غزة – “القدس العربي”: رغم حالة الإرهاق الكبير والمرض، لا يزال الأسير رائد ريان (27 عاما)، يواصل لليوم الـ 86 “معركة الأمعاء الخاوية” لنيل حريته وإنهاء اعتقاله الإداري،، فيما علق أسير مصاب إضرابه بعد انتزاع مطالبه من سلطات الاحتلال، في وقت ارتفعت فيه قائمة الأسرى الذين أمضوا أكثر من 20 عاما في سجون الاحتلال إلى 233 أسيرا.
إضرابات الأسرى
وتزداد حاليا معاناة الأسير ريان، بسبب طول مدة الإضراب المفتوح عن الطعام، ورفضه أخذ المدعمات الغذائية، وإصراره على الاستمرار في المعركة حتى نيل الحرية.
وقال الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه، إن الأسير ريان يتواجد حاليا في “عيادة سجن الرملة”، حيث يعاني من نقص حاد في الوزن، ونقص في السوائل، والفيتامينات والبروتينات، وحالات من الدوار، والتقيؤ، وأوجاع في كل أنحاء جسده، ووضعه الصحي يزداد خطورة مع مرور الوقت، ونوّه إلى أن المعتقل ريان مكث حوالي شهرين في العزل الانفرادي “سجن عوفر”، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية.
وكانت سلطات الاحتلال تضع هذا الأسير خلال وجوده في زنازين العزل، بغرفة متسخة للغاية لا تصلح للعيش الآدمي ومخالفة لكل القواعد والأصول الطبية مما اضطر الأسير لأن يقوم بتنظيفها بنفسه رغم التعب والإعياء.
ولا تزال سلطات الاحتلال ترفض نقل هذا الأسير إلى مشفى مدني متخصص، خاصة وأن عيادة ذلك السجن، تفتقر للعديد من الأجهزة والمعدات الطبية، كما ترفض سلطات السجون الإسرائيلية حتى اللحظة التعامل مع مطالبه، والمتمثلة بعدم تمديد اعتقاله الإداري، وإطلاق سراحه.
في السياق، علق الأسير محمود الدبعي، مساء امس إضرابه عقب 12 يوما، بعد انتزاع مطالبه من الاحتلال الإسرائيلي رفضًا لظروف اعتقاله داخل السجن.
وكان والده قد قال إن نجله المصاب والأسير في سجون الاحتلال يمر في حالة صحية صعبة بسبب الإصابات التي أصيب بها لحظة اعتقاله في الـ13 مايو/ أيار الماضي، لافتا إلى أن نجله محمد أضرب عن الطعام احتجاجاً على ظروف اعتقاله اللاإنسانية، وبسبب تعرضه للتعذيب الشديد خلال التحقيق وتعرضه للإهمال الطبي.
وجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال أخلت باتفاقها الذي أبرمته قبل عدة أيام مع الأسير خليل عواودة، الذي أضرب لمدة 111 يوما، وبدلا من إطلاق سراحه حسب الاتفاق، الذي أفضى لفك الإضراب، قامت بتمديد اعتقاله الإداري لمدة أربعة أشهر.
وكان عدد كبير من الأسرى الإداريين قد نجحوا في إجبار سلطات الاحتلال على تنفيذ مطالبهم، بعد أن خاضوا إضرابات طويلة وصل بعضها لأكثر من أربعة أشهر، وانتهت بنيلهم الحرية.
يشار إلى أنه يوجد في سجون الاحتلال نحو 682 أسيرا بموجب قرارات اعتقالات إدارية من بين حوالي 4600 أسير وأسيرة، ويقدر عدد قرارات الاعتقال الإداري منذ عام 1967 بأكثر من 54 ألف قرار.
وفي هذا السياق، يواصل من يريد من الأسرى الإداريين مقاطعة محاكم الاحتلال الإسرائيلي، وذلك يناء على قرار من قيادة الأسرى، علقت المقاطعة الشاملة، وجعلت الأمر بيد كل أسير، بناء على قرار المقاطعة المستمر منذ 182 يوما، في إطار مواجهتهم سياسة الاعتقال الإداري.
وكانت لجنة الأسرى الإداريين للحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال، قد أعلنت جملة من القرارات، تمثلت في: تجميد قرار الإضراب المفتوح عن الطعام حتى سبتمبر/ أيلول المقبل، ليكون هذا الشهر محطة تقييم لالتزام إدارة سجون الاحتلال بما تم الاتفاق عليه سابقًا، واستمرار مقاطعة المحاكم مع السماح لأي أسير يرغب بالتوجه إلى المحاكم، وذلك حتى منتصف شهر سبتمبر المقبل، على أن تكون هذه الفترة لدراسة وتقييم مدى التزام إدارة سجون الاحتلال بالعرض المقدم، إضافة إلى السماح للمحامين ومؤسسات الأسرى بالمرافعة في محاكم الاعتقال الإداريّ خلال الفترة المحددة.
ودعت قيادة الحركة الأسيرة جميع الأسرى الإداريين في مختلف المعتقلات إلى الالتزام الكامل بهذه الخطوة، والتحلي بالصبر والنفس الطويل، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة بإلغاء سياسة الاعتقال الإداري.
وقد اتخذ الأسرى الإداريون مطلع العام الحالي، موقفا جماعيا يتمثل بإعلان المقاطعة الشاملة والنهائية لكل إجراءات القضاء المتعلقة بالاعتقال الإداري (مراجعة قضائية، استئناف، عليا)، قبل أن يتم قبل أيام، إعطاء المجال لم يرغب بالذهاب للمحكمة، خلال فترة التقييم.
والاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، ودون السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني، لتكون إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة، حيث تزعم سلطات الاحتلال أن التهم الموجهة لهؤلاء الأسرى “سرية”، وفي أغلب الأوقات يجري تجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة لمدة 3 أشهر أو 6 أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة.
وفي سياق الحديث عن عذابات الأسرى المرضى، ذكرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي بلغ 500 أسير وأسيرة، منهم ما يقارب 50 حالة صعبة وخطيرة بحاجة لرعاية خاصة وعلاجات فورية، تحديدا حالات السرطان والكلى والمقعدين.
كما أكد نادي الأسير، وجود زيادة في حالات الإصابة بالأورام مقارنة مع السنوات الماضية، حيث سجلت 6 حالات في الفترة الواقعة ما بين شهر أغسطس/ آب 2021، ويونيو/ حزيران 2022، وأوضح أن الأسرى المصابين هم: ناصر أبو حميد، وإياد نظير عمر، وجمال عمرو، والمعتقل الإداري محمود أبو وردة، وموسى صوفان، وشادي غوادرة، وهم من بين 23 أسيرا مصابون بالأورام والسّرطان بدرجات مختلفة، وأصعب هذه الحالات الأسير ناصر أبو حميد.
وأشار إلى أنه يوجد بين العدد الإجمالي للمرضى، 200 أسير يعانون من أمراض مزمنة، محذرا من أنه قد يكون هناك العشرات من الأسرى يُعانون من أمراض ولم يتم تشخيصهم، وأكد أن “سياسة الإهمال الطبي” (القتل البطيء) تشكل أخطر السياسات التي تنتهجها إدارة سجون الاحتلال بحقّ الأسرى، لما تحتويه على أدوات تستهدف الأسرى جسديا ونفسيا، لافتا إلى أن غالبية من أُصيبوا بالسرطان والأورام، واجهوا ظروفا اعتقالية مشابهة، فغالبيتهم تعرضوا لعمليات تحقيق قاسية، ومنهم من تعرض لإصابات برصاص الاحتلال قبل الاعتقال، أو أثناء اعتقاله، واُحتجز في العزل الانفرادي لسنوات، أو في سجون تعتبر الأسوأ من حيث الظروف البيئية.
ومن اللافت حسب نادي الأسير، أنّ جزءا ممن استشهدوا نتيجة الإصابة بالسرطان، أو ممن أصيبوا لاحقا، كانوا قد عانوا من تفاقم في أوضاعهم الصحية على مدار سنوات، دون معرفتهم بإصابتهم، حيث تتعمد إدارة السجون إعلام الأسير بالمرض بإصابته بالمرض بعد أن يكون المرض قد وصل إلى مرحلة متقدمة، موضحا أن جريمة الإهمال الطبي (القتل البطيء) كانت السبب المركزيّ باستشهاد 72 أسيرا وهم من بين 229 شهيدا من شهداء الحركة الأسيرة.
وبما يثبت أن ظروف الأسر هي السبب وراء إصابة الأسرى بالأمراض، لم يكن غالبية الأسرى المرضى يشتكون قبل اعتقالهم من أمراض أو مشاكل صحية، عدا عن أنّ جزءا منهم استشهدوا بعد فترة وجيزة من الإفراج عنهم.
قائمة عمداء الأسرى
إلى ذلك ارتفعت قائمة “عمداء الأسرى”، وهو مصطلح يُطلقه الفلسطينيون على كل من مضى على اعتقالهم أكثر من 20 سنة على التوالي، لتصل مع نهاية إلى 233 أسيراً.
ومن بين هؤلاء الأسرى يوجد 37 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 25 سنة، وهؤلاء يطلق عليهم الفلسطينيون مُصطلح “جنرالات الصبر”، ومنهم 25 أسيراً معتقلين منذ ما قبل “اتفاقية أوسلو” وقيام السلطة الوطنية الفلسطينية، والذين كان من المفترض إطلاق سراحهم عام 2013، غير أن الاحتلال رفض ذلك، كما يوجد من بينهم 17 أسيراً من بين هؤلاء قد مضى على اعتقالهم أكثر من 30 سنة بشكل متواصل، ويُطلق عليهم “أيقونات الأسرى”، ومن بينهم 8 أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من 35 سنة على التوالي، أقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس، المعتقلان منذ يناير/ كانون الثاني عام 1983.
وذكرت هيئة الأسرى أن هذه الأرقام “غير مسبوقة”، وقالت إن القائمة في ارتفاع مضطرد، وهي مرشحة للارتفاع أكثر فأكثر مع قادم الأيام، خاصة وأن عددا كبيرا من الأسرى كانوا قد اعتقلوا بدايات انتفاضة الأقصى 2000 وخلال ما سُمى بـعملية “السور الواقي” عام 2002، وصدر بحق المئات منهم أحكاما جائرة وظالمة استناداً لما أسمته دولة الاحتلال “سياسة الردع”.
ودعت الهيئة كافة الجهات والمؤسسات ووسائل الإعلام المختلفة إلى إبقاء هذا الملف مفتوحا وعلى سلم الأولويات، ومنح هؤلاء الأسرى القدامى المزيد من الاهتمام وتسليط الضوء على قضاياهم ومعاناتهم ومعاناة ذويهم المتفاقمة.