قانون استثمار جديد.. هل يعيد رأس المال الأجنبي للجزائر؟

حجم الخط
6

الجزائر- حسان جبريل: أفرجت الجزائر عن مشروع قانون جديد للاستثمار، تقول السلطات إنه أنهى عهد عراقيل الاستثمار الأجنبي، في مسعى لتكثيف ضخ رؤوس الأموال الأجنبية للسوق المحلية.

في 19 مايو/ أيار الجاري، أفاد بيان لمجلس الوزراء الجزائري، أنه تم التصديق على النسخة المعروضة لمشروع قانون الاستثمار الجديد.

ووفق البيان، فإن مشروع قانون الاستثمار الجديد يهدف إلى تجسيد التزامات الرئيس عبد المجيد تبون، المتعلقة بتحسين مناخ الاستثمار وتوفير الظروف المناسبة له.

عقوبات للمعرقلين

ومن ضمن ما ورد في البيان، سيتم تحويل الوكالة الوطنية لدعم الاستثمار (حكومية) إلى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، ومنحها دور المروج والمرافق للاستثمارات.

وغالبا ما اشتكى مستثمرون جزائريون وأجانب من ثقل الإجراءات البيروقراطية للوكالة الوطنية لدعم الاستثمارات، التي تتولى مهمة دراسة المشاريع والموافقة عليها من عدمها.

وتقرر، وفق البيان، استحداث شباك وحيد له اختصاص وطني، موجه للمشاريع الكبرى والاستثمارات الأجنبية.

وتعتزم السلطات، وفق البيان، محاربة البيروقراطية التي تكبح المشاريع الاستثمارية، من خلال “رقمنة” الإجراءات المتصلة بعملية الاستثمار.

ويبرز أحد أهم الإجراءات التي لطالما أثارت انتقادات الشركاء الأجانب، ويتعلق الأمر بـ”توسيع نطاق ضمان تحويل المبالغ المستثمرة، والعائدات الناجمة عنها، إلى المستثمرين غير المقيمين (الأجانب)”.

وتقول شركات أجنبية عاملة في الجزائر، إنها تواجه مشاكل كل عام فيما يخص تحويل الأرباح، وعدم وضوح كيفية تطبيق النصوص التنظيمية السارية.

ووجه تبون، عقب التصديق بمجلس الوزراء على النص الجديد، بتسليط أقصى العقوبات على كل من يعرقل بشكل أو بآخر، عمليات الاستثمار مهما كان مركزه وطبيعة مسؤوليته.

كما أمر بـ”وضع الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، تحت سلطة رئيس الوزراء”، بعدما كانت في السابق تتبع وزارة الصناعة.

وشدد أيضا على تعزيز النظام القانوني لحماية المستثمرين من التعسف البيروقراطي، عبر استحداث آلية مستقلة رفيعة المستوى، تضم قضاة وخبراء اقتصاديين وماليين، توضع لدى رئاسة الجمهورية، وتتولى الفصل في الشكاوى والطعون المقدمة من قبل المستثمرين.

وخلال زيارته الأخيرة إلى تركيا، قال تبون إن القانون الجديد سيكون في خدمة الاستثمار، وسيفتح آفاق ويحمي جميع المستثمرين.

انتقادات محلية وأجنبية

ومنذ عقود، شكل مناخ الأعمال والاستثمار في البلاد، مادة دسمة لانتقادات الرأي العام ورجال الأعمال المحليين والشركات الأجنبية على حد سواء، بسبب الإجراءات الإدارية المعقدة والثقيلة، ما سبب نفورا وسط المستثمرين.

وتشير تقارير دائرة بيئة الأعمال التابعة للبنك الدولي، حول مناخ الأعمال في البلدان، إلى أن الجزائر تحتل مراتب متأخرة في ترتيبها السنوي.

وجاءت الجزائر في المرتبة 157 في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2020، من بين 190 بلدا. كما يشتكي رجال أعمال محليون من عرقلة مشاريعهم وبقائها لسنوات في أدراج الهيئات الإدارية المكلفة بالاستثمار.

ومن الانتقادات الموجهة للجزائر من البنك الدولي، فيما يخص ممارسة أنشطة الأعمال، تأخر وثقل الإجراءات البنكية، وسيطرة البيروقراطية عليها، وصعوبات في تحويل الأرباح للخارج للشركات الأجنبية، وتأخر منح العقار (الأراضي) لإقامة المشاريع، وطول فترة الحصول على وثائق إنشاء الشركات وغيرها.

وكان الرئيس تبون، ألغى قاعدة 51/49 المثيرة للجدل للشراكة مع الأجانب عقب انتخابه في ديسمبر/ كانون الأول 2019، وجعلها محصورة في بعض القطاعات الاستراتيجية على غرار الطاقة والاتصالات.

وتطبق الجزائر قاعدة للشراكة الأجنبية منذ 2009، تقوم على أساس منح 51 بالمئة للطرف الجزائري، و49 بالمئة للجهة الأجنبية.

صفحة جديدة

في هذا السياق، يرى سامي عاقلي، رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين (أكبر تنظيم لرجال الأعمال في البلاد)، أن قانون الاستثمار الجديد “يُعد فعلا صفحة جديدة في اقتصاد الجزائر، نظرا لما تضمنه من تحفيزات وإجراءات جديدة”.

وأوضح عاقلي في حديث للأناضول، أن قانون الاستثمار الجديد “يجيب بطريقة واضحة على معظم التخوفات والعراقيل التي كان يواجهها رجال الأعمال الجزائريون والأجانب”.

