعترفت جهات رسمية في واشنطن بأنها نفذت بناء على طلب الإدارة الأمريكية في اليوم الذي وقعت فيها العمليات في إفريقيا. بالتوازي، سارعت سلطات إيران أمس، للتبليغ عن مطاردة جارية للمصفّين. على أي حال، سيعثر في الحالة الراهنة على الدراجة المتروكة، لكن آثار مطلقي النار ستختفي. بطبيعة العمليات من هذا النوع، والتي تتضمن حرصاً زائداً على كل التفاصيل، وذلك أيضاً لضمان إنقاذ المصفّين، ولكن بقدر لا يقل عن ذلك، لمنع إمكانية أن يربطوا بالجهة التي طلبت منهم تنفيذ العملية.

عملية كهذه تستوجب قدرة استخبارية استثنائية في الدولة الهدف، تتضمن بناء ملف عن هدف العملية: التفاصيل الشخصية، وشكل السلوك وأماكن السكن والعمل، وحتى مشاركته في أعمال معادية. وعلى فرض أن إسرائيل تقف بالفعل خلف العملية، تمر التصفية عبر مرشح طويل من الأذون في داخل الموساد وجهاز الأمن والقيادة السياسية. كما أن للتوقيت وزناً أيضاً، كما أن الظروف السياسية أيضاً تؤخذ بالحسبان.

بخلاف التصفيات السابقة التي نفذت على أرض إيران، لم يكن الهدف هذه المرة مرتبطاً بالبرنامج النووي الإيراني، بل بفيلق القدس المسؤول عن تصدير الثورة الإيرانية، وهو تعريف مغسول لأعمال الإرهاب الإيرانية في أرجاء العالم. وحسب البيان الرسمي في طهران، فإن العقيد حسن صياد خدّائي، عمل في سوريا، وربما كان مشاركاً في مساعي تهريب السلاح لـ”حزب الله” والميليشيات الإيرانية في سوريا، وكذا بمحاولات التموضع الإيراني في الدولة وعلى الحدود مع إسرائيل.

إذا كانت إسرائيل هي التي نفذت التصفية بالفعل، نتعرف من ذلك على أن إسرائيل لا تحصر المعركة ضد المساعي الإيرانية هذه بالمعركة ما بين الحروب في سوريا فقط، بل توسعها إلى مطارح أخرى. في هذا الجانب، تعد هذه إشارة واضحة لإيران. إسرائيل تقول لها بالطريقة الأكثر مباشرة بأنها ستدفع الثمن غالياً، على أراضيها أيضاً إذا ما واصلت أعمالها.

مشكوك أن يغير الإيرانيون طريقهم، وليس مجدياً الاستخفاف بأهمية الرسائل من هذا النوع. ففضلاً عن الضربة العملياتية الفورية لنشاطات فيلق القدس (مطلوب لكل ضابط كهذا تعيين بديل سيستغرقه وقت كي يتسلم المنصب ويصل إلى الفاعلية العملياتية)، ستمارس التصفية ضغطاً فورياً على قيادة الحرس الثوري وفيلق القدس.

لقد سارعت إيران كما هو متوقع منها للإعلان أمس عن اعتقال “شبكة تجسس” إسرائيلية. وقد يكون هذا بهدف تخفيف الضغط الجماهيري والداخلي على أنهم لا يحمون المسؤولين، وأكثر من ذلك بأنهم يجلبون الحرب من سوريا إلى الديار. نقد كهذا يسمع في إيران في السنوات الأخيرة، ولا سيما حول الادعاء بأن إيران تستثمر المال القليل الذي تملكه في أماكن غريبة وليس في اقتصادها الذي تدهور إلى درك أسفل غير مسبوق. هذا النقد وإن كان مقلقاً للسلطات، إلا أنه لم يدفعها حتى الآن لإيقاف مساعيها لتسليم فروعها في أرجاء المنطقة. هذه التصفية السابقة على أراضيها يفترض على الأقل أن تخلق لديها معاضل بالنسبة للثمن الذي تدفعه على ذلك.

بقلميوآف ليمور

 إسرائيل اليوم 23/5/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية