نابلس ـ “القدس العربي”: شيّعت جماهير حاشدة في مدينة نابلس، بعد ظهر اليوم الأربعاء، جثمان الشهيد الفتى غيث رفيق يامين (16 عاما) الذي ارتقى إثر إصابته برصاص قوات الاحتلال فجرا، خلال مواجهات قرب “مقام يوسف”.
وانطلق موكب التشييع من أمام مستشفى رفيديا الحكومي، إلى وسط مدينة نابلس، حيث أدى المشيعون صلاة الجنازة عليه في ميدان الشهداء، قبل أن ينقل لمنزل عائلته بمنطقة رأس العين، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، حيث ووري الثرى في المقبرة الغربية.
وأعلنت وزارة الصحة عن استشهاد الفتى يامين فجرا، وهو طالب في الصف العاشر، متأثراً بإصابته بالرصاص الحي في رأسه، لدى اقتحام الاحتلال ومستوطنيه منطقة مقام يوسف، فيما أصيب 88 مواطنا، بينهم 19 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و67 آخرون بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، ومواطن بحروق جراء إصابته بقنبلة غاز، وآخر تعرض للسقوط.
والشهيد يامين هو أحد طلاب الصف العاشر من مدرسة ذكور عبد الحميد السايح، وأصيب في وقت سابق بجروح حرجة بالرصاص الحي في الرأس، وجرى نقله إلى مستشفى رفيديا الحكومي، قبل أن يعلن الأطباء عن استشهاده متأثرا بإصابته.
وبحسب ما أعلن عنه الهلال الأحمر الفلسطيني فقد أصيب 88 في مواجهات مع قوات الاحتلال في مدينة نابلس، أمس الثلاثاء وفجراليوم الأربعاء، فيما اندلعت اشتباكات مسلحة بين مقاومين وجيش الاحتلال في المنطقة الشرقية بالمدينة.
وأوضح الهلال الأحمر في نابلس أن 19 مواطنا أصيبوا بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و67 آخرين بالاختناق، بعد إطلاق قوات الاحتلال قنابل الغاز المسيل للدموع، إلى جانب وقوع إصابة بقنبلة غاز وأخرى نتيجة السقوط خلال المواجهات.
وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي قنابل الغاز بشكل مباشر على طاقم إسعاف الهلال الأحمر، أثناء نقل حالة ولادة، ما أدى إلى اختناق الطاقم، فيما جرى نقل المريضة إلى مستشفى رفيديا.
جاء ذلك خلال اقتحام مئات المستوطنين الليلة الماضية قبر يوسف شرق المدينة، وأدّوا طقوسًا تلمودية بداخله، بعد أن أقلّتهم حافلات إلى المكان بحماية جيش الاحتلال وسط مواجهات عنيفة مع الشبّان تخللها إطلاق نار من قبل مسلحين فلسطينيين.
ورد مواطنون على عمليات القمع وإطلاق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع من قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام المدينة وتوفير الحماية للمستوطنين برد الفعل الأعنف الذي تعيشه مدينة نابلس منذ شهور طويلة.
وتحول محيط “مقام يوسف” إلى ساحة مواجهة شاملة أشعلت فيها الإطارات وجلبت إلى المكان الإطارات المشتعلة والحجارة لإغلاق الشوارع المحيطة.
بدورها أعلنت حركة الجهاد الإسلامي عن تنفيذ كمين محكم قام به مقاومو سرايا القدس في منطقة مقام يوسف، حيث أكدت أنها أوقعت بهم إصابات مباشرة.
يذكر أن هجمات المستوطنين تتصاعد بشكل كبير، وهي تتركز في شمال الضفة الغربية المحتلة، وخاصة مدينة نابلس التي تنتشر في محيطها عشرات القرى المحاطة بالمستوطنات.
بدوره عزى رئيس الوزراء محمد اشتية، أسرة الشهيد، وطالب المجتمع الدولي “بكسر المعايير المزدوجة وتوفير الحماية لأطفالنا ولأبناء شعبنا من جرائم الاحتلال اليومية”، التي كان آخرها استشهاد الفتى غيث يامين، برصاصة في رأسه، بمنطقة مقام يوسف في نابلس.
وقال اشتية: “مثلما حدث مع ثائر، ومحمد، وغيرهما من الأطفال الذين يحصد الرصاص الإسرائيلي أرواحهم وأحلامهم، قضى اليوم برصاصة في رأسه، وترك الفجيعة، ووجع الفقد في قلوب ذويه وأترابه ومحبيه”.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين الجريمة البشعة بحق الفتى في نابلس بعد اقتحامها الاستفزازي للمدينة، واعتبرتها امتداداً لمسلسل طويل من جرائم الإعدامات الميدانية التي ينفذها جنود الاحتلال وضباطه بتعليمات من المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال.
تصاعد مواجهات حوارة
واستمرارا للمواجهات مع المستوطنين أصيب خمسة منهم بجروح بعد استهداف سياراتهم بالحجارة قرب مفرق حوارة جنوب نابلس، فيما أحرق مستوطنون مركبة فلسطينية بالقرب من حاجز زعترة، كما حطموا نوافذ مسجد وزجاج جرافة في بلدة عوريف جنوب نابلس.
كما هاجم مستوطنون بالحجارة مركبات فلسطينية في بلدة حوارة جنوب نابلس، تزامنا مع اقتحام قوات الاحتلال للمدينة.
وقال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة، غسان دغلس، إن مستوطنين استهدفوا إحدى المركبات بالقرب من حاجز زعترة الأمر الذي أدى إلى احتراقها.
وأضاف أن المستوطنين هاجموا بلدة عوريف وحطموا نوافذ مسجد الرباط، ونوافذ جرافة تعود للمواطن عصام الصفدي، وهاجموا المنازل المجاورة في المنطقة الشرقية من البلدة.
وأكد دغلس أن المستوطنين هاجموا بلدة بورين من المنطقة الشرقية الشمالية وتصدى لهم الأهالي وسط اندلاع مواجهات، فيما هاجم المستوطنون المركبات بالحجارة على الطريق الواصل بين حوارة وقلقيلية.
وبعد ظهر اليوم هاجمت قوات معززة من جيش الاحتلال بلدة حوارة الرابطة بين مدينتي نابلس ورام الله عبر إغلاق الطرق الداخلية في البلدة بكميات كبيرة من الأتربة.
وقامت جماعات من المستوطنين المتطرفين بمسيرة في مركز البلدة حيث قطعوا الشارع الرئيسي فيها وأوقفوا حركة السير واندلعت مواجهات بين الشبان والجنود.
وبحسب الهلال الأحمر الفلسطيني فقد تلقى 11 إصابة في مواجهات مع المستوطنين، منها إصابة بشظية رصاص لشاب تم نقله إلى مستشفى رفيديا، و6 إصابات اختناق.وهي المرة الثانية خلال الأسبوع الماضي التي يقوم بها الاحتلال بإغلاق الطرق الفرعية المشرفة على الشارع الرئيسي الذي تسلكه سيارات المستوطنين، وذلك على خلفية تزايد حدة المواجهة بين المواطنين والمستوطنين على رفع الأعلام.
وقام شبان خلال الأيام الماضية بإنزال أعلام إسرائيلية من على سيارات المستوطنين، وهو ما رد عليه مستوطنون بإنزال أعلام فلسطينية عن أعمدة إنارة تقع في وسط الشارع الرئيسي للبلدة.
وأدانت وزارة الخارجية بشدة اقتحامات جيش الاحتلال الدموية المتواصلة للبلدات والمخيمات والقرى والمدن الفلسطينية، وكذلك هجمات ميليشيات المستوطنين وعناصر الإرهاب اليهودي المسلحة ضد المواطنين الفلسطينيين في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة والتي تخلف يومياً العشرات من الإصابات والاعتقالات وتخريب الممتلكات وإحراق وهدم المساجد والسيارات كما حدث فجر اليوم في بلدة عوريف جنوب نابلس وبورين وبرقة وخان اللبن وجنين والخليل ونابلس.
وأكدت الوزارة أن هذه الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية تهدف الى استكمال دولة الاحتلال لمشاريعها الاستعمارية التهويدية الرامية لضم الضفة الغربية المحتلة وابتلاع المساحة الأكبر من أرضها وتخصيصها لصالح الاستيطان، بما يؤدي إلى تحويل التجمعات الفلسطينية إلى مناطق معزولة بعضها عن بعض وتغرق في محيط استيطاني واحد وضخم مرتبط بالعمق الإسرائيلي، وبما يغلق الباب أيضا أمام أية فرصة لتجسيد الدولة الفلسطينية القابلة للحياة، ذات سيادة، متصلة جغرافياً، بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 67.
وحملت الوزارة الحكومة الإسرائيلية برئاسة المتطرف نفتالي بينيت، المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج جرائم قواتها ومستوطنيها وتداعياتها على ساحة الصراع برمتها، خاصة مخاطرها على فرص تحقيق السلام وفقاً للمرجعيات الدولية ومبدأ حل الدولتين والأرض مقابل السلام.
وحذرت الوزارة من مغبة تعامل المجتمع الدولي مع هذا المشهد الدموي الذي تفرضه اسرائيل كقوة احتلال على شعبنا كأرقام في الإحصائيات، أو أنه بات اعتيادياً ومألوفاً لأنه يتكرر يومياً ولا يستدعي أية ردود أفعال أو وقفة إزاء ما يتركه من معاناة وظلم واضطهاد للمواطن الفلسطيني.
بدوره أدان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى، الشيخ محمد حسين، الاعتداء الآثم الذي اقترفه مستوطنون بتكسير نوافذ مسجد الرباط في بلدة عوريف جنوب نابلس، كما أدان هدم جرافات الاحتلال مسجد عرب الرماضين الجنوبي المقام خلف جدار الفصل والتوسع العنصري، جنوب قلقيلية.
وقال المفتي في بيان صحافي إن سلطات الاحتلال وعصابات المستوطنين المتطرفين يقومون وفق نهجهم الإجرامي بالاعتداء على المقدسات الفلسطينية أينما وجدت، انطلاقاً من الحقد الدفين في نفوسهم ضد العرب والمسلمين، وفي إطار سياسة مبرمجة تهدف إلى تأجيج الصراع، وفرض أمر واقع على الأرض المحتلة، منوهاً إلى أن الأديان السماوية تحرم الاعتداء على أماكن العبادة، وتنأى بها عن دائرة الصراع.
ودعا المفتي المواطنين إلى إعمار المساجد، والذود عنها أمام إجرام المعتدين عليها من المستوطنين وغيرهم. وطالب الدول والمؤسسات المعنية بحرية الإنسان والأديان بالوقوف في وجه الاعتداءات الإسرائيلية الآثمة.
وناشد الأمتين العربية والإسلامية بتحمل مسؤولياتهما تجاه القدس وفلسطين، والدفاع عنهما وحمايتهما ومقدساتهم من اعتداءات المستوطنين الذين يعيثون فساداً في الأرض الفلسطينية.