زيارة منصور عباس للأقصى تشعل سجالاً ساخناً بين القائمتين المتنافستين “المشتركة” و”الموحدة”

حجم الخط
0

الناصرة- “القدس العربي”:

بدت احتمالات تشكيل قائمة مشتركة لكل الأحزاب العربية المشاركة في انتخابات الكنيست تناهز الصفر، قبل أن يعلن موعدها في الفاتح من نوفمبر /تشرين الثاني القادم، وذلك بعدما انقسمت القائمة المشتركة التي قامت عام 2015 بين خطين مختلفين سياسيا. ويرى مراقبون كثر أن عودة القائمتين المشتركة والموحدة إلى التراشق الشخصي، ولخوض مواجهة انتخابية سطحية وبذيئة وعنيفة ستعود كيداً مرتداً عليهما انتخابياً، خاصة أن نسبة العرب الذين ينوون المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية هبطت إلى نحو 40% فقط، وفق ما تؤكده استطلاعات ودراسات. وكانت نسبة تصويت المواطنين العرب (19% من السكان و 15% من أصحاب حق الاقتراع) قد تراجعت في الجولات الانتخابية المتتالية، بعدما بلغت نحو 66% قبل نحو عامين، وذلك احتجاجاً من الجمهور الواسع على تفكيك القائمة المشتركة التي جسدت فكرة الوحدة الوطنية بين الشيوعي والوطني والإسلامي والقومي.

وتظهر استطلاعات الرأي والدراسات والتقارير الصحفية أن فلسطينيي الداخل ما زالوا متمسكين بفكرة القائمة العربية الوحدوية لخوض انتخابات الكنيست، رغم أنها انعكست سلبا على المنافسة الحزبية المفيدة لتعبئة الميدان، وأضعفت التعددية، كما تدلل تجربة السنوات الأخيرة. وعلى خلفية هذا التمسك بفكرة القائمة المشتركة فإن أغلبية واسعة من الفلسطينيين في إسرائيل تتجه للامتناع عن المشاركة في انتخابات إسرائيل الخامسة، في حال لو جرت اليوم. ورغم هذا الخطر المتربص بالقائمتين المتنافستين فإنهما لم تتعلما دروسهما كما يتضح من تجدد التراشق بين أقطابيهما على حساب السجال السياسي الحقيقي حول مكانة ودور فلسطينيي الداخل والعلاقة بين الوطن وبين المواطنة، وحول فكرة المشاركة في انتخابات الكنيست والجدوى منها على المستويين المدني والوطني. وبالأمس تجدد هذا التراشق بعدما زعم صحفي يهودي أن زيارة رئيس الموحدة النائب منصور عباس للأقصى يوم الأحد الماضي تمت بتنسيق مسبق مع ضابط أمن الكنيست والشرطة الإسرائيلية، مما دفع المشتركة لمهاجمته شخصيا.

“المشتركة”: من اعترف بيهودية الدولة يسهل عليه أن ينحدر لهذا السقوط، وينسّق دخوله المسجد الأقصى مع الاحتلال وشرطته القامعة للمصلين والمرابطين.

وعممت القائمة المشتركة بياناً أكدت فيه أن دخول منصور عباس للأقصى بتنسيق مع شرطة الاحتلال فضيحة، واعتراف بالسيادة الإسرائيلية. وجاء في البيان: “القائمة المشتركة ترى بدخول عضو الكنيست منصور عباس للمسجد الأقصى المبارك، بعد التنسيق مع ضابط الكنيست وشرطة الاحتلال (كما اعترفت شرطة الاحتلال والناطق بلسان الكنيست) بأنها فضيحة وسابقة معيبة تمسّ بالمسجد الأقصى، وتشكل اعترافًا بسيادة الاحتلال على المسجد الأقصى. وأضافت المشتركة أنّ أيًا من النواب العرب من القائمة المشتركة، أو من الحركة الاسلامية سابقًا (مسعود غنايم أو طلب أبو عرار) لم يوافقوا أبدًا على دخول المسجد الأقصى بتنسيق مع الاحتلال بخلاف موقف زميلهما منصور عباس. وفي تركيزها النقد على شخص عباس شددت المشتركة على أنّ “من اعترف بـ “يهودية الدولة” يسهل عليه أن ينحدر لهذا السقوط، وينسّق دخوله المسجد الأقصى مع الاحتلال وشرطته القامعة للمصلين والمرابطين في حكومة نفتالي بينت التي ضاعفت اقتحامات المتطرفين اليهود لباحات المسجد الأقصى بدعم وتواطؤ من قبل “عرب الائتلاف” الذين “تجمّدوا” خلال الاقتحامات وتغاضوا عنها”.

