يواصل الجيش الإسرائيلي شن غاراته الجوية والبرية على مناطق واسعة من قطاع غزة، وذلك ضمن العملية العسكرية التي أطلقها الجيش تحت اسم «طلوع الفجر» والتي تستهدف مواقع وعناصر حركة الجهاد الإسلامي، وذلك بعد أن أقدم مساء الجمعة الماضية على اغتيال عدد من قادة وعناصر الجهاد، في غارة جوية استهدفت أحد الشقق السكنية وسط مدينة غزة.
ويأتي التغول الإسرائيلي على غزة بعد عملية الاغتيال للقائد البارز في الجهاد الإسلامي تيسير الجعبري، تزامناً مع جهود الوساطة الدولية والأممية التي بذلت خلال الأيام الماضية لإنهاء حالة التوتر بين الفصائل وإسرائيل، لكن إسرائيل غدرت بالجهود وأقدمت على تنفيذ سلسلة من الاغتيالات والبدء بالعملية العسكرية.
وقالت القناة العبرية الرسمية «كان» إن الجيش الإسرائيلي خطط مسبقاً لهذه العملية، سواء من أجل اغتيال قيادات عسكرية في الجهاد الإسلامي، أو بهدف منع فصائل المقاومة في غزة من فرض معادلة جديدة مع إسرائيل، في حين هذه العملية تأتي استخلاصاً لعبر حملة «حارس الأسوار» في ايار/مايو2021 والتي حاولت الفصائل في غزة وعلى رأسها حماس تثبيت معادلات ردع أمام إسرائيل.
وقبل تنفيذ العملية العسكرية على قطاع غزة، مهد الجيش الإسرائيلي للغارات بخطوات تصعيدية، حيث أقدم على اعتقال القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي بسام السعدي خلال عملية عسكرية نفذها في جنين، إضافة إلى إخلاء الجيش كافة الطرقات والمواقع العسكرية القريبة من حدود غزة، عدا عن إغلاق كافة المعابر المحيطة بقطاع غزة، استعداداً لشن عدوان على القطاع.
وفور بدء العدوان على قطاع غزة، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي وعلى لسان الأمين العام للحركة زياد النخالة، وقف كافة الوساطات والجهود العربية والدولية والأممية للتهدئة، بعد غدر إسرائيل بهذه الوساطات التي أبدت تعاطيا كبيرا معها حركة الجهاد وباقي الفصائل الأخرى. وعلى إثر ذلك يواصل مقاتلو الجهاد الإسلامي تنفيذ هجمات صاروخية ضد البلدات الإسرائيلية في غلاف ووسط إسرائيل، حيث أعلنت سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي عن إطلاق أكثر من مئة قذيفة صاروخية تجاه بلدات غلاف وعمق إسرائيل، كرد أولي على اغتيال القائد تيسير الجعبري أحد القادة العسكريين البارزين.
وأدانت دول عربية وأبرزها قطر إقدام إسرائيل على شن عملية عسكرية جديدة على قطاع غزة، والتي أدت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى في صفوف الأطفال والمدنيين، معتبرةً أن إسرائيل تواصل خرق كافة الاتفاقات والجهود الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، وذلك بعد جهود بذلت مع كافة الأطراف خلال الأيام القليلة الماضية مع الفصائل في غزة لاحتواء أي تصعيد.
واعتبر محللون سياسيون في غزة، أن جولة التصعيد الحالية تأتي في سياق التنافس السياسي على انتخابات الكنيست الخامسة، والتي يبحث فيها رئيس الوزراء يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس عن تسجيل انتصار، وحسب محللين فإن العملية العسكرية ستمتد لأيام، وهناك احتمالية أن تتوسع في حال انضمام حركة حماس للعملية العسكرية.
