موقع بريطاني: بعد الدستور.. عين “السلطان سعيد” ستركز على النهضة واتحادات الشغل

إبراهيم درويش
حجم الخط
4

لندن – القدس العربي”:

قال رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” في لندن ديفيد هيرست إن عين الرئيس التونسي قيس سعيد ستتجه نحو اتحادات الشغل بعد تمريره الدستور الجديد.

وقال “لا يوجد خلاف حاد حول أن استيلاء قيس سعيد على السلطة في تونس قبل عام كان انقلابا”. وهذا يؤكد وثيقة نشرها الموقع فصلت ما سيحدث قبل شهرين من تحركه، وأن الخطة التي وردت في الوثيقة كانت صحيحة وأن تونس الآن تندفع نحو الديكتاتورية” و”لن يجادل في هذا الساسة الذين دعموا سعيد قبل عام واحترقوا بسببه بهذا. ناهيك عن اتحادات الشغل التي دعمته والتونسيين المعدمين، وتراجعت شعبيته من 80% إلى 22.3%” بل وانقسم الشباب الذين اعتقدوا أن سعيد سيكون زعيما مختلفا”.

ويرى هيرست أن المعارضة لمحاولاته جمع كل سلطات الدولة في يديه بدون أي ضوابط أو توازن تذهب أبعد من هدفه الرئيسي، حركة النهضة الإسلامية والتي لا تزال أكبر حزب سياسي في البلاد. وبعد عام من استيلائه على السلطة تحرك سعيد خطوة أخرى من أجل الدفع بدستور يدمر كل الضوابط والتوازنات للحكم الذي بات عبر الأوامر. وأشار الكاتب للمشاركة المتدنية في الاستفتاء التي لم تتجاوز حسب الأرقام الأولية 27% أو أكثر.

ويبدو سعيد المؤلف الوحيد للدستور الذي وضعه للاستفتاء، وشارك فيه مؤلفون آخرون لكن سعيد قام بحرثه، ورفض صادق بلعيد الذي عين رئيسا للجنة كتابة الدستور النسخة النهائية. وكشف بلعيد والذي كان مقربا من سعيد أن الرئيس قام بتغييرات أساسية للنسخة التي قدمت إليه.

ومحا الدستور الجديد دستور عام 2014 الذي استغرق إعداده عامين، ويركز الجديد كل السلطات في يد الرئاسة، سواء الحكومة أو القضاء أو الجهاز التنفيذي، مما يعني تدمير الفصل بين السلطات الذي يعتبر ضروريا للديمقراطية. ولتمرير الدستور قام بالاستيلاء على لجنة الانتخابات التي قامت بعمل جيد خلال سبع جولات انتخابية وعين رجالا تابعين له. وخرق سعيد في اللحظة الأخيرة القواعد التي وضعها، مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون، وكسر الصمت الانتخابي. ويتهم سعيد بخرق القانون الانتخابي عندما بث شريط فيديو على القناة الرسمية في يوم الانتخابات. وقاطعت كل الأحزاب الانتخابات باستثناء حزب واحد.

ولن تكون النتائج مهمة بسبب هذه المهزلة. وبلا شك سيتظاهر سعيد بالدهشة من نتائج الانتخابات، لكنها ستكون بمثابة عودة إلى ديكتاتوريات مراحل ما بعد الاستعمار في أفريقيا وأمريكا اللاتينية. فصحيفة “ذي نيشن” الناطقة باسم الرئاسة الكينية، عبرت عن دهشتها عندما تمت إعادة انتخاب الديكتاتور سيئ السمعة جومو كينياتا رئيسا “إنها مزي” (الرجل العجوز بلغة السواحلية) وكأن الحزب الحاكم مجلس الاتحاد الوطني الأفريقي الكيني لم يفز بكل المقاعد في الفترة ما بين 1969 و1988. وجاء دور تونس اليوم.

قال الكاتب إن سعيد المحامي بالمهنة لا تهمه التفاصيل بل السلطة المطلقة

وقال الكاتب إن سعيد المحامي بالمهنة لا تهمه التفاصيل بل السلطة المطلقة. ويعتبر نفسه اليوم “سلطانا” والرجل ينظر لما وراء احتياجات الحاضر. ورجل كرسه الله بنفسه، وهناك الكثير من أمثاله في الماضي وعادة ما تنتهي حملاتهم المسيانية/ القيامية بالفشل.

ويرى أن جبهة المقاومة للديكتاتورية يديرها قضاة تونس الشجعان. وهذا أمر مفاجئ لكنه يمثل تقدما بطريقة ما. ولم يكن الحال في ظل الحبيب بورقيبة أو زين العابدين بن علي، حيث كانت المحاكم كلها خاضعة للرئاسة، لكن زملاء سعيد في المهنة السابقة ليسوا كذلك. وليس كلهم، فهناك البعض منهم مستعد لقبول ما كان يعرف في العهد السوفييتي السابق بـ “عدالة المكالمة الهاتفية” عندما كانت أيد خفية في الحزب تخبر القضاة بالأحكام عبر الهاتف.

وقامت نقابة القضاة بإضراب لمدة شهر احتجاجا على عزل 57 قاضيا اتهمهم سعيد بالفساد وحماية الإرهابيين. لكن معياره لكل من يحمي الإرهابيين مرن، فهو أي قاض يعصي أوامره. وهناك قائمة بأسماء القضاة العصاة- المستقلي التفكير بمن فيهم القاضي الذي رفض الاتهامات المفبركة للشيخ راشد الغنوشي، رئيس البرلمان السابق بغسل الأموال. وكان مصدر الاتهامات التي تزعم أن الشيخ الغنوشي قبل أموالا من حكومات أجنبية وقام بغسلها عبر منظمة تعمل كواجهة، صحافيا بريطانيا مشهورا في الشرق الأوسط لكن تقاريره معيبة رغم روعتها.

ونشر الصحافي الراحل روبرت فيسك الزعم بأن الغنوشي عرضت عليه أموال ضخمة من أمير قطر عشية الانتخابات. وكان مصدره وزير الخارجية السوري السابق وليد المعلم الذي كان بنفسه يقف في طابور المنتظرين للقاء الأمير. وتقدمت النهضة بدعوى قضائية وربحتها. وكان على صحيفة “إندبندنت” دفع مبلغ ونشر اعتذار كامل “نريد أن نوضح أن السيد الغنوشي وحزبه لم يقبلا أي تبرع من دولة أجنبية في خرق لقانون تمويل الأحزاب التونسية، ونعتذر للسيد الغنوشي”. وتم رفع دعوى قضائية ضد الصحف العربية التي نشرت الزعم وخسرت ولكنها تحايلت على الدفع، منها واحدة أعادت تشكيل شركتها في لندن.

 وفي الأسبوع الماضي لم يقبل قاضي التحقيق أيا من هذا. وزعم محامي الاتهام أن الغنوشي له علاقة مع جمعية نماء تونس المتهمة بغسل الأموال. ورفض القاضي قبول مطالب الاتهام باعتقال الغنوشي عندما كان في التحقيق، لكن القضية نفسها مستمرة. وبعد تسع ساعات أفرج عنه مع أن هناك تحقيقات مستمرة في مزاعم أخرى. وهناك ملمح آخر مثير للقلق في هذه القضية التي استمعت إليها محكمة مكافحة الإرهاب بدلا من تلك التي تتعامل مع التجاوزات المالية. وحتى لو ثبتت صحة المزاعم فلا علاقة لها بالإرهاب. ولو نجح الاتهام هذه المرة فلكان من السهل بيع القصة للتونسيين. وستكون قصة سعيد كالتالي: “نقص المواد الغذائية الأساسية لا علاقة لي به، وهناك مؤامرة في البلد لخلق أزمة نقص وأن هذه القوى الظلامية تتآمر ضد الناس الطيبين مثلكم ومثلي”. وبهذه الطريقة يتحدث سعيد مع الناس الذين انتخبوه، إنه وهم كاذب وغير مسؤول في ظل الفقر العميق والبطالة في البلد، ولا غرابة أن قلة من التونسيين تصدقه.

