بعد ترامب وكورونا وأوكرانيا.. إلى أين تتجه أمريكا “الممزقة”؟

حجم الخط
1

بعد أربع سنوات ترامب، وسنتين ونصف كورونا، وسنة بايدن، ها هي أمريكا جريحة ومتدهورة، ثمة شيء فاسد مر ويمر عليها، وهذا واضح من النظرة الأولى: وسخ، إهمال، جو خانق، أناس غليظو الروح، قطار سفلي صاخب، قافز، متأخر وسيارات شرطة تدور بأضوائها ليل نهار. ليس لطيفاً كتابة هذا، لكن الأمريكيين لم يسمنوا فقط إلى الحجوم التي تعرض أنفسهم وخدماتهم الطبية للخطر، بل باتوا أيضاً مهملين ومثيرين للأعصاب.

الأغلبية “اليمينية” – في الضواحي أيضاً – يسيرون بلباس مهمل، يأكلون الطعام غير الصحي ويسيرون بثقل وعدم اكتراث. الأقلية “اليسارية” تثير صخباً عظيماً، وكل وجبة طعام يجعلونها قصة كبيرة وبالتالي باهظة الثمن على نحو مجنون. بعيداً عن متناول يد الأجير العادي. شوارع مدن أمريكا امتلأت بعديمي السكن المخدرين، ومتاجر عديدة مغلقة ومتروكة، وأعلام المثليين ترفرف في الريح إلى جانب أعلام مناهضي المثليين.

المجتمع الأمريكي منقسم وممزق مثلما لم يكن على الأقل منذ ستينيات القرن الماضي، في عهد حرب فيتنام. كان يكفي النظر إلى مداولات لجنة التحقيق في مجلس النواب في أحداث انفجارات العنف لمؤيدي ترامب باتجاه مبنى الكونغرس في واشنطن في 6 كانون الثاني 2021 كما حدث الأسبوع الماضي في بث حي ومباشر عبر قنوات التلفزيون باستثناء واحدة – “فوكس نيوز” – كي نمتلئ بالقلق وباليأس. توصيفات تقشعر لها الأبدان جراء إهمال مطلق من جانب قوات حفظ النظام الفيدرالية والمحلية التي من مهمتها منع العنف، وثمة “زعرنة” تتداخل في شهادات ترامب (في حينه كان لا يزال رئيساً) كي يتملص شاجباً المشاغبين بملء فمه، فما بالك وقفهم. المشاغبون أنفسهم ما كان يمكنهم أن يسقطوا الديمقراطية في أمريكا، لكن التبرير الذي يُمنحونه الآن لأفعالهم، يمكنه فعل ذلك. ترامب ليس وحيداً؛ فالجماهير لا تزال معه. الحيز العام الأمريكي بات ميدان نار علنياً؛ لا يوم دون حدث إطلاق نار. فتحت دائرة دموية: الخوف من هجوم إجرامي يحرك المواطنين العاديين للتزود بالأسلحة كي يدافعوا عن أنفسهم وعن أبناء بيتهم. وحيثما توجد بنادق مشحونة داخل حقائب يدوية وفي الجوارير، ثمة امتشاق وإطلاق للنار.

حتى الأمور العادية لا تعمل كما ينبغي: جهاز قراءة كف اليد في رقابة الحدود الفيدرالية خرب، معلمة الغناء لا تصل إلى الصف حين اصطف الأطفال للإنشاد أمام الأهالي، العاملون في “آبل” غير قادرين على حل خلل يسير، ولا قمصان بمقياس صغير موجود في محل الموضة، وتنقص رفوف السوبر ماركت من منتجات أساسية، أما شبكة محلات الكتب الفاخرة سابقاً فتكاد تخلو من الكتب، باستثناء دمى ومنتجات ورق من إنتاج الصين. التضخم المالي السنوي بمعدل 8 حتى 9 في المئة يعطي مؤشراته في كل شيء من البنزين وحتى الحلاقة. أمريكا أغلى من فرنسا في مجالات عديدة، مثلاً، وتشبه إسرائيل في مستوى الأسعار. الغلاء يجر ركوداً، دون حاجة لرفع الفائدة: الأجر يتآكل، والمشتريات تتقلص، ومستوى المعيشة يتوقف، والطلب على العاملين يضعف. انتهت فترة الوفرة المصطنعة.

والجائحة؟ معدل الأمريكيين الذين تطعموا ثلاث مرات ضد كورونا هامشي، ومدى مفعول التطعيمات انتهى منذ زمن، والتعبير الذي تظهره الوثائق والتقارير الرسمية (fullyvaccinated) مضلل. عرض عابث. إذا ما ضُربت أمريكا بموجة كورونا إضافية – في غضون شهر أو شهرين – فستلتقي جمهوراً تعباً ورافضاً، وسلطات صحية عديمة الوسيلة.

قبل أربعة أشهر وقفت أمريكا موحدة أمام العدوان الروسي ضد أوكرانيا؛ كانت هذه لحظة نادرة من الإجماع والتسامي الوطني. انقضت، وربما بلا عودة. عندما يدير بوتين من الكرملين حرب احتلال وحشية دون كوابح، يحك بايدن من البيت الأبيض قعر العقوبات الاقتصادية ضده. الدولاب في أوكرانيا قريب من الانقلاب شراً، وهو تحول سيفسره العالم هزيمة النظام الديمقراطي وانتصاراً للدكتاتورية. يمكن منع هذا بطرق عديدة. لا يبدو أن إدارة بايدن مستعدة للسير فيها.

أفترض أن قراء غير قليلين سيجدون الوصفة مبالغاً فيهاً ولا تبرز إلا السلبي، ودفاعاً عن نفسي أقول: لمحبي أمريكا، جراحها مؤلمة جداً.

بقلم: سيفر بلوتسكر

 يديعوت أحرونوت 13/6/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    هههههههه إلى الهاوية وبئس المصير
    والله ينصر فلسطين و يهزم إسرائيل شر هزيمة يارب العالمين ???

إشترك في قائمتنا البريدية