بيروت ـ «القدس العربي»: بدأت الحملة الوطنية التي أطلقتها وزارة السياحة لاستقطاب المغتربين اللبنانيين والسيّاح إلى وطن الأرز تحت عنوان «أهلا بهالطلة» تعطي ثمارها، وعلى الرغم من غياب الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وضعف الاتصالات إلا أن الموسم السياحي يبدو واعداً إن لم تطرأ تطورات أمنية تضرب الموسم كمثل الرد على المسيّرات الثلاث التي أطلقها حزب الله فوق حقل كاريش.
ومن يعاين أبرز المراكز السياحية في لبنان يجد أنها تشهد حركة ناشطة ومزدهرة وحجوزات هامة في عيد الأضحى وما بعد عيد الأضحى، وأن هناك تصميماً على ابتكار الأفكار والاقتراحات لإحياء فكرة المهرجانات في بعض المناطق مثل مهرجان جونية «تعشى وتمشّى» لإنعاش الحركة واستقطاب الزوار.
وعلى تلة المعاملتين تضيء الأنوار كازينو لبنان المطل على خليج جونية والذي يعج بالرواد لمزاولة الألعاب أو للسهر في المطعم في باحته الخارجية علماً أن صالة السفراء داخل الكازينو جرى تأهيلها وتحديثها لاستضافة أضخم الحفلات.
وليس بعيداً عن جونية، فإن جبيل شهدت مهرجاناً للنبيذ ومعرضاً لجذب السيّأح، فيما البترون ما زالت مقصداً لرواد السهر والبحر كما كل الساحل اللبناني بدءاً من الشمال حيث تمّ فتح موسم زيارة جزر النخيل قبالة طرابلس مروراً بـ«الزيتوبة باي» والمنتجعات البحرية في بيروت وصولاً إلى الجية وصور في الجنوب.
وبالانتقال إلى الجبل، فإن موسم الاصطياف الذي كانت تتميّز به عاليه وبحمدون هو في حال جمود، وقد انتقلت الحركة السياحية أكثر إلى مناطق أخرى مثل فقرا وبرمانا، فيما هناك جهود حثيثة للغفادة من جمال المحميات الطبيعية التي تفتح أبوابها أمام الزوار للتمتع بجمال الغابات وأشجار الأرز وشراء المنتوجات من عسل وزعتر وقصعين. وما زالت محمية أرز الشوف الطبيعية تتقدم على سواها في تنورين وإهدن وإهمج بالمبادرات وباستقطاب السيّاح من مختلف الدول، وبعضهم ينزل في الفنادق لينتقل لزيارة البقاع الغربي ومحمية بنتاعل وكفريا وعميق وبحيرة القرعون و«شاتو سان توماس» في قب الياس أو لزيارة بعض المطاعم التي فتحت أبوابها حديثاً في الشوف.
وبهدف تفعيل السياحة الداخلية يجري تنظيم رحلات بباصات مخصصة للرحلات التابعة لشركة Citysightseeinglebanon التي تنظم رحلات على مدار الأسبوع إلى قلعة بعلبك ووادي قنوبين ومغارة جعيتا وبكاسين وقلعة نيحا ومستنقع عميق ومغدوشة وغيرها، بالتوازي مع حرص جمعية Safe Side على الإضاءة على منطقة بعلبك والهرمل وما تختزنه من ثروة وطنية وحسن ضيافة خلافاً للصورة المشوّهة التي تبرز في الإعلام من حين إلى آخر، وذلك من خلال تنظيم رحلات دورية للإعلاميين إلى المنطقة.
وللإضاءة على الواقع السياحي وموسم الاصطياف وما يعانيه أصحاب المنتجعات من مشاكل في ظل انقطاع الكهرباء وارتفاع القيمة التشغيلية، أجرت «القدس العربي» حواراً مع مالكة «نادي فقرا» ليليان رحمة، وجاء في الحوار:
○ كيف يبدو الموسم السياحي وهل هناك إقبال من سيّاح على فقرا أم الزوار هم من اللبنانيين مقيمين ومغتربين؟
• افتتحنا الموسم منذ أول تموز/يوليو، وككل سنة من المعروف أن فتح الموسم السياحي في الجبل يتأخر ويمتد من منتصف تموز/يوليو حتى منصف شهر آب/اغسطس ويكون ضعيفاً في أوائل الشهر قبل أن يتحسّن في وقت لاحق بسبب انتهاء العام الدراسي وبدء انتقال الناس لتمضية الصيف في الجبال. وبالنسبة إلى إقبال السيّاح العرب أو الأجانب هو خفيف وزوارنا هم بأكثريتهم من زبائننا الدائمين ومن الوجوه المعروفة ومعظمهم لبنانيون مغتربون أو مقيمون يعشقون تمضية الويك أند في الجبل. وفي هذا الإطار، إن مدة إقامة اللبناني المغترب في فندقنا في فقرا أطول، لذلك نعتمد على هذه الفئة من الزوار. وخلال السنوات الثلاث الماضية كان اعتمادنا على اللبناني المغترب والمقيم أكثر منه على السائح العربي والأجنبي للأسف.
○ كيف هي الأسعار هذه السنة وهل تعملون بتعميم وزير السياحة التسعير بالدولار؟
•لم نرفع الأسعار هذه السنة وما زالت هي ذاتها بالدولار واتبعنا تعميم وزير السياحة وسعّرنا بالدولار وهذا أسهل لاسيما أن الأرقام بالليرة اللبنانية أصبحت مرتفعة وتتطلّب حمل كميات كبيرة، وهذه المشاكل تُطرح أمام معظم المنتجعات السياحية والمطاعم وحتى أماكن بيع أخرى، ولذلك فإن التسعير بالدولار هو أفضل حسابياً.
○ هل سيكون بإمكان اللبناني الذي يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية ارتياد المنتجعات السياحية برأيك؟
•هناك تفاوت في الأمر، وهناك لبنانيون قادرون وهناك لبنانيون يعتبرون أنه من الأفضل صرف ما يحملون من أموال بدل تخزينها أو وضعها في المصارف، ولذلك يرون في زيارة المطاعم أو الفنادق أو المنتجعات السياحية أو السهر متنفساً لهم خصوصاً أن السفر بات صعباً. من هنا فإن المتنفّس المتاح حالياً هو السياحة الداخلية والخروج من البيت من أجل الترفيه والراحة بعد سنتين من الحجر بسبب كورونا، ونحن نرحّب بالجميع وكنا نتمنى أن نرى مزيداً من السيّاح العرب والأجانب بين زبائننا، أما لغاية الآن فإن أغلبية الزوار هم من اللبنانيين الذين يحبون الحياة والترفيه عن أنفسهم.
○ ما هي الأكلاف التي يعانيها مشروعكم وكيف انعكس غلاء البنزين والمازوت عليكم وعلى الزوار الذين يأتون من مسافات بعيدة؟
•دائماً الأكلاف في المناطق الجبلية أكثر بكثير من المناطق الساحلية، فنحن نتكلّف مازوت أكثر وبنزين للمواصلات أكثر، وخصوصاً أن الموسم لدينا أقصر من المواسم على الساحل. وأحياناً لا يسمح الطقس ضمن الأساييع القليلة أن يكون نهارك منتجاً بينما موسم الساحل يبدأ من شهر ايار/مايو وهو طويل ويستطيعون في خلاله الاستفادة أكثر من الصيف بخلاف الوضع في الجبل عندنا، وتكلفة البنزين حالياً والمازوت وحتى الموظف تزداد مما يزيد من الأعباء علينا وعلى الزبائن.
○ هل تخشين من أي ضربة للموسم السياحي جراء أي اشكالات أمنية أو تصعيد في الجنوب على خلفية ترسيم الحدود البحرية؟
•أكيد نخاف من أي ضربة للموسم السياحي ونأمل من الدولة التي لا نتكّل عليها ولا نعرف أين هي أن تؤمّن لنا المناخ لتقطيع هذا الموسم على خير، لأن أي مشكلة قد تدفع باللبناني إلى الهروب مجدداً إلى الخارج. في السنة الماضية أتى لبنانيون ولكنهم لم يتأخروا في المغادرة نتيجة أزمة البنزين والكهرباء، وهكذا فإن من كان راغباً في تمضية موسم الاصطياف في فقرا اختصر صيفيته وترك من وراء الأزمة وطوابير الذل أمام المحطات، لذلك فضّلوا الرحيل ونأمل ألا تتكرّر الأزمات هذه السنة وأن تعمل الدولة بجهد لتأمين الأمن والاستقرار والسلام تطبيقاً لشعار وزارة السياحة «أهلاً بهالطلّة» وكذلك أن توفّر لهم المحروقات والتيار الكهربائي، ويا ليتها تنظر إلى المطاعم والمنتجعات السياحية وتوفّر لها على الأقل المازوت بتكلفة أدنى لأن أي أرباح إن كان هناك ما يًسمّى أرباح نصرفها على المازوت والأعمال التشغيلية بهدف تأمين الاستمرارية وفتح أبوابنا.
وختمت ليليان رحمة «فقرا هي جوهرة في لبنان ولا نستطيع إلا أن نبقيها مضيئة ولو لم تكن لغاية توخّي الربح إنما لغاية الاستمرارية. فقرا معروفة بأنها من أجمل المناطق للاصطياف في لبنان ولممارسة هواية التزلج في الشتاء ونحن نسعى دائماً لتقديم أهم خدمة وأفضل نوعية وجودة إن كان بالطعام أو بالضيافة ليكون الزبون مرتاحاً، ونحن بالاضافة للفندق نظّمنا سوقاً لعرض منتجاتهم وامكانية التنزه والتبضّع وإظهار الصورة الجميلة للبنان والابتكار ولا نريد العتمة والصورة السوداء، نحن كأفراد نسعى لتظهير الصورة المتألقة للبنان واتضح أن السياحة والخدمات هي أكثر من يؤدي إلى انعاش الاقتصاد وتنمية البلد».