الموحدة: كفى يا مشتركة

في المقابل أصدرت القائمة العربية الموحدة بيانًا نفت فيه جملة وتفصيلًا الخبر “الملفّق والكاذب والحقير” الذي تحاول القائمة المشتركة تسويقه بالتنسيق مع أحد الصحافيين الحريديم، وأكدت الموحدة أن النائب منصور عباس دخل الأقصى دون أي تنسيق مع أية جهة، لا مع الشرطة ولا مع ضابط أمن الكنيست. وأضافت الموحدة ردًّا على بيان المشتركة: “كفاكم يا مشتركة تحريضًا وافتراءات وإشاعات بحق النائب منصور عباس. وتوجهت الموحدة للمشتركة بالقول متسائلة: “أصبح شغلكم الشاغل أين ذهب منصور عباس، ماذا قال وماذا فعل وما أكل وشرب منصور عباس، وكيف يمكننا قلب وتزوير الأخبار بحق منصور عباس. لقد أصبح كل البرنامج السياسي للمشتركة تخوين الموحدة ومنصور عباس. لماذا لا تتحدثون للناس عن المشروع السياسي للمشتركة؟ ماذا قدمت أحزابكم لمجتمعنا طوال عشرات السنوات في الكنيست؟ ماذا قدّم “حزب العيلة” وزعيمه الذي لا يزال متمسكًا بالكرسي منذ 23 عامًا لمجتمعنا غير إغناء قاموس المسبّات والطز والبذاءات التي نخجل بترديدها؟ ما هو شعار حملتكم الانتخابية القادمة بعدما دستم بنعالكم على شعاركم السابق “إسقاط نتنياهو” ونسّقتم معه ومع بن غفير كل تحركاتكم؟ دعكم من منصور عباس واتركوه يخدم مجتمعنا، وتلهّوا حاليًا بمعركة “تصفيط” الكراسي التي بدأت بينكم”.

“الموحدة”: ماذا قدّم “حزب العيلة” وزعيمه الذي لا يزال متمسكًا بالكرسي منذ 23 عامًا لمجتمعنا غير إغناء قاموس المسبّات والطز والبذاءات التي نخجل بترديدها؟

وفي سياق متصل، يظهر استطلاع رأي نُشرت نتائجه أمس أن حزب “الليكود” الذي يترأسه بنيامين نتنياهو، سيحصل على 34 مقعدا، في حين تحصل القائمة المشتركة على ستة مقاعد، مقابل حصول القائمة الموحّدة (الحركة الإسلامية الجنوبية)، على أربعة مقاعد.

المأزق باق رغم الانتخابات الخامسة

ويعكس الاستطلاع، الذي أوردت نتائجه القناة العبرية الرسمية، استمرار تراجُع حزب “يمينا”، الذي تترأسه وزيرة الداخلية، أيليت شاكيد، بعد حلّ الكنيست واعتزال رئيس حكومة الاحتلال المنتهية ولايته، نفتالي بينيت، الحياة السياسية. وبهذه النتائج تكون قوة معسكر نتنياهو 59 مقعدا، مقابل 51 مقعدا للمعسكر الذي يشكل الائتلاف السابق بقيادة رئيس الحكومة الحالي، يائير لبيد، باستثناء حزب “يمينا”، فيما تحتفظ القائمة المشتركة بمقاعدها الستة، أي أن إسرائيل لن تخرج بسهولة من مأزقها السياسي العميق حتى بعد انتخابات خامسة إلا إذا فاز حزب “يمينا” فعندها يكون نتنياهو قد شق طريقه للعودة للحكم لأن رئيسته الجديدة شاكيد، بعكس سابقها بينيت، لا تعارض التعاون مع نتنياهو. كما أفاد الاستطلاع بأنّ 44% من المستطلعة آراؤهم، أكّدوا أن معالجة موجة الغلاء الحالية، الدافع الأهم بالنسبه لهم، لاختيار لأيّ حزب سيصوّتون، فيما أجاب 14% بأن قضية الأمن هي الأهم بالنسبة إليهم. وكان استطلاع قد نشرته القناة 12 الأربعاء الماضي، أن حزب “يمينا” سيحصل على خمسة مقاعد إذا ما خاض الانتخابات المقبلة تحت قيادة شاكيد، علماً بأن الأخيرة كانت قد أكدت أنها لا تعارض المشاركة في ائتلاف حكومي يقوده نتنياهو. وهكذا هو الحال لدى الأحزاب اليهودية، تتميز المنافسة بدعاية انتخابية عنيفة وهابطة وسطحية وتخلو من جدل حقيقي ولقضايا إسرائيلية داخلية وسط تغييب مستمر للقضية الفلسطينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية