لندن – «القدس العربي»: أثار تسلل صحافي إسرائيلي إلى الأماكن المقدسة في مكة المكرمة خلال مناسك الحج، وإعداده تقريراً مصوراً من هناك لصالح قناة عبرية، موجة من الغضب في أوساط العرب والمسلمين، بمن فيهم السعوديون الذين طالبوا بتشديد الرقابة على الأماكن المقدسة ومنع وصول غير المسلمين لها، فيما سارعت أجهزة الأمن السعودية إلى إعلان فتح التحقيق في الحادثة واعتقال الشخص الذي تواطأ وقام بتسهيل مهمة تسلل الصحافي الإسرائيلي إلى مكة المكرمة.
ونشرت القناة 13 الإسرائيلية تقريراً مصوراً يوثق تجوّل مراسلها جيل تماري على جبل عرفات، وهو ما أثار غضباً واسعاً داخل السعودية وخارجها، فيما ذهب بعضُ المعلقين إلى أن هذه الحادثة تشكل تمهيداً للتطبيع بين الرياض وتل أبيب.
وسرعان ما دفع الغضب العربي والسعودي القناة العبرية إلى إصدار بيان اعتذار باللغة العربية، قالت فيه إن «زيارة محرر الشؤون الخارجية لمكة المكرمة لم تأتِ للمساس بمشاعر الأمة الإسلامية والمملكة العربية السعودية».
وأضافت: «نحن في قناة الأخبار 13 نُعبّر عن اعتذارنا وأسفنا إن شعرَ أحدٌ بالغضب بسبب هذه الزيارة، إنّ الفضول الصحافي هو جوهر العمل الصحافي من أجل الوصول إلى كل الأماكن والتغطية من مصدر أول». وتابعت: «هذه المبادئ كانت على رأس الأولويات في زيارة جيل تماري إلى السعودية، نحن في قناة الأخبار 13 نعتبر أن المعرفة والتعرف على الأماكن المهمة من مصدر أول هي في غاية الأهمية. نحن في قناة الأخبار 13 ندعو إلى التسامح بين الأديان، وإلى معرفة الآخر، وإلى احترام كل الأديان».
وسرعان ما هيمنت زيارة الصحافي الإسرائيلي إلى الأماكن المقدسة على اهتمام المعلقين والنشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي، حيث كتب عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور محمد الصغيّر مغرداً على «تويتر» بالقول: «جيل تماري، مراسل القناة 13 العبرية يتجول في مكة المكرمة، ويلتقط صورا وينشر المقاطع من أماكن المشاعر والبقاع المقدسة، وعلى فرض أنه يحمل جوازا أوروبيا، فهل هذا يسوغ له دخول كل البقاع في السعودية؟ وهل صار طبيعيا أن يتجول يهودي في الحرم؟».
وقال مغرد يُدعى عمر معلقاً: «عملية الاستفزاز والوقاحة الممنهجة مستمرة، مراسل القناة الـ13 العبرية يدخل لمكة والأراضي المقدسة متجرأ على الدين وفي مخالفة صريحة للقانون ضاربا بعرض الحائط مشاعر المسلمين».
أما الإعلامي الفلسطيني الدكتور فايز أبوشمالة فقال: «الصحافي الإسرائيلي جيل تماري الذي دخل مكة المكرمة، وأعد تقريراً مصوراً تضمن برج الساعة، ومجسم المصحف، ومكان مبيت الحجاج في منى، وطرقات المدينة، وصعوده إلى قمة جبل عرفات، وحديثه في التقرير باللغة العبرية.. هذا التقرير لا يهين الدين الإسلامي، وإنما يحتقر الأنظمة التي سهلت له ذلك».
وكتب الصحافي السعودي حسين الغاوي موضحاً: «الصحافي جيل تماري يحمل الجنسية الأمريكية وحضر مع وفد زيارة بايدن، أما ما قام به فهو تصرف دنيء وغير مسؤول، على الرغم من اعتذاره واعتذار الصحيفة وبالتأكيد دخل إلى هناك بدون تصريح».
وغرَّد الأسير الفلسطيني المحرر سعيد بشارات معلقاً: «الصحافي الإسرائيلي اليهودي جيل تماري في مكة المكرمة وعلى جبل عرفات، ورجل الدين اليهودي المستوطن من مستوطنة بيت شمش في فلسطين المحتلة يعكوف يسرئيل هرتسوغ في المدينة المنورة.. يصلي صلاة يهودية في مقبرة معركة أحد، وخص منهم صلاة على مخيريق بن النضير كما كتب».
وغرد الناشط السعودي صالح الزهراني يقول: «اللص الصهيوني جيل تماري دخل إلى السعودية بجواز سفره الأمريكي، ادَّعى بأنه مسلم، دخل إلى مكة وتجول في عرفات واقترب من برج الساعة، خالف الأنظمة السعودية مثلما يخالفها مهربو المخدرات والإرهابيون الذين يتسللون لمناطق الصراع، هذا الإرهابي يجب منعه من دخول السعودية نهائياً».
