بايدن بعد الظواهري.. بين “انتصار النينجا” وضحايا السلاح السائب

حجم الخط
1

قبيل اللحظة التي انتظرتها أمريكا الناقمة، امتشقت من مخازن الدعاية كل الكلمات المقدسة: “أيدينا الطويلة ستصل”، “العدل تحقق”، “أفغانستان لن تكون جنة عدن للإرهابيين”. وضع جو بايدن جمجمة زعيم القاعدة أيمن الظواهري على حزامه ووقف لخطاب قصير أمام الأمة تباهى فيه مرتين: بالتصفية نفسها، في ورديته، حيث شعبيته غارقة عميقاً في التراب؛ وذكر على الطريق معارضي الانسحاب من أفغانستان بأن الولايات المتحدة ستصل إلى معلومات مهمة حتى وإن غابت أقدام جنودها عن كابول.

الرئيس الذي يقود قوة عظمى في أفول متسارع، حقق لنفسه صورة نصر مفتخرة سيلوح بها في انتخابات منتصف الولاية بعد بضعة أشهر. سيعرضها أيضاً في سباق الرئاسة إذا ما سمح حزبه وصحته له أن يتنافس في 2024. لن ينسى بايدن الصورة التي حصل عليها أوباما في 2011 بعد تصفية بن لادن والتي ساعدته في نيل ولاية ثانية. غير أن هاتين التصفيتين لم تحطما رأس الأفعى. فهي تواصل الضرب في آسيا، وإفريقيا والشرق الأوسط.

كان الظواهري يجلس في شرفة بيت في حي فاخر وضعه مسؤول في طالبان تحت تصرفه، وهو التنظيم إياه الذي وقعت الولايات المتحدة معه على اتفاق في الدوحة: انسحاب أمريكي مقابل ألا يستضيف “طالبان” على أرضه تنظيمات إرهابية مثلما فعل من قبل. الانسحاب الذي جرى قبل نحو سنة خلق فوضى وذكّر بالهروب من سايغون. أمريكا أخلت، و”طالبان” رفع الرأس، وبدأ بيد ممدودة يستضيف أدمغة الإرهاب.

القذائف الأذكى في العالم تحت تصرف أمريكا، بما في ذلك “النينجا”، وهي أداة ساحقة ليست متفجرة، لكن لها ستة سكاكين حادة تتلبس الهدف وتقطعه. صناعة السلاح الأمريكية وضعت النينجا على طاولة أصحاب القرار، وهذه قدمت عرضها العلني الأول في شرفة الظواهري. فماذا سيكون مصير الاتفاق الآن؟

في أيلول 2001 سقطت السماء على أمريكا. طائرات اختطفها رجال القاعدة جاءت لتنتقم منها على غرورها وثقافتها. قُتل نحو 3 آلاف مواطن أمريكي في عمليات 11 أيلول. وقتل أبرياء كثيرون أيضاً في السنوات الأخيرة في المدارس أو في الكنائس ممن ذبحهم حائزو السلاح الذي يباع في الولايات المتحدة بكل يسر. عندما تمسك صناعات السلاح بالقوة العظمى الكبرى في العالم من عناقها، فإن تعفنها ملزم بأن يكون متسارعاً.

بعد العمليات في البرجين التوأمين، حين كانت أمريكا باكية ومتفجرة بمشاعر الانتقام، خرج الرئيس بوش الابن إلى حرب غير عادلة في العراق، للتنفيس عن أعصاب الجمهور المحبط. العراق لم يساعد القاعدة. العكس هو الصحيح، رجال التنظيم كانوا يكرهون صدام حسين. بعد ذلك، غرقت أمريكا في أفغانستان، الحرب التي قتل فيها آلاف الجنود وعشرات آلاف الأفغان. في ختام 20 سنة، طوت ذيلها وتركت المسرح لطالبان، الذي كما أسلفنا أعاد استضافة رجال القاعدة.

سيعين بديل للظواهري. وستواصل صناعة السلاح الأمريكية تطويل السوبر-نينجات. ومثلما هو الحال عندنا، بين إسرائيل والفلسطينيين، لن يقوم الزعيم الذي يبدل السكين المشحوذة في القنبلة الذكية بحوار القوة، لكن فيه أيضاً قدراً من الرأفة والتفهم لأزمة الضعيف.
بقلم: أورلي أزولاي
يديعوت أحرونوت 3/8/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ميساء فلسطين:

    هذا ليس انتصارا بل عار على جبين أمريكا اللعينة الخبيثة التي قتلت الشعوب العربية في العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان و قبلها أفغانستان ولا تزال تغدر كاللصة تحت جنح الظلام كاللئام ??????

إشترك في قائمتنا البريدية