مشروع استيطاني جديد يعزز ربط مستوطنات الضفة … وخبير يؤكد أن الخيار القانوني فعل يمكن التحايل عليه بالمسوغات الأمنية

سعيد أبو معلا
حجم الخط
0

رام الله ـ “القدس العربي”: لا تتوقف المشاريع الاستيطانية في عموم مناطق الضفة الغربية، والتي كان آخرها مشروع شق طريق استيطانية بين مستوطنة “بيت إيل” المقامة وسط الضفة الغربية، حيث سيحقق الطريق ربط المستوطنة بشكل مباشر بشارع (60) الذي يعتبر عصب الاستيطان في الضفة الغربية، مرورا من منتصف قرية عين يبرود شرق رام الله.

ويعمل مستوطنون ومقاولون من مستعمرة بيت إيل (معسكر احتلالي على مدخل مدينة البيرة الشرقي) بشق شارع استيطاني جديد يهدد آلاف الدونمات من أراضي مدينة البيرة وبلدة عين يبرود بالمصادرة، إضافة الى خلقه حزاما من الطرق الالتفافية التي تضيق الخناق على بلدتي “عين يبرود وبتين اللتين يحيطهما الاستيطان من عدة جهات.

وبحسب بيان مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، فإنه وفي حال إتمام الشارع الالتفافي الجديد فإنه سيؤدي حتما إلى تمزيق مساحات كبيرة من أراضي المواطنين من مدينة البيرة وقرية عين يبرود وقرية بتين بشكل مباشر.

إطباق الخناق

كما أشار البيان الى أن المشروع سيعمل على إطباق الخناق على أحياء سكنية كاملة ستجد نفسها بين فكي كماشة المستوطنات والطرق الالتفافية ومنشآت الجيش العسكرية.

ويؤكد مركز “القدس” أن هذا النوع من المشاريع الاستيطانية له تأثيرات كبيرة على الحيز الفلسطيني حيث سيقطع التواصل الجغرافي بين محافظتي رام الله والبيرة وقراها ومحافظات أريحا وشمال الضفة وريفهما الذي تلتهمه مشاريع الاستيطان يوما بعد يوم.

واعتبر المركز المشروع وكل المشاريع الاستعمارية الواقعة على شاكلته مثالا صارخا على نظام الاستعمار الإحلالي العنصري الذي يشكل الأركان الكاملة لجريمة الابرتهايد والمتمثلة بتجنيد إمكانيات مالية وقانونية واستعمارية من أجل تكريس المشروع الاستعماري في الأراضي المحتلة على حساب أصحاب الديار وأراضيهم وممتلكاتهم، وحرية عيشهم وحركتهم بكرامة في بلادهم.

وبرأي مركز “القدس” فإن الهدف من شق هذا الطريق هو ربط مستعمرة بيت إيل بشارع 60 الالتفافي الممتد في قلب الضفة المحتلة، وذلك لتسهيل حركة المستعمرين، بينما يتم إغلاق عشرات الطرق يوميا التي تم شق بعضها منذ عشرات السنوات في وجه الفلسطينيين سيما البلد القديمة في الخليل وكفر قدوم وقريوت وبيت فوريك وعورتا.

يذكر أن مركز “القدس” للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان نفذ زيارة ميدانية للموقع والتقى هناك مع مجلس قروي عين يبرود وقدم استشارته القانونية الأولية، حيث نصح أصحاب الأراضي  بتقديم شكاوى قانونية من أجل التأسيس لملف قانوني متين أمام المحاكم المختصة من أجل الوقوف في وجه المخطط الخطير.

وشدد المركز على أن مواجهة هذا المشروع الجديد تتطلب جهدا شعبيا وسياسيا وقانونيا من أجل إبطاله.

الاحتياجات الأمنية

بدوره علق سهيل خليلية، مدير وحدة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية “أريج” على الشارع الاستيطاني في منطقة البيرة وعين يبرود بأن الاحتلال ينطلق في تنفيذه إياه، أسوة بغيره، بالاعتماد على احتياجات عسكرية وأمنية حيث ينظر إلى مستوطنتي “بيت إيل” و”عوفرا” القريبتن منه على أنهما معسكران أكثر من كونهما مستوطنتين.

ويرى خليلية في حديث لـ”القدس العربي” أن الاحتلال بدأ العمل عبر مزيد من الطرق الالتفافية من أجل فصل شبكات الطرق بين الفلسطينيين والمستوطنين، أما الطريق الجديدة فستقوم بربط المستوطنات بالشارع الالتفافي 60 الذي يعتبر شارعا رئيسيا لكل المستوطنات في الضفة الغربية وهو يمتد ما بين بلدة بتين وعين يبرود والشارع الالتفافي القريب منهما، وسيصل النفق الذي يشقه الاحتلال بالقرب من قلنديا، ولاحقا سيتم ربط هذه المستوطنات مع النفق ليكون طريقا للوصول إلى المناطق الفلسطينية المحتلة خلف الخط الأخضر.