وكتب عبد الرحمن مهاجماً القناة الإسرائيلية: «الفضول لا يكون بارتكاب الجرائم ومخالفة الأنظمة. هل تقتل شخصاً لمجرد الفضول؟ الفضول الصحافي يكون في كشف الحقائق والتشجيع على المحافظة على الأنظمة الأمنية والمجتمعية». ووصف الناشط السعودي عمر عبد العزيز أن ما حدث «وقاحة صريحة وخرقا للقوانين السعودية».
أما المحامي والكاتب الفلسطيني صالح أبوعزّة فغرد يقول: «لا يُمكن تصوّر أنْ يصل مراسل القناة 13 العبرية، جيل تماري، إلى مكة وجبل عرفات، ويتجوّل في أنحائهما؛ دون علم السلطات السعودية.. السعودية تمارس دورا في تطويع المسلمين على هذه المناظر، لمرحلة يُصبح بها وجود الإسرائيلي في «حرم محمد» أمراً طبيعياً».
وكتب وسيم البارودي موضحاً أمر التسلل الإسرائيلي: «جيل تماري إعلامي أمريكي من أصول إسرائيلية رافق الرئيس الأمريكي في رحلته إلى جدة، ثانياً: مؤكد دخل إلى مكة خلسة ولم يظهر وجه من قام بإيصاله إلى هناك خوفاً عليه من العقاب الرادع، ثالثاً: هذا التحريض لن يقدم ولن يؤخر من أن المملكة لا تسمح بدخول غير المسلمين إلى المشاعر المقدسة».
ونشر الشيخ كمال الخطيب، القيادي في الحركة الإسلامية داخل أراضي الـ48 سلسلة تغريدات قال فيها: «جيل تماري مراسل القناة 13 الإسرائيلية يدخل مكة المكرمة والمسجد الحرام وجبل عرفات، وقبلها دخل وفد يهودي إلى المسجد النبوي في المدينة المنورة. من كان يظن أن هذا حصل بدون علم السلطات السعودية السياسية والأمنية وبدون توفير حماية أمنية، فهو مخطئ بل إنه ساذج».
ونشر محمد البدارين فيديو الصحافي الإسرائيلي، وعلق قائلاً: «هذا هو جيل تماري مراسل القناة الإسرائيلية. الغريب انه كيف تمكن من الدخول لمكة أثناء الحج ومن المعروف أن السلطات السعودية لا تسمح بدخول مكة بدون تصريح حج حتى للسعوديين؟.. نقاط التفتيش تفتش كل حاج. ثانياً من هو المرشد الذي معه والذي كما ظهر بالفيديو كان محرماً للحج أو يتظاهر بذلك.. شيء غريب».
تحرك سعودي
وأعلن الأمن العام السعودي إحالة مواطن إلى النيابة العامة باعتباره «متواطئا» مع صحافي أمريكي دخل إلى مكة عبر «مسار المسلمين» في إشارة إلى حادثة تسلل الصحافي في القناة الـ13 العبرية.
واعتبر الأمن في بيانه ما حدث بأنه «مخالفة للأنظمة المعمول بها في المدينة المقدسة» والتي تحظر دخول مكة المكرمة لغير المسلمين، وأكد أنه جرى إيقاف المواطن السعودي واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه.
وأكد البيان على «جميع القادمين إلى المملكة، بضرورة احترام الأنظمة والالتزام بما تقضي به، خصوصا ما يتعلق بالحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وأن أي مخالفة من هذا النوع تُعتبر جريمة لن يتم التساهل معها، وسيتم تطبيق العقوبات على مرتكبيها استنادا إلى الأنظمة ذات الصلة».
وأضاف الأمن العام: «تمت إحالة قضية الصحافي مرتكب الجريمة للنيابة العامة لاتخاذ ما يلزم بحقه وفق الأنظمة» من دون أن يذكر الصحافي الإسرائيلي بالاسم.
يشار إلى أن الصحافي الإسرائيلي جيل تماري الذي يحمل الجنسية الأمريكية اعترف في بداية تقريره بالتسلل إلى مكة من دون موافقة السلطات السعودية، حيث قال إن «هذه المدينة مغلقة أمام غير المسلمين، وببساطة لا يمكن الدخول إليها». وأضاف: «كان واضحاً لي أن احتمالاتي بزيارة مكة صفر، لكنني نجحت في العثور على الشخص الصحيح الذي وافق على المخاطرة».
وشوّش صوت وصورة الشخص الذي ساعده على التسلل إلى مكة، وقال إنه لم يعترف للمواطن السعودي في أي مرحلة بأنه صحافي إسرائيلي، مضيفاً: «لذلك أنا أوثق ملاحظاتي باللغة الإنكليزية، وتحدثت معه طوال الوقت باللغة الإنكليزية».
الحرمين أصلا كانت تحت إدارة الهاشميين
و الملك عبد العزيز هو من ضمها بالقوة إلى
دولته التي تحمل إسمه.
على كل السعوديين و الهاشميين غير قادرين
على حمايتها لأنهما ضعيفتان و يجب اسنادها
إلى إدارة مستقلة تمثل جميع الدول الإسلامية.