ما زال الرئيس فولوديمير زيلينسكي يحرص على ارتداء القمصان قصيرة الأكمام، ولا يبدلها حتى في لقاءات سياسية مهمة للغاية، لكن هذا لم يعد يبهر العيون. روسيا تقضم من أراضي أوكرانيا شرقاً وجنوباً، والعالم يسلم.
عدم التسليم معناه الحرب. ربما حرب عالمية. من يدري كم من الناس قد يلقون حتفهم في حرب نووية؟ هو أمر لم يجرب بعد، ومن سيجرب قد يكون مدمر العالم. من سيأخذ هذا على مسؤوليته؟ مدن كاملة تدمر على أيدي روسيا. من الصعب التصديق بأن هذا يحصل الآن، وهنا (تقريباً). نتضامن، نبعث بدمى للأطفال، والناس الأخيار المسؤولون عن المساعدة يقولون بأن هناك ما يكفي من الدمى، فعلنا ما علينا.
لن يأتي العالم لإنقاذ أوكرانيا، والعقوبات أصبحت سهماً مرتداً. غلاء المعيشة الذي يجلب التضخم المالي، يخرج الناس إلى شوارع الدول، وسريلانكا ليست إلا إحداها. حتى لو كانت أوكرانيا مستعدة للقتال حتى آخر قطرة دم، فالعالم مستعد لأقل من ذلك بكثير. أوكرانيا لن تنتصر على روسيا، حتى لو زودها الناتو بسلاح أذكى وأكثر كثيراً. دعوتها للبدء بعملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لن تجلب وقفاً للنار. الرئيس – الممثل – اليهودي، من حقه أن يبدل القميص ويعثر على وسيط مجرب قادر على وضع حد لسفك الدماء، إلى أن يمر الغضب، إلى أن يكون لروسيا زعيم آخر، إلى أن يكون للناتو شجاعة ضم أوكرانيا إلى صفوف الحلف. الصين، التي تسير على أطراف أصابعها في أثناء الأزمة الحالية، كفيلة، ربما، للعب دور الوسيط.
إذا اتفق الجميع
رغم أن النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني احتل مكانة هامشية جداً في محادثات الرئيس بايدن في إسرائيل، يلوح في ختام زيارته إجماع لم يكن هنا منذ سنوات طويلة بالنسبة لحله. بايدن نفسه حرص على تكرار أن حل الدولتين هو الحل الوحيد، وقد وجد في يئير لبيد رئيس وزراء إسرائيلياً يتفق معه أكثر، وقال إن إقامة دولة فلسطينية فقط يمكنها أن تضمن إبقاء إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية.
في زيارته إلى السعودية، كرر مضيفو الرئيس الأمريكي التزام بلادهم بتحقيق حل الدولتين، وبالمبادرة السعودية التي تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
قبل شهر فقط، كان في إسرائيل رئيس وزراء رفض فكرة دولة فلسطينية بكل حزم، ولم يكن مستعداً ليرى وجه الرئيس الفلسطيني. قبل سنة ونصف فقط، كان في الولايات المتحدة رئيس غير مكترث لمسألة ما إذا كان حل نزاعنا سيكون في إطار دولة واحدة او اثنتين. وقبل أسبوع فقط، لم يكن هناك حديث بين رئيس الولايات المتحدة وولي العهد السعودي.
يمكن القول إن هذه مجرد ضريبة لفظية من الجميع، الذين يفهمون بأنه لا يمكن أن يحصل الآن؛ فهذه حكومة انتقالية في إسرائيل لا يمكنها أن تتخذ قرارات دراماتيكية وذات تأثير على مستقبل الدولة، وهذا رئيس أمريكي ضعيف وغير شعبي قد يفقد حزبه الأغلبية في المجلسين، وهذا أمير سعودي متهكم وآخر ما يهمه مصير الفلسطينيين. لكن من يؤمن بأن ليس لإسرائيل صلاحا كدولة يهودية وديمقراطية بدون شروط متفق عليها، وأن الفلسطينيين سيحققون حقهم في تقرير المصير من دون إقامة دولة، فعليه أن يتوجه إلى القيادة السعودية، يعرض عليها الفرصة الخاصة التي نشأت، ويدفع بخطتها قدماً: تنفيذ سياسة مكوكية، ودعوة الأطراف المختلفة للقاء الزعماء وعدم ترك الفكرة العملية الوحيدة التي يمكنها أن تغير كل شيء، كصلاة ما يؤديها شخص بضع مرات في اليوم ولم يعد يتنبه لما يقوله فيها.
بقلم: يوسي بيلين
إسرائيل اليوم 22/7/2022