بدوره قال الكاتب والمحلل السياسي فتحي بوزية إن العملية العسكرية المباغتة التي شنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة بعد أيام قليلة من اعتقال القائد في الجهاد بسام السعدي في جنين، تأتي ضمن سياق المشكلات الإسرائيلية الداخلية التي تعاني منها الحكومة، والتي تدفع قادتها لتصدير أزماتهم نحو غزة، بهدف تحقيق أهداف عديدة وأبرزها سياسية.
وأوضح لـ«القدس العربي»: أن إسرائيل أخطأت التقدير عندما بدأت بشن عدوان ضد عناصر الجهاد الإسلامي على عدة اعتبارات، أولاً بالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي ليس لديها ما تخسره في غزة، أما الاعتبار الآخر فإن هناك احتمالية كبيرة لانضمام كتائب القسام التنظيم الأقوى في غزة إلى جانب مقاتلي الجهاد الإسلامي، وهذا سيدخل إسرائيل في دوامة وستصل صواريخ المقاومة إلى كل نقطة داخل إسرائيل، وهذا ما شاهدناه خلال معركة سيف القدس قبل عام ونصف.
وبين أن جهود التهدئة التي تبذل مجدداً من قبل الوساطات العربية والدولية، ربما لا تنجح في الوصول إلى توقف لإطلاق النار خلال الساعات المقبلة، وربما تمتد المواجهة لأيام، وهذا يعود إلى امكانية وضع فصائل المقاومة شروطا على وقف التصعيد، قد لا تقبل بها إسرائيل خاصة في ظل اختراقها لبنود اتفاق 2021.
ويتفق الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي عليان الهندي مع سابقه، إذ أكد أن التنافس الانتخابي كان السبب الأول لقيام حكومة إسرائيل بزعامة يائير لابيد بشن عملية عسكرية على غزة، تحاول من خلالها البحث عن صورة انتصار داخل غزة وتعزز من خلالها صورة الحكومة داخل المجتمع الإسرائيلي بعد سلسلة من الاختراقات الأمنية مؤخراً، لكن حسب الهندي صورة الانتصار التي تبحث عنها إسرائيل ستبقى ضبابية، خاصة وإن هناك ردودا قوية من قبل فصائل المقاومة خلال الساعات المقبلة.
وأشار لـ«القدس العربي» إلى أن إسرائيل تحاول جر حماس إلى المواجهة مع الجهاد الإسلامي، من أجل شن عدوان أوسع على قطاع غزة، يمكن من خلاله تسجيل صورة انتصار لحكومة لابيد، من خلال تسجيل أكبر عدد من القتلى وهدم للمنشآت السكنية، وهذا ما فعلته حكومة بنيامين نتنياهو خلال معركة سيف القدس، ولكن أطاحت العملية بنتنياهو بعد فشل الجيش في تحقيق أهدافه.
وتوقع الهندي أن تعود العمليات الفدائية في كافة مناطق الضفة الغربية من جديد، إلى جانب تفعيل عمليات إطلاق النار من قبل الكتائب التابعة للجهاد الإسلامي خاصة في مدينة جنين ونابلس، وبالتأكيد في حال قامت هذه المجموعات بتنفيذ هجمات ضد المستوطنين والجنود، فإن العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة ستبوء بالفشل، كما حدث في هبة الكرامة التي انتفض خلالها سكان مناطق الداخل والضفة الغربية ضد التغول الإسرائيلي على غزة خلال معركة سيف القدس في ايار/مايو2021.
يشار إلى أن قيادة الجيش الإسرائيلي، أعلنت صباح السبت أن العملية العسكرية على غزة مستمرة حتى تحقيق كامل أهدافها، فيما أمرت المستوطنين في المناطق المتاخمة لقطاع غزة وحتى السكان في عمق 80 كيلو مترا، الالتزام بتوجيهات الجيش والبقاء على مقربة من الملاجئ والغرف المحصنة، تحسباً من تعرضهم لنيران القذائف الصاروخية من غزة.
لعنة الله عليهم وعلى إسرائيل