 ويرى الكاتب أن النهضة تزداد قوة، وعاد أفرادها إليها والغنوشي يجهز نفسه لمرحلة سجن ثالثة، فقد سجن في ظل بورقيبة وبن علي. وسيكون سجن الغنوشي بمثابة رسالة لكل الأحزاب السياسية وأنه لن يكون هناك مجال للتشارك السياسي. ويقول مساعدو الغنوشي إن سجنه سيقوي الحركة ولن يسحقها. ولن تسقط السماء أيضا على جبهة الخلاص الوطني، التي شكلها الإسلاميون مع تسعة أحزاب ومنظمات مدنية، وزعيمها أحمد نجيب الشابي ليس إسلاميا ولكنه يستطيع التمييز بين الخلافات السياسية والديمقراطية نفسها.

وبعد الانتهاء من النهضة وإبعادها عن الطريق، سيكون هدف سعيد هو اتحادات الشغل. وبدخل عام 45 مليار دولار عام 2021 ونقص 360 مليار دينار تونسي في البضائع الأساسية، فستتعرض المالية لضربة قريبا. وتصل أموال الدعم بالقطارة من دول الخليج والاتحاد الأوروبي لكن سعيد يعول على التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي سيطلب بالتأكيد ثمنا لحزمة إنقاذ كما فعل مع مصر. وسيطالب الصندوق بخفض الدعم عن المواد الأساسية وتخفيف عدد العاملين في القطاع العام. وخاض نور الدين تبوني، رئيس الاتحاد التونسي العام للشغل معركة قانونية في المحكمة ضد محاولة اعتبار فترته الثالثة غير قانونية. وقام بمحاولة للإضراب العام.

وفي الاستفتاء التزم الاتحاد الحذر لشجب الاستفتاء ولكنه سمح لأعضائه بالتصويت بناء على ضميرهم. ومن الصعب معرفة عدد التونسيين الذين استمعوا لدعوة المقاطعة أو التزموا بيوتهم بعيدا عن صناديق الاقتراع. ولكن المسرح بات مهيأ للمواجهة الكبيرة بين سلطان تونس الجديد واتحادات الشغل والتي تعتبر بعد النهضة أكبر حركة جماهيرية في البلاد. ولن يتوقع الديمقراطيون في تونس دعما من المراكز التي تنصب نفسها حكما للسلوك الديمقراطي- الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وهم إن شجبوا تصرفات سعيد لكنهم خففوا من أوتارهم الصوتية تجنبا لوصف ما فعل بالانقلاب. واتبعوا نفس الخط في مصر وربما كانوا سيفعلون نفس الشيء مع تركيا لو نجحت المحاولة الانقلابية، ولكن تونس تظهر وعبر المثال عدم صلاحية جيرانها. فهم في الحقيقة يريدون سحق الربيع العربي والديمقراطيون التونسيون هم آخر براعمه الذابلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء:

    السلطان قيس سعيد سيخدم بلده تونس أحسن خدمة لأنه مخلص لوطنه حتى النخاع ???????????

  2. يقول مغربي أمريكي:

    من هنا ستنتهي جمهورية تونسية بعد الاستفتاء ستبدأ مملكة تونسية و أول حاكم البلاد الملك قيس سعيد و مبروك على تونس بالمملكة الجديدة سبحان الله مبدل الأحوال على كل حال حلال على الجمهوريين

  3. يقول ابوعمر:

    يعني كل هذا اللف والدوران …من اجل محاربة او ملاحقة ونفي الاسلام السياسي والاسلاميين عموما….هزلت وزبلت

  4. يقول ابن آكسيل:

    ما يثلج الصدر انه بفضل الدستور الجديد و الرئيس قيس سعيد خرج من تاريخ تونس اسماء الموقعين على دستور 2014 ………!

إشترك في قائمتنا البريدية