ولفت إلى أن النص أخذ بعين الاعتبار جل الاقتراحات، التي قدمتها المنظمة، على غرار توضيح محاربة البيروقراطية بقوة القانون، وتحديد آجال منح التراخيص وإنشاء الشركات، ووضع وكالة الاستثمار تحت وصاية رئيس الوزراء.

وأشار إلى أن المشروع الجديد يرافق رجال الأعمال والشركات الأجنبية فيما يخص تحويل الأرباح، بعد أن نص على توسيع نطاق ضمان تحويل المبالغ المستثمرة والعائدات الناجمة عنها، إلى المستثمرين غير المقيمين.

ضمانات للمستثمرين

بدوره، يرى الخبير المالي والاقتصادي الجزائري، محفوظ كاوبي، أن النص الجديد منح أكبر قدر من الضمانات للمستثمرين سواء المحليون أو الأجانب.

وأوضح كاوبي، في حديث للأناضول، أن مشروع قانون الاستثمار تجاوز عبارة “مستثمر أجنبي”، وعوضها بـ”غير المقيم”، وهذا بحسبه “تصحيح للمفاهيم وله دلالة ورمزية كبيرة”.

ولفت إلى أن “مشروع القانون أكد بشكل واضح حق المستثمرين غير المقيمين في تحويل الأرباح، بالنظر للمشاكل التي طرحت سابقا بشأن هذه النقطة”.

ورأى أن القانون الجديد يكرس حرية الاستثمار، ويوفر ضمانات عدم مراجعة وتغيير القوانين، والمساواة بين المستثمرين تكون المنافسة الشريفة والامتياز هما الفيصل.

وشدد كاوبي، على أن اعتماد هذا الإطار القانوني الجديد للاستثمار، “وجب أن ترافقه عمليات تكييف وإصلاح على مستوى عدة تشريعات على غرار البنوك، وخصوصا ما تعلق بحركة رؤوس الأموال من وإلى الجزائر، التي يجب أن تكون واضحة وشفافة، بعيدا عن التعتيم”.

وأردف أن “الإدارات والهيئات المتدخلة في الاستثمار يجب أن تواكب القانون الجديد وتكون في نفس النسق (..) على غرار الجمارك، والضرائب، والمنظومة البنكية، والجهات المسؤولة عن منح العقار وغيرها، حتى تكون هناك ترجمة فعلية لهذه الوثيقة على أرض الواقع”.

ومن المنتظر أن يعرض مشروع قانون الاستثمار المعدل على البرلمان بغرفتيه لمناقشته والتصديق عليه، قبل أن يصبح نافذا بتوقيع الرئيس تبون عليه، ونشره في الجريدة الرسمية.

(الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الريف:

    هناك دفعة قوية للاستثمارات في الجزائر ورفع العراقيل عن معضم المشروعات التي كانت متوقفة في زمن العصابة بغرض عدم دفع الرشوة او احتكار الاقتصاد في مجموعة العصابة التي حكمت البلد
    اضن ان كل المعطيات تقول ان هناك دفعة قوية في جميع الميادين
    من محصول كبير في جميع المنتجات ومنها القمح والشعير خاصة الأمطار الغزيرة التي رزقها الله علي عباده فقد أحيت الارض وزادت الخيرات كان الله عز وجل منح الخير لعدم تطبيعم مع الصهاينة ومعارضة وعدم مباركة انتهاك حق المسلمين في الاقصي الشريف

  2. يقول أبو صهيب الجزائري:

    عرقلة الاستثمار العربي والتركى والأجنبى عموما في الجزائر هو لوبى إداري فرنسي متغلغل في دواليب السلطة منذ عشرات السنين … وزادت قوته وسطوته في عهد الرئيس الراحل بوتفليقة واليوم نراه ينهار وينحسر وينهزم … أتذكر سنوات 2000 وبدايتها حجم طلبات الاستثمار في الجزائر سنويا 40مليار دولار كانت ستجعل الجزائر لؤلؤة المتوسط وت رفض كل الاستثمارات بحجج واهية ثم تم تقييد الجزائر بقانون 49/51 لطرد كل من يفكر بالاستثمار في الجزائر الحمد لله كل العصابة السابقة في السجون مندحرة منهزمة والسوم الانطلاقة الحقيقية لجزائر الغد والمستقبل المشرق لهذا البلد العظيم

  3. يقول عبد المجيد:

    50 سنة من التأخير.
    ضاعت بسبب تعنت الحكام السابقين.
    و مازالت هناك امور كثيرة لم يفرج عنها مثل السياحة و الفلاحة فالجزائر من الدول المتخلفة في هاذا الميادين

  4. يقول لحسن-بلجيكا:

    يا حسرة أن الجزائر تبحث عن مستثمرين أجانب.
    الأحرى بها أن تكون مستثمرة مثل دول الخليج نظرا للموارد التي تتوفر عليها.
    ما دام النظام العسكري و العصابة يحكمون الجزائر فلا خير يرجى منهم.
    دولة مدنية ماشي عسكرية.

    1. يقول الريف:

      الشعب الجزائري قام بواجبه إزاح العصابة وادخل معضمها السجون وبدأ القطار
      ومادا فعل المغرب

  5. يقول شاهد على العصر:

    يا اخي المعلق باسم (الريف) . المغرب فعل ما تفعله الجزائر حاليا منذ العقد السادس من القرن 20. فطيلة 60 سنة من اقتصاد السوق و تشجيع المبادرة الفردية الحرة استطاع المغرب تكوين جيل من رواد المال و الأعمال و خلق قطاع خاص قوي صارت له القدرة على المنافسة الدولية في أسواق افريقيا .

إشترك في قائمتنا البريدية