المغرب: برلمانيون من الأغلبية والمعارضة يسائلون الحكومة عن الزيادة المرتقبة في أثمان الكتب المدرسية

عبد العزيز بنعبو
حجم الخط
0

الرباط – «القدس العربي»: دخل الكتاب المدرسي من باب واسع قائمة قلق الأسر المغربية، بعد تأكيد مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن هذه الأخيرة تدرس طلباً للناشرين يتعلق بمراجعة أسعار الكتاب المدرسي. وهو ما شكل موضوع أسئلة وجهتها فرق الأغلبية والمعارضة في مجلس النواب إلى وزير التعليم المغربي، شكيب بنموسى.
تأكيدات الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، جاءت خلال الندوة الصحافية التي عقدها عقب اجتماع مجلس الحكومة أول أمس الخميس في الرباط، حيث قال إن “الحكومة تلقت بالفعل طلباً من الناشرين يلتمسون من خلاله الزيادة في أسعار الكتاب المدرسي بالنظر لارتفاع أثمنة المواد التي تدخل في إنتاج هذا الكتاب خاصة الورق”.
ولم يفت الناطق الرسمي باسم الحكومة التأكيد أيضاً على أن “سعر الكتب المدرسية مقنن”، وهو ما بعث قليلاً من الأمل في النفوس، لكن استطراده قائلاً إن “الحكومة ستدرس هذا الموضوع من كافة جوانبه، وستتخذ في ضوء ذلك القرارات الممكنة”، بعث القلق من جديد حول ما تم تداوله مؤخراً في عدد من المنابر الإعلامية المغربية، ناهيك عن منصات التواصل الاجتماعي بخصوص زيادة مرتقبة في أسعار الكتب المدرسية تصل نسبتها إلى 25 في المئة.
خبر تدارس الحكومة طلب الناشرين الزيادة في أسعار الكتب المدرسية، قابله خبر آخر يوحي بعودة أسعار زيوت المائدة إلى أسعارها السابقة والنزول من علياء التحليق الصاروخي إلى أرض الواقع كما كان عليه الأمر من قبل؛ وذلك بعد مصادقة الحكومة في مجلسها الأخير على مشروع مرسوم يتعلق بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على البذور الزيتية والزيوت الخام.
وأفاد المجلس الحكومي في بيانه، أنه تداول وصادق على مشروع مرسوم يتعلق بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على بعض البذور الزيتية والزيوت الخامة، قدمته نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية.
توضيحات الحكومة التي تلت ذلك بشرت المغاربة بعودة زيوت المائدة إلى أرض الواقع بأسعار غير ملتهبة، وهو ما أشارت إليه بكون مشروع المرسوم المذكور والمصادق عليه يهدف إلى مواجهة الظرفية التي تتميز بالزيادة الكبيرة في أسعار المواد الخام وتأثيرها على سعر بيع زيوت المائدة الأكثر استهلاكاً، حيث تقرر وقف استيفاء رسوم الاستيراد المطبقة على البذور الزيتية الخام لعباد الشمس والصويا والكولزا وذلك ابتداء من 3 حزيران/ يونيو 2022.
نغادر المائدة وزيوتها، ونعود إلى التلاميذ والكتب المدرسية التي دخلت على خط إزعاج المغاربة بأسعار قيل إنها سترتفع بنسبة 25 في المئة بداية من الموسم الدراسي المقبل، ونحن على مشارف نهاية الموسم الحالي، بمعنى أن أجر العطلة سيضيع ويتوزع عبر التفكير في طرق موازنة جيب الأسر مع هذا المستجد.
قبل حديث الناطق الرسمي باسم الحكومة، تداولت صحف مغربية ورقية وإلكترونية هذا الخبر بقليل من التفصيل، حيث تمت الإشارة إلى اجتماع موسع عقدته الحكومة بهذا الخصوص، وأفادت بأن الجمعية المغربية للناشرين تنتظر إقرار الزيادة في سعر الكتاب لمستويات الابتدائي والإعدادي أيضاً.
أسباب هذه الزيادة بررتها الجمعية المهنية بارتفاع أسعار الورق في السوق الدولية بما يقرب 120 في المائة مقارنة مع السنة الماضية، واستقرار ثمن الكتاب العمومي دون تغيير بالمغرب منذ عشرين سنة من الزمن.
