ما يجري اليوم في المشرق العربي تحديداً هو استهداف ممنهج للنظم والدول والمجتمعات، بفعل عدة عوامل إقليمية ودولية، بالإضافة إلى استغلال المتغيرات الداخلية، وهو الأمر الذي تجاوز مسألة «إسقاط النظام» إلى إسقاط الدولة، وتعدى مرحلة إسقاط الدولة إلى إسقاط المجتمع، بعد أن أسهمت شعارات الميليشيات الإيرانية والحركات المتطرفة في بعث الخطاب الطائفي، وإدخال المجتمعات العربية في حالة احتراب داخلي باسم «السنة والشيعة»، إثر التدخل الإيراني الذي استغل حالة الفوضى الناتجة عن انتفاضات «الربيع العربي».
وقد ساعد على بروز الدور الإيراني عوامل مهمة يعود بعضها إلى أحداث سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة التي تبناها تنظيم القاعدة، وما تلاها من «حرب عالمية على الإرهاب»، أدت لتدمير أفغانستان والعراق، وهو الأمر الذي مهد الطريق لتعاظم دور طهران فيما بعد، قبل انتفاضات «الربيع العربي» التي فتحت الأبواب أمام تدخلات إيران، مع استمرار «الحرب على الإرهاب» في قمع الخطاب السني عالمياً، وإتاحة المجال ـ عن عمد ـ للخطاب الشيعي بشقيه «السياسي والجهادي»، والذي باسمه استطاعت طهران اختراق أنظمة ودول ومجتمعات عربية عدة، في وقت أدت الضغوط الهائلة على «الخطاب السني» إلى وضعه في زاوية اعتذارية وانكفائه بعيداً، في محاولة للهروب من تبعات «الإرهاب العالمي»، الأمر الذي أتاح الفرصة لـ«التشيُّع السياسي والجهادي» الإيراني للتمدد، بمساعدة ظروف داخلية وإقليمية ودولية.
واليوم تتحكم طهران في قرارات أربع عواصم عربية بطريقة مباشرة، وتؤثر بطريقة غير مباشرة في قرارات دول أخرى، خشية تحريك ملفات داخلية يُخشى من تفاقمها.
وبالنظر إلى واقع تلك العواصم أو الدول الأربع نجد أن هذه الدول معطلة أو شبه معطلة على كافة الأصعدة: سياسياً واقتصادياً وخدماتياً، بسبب استلاب القرار الوطني لصالح طهران.
في اليمن أصبح الملف التفاوضي مرتبطاً بالملف النووي الإيراني ارتباطاً وشيجاً، حيث عملت طهران على زراعة الساحة اليمنية بغراس تؤتي ثمارها في الملف النووي وما يتعلق به، وفي العراق يستمر تعطيل تشكيل الحكومة ما لم تكن بمواصفات إيرانية، وهو ما أدى لاحتقان سياسي ومجتمعي داخل ما بات يعرف بـ«البيت الشيعي» الذي عملت إيران على ترتيبه وفقاً لمصالحها، ومع استمرار تعطيل الحكومة تستمر إيران في الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليها بنهب ثروات العراق، وفي سوريا استطاعت طهران إحداث أكبر عملية تغيير ديمغرافي في البلاد، بغية إعادة رسم حدود الخارطة الطائفية والديمغرافية لصالح القوى المؤيدة لطهران، أما لبنان فيبدو وجعاً مزمناً نظراً لأسبقيته في الوقوع في الفخ الإيراني.
وبالطبع، فإن طهران لم تكن لتقوى على القيام بهذا الدور الكبير لولا غض الطرف عنه من قبل القوى الدولية الفاعلة التي أرادت إشغال شعوب المنطقة بحروب طائفية كان لطهران والتنظيمات المتطرفة الدور الأبرز في إذكائها، حيث تريد القوى الدولية أن تكون إيران قوية بالقدر الذي يجعلها عامل إقلاق للأمن القومي العربي، وفي الوقت نفسه تريد تلك القوى أن تكون طهران ضعيفة بالقدر الذي لا يمكنها من المساس بالمصالح الغربية أو الإسرائيلية، أو لنقل إن القوى ذاتها تريد إيران أقوى من العرب وأضعف من إسرائيل، ليكون ضرر سياسات طهران على العرب لا على تل أبيب. وفيما بين الإرادتين الدوليتين المتناقضتين وجدت طهران فرصة للمناورة والنفاذ إلى ما تريد.