وشدد الخبير خليلية على أن الموضوع لا يقف عند حد مصادرة مساحات الطرق، فعلى جانبي أي طريق استيطاني هناك مساحة 75 مترا، تسمى “منطقة حرام”  وفيها يمنع الفلسطيني من استخدامها في البناء السكني أو الزراعي أو في منشآت العمل.

وأعتبر أن كل ما يتم من شوارع التفافية استيطانية تحمل مخاطر على الحياة الاجتماعية والاقتصادية حيث يفقد الفلسطينيون آلاف الأراضي الزراعية ويحرمون من استعمال الأراضي في البناء، وهو ما يعزز ارتفاع أسعار الأراضي ويفاقم تأثيرها السلبي على المواطن، كما أن ذلك يعمل على إعاقة الحركة بالنسبة للمواطنين الذين سيضطرون إلى استخدام شوارع بديلة.

خيار المضطر غير الفعال

وانتقد خليلية اللجوء إلى خيار التحرك القانوني، معتبرا ذلك بأنه “خيار المضطر”، و”الخيار الممكن من الناحية النظرية” لكنه عديم الفعالية في حال كان المشروع الاستيطاني يستند لإجراءات أمنية وعسكرية، كما أنه يتضمن إقرارا بالمشروع الاستيطاني.

وطالب بضرورة الوعي بأن الاحتلال في مشاريعه الاستيطانية يعمل تحت مسميات أمنية، حيث يتلاعب في نطاق ما يسمح له القانون الدولي بصفته قوة احتلال، حيث يجيز للجهة المحتلة إنجاز مشاريع لأغراض أمنية.

وتابع: “هناك ثغرات يمكن الالتفاف عليها بالقانون الدولي وإسرائيل تستغلها مثل ادعاء الاستخدامات الأمنية، كما أن الاحتلال لن يقول بشكل مباشر إنه يمنع على الفلسطينيين استخدام الشوارع الالتفافية كي لا يقدم نفسه عنصريا” .

وشدد على أن الاحتلال سيسمح برفع دعوى احتجاج وسيقوم بإرسال لجنة فحص، وهي مسألة معقدة وتحتاج لسنوات تعطي الاحتلال الوقت الكافي لتنفيذ مخططاته وحيله الأمنية والعسكرية.

ولفت خليلية إلى أن من مخاطر اللجوء إلى المحاكم الإسرائيلية عبر تقديم اعتراضات والتماسات قانونية أنها تعترف بالموافقة من حيث المبدأ على المشروع، لكن الاعتراض يأتي من متضررين من مسار تنفيذ المشروع.

أما حول مستقبل السكان في منطقة مسافر يطا فيؤكد خليلية على أن الجهد الإسرائيلي الاحتلالي ينصب على إثبات أن الأراضي تتبع للاحتلال، وهي تحت سيطرتهم وتنفي أي علاقة بالتملك بين الفلسطينيين والأراضي التي يعيشون عليها. وشدد على أن المحكمة الإسرائيلية رمت العصا أمام الراعي، ودفعت الأهالي للتفاهم مع المحكمة الإسرائيلية للاتفاق على منح الأهالي مساحة معينة يستخدمونها للسكن والرعي والزراعة بعد أن يقر الأهالي بأن الأرض ملك للاحتلال، بحيث يمنحهم الأراضي التي يريدون “من حسن نية ومن باب الصدقة” .

وأكد أن سياسات المحاكم الاحتلالية تتلخص في جرّ الفلسطينيين للمساحة الاحتلالية بحيث يوافق الفلسطيني على أن الأرض للاحتلال، ولحظتها يمكن أن يقبل الفلسطيني بأي شيء يعرض عليه.

وتحدث خليلية عن مخططات الحديقة السياحية بين القدس والبحر الميت وأريحا على مساحة مليون دونم، مشيرا إلى أن مصدر الخبر ليس من جهة رسمية بل من جهة إعلامية، وبناء على تسريبات جماعات استيطانية.

وبالتالي، والحديث للخبير خليلية، فإن مشروع الحديقة السياحية هو أقرب لحلم من كونه مشروعا أو مخططا جاهزا.

ويرى أن ما يتم تسريبه يمنح الفلسطيني مؤشرات إلى أحلام المستوطنين ومطامعهم بالأراضي الفلسطينية، فالكلمة الفصل في تنفيذ المشروع تملكها الإدارة المدنية التابعة للجيش، وهما مؤسستان تعملان بشكل متناغم مع المستوطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية