بعدما تبرّأ معدّوه منه.. جنرالات سابقون: دستور قيس سعيّد يشرّع لعودة الديكتاتورية

حجم الخط
3

تونس- “القدس العربي”: دخل الجيش التونسي على خط “أزمة الدستور”، حيث حذّر جنرال سابقون من التصويت لمشروع دستور الرئيس قيس سعيد، وذلك بعد ساعات من تبرؤ أغلب أعضاء الهيئة المكلفة بصياغته من النسخة التي نشرتها الجريدة الرسمية.

وكان الصادق بلعيد رئيس الهيئة المكلفة بصياغة الدستور، وجه انتقادا شديدا للنسخة المنشورة أخيرا في الجريدة الرسمية، مؤكدا أنها لا تمت بأي صلة للمسودة الأولى التي تقدمتها الهيئة لسعيّد، كما أنها تتضمن مخاطر جسيمة تمهد لنظام ديكتاتوري طويل.

وجاء تصريح بلعيد بعد ساعات من نفي العضوين البارزين في الهيئة، إبراهيم بودربالة والأمين محفوظ أي علاقة لهما بالنسخة المنشورة.

وتحت عنوان “أزمة وثيقة الدستور”، كتب الجنرال المتقاعد مختار بن نصر على صفحته في موقع فيسبوك “بعد تبرأ الهيئة الاستشارية التي أشرفت على اعداد مشروع الدستور الجديد من الوثيقة المنشورة في الرائد الرسمي (الجريدة الرسمية) ماذا بقي لنا من الثقة في القيادة السياسية او في الدولة؟”.

وأضاف “أن الدستور يستمد شرعيته وقوته من التعاقد الاجتماعي ومن مدى تفعيله وتطبيقه. فالتعاقد الدستوري يلزم الجميع ويعبر عن توازن كل القوى السياسية وتجانس لكل الشركاء الاجتماعيين، ويخطئ من يظن أن الدستور هو وثيقة قانونية فوقية إذ لها قبل كل شيء وظيفة سياسية، كما أن مردودية القاعدة الدستورية ليس نتيجة حضور النص البراق وإنما حين يصبح آلية فعالة للحد من السلطة عند تطبيقه بشكل فعلي. وهذا كنه التعاقد الدستوري”.

وأشار بن نصر إلى أن تطلعات التونسيين اليوم “لا تنحصر في هوية الدولة، إذ لا يمكن أن يختلف اثنان حول مقوماتها التاريخية والدينية، ولكن تطلعات اليوم وغدا هي في إيجاد فرص للشغل والتنمية، ومعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستفحلة ولا يكون ذلك الا بتحديث ودمقرطة هياكل الدولة المتآكلة والمهترئة، وتوزيع السلطات وفق مبدأ فصل السلط والحوكمة الجيدة بما يكفل تحقيق تنمية جهوية متضامنة ومتوازنة ومندمجة تضع حدا للفوارق المجالية (بين الجهات)، وتأهيل النخب لإدارة الشأن العام، بعيدا عن الايديولوجيات والمزايدات”.

وتابع بقوله “اليوم تتعقد أمامنا الأزمة أكثر من أي وقت مضى، وتتفرق بنا السبل. فأي مآل إذا صوتنا على وثيقة الدستور الجديدة بنعم والحال إن معديها تبرأوا منها. وأي مآل إذا صوتنا بلا. فالخطر الداهم يتجسد أمام أعيننا في فوضى عارمة مقبلة ستأخذ برقاب الجميع، وتأتي على ما بقي من الدولة. هل ضاعت الحكمة في بلاد الحكماء؟”.

وفي مقال نشره (بالفرنسية) في موقع “المصدر”، كتب كمال العكروت الجنرال المتقاعد ومستشار الأمن القومي للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي “لنفترض أن النص المعروض علينا مخيب للآمال، كما أشارت الأستاذة سلسبيل قليبي (خبيرة دستورية)، كما أنه ضعيف وسيئ البناء مثل دستور 2014، وهو قبل كل شيء ينطوي على مخاطر كبيرة للأمة التونسية إذا لم نكن حريصين على تحديدها وتحسينها وتحقيق التوازن بينها”.

ودعا العكروت إلى تأجيل عرض مشروع الدستور الحالي على الاستفتاء، مطالبة بمراجعة سريعة للنص الحالي وتعديله “لأنه يحتوي على نقاط إشكالية تخضع لتفسيرات متعددة، أو هي- ببساطة- شديدة الخطورة على مستقبل البلاد، ويجب إما تحسينها أو إلغاؤها تمامًا وببساطة”، في إشارة إلى النصوص التي تمنع مساءلة سعيد وتتيح له تعزيز سلطات والتحكم ببقية السلطات في البلاد.

وأكد أنه لن يصوت لهذا المشروع الذي قال إنه يشكل خطرا على البلاد، مشيرا إلى أن النص الحالي “يتحدث عن نظام رئاسي بكل ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر. لا نشك اليوم في صدق ساكن قرطاج الحالي، لكن ما الذي ينتظرنا غدا؟”.

كما انتقد أيضا تبعية البرلمان للرئيس في مشروع الدستور الجديد، وانتقد أيضا عدم السماح للمرأة برئاسة تونس، وجعل تونس “جزءا من كل” عبر التنصيص على تبعيتها للأمة العربية والإسلامية، معتبرا أن هذا النوع من المقولات هو ذو طابع إيديولوجي وعقائدي ولا علاقة له بالقانون الدستوري.

وأشار العكروت أيضا إلى أن إحداث “غرفتين” داخل البرلمان (مركزية وجهوية) يساهم في تشتيت الدولة وقد يثير نزاعات محلية، فـ”الأنظمة ذات المجلسين فرضت نفسها تاريخيا في البلدان التي تم فيها تضمين المقاطعات في فضاء دولة متعددة الأقاليم، ولم يكن هذا هو الحال في دولة موحدة ومركزية مثل تونس”.

وكان العكروت وجّه، قبل نحو شهرين، رسالة شديدة اللهجة إلى الرئيس قيس سعيد، دعاه فيه إلى الخروج من عزلته وتغيير سياسته، التي اعتبر أنه ستقود تونس نحو الفوضى.

وسبق للعكروت وبن نصر وجنرالات آخرون أن تقدموا بمبادرة في حزيران/ يونيو عام 2021، دعوا فيها سعيد لـ”إنقاذ البلاد” عبر تفعيل الفصل 80 من الدستور والذي يفرض الحالة الاستثنائية، معتبرين أنه السبيل الوحيد للتخلص مما سموه “منظومة الفشل” في إشارة إلى حركة النهضة وحلفائها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن آكسيل:

    سبحان الله ……! الدليل القاطع على ان الرئيس قيس سعيد فريد من نوعه و في الطريق الصحيح هو تهافت وتحامل اشباه ” الديمقراطيون ” عليه ………! الرجل فهم قبل الجميع ان ” الديمقراطية ” في ورطة و لم تعد تصلح لإدارة الدولة فاجتهد و استنبط طريقة تونسية تكون ذات جدو، و تنفع البلاد والعباد

  2. يقول ابن آكسيل:

    كان الاجدر بالاعلام ان يتحمس لهذا الرئيس و يعمل على إظهار الجانب الجديد في الفعل السياسي عوضا عن التحامل عليه لانه ليس من القطيع المعهود …………!

  3. يقول د. عيده:

    يوم بعد يوم، يثبت لنا قيس سعيّدأن العناد بالرأي ورفض الحوار و « الأنا» المتضخّمة تتعارض مع العمل السياسي. لقد نجح بتقسيم الشعب التونسي وطرح عليه ديكتاتورية دستورية تمنحه وتمنح من سيحكم من بعده حريّة الاستبداد وتعيد تونس مائة عام إلى الوراء. كالعادة سيقوم بعض السذّج الذي لم يقرؤا مشروع دستوره الخطير بالتطبيل والتصفيق على مبدأ «انصروا قيس سعيّد ظالما. أو مظلوماً». ولو قرؤوا دستوره الحزين المليئ بالأخطاء اللغوية والمنطقيّة والسياسيّة والتشريعيّة لفهموا أحد شيئين : نواياه باستبداد العباد ؛ أو قصر نظره السياسي. هل فكّر الرئيس الفريد بعقابيل دستوره إن جاء من بعده طاغيّة من هواة الاستبداد ؟ للتذكير : إن الدستور الذي يقترحه قيس سعيّد يمنح الرئيس سلطة مطلقة تتجاوز في أبعادها سلطات السلطان العثماني.

إشترك في قائمتنا البريدية