إن «التبشير الشيعي» الذي مهد لـ«الهيمنة الإيرانية» على بعض الدول والمجتمعات العربية باسم الحسين يذكرنا بطلائع «التبشير المسيحي» في منطقتنا قبل أكثر من قرن، والذي كان مقدمة لـ«الاستعمار الأوروبي» لدولنا العربية باسم المسيح
وبالإضافة إلى تلك العوامل الدولية فإن التشيع لعب دوراً بارزاً في تعاظم الدور الإيراني في المنطقة، حيث لم يعد خافياً تحوله على يد الإيرانيين من مذهب إلى طائفة، ومن قيم إلى مصالح، ومن دين إلى جين، ومن رسالة روحية إلى سلالة قومية، وبما أنه أصبح كذلك فقد غدا وسيلة طهران الناجعة في تفتيت مجتمعاتنا العربية، وإذكاء الحروب الطائفية المستعرة منذ سنوات، خدمة لمصالح دولية وإيرانية، ولم يعد خافياً كذلك أن «التشييع» الإيراني لا يدخل ضمن «حرية المعتقد»، لأنه ليس ديناً ببعد روحي، بل أيديولوجيا بأبعاد عسكرية، ولو كانت إيران تؤمن بحرية الاعتقاد، فلماذا لا تسمح بممارسة الدعوة للأديان والمذاهب الأخرى، ولماذا نص دستورها على أن إيران دولة إسلامية على «المذهب الجعفري الإثني عشري»؟
إن طلائع التشييع الإيراني اليوم لا تدخل ضمن «حرية المعتقد»، ولكنها قضية «أمن قومي» بامتياز، إذ أن هذا «التشييع» خرج عن إطاره الديني البسيط إلى تصورات أيديولوجية وقومية لا تتسق ومبدأ «حرية المعتقد» التي تكفلها القوانين الدولية، وإن «التبشير الشيعي» الذي مهد لهذه «الهيمنة الإيرانية» على بعض الدول والمجتمعات العربية يذكرنا بطلائع «التبشير المسيحي» في منطقتنا قبل أكثر من قرن، والذي كان مقدمة لـ«الاستعمار الأوروبي» لدولنا العربية.
وكما أحس «المسيحيون العرب» بخطورة «التبشير المسيحي» في الماضي، الأمر الذي جعلهم يحملون السلاح مع إخوتهم المسلمين العرب لطرد «الاستعمار الأوروبي» الذي جاء متدثراً بعباءة المسيح، سيشعر «الشيعة العرب» ـ ولو بعد حين ـ بخطورة «التشييع الإيراني»، وهو ما سيدفعهم إلى الوقوف مع إخوتهم «السنة العرب» في وجه «الهيمنة الإيرانية» المتلبسة بعمامة الحسين. وقد بدأت طلائع الوعي العربي تؤتي بعض ثمارها لدى «الشيعة العرب» بخطورة المشروع القومي الإيراني، إذ أن ما يجري في العراق اليوم ليس صراعاً عراقياً ـ عراقياً، ولكنه في الحقيقة صراع عراقي ـ إيراني يجري على أرض العراق، ويخوضه العراقيون ضد هيمنة طهران، وهو ما نراه في رمزية الهتاف ضد خامنئي وحرق صوره في النجف وكربلاء، وهي الرمزية ذاتها التي رأيناه في لبنان وفي الأحواز، ناهيك عن دول حمل مواطنوها السلاح ضد الهيمنة الإيرانية الجديد.
لم يعد من المقبول اليوم بعد كل هذا الوضوح في المشروع الإيراني أن يدس العرب رؤوسهم في الرمال، بحجة أن هناك محور مقاومة، أو بعذر الابتعاد عن الطائفية، أو بدعوى التقارب ودعوات التهدئة التي تصب في صالح المشروع الإيراني، أو بالقول بأن من يحذرون من كارثية المشروع الإيراني عملاء لأمريكا وإسرائيل، أو أنهم يؤمنون بنظرية المؤامرة. وبطبيعة الحال، فلا أحد يطالب بحرب مع طهران، ولكن بقاء الوضع على ما هو عليه لن يكون في صالح المنطقة برمتها، وهناك بالطبع وسائل كثيرة لكبح هذا المشروع بأقل قدر من التضامن والتنسيق الحقيقيين، لملء الفراغ الذي يتحرك فيه هذا المشروع المدمر الذي يدخل الدولة فينهكها من داخلها، لا للسيطرة المباشرة عليها، ولكن للتحكم بها ومن ثم الاستحواذ على مقدراتها ومواردها عن طريق وكلاء محليين، تم إنشاؤهم وتدريبهم وتسليحهم لهذا الهدف.
قبل سنوات حذر العاهل الأردني عبدالله الثاني من محاولات إنشاء «الهلال الشيعي» لتطويق دول المنطقة، ثم كُتبت مقالات لا تحصى لتفنيد قول الملك، بل والهجوم عليه، على اعتبار أنه يدخل ضمن أوهام «نظرية المؤامرة»، لكن من كتب منتقداً الملك حينها يقول اليوم مفاخراً إن «البدر الشيعي الإيراني» يحتل أربع عواصم عربية، ويهدد غيرها من الدول والعواصم، في محاولة لتحويل مركز الثقل الإسلامي نحو طهران، وفق أدبيات فكرة: «إيران أم القرى الإسلامية».