الجمعية في تصريحات لرئيسها أدلى بها لموقع “هسبريس”، قالت إن الزيادة أقرت مبدئياً بعد اجتماع ضم ممثلين عن 10 قطاعات وزارية، وستهم الكتب المدرسية لمستويات الإعدادي والابتدائي، في حين “المستوى الثانوي غير معني بهذه الزيادات، كما أن النقاش الجاري بشأن أسعار الدفتر وإمكانيات الزيادات لا يعني الناشرين”.
رئيس الجمعية أوضح أن “معاناة مهنيي قطاع النشر كبيرة في سياقات اقتصادية جد صعبة”، مسجلاً أن “أسعار الكتاب لم تشهد أي زيادات منذ ما يقارب العشرين سنة رغم المتغيرات الكثيرة”.
ووفق ما تم تداوله، فإن الجمعية أخبرت المهنيين بالزيادة، ولم تنتظر قرار الحكومة التي تتدارس طلبها كما أكد الناطق الرسمي باسمها. لذلك حتى مغاربة التواصل الاجتماعي لم ينتظروا القرار النهائي للحكومة، ويكفيهم مجرد الإشارة إلى أن هناك تدارساً للأمر لكي يفهموا أن الزيادة آتية لا محالة.
وكانت تدوينات رواد مختلف مواقع التواصل الاجتماعي مستاءة ومتخوفة وغاضبة في أحايين كثيرة من هذا القرار الذي يضاف إلى جملة معاناة الأسر المغربية مع أسعار مواد أساسية أخرى.
المسألة تبنتها المعارضة، ولم تتخلف عن ذلك حتى الأغلبية. فمن جانب المعارضة، وجه رئيس فريق حزب “التقدم والاشتراكية” في مجلس النواب، سؤالاً إلى شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وتمحور حول الزيادة في أسعار الكتب المدرسية. وتساءل البرلماني رشيد حموني عن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة لمنع حدوث هذه الزيادات، وكذا الإجراءات التدخلية التي ينبغي القيام بها بهدف ضبط أسعار الكتب المدرسية والدفاتر وباقي الأدوات المدرسية، تفادياً لمشاكل اجتماعية إضافية، وحرصاً على سلامة وسلاسة الموسم التعليمي المقبل.
وأشار في سؤاله المكتوب إلى أن الزيادات قدرت بـ 25 في المائة في سعر الكتاب المدرسي العمومي، ابتداء من الموسم الدراسي المقبل، ولا سيما كتب مستويات الإعدادي والابتدائي. ولم ينس الحموني ذكر ما يتم تداوله بخصوص الرفع من أسعار الدفاتر أيضاً، وذلك بدعوى ارتفاع أسعار الورق في السوق الدولية مقارنة مع السنة الماضية.
وقال البرلماني المعارض إن “هذه الزيادات المتوقعة من شأنها أن تزيد في إثقال كاهل ملايين الأسر المغربية، ولا سيما الفقيرة منها، بأعباء جديدة، وهي المتأثرة أوضاعها الاجتماعية وقدرتها الشرائية سلباً من جراء غلاء أسعار المواد الاستهلاكية، وانعكاسات الجائحة على الشغل والدخل، وبسبب موسم الجفاف أيضاً، كما من شأنها مفاقمة النسب المهولة للهدر المدرسي، ولا سيما في القرى ولدى التلميذات وفي الأحياء الفقيرة”.
وكان للأحزاب الحكومية هي الأخرى موقف من الموضوع نفسه، إذ قال فريق “التجمع الوطني للأحرار” في مجلس النواب، إنه يروج داخل بعض الأوساط الإعلامية وداخل الأسرة المغربية أن هناك زيادة مستقبلية في أسعار الكتب المدرسية برسم السنة التعليمية المقبلة.
وأضاف في سؤال كتابي موجه إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بن موسى، أن هناك تفهماً من لدن المواطنين للظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر منها البلاد جراء الأزمة الاقتصادية العالمية وتقلبات أسعار المواد الاستهلاكية في السوق الدولية، كما أن جهود الحكومة لتخفيف وطأة الأزمة بادية العموم. وتابع الفريق البرلماني أن الكتب المدرسية تبقى أثمانها مرتفعة، وتعد من مجالات الإنفاق الأساسية لدى غالبية الأسر المغربية، مما يخلق ضغطاً كبيراً على ميزانية الأسرة خصوصاً في السنوات الأخيرة. وطالب بتوضيحات حول مدى صحة الأخبار الرائجة حول موضوع هذه الزيادة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية