الرباط ـ «القدس العربي» : بعثت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة المعروفة اختصاراً بـ «ترانسبارينسي» مذكرة لرئيس الحكومة في المغرب عزيز أخنوش، مبدية انشغالها وانتظاراتها من أجل إقرار سياسة فعالة في مجال الشفافية والحكامة الجيدة ومكافحة الفساد.
ودقَّت «ترانسبارينسي المغرب» وهي جمعية تتمتع بصفة المنفعة العامة، ناقوس الخطر بخصوص ما أسمته «الفساد المستشري في المغرب، باعتباره ذا طبيعة مزمنة ونسقية وهو ما تؤكده المراتب المتدنية التي يحتلها المغرب في مؤشرات مدركات الفساد حيت حصل على نقطة 39/100 والمركز 87 في نسخة 2022، مسجلاً انخفاضاً قدره 4 نقاط في درجته و14 مركزاً مقارنة بعام 2018 من بين 180 دولة» وفق ما جاء في مذكرة الجمعية اطلعت عليها «القدس العربي».
ولفتت المذكرة أن الفساد يمس العيش اليومي للمواطنين في الإدارات مثل المستشفيات والمحاكم والمرافق الإدارية، والتي يعاني منها أيضاً رؤساء المقاولات في مجال الاستثمار أو في مجال الصفقات العامة.
أحمد البرنوصي، الأمين العام لـ«الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة» أكد أن تقديم المذكرة للحكومة تأتي للمساعدة على سنِّ برنامج لمحاربة الفساد على اعتبار أن الحكومة المغربية أكدت في برنامجها اهتمامها بالتدبير العقلاني والشفافية في تدبير الشأن العام ومحاربة الفساد.
وأبرز المتحدث خلال ندوة صحافية في الرباط لتقديم تفاصيل الوثيقة، قائلاً: «بعد 8 أشهر من تنصيب الحكومة، لم نرصد أي بادرة لمُحاربة الفساد ما جعلنا نطرح جملة من الأسئلة، حول إن كانت الحكومة في المغرب تملك استراتيجية لمحاربة الفساد؟ وهل هي مستعدة لفتح مجموعة من الأوراش لمحاربة الفساد؟».
وعدَّدَ البرنوصي خلال مُداخلته، مجموعة من التراجعات علاقة بحقوق الإنسان، من بينها حق التظاهر والاحتجاج والمسيرات آخرها منع مسيرة «الجبهة الاجتماعية المغربية» ومنع جمعيات من التوصل بالوصل المؤقت، إلى جانب سحب قانون الإثراء غير المشروع وسحب قانون تقنين استغلال الملك العمومي وغيرها.
وأوصت مذكرة «ترانسبارنسي المغرب» حكومة أخنوش بتحضير وإصدار القانون بشأن تنازع المصالح واستغلال التسريبات المخلة بالمنافسة الشريفة والحكامة تنفيذاً للفصل 36 من دستور 2011. بالإضافة إلى إعادة الاعتبار لـ»مجلس المنافسة» بالحد من التدخل في صلاحياته الدستورية وإثارة العوائق أمام ممارسة صلاحياته بدءاً بتطبيق العقوبات المستحقة بخصوص ملف المحروقات بعد ما تأكدت الخروقات المرتكبة من طرف أعضائه بعد إجماع البرلمان وباقي هيئات الإشراف على نفس النتائج وثقلها المالي.
ودعت الوثيقة إلى العمل على إرساء أجهزة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بتعيين أعضاء مجلسها وبتعاون مع الهيئات الدستورية المختصة لمدها بالأعضاء والكوتدلا البشرية ذات الكفاءة والنزاهة وبالموارد المالية الضرورية لممارسة مهامها بكل فعالية واستقلالية، وتجريم الإثراء غير المشروع وفق المعايير والممارسات الجيدة المتعارف عليها دولياً علماً أن النص المسحوب من البرلمان قد تم التداول فيه لأكثر من ست سنوات.
وشددت الجمعية على ضرورة مراجعة قانون التصريح بالممتلكات والسماح بالوصول إلى المعلومات المتعلقة به ليس من قبل هيئات التتبع والمراقبة فحسب، بل من قبل كل من له مصلحة في ذلك. وقد سبق للجمعية أن طالبت بضرورة شموله لجميع المسؤولين الرئيسيين عن تدبير الشأن العام، قدوة بالممارسات الدولية الفضلى، واقترحت بملاءمة مقتضياته مع الأحكام التي تنظم تضارب المصالح والإثراء غير المشروع، وبمراجعة قانون 2011 المتعلق بحماية ضحايا وفاضحي الفساد، خاصة حماية المسار المهني للموظفين العموميين ومستخدمي القطاع الخاص، لتشجيعهم على فضح التصرفات المشبوهة التي يطلعون عليها دون خوف على وضعيتهم ومستقبلهم.
ودعت «ترانسبارينسي المغرب» إلى مراجعة القانون رقم 13-31 المتعلق بالحق في الوصول للمعلومات برفع الاستثناءات العديدة غير المبررة، وخـــاصة إلغاء الردع من خلال الملاحقة الجنائية لمستعملي المعلومة في حالة ما لم ترق الإدارة المعنية، وغياب ردع الموظفين الممتنعين أو المتقاعسين عن تقديم المعلومة، وفعالية لجنة الوصول إلى المعلومات بما في ذلك بفك ارتباطها بلجنة حماية المعطيات الشخصية.
وأوصت كذلك بالعمل على ضمان التزام كل الإدارات والمؤسسات العمومية والمجالس المحلية المنتخبة بتطبيق مقتضيات قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، ولا سيما متطلبات النشر الاستباقي من جهة والاستجابة لطلبات المعلومات في أحسن الآجال وبالجودة المطلوبة، مع استكمال التأهيل وتطوير المعايير المتعلقة بمبادرتي الميزانية المفتوحة والحكومة المفتوحة لإضفاء مزيد من الشفافية والارتقاء بالمشاركة المواطنة، خاصة في إعداد الميزانيات العمومية وتتبعها في مرحلة التنفيذ والتقييم.
وطالبت الوثيقة بمراجعة القانون الأساسي للوظيفة العمومية، بما في ذلك الفصل 18 من أجل تمكين الموظفين العموميين من فضح التصرفات التي تدخل في طائفة جرائم الفساد والتي يطلعون عليها وذلك دون خوف على مسارهم المهني، وإصلاح النظام الضريبي بهدف إقرار عدالة وشفافية أكبر ووضع حد للسلطة التقديرية المخولة للإدارة العمومية للتخلص من هيمنة الريع ومراجعة نظام التحفيزات والإعفاءات الممنوحة ودمج القطاع غير المهيكل بما يدعم الشفافية والمردودية والتنافسية.