واليوم، وبعد كل هذا الوضوح، تجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع القومي الإيراني المتلبس بالتشيع لا يصب في مصلحة الشيعة العرب، ولا الشيعة الإيرانيين، ولا الشيعة في العالم، ولكنه مشروع أيديولوجي يصب في مصلحة مراكز القوى الدينية والعسكرية التي تحوز السلطة والثروة في طهران، فيما ملايين الشيعة في إيران وخارجها يقبعون تحت خط الفقر، في حين تستغل طهران حاجتهم المادية لجعل دمائهم سلماً في سبيل اكتمال مشروعها القومي المؤدلج.
كاتب يمني
حبيبي . خلافة آل بيت في نهج البلاغة موجودة و ايضا في احاديث شيعة و سنة مثل حديث اثنی عشر خليفة أو أمير في البخاري و المسلم
اليوم الخلافة والإمامة للشعوب، تختار من تشاء خلفاء وأئمة، لنخرج من تفكير القرون الماضية. مسألة السلطة اختيار الشعوب، وليس اختيار الله. ثم إن أهل البيت ماتوا جميعاً.
لا أعلم لماذا لم يتطرق
إلى أصل الفتنة بين السنة و الشيعة ! ، و لم يذكر
شيئ عن اليهودي اليمني “عبد الله بن سبأ” الذي ادعى الإسلام و بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم و مبايعة أبا بكر الصديق رضي الله عنه
خليفة لرسول الله و للمسلمين ، خرج أبن
سبأ اللعين
الخبيث ينشر في
في الأمصار بأن عليا رضي الله عنه أولى بالخلافة و صدقه بعض الجاهلين لينشق الإسلام إلى شيعة و سنة و فرق
أخرى ما أنزل الله بها من سلطان.. كلها في النار..
إلا فرقة واحدة.. ما هي
يا رسول الله..؟..قال:
ما أنا عليه و أصحابي.
كيف النبي ترك امته بلا تكليف هل المعقول؟ هل يوجد موضوع أهم من الحكومة بعد النبي؟ ليش الله ما قال شيئا؟ أو قال ؟ حديث ثقلين يأمرنا بماذا؟
أعتذر عن الخطأ في تعليقي السابق “جلا من لا ينسى”…، “ابن سبأ اليهودي جاب الأقطار في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه مؤلبا الناس عليه ، مظهرا الطعن عليه و على أمرائه بأسم ‘الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر’… فكان مقتل الخليفة الراشدي المهدي عثمان بن عفان رضي الله عنه إثر هذه المؤمراة اليهودية التي تولى كبرها ابن سبأ اللعين هذا..،
{وإدخال المجتمعات العربية في حالة احتراب داخلي باسم «السنة والشيعة»، إثر التدخل الإيراني الذي استغل حالة الفوضى الناتجة عن انتفاضات «الربيع العربي».} ،،،،،،،،،،
«السنة والشيعة» متواجدون جنبا إلى جنب في المجتمعات العربية الإسلامية قبل (التدخل) الإيراني بمئات السنين ؛ حاجتكوا تلصقوا كل شيء بضلع الإيرانيين وتتغافلوا عن الحقيقة ؛ أول من ركب موجات «الربيع العربي» هم المتشددون وفي النتيجة أفسدوا وخربوا كل شيء !!!؟؟؟
ما لا يريد فهمه الكثير من الناس,, ان سياق الفتنة في زمن الخلافة لا يختلف عن سياقها الحديث,,, اي اختراق المجتمعات الاسلامية التي كانت تمثل الامة والدولة التي بنيت على انقاض امبراطوريات عالمية انهارت,,,, ألا يشبه ذلك سياق صراع القوى الاستعمارية وسياق انهيارها وسياق محاولات تشكيل العالم بعد تلك الفترات من التحولات التاريخية,,,,, الفتنة،،، خاصة في السياق الداخلي والاقليمي ما هي الا عملية مدبرة للتدمير الداخلي،،، والمستفيد هو صاحب الحبكة : الذي يترقب من بعيد،،، ويصنع الفتن عبر دعم طرف ليشكل تهديدا للاخر،، وخاصة استغلال الاقليات العرقية والدينية للعب على وتر حساسية الذاكرة التاريخية للاقليات,,,, فهي اسهل الفرائس لتقع وتوقع الاخرين في نفس المصيدة,,,, ليس النفوذ العابر للحدود هو المشكلة للعالم العربي وجيرانه التاريخيين ،، بل الحدود الاستعمارية وما اريد من ورائها …. كانت هناك حضارات متعادية تاريخيا ولكنهااليوم تشكل نفس الامة ونفس الاتحاد وتدافع عن مصالح مشتركة!!! الا يدلل مصطلح الفديراليات والاتحادات التي تحكم العالم على شيء من هذا القبيل؟؟؟!!!!!!
المسلمون في مقدمة الشعوب التي تستخدم الدين في كل شيء ، لا فرق بين سنة وشيعة ، والمضحك والمبكي في نفس الوقت هو اعتمادهم على قولة مشهورة ومضحكة : من مات وليس في عنقه بيعة فقد مات كافرا . لا أدري من هو الغبي الذي قال هذه القولة الغبية التي أدخلت المسلم في متاهة. لن يخرج منها الا اذا آمن بأن الدين علاقة خاصة بين الإنسان وخالقه