خيارات ماكرون بعد “انتكاسة” الانتخابات التشريعية

حجم الخط
1

باريس- شويتا ديساي: يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خياراتٍ صعبة بعد “انتكاسة كبيرة” تجلّت بفشله في الحصول على غالبية مطلقة في أحدث انتخابات تشريعية شهدتها البلاد.

الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية (الجمعية العامة)، 19 يونيو/حزيران أسفرت عن حصول تحالف مجموعة ماكرون على 245، من أصل 289 مقعداً مطلوبة للحصول على الغالبية المطلقة.

وحصل تحالف “الاتحاد الشعبيّ البيئيّ والاجتماعيّ الجديد” (NUPES) اليساري، على 131 مقعداً، بعد نجاح الزعيم اليساري المتطرّف جان لوك ميلانشون بجمع الأحزاب الرئيسة من اليسار مع الشيوعيين والخضر.

بينما حصل حزب “التجمّع الوطني” اليميني المتطرّف بزعامة مارين لوبان، على 89 مقعداً، حيث علقت على النتائج بالقول إن “الناس قد تكلموا.. انتهت مغامرة إيمانويل ماكرون وقد أجبر على حكومة أقلية”.

كل ما تقدّم يعني أن تحالف ماكرون تحت اسم “معاً”، ويضمّ حزب “الحركة الديموقراطية” الوسطيّ، وحزب “أفق” اليميني، قد خسر عشرات المقاعد.

وبالنتائج التي أحرزها، سيجد ماكرون “صعوبةً بالغة” بتمرير أجندة حكومته خلال ولايته الرئاسية الثانية التي فاز بها قبل نحو شهرين.

السبب في ذلك يرجع إلى أن نواب اليمين المتطرّف البالغ عددهم 89 نائباً، يمكنهم مع 131 نائباً من اليسار، أن يعرقلوا مع معارضين بشكلٍ فعّال مشاريع القوانين التي يقدّمها الحزب الحاكم.

وبالفعل، عارض الحزبان في وقتٍ سابق، اقتراح ماكرون رفع سن التقاعد في فرنسا من 62 إلى 65 عاماً.

تحالفات ضرورية

في حديثه لشبكة “France Bleu” الإذاعية، يرى السياسي أوليفييه إيل، والمحاضر في معهد “جينوبل للدراسات السياسية”، أنه للتغلب على “النكسة الكبيرة” التي مُنِي بها يتعيّن على ماكرون “الدخول في حقبة الائتلافات لتأمين غالبية”.

ويعتقد خبراء أن أمام ماكرون خيارين لمحاولة الحفاظ على الغالبية البرلمانية، يتمثل الأول في تشكيل تحالف مع أحزاب المعارضة، أما الثاني فيأخذ إلى حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة (مبكرة).

وفي هذا السياق قال أستاذ القانون الدستوري دومينيك روسو في تصريح لوكالة “فرانس برس”، إن “السنوات الخمس (المقبلة) بالنسبة لماكرون ستكون كلها مفاوضات وتسويات برلمانية”.

أما وزير الخدمة العامة الفرنسيّ ستانيسلاس جويريني فقال في تصريحاتٍ أدلى بها لقناة “آر تي إل” الألمانية، إنه “يجب أن يكون ماكرون مستعداً لتشكيل تحالفات مع الأحزاب اليسارية والاشتراكية”.

وأضاف: “ما نريده هو إيجاد غالبية المصلحة العامة مع من يريدون دفع البلاد إلى الأمام”.

وتابع جويريني: “الحزب (الحاكم) يمكنه تشكيل غالبية بالتحالف مع حزب “الاتحاد الشعبي” للتوافق حول مشاريع القوانين التي تتوافق مع توجهاته”.

انتخابات جديدة

بدوره قال الخبير الدستوري ديدييه ماوس لقناة “تشك نيوز” التي تبث بالفرنسية من جمهورية سي شيل، إنه “في حال عدم وجود غالبية فلا شيء يمنع حل البرلمان”.

وأضاف: “يمكن لماكرون استخدام المادة 12 من الدستور لحلّ البرلمان، وإجراء انتخابات جديدة في غضون 20-40 يوماً”.

وكانت الانتخابات التشريعية الفرنسية جرت على جولتين في 12 و19 يونيو الجاري، في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي جرت في 10 و14 أبريل/نيسان الماضي، والتي شهدت نسبة “عالية” من الامتناع عن التصويت.

ويخشى خبراء من أن الإعلان عن انتخابات جديدة الآن، قد يؤدّي إلى نتائج “غير مرغوبة”.

وفي هذا الإطار قالت عايدة مانوجيان المتخصصة في القانون العام: “إذا كانت النتيجة (في التصويت المقبل) هي نفسها، فستكون انتكاسةً سياسيةً كبيرة”، حسب قناة “تشك نيوز”.

والثلاثاء، رفض ماكرون استقالة رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، التي تقدمت بها نتيجة فشل الحزب الحاكم بالحصول على الغالبية.

وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان، إن مسؤولاً رئاسياً طلب عدم ذكر اسمه قال إن ماكرون “يعتقد أن الحكومة بحاجة إلى الاستمرار في العمل”.

وأشارت الرئاسة في بيانها إلى أن الرئيس ماكرون “يسعى حالياً لإيجاد حلول بنّاءة للمأزق السياسيّ من خلال مشاوراتٍ مع أحزاب المعارضة.

وأوضحت أن المشاورات التي بدأت الثلاثاء، “قد تستمر حتى الأربعاء”.

وقالت بورن التي عيّنها ماكرون مؤخراً، إن “ما حدث غير مسبوق”، وإن “فرنسا الحديثة لم تشهد أبداً جمعية وطنية مثل هذه”.

وحذّرت من أن “هذا الوضع يمثل خطراً على بلدنا نظراً للمخاطر التي نواجهها على الصعيدين الوطني والدولي”.

وأضافت بورن: “سنعمل اعتباراً من الغد (الأربعاء) لبناء غالبية فاعلة”.

الإعلام الفرنسي تلقّف الحالة السياسية المستجدة بكثير من الاهتمام نظراً لكونها المرة الأولى التي يفشل فيها حزب أو تحالف حزبي بالحصول على الغالبية المطلقة.

وانتقدت الصحف الفرنسية في صفحاتها الأولى نتائج الانتخابات، مستخدمةً عناوين مثل “الصفعة”، كما في صحيفة “ليبيراسيون” (Liberation) اليومية، و”الزلزال” في صحيفة “ليزيكو” (Les Echos)، و”فرنسا تتجه نحو فقدان السيطرة”، في صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro).

وكل هذه العناوين تعكس حالة من الضبابية التي تكتنف المشهد الفرنسي الذي يختبر تجربة هي الأولى من نوعها في حياته السياسية.

(الأناضول)

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    التعيس لن يفرح بالعهدة الثانية وسيعاني المرار هذه المرة

إشترك في قائمتنا البريدية