صدور بيان من حزب جبهة العمل الإسلامي بخصوص اعتقالات 11 ناشطا من المعلمين والحراك الشعبي يعني ان العديد من الأزمات ضمنيا ما زالت قائمة.
عمان ـ «القدس العربي»: عادت ظاهرة الاعتقال الاحترازي وعشية الاحتفال بعيد الاستقلال الأردني مؤخرا وخصوصا من قبل معلمين نشطاء في نقابة المعلمين شمالي المملكة.
يعني ذلك ان ملف نقابة المعلمين لم يطو بعد لا من جهة السلطات ولا من جهة نشطاء الحراك التعليمي الذين يعتقدون بانهم ظلموا بإغلاق مكتب نقابتهم وبعدم السماح لهم بعد بإجراء انتخابات تخص هذه النقابة العملاقة والضخمة.
طبعا بالنسبة للسلطات الرسمية لابد من التصرف إزاء أي محاولة لاستغلال احتفالات المملكة بعيد الاستقلال تحديدا. فلم يسبق للحراكيين أو المعارضين أو النشطاء خارج اتجاهات القرار الرسمي ان استثمروا في أعياد وطنية من هذا النوع.
لكن بالمقابل صدور بيان من حزب جبهة العمل الإسلامي بخصوص اعتقالات 11 ناشطا من المعلمين والحراك الشعبي يعني ان العديد من الأزمات ضمنيا ما زالت قائمة وبصورة ترجح بان الصمت تجاه الأزمات أو التأزيمات المفتوحة أو الملفات العالقة قد لا يمثل مسارا حكيما. أو قد لا يعني بان تلك التأزيمات اختفت أو ذابت خصوصا بالتوازي مع مشروع تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
بصورة واضحة يبدو انها لم تكن متوقعة تحدث نشطاء الحراك التعليمي عن رفع أقلامهم باعتبارهم معلمي مدارس خلال حفل رسمي ومركزي في مدينة إربد بمناسبة عيد الاستقلال. ومن المرجح ان السلطات لم تسمح بذلك حفاظا على الطابع الرسمي والوطني لبرنامج الاحتفال بعيد الاستقلال والذي يحل على الأردنيين في ظرف حساس ومعقد اقتصاديا ووطنيا وسياسيا وأيضا دوليا إلى حد بعيد.
بصورة ملموسة لم يسبق لنشطاء ومعلمين ان قرروا رفع الأقلام بدلا من الأعلام، لكن حزب جبهة العمل الإسلامي الذي يدعم بوضوح حراك نقابة المعلمين طرح الإشكال مجددا بإصدار بيان عن تلك الاعتقالات.
الأهم فيما يبدو سياسيا هو تلك الإشارة على ان ما حصل من اعتقالات بموازاة احتفالات الاستقلال شمالي الأردن يؤشر مجددا على ان بعض الملفات لا تزال معلقة، لا بل يمنح حزمة أضواء تخدم قضية المعلمين تحديدا والتي تبحث نخبة من كبار المسؤولين والساسة عن طريقة لاحتوائها أو معالجتها أو لمنع عودة ظهورها على مستوى الشارع باعتبارها قضية فيها تأزيم خصوصا وان نقابة المعلمين نفسها وهي أضخم نقابة مؤثرة وتتأثر بالقطاع العام تحديدا في البلاد لم تعد موجودة من الناحية القانونية فمكاتبها مغلقة وثمة 4 أو 5 قضايا ضد نشاطاتها في المحاكم وقادتها الأساسيين سبق ان اوقفوا واعتقلوا في مرات متعددة ويطالب المعلمون بعودة نقابتهم.
أزمة نقابة المعلمين يصر غالبية المحللين على انها لا تزال قائمة ولا يمكن معالجتها بالرهان على عبور الوقت ليس لأنها مسألة تتعلق بكرامة المواطن فقط كما يرى نائب نقيب المعلمين ناصر نواصرة وهو يتحدث لـ«القدس العربي» ولكن لإن المسألة مرتبطة بكرامة وطنية وبحقوق دستورية لمعلمين لا أحد يملك أصلا التنازل عنها.
لكن الجديد في هذا السياق ان تسلط الأضواء مجددا يفتح باب الأسئلة على طريقة تصرف الحكومة ولاحقا السلطات تجاه ملف المعلمين وأيضا تجاه ملف اعتقالات النشطاء بين الحين والآخر في وقت يحتفل به الجميع بعيد الاستقلال. وهو عيد يفترض ان يخص المعارض والحراكي قبل الموظف وتيارات الموالاة، بمعنى عيد وطني يخص جميع الأطراف.
بكل حال عادت نقابة المعلمين للأضواء وببساطة.
لكن ملف تلك النقابة الإشكالي لم يختف أصلا عن الطاولة، فقد استمعت «القدس العربي» لشخصيات بارزة في اللجنة الملكية لمشروع تحديث المنظومة السياسية وهي تتحدث عن اشكالية لها علاقة بكيفية ضمان مشاركة المعلم في منهاج جديد للتربية الحزبية والديمقراطية والانتخابية.
ويبدو ان هذا السؤال أصبح محرجا بكل الأحوال، لأن موقف السلطات متشدد من أجندة نقابة المعلمين ولأن تأهيل المعلمين قد يدفع كبار المسؤولين للبحث عن حلول، وهو ما تم لمسه في دائرة قريبة حتى من رئيس الوزراء الحالي الدكتور بشر الخصاونة الذي يبحث عن حل وسط، على اعتبار تقدير واحترام المعلم وضرورة البحث عن تسوية أشمل وأعمق لكل التجاذبات التي حصلت، وهو ما لمسته «القدس العربي» أيضا بأقرب مسافة من رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي، وهو يتأمل إغلاق صفحة التأزيم بعنوان نقابة المعلمين وإعادتها إلى طاولة الأحداث باعتبارها أزمة على الأقل قديمة ولم تتسبب باستنساخ أزمات جديدة.