تونس- “القدس العربي”: أثار قرار تجميد عمل إمام تونسي بعد تلاوته، أمام وزير الشؤون الدينية، آية قرآنية تتحدث عن “الانقلاب”، جدلا واسعا، دفع المعارضة للمطالبة بعزل الوزير، ومطالبة السلطات بعدم الخلط بين السياسة والدين، قبل أن تتراجع الوزارة عن القرار.
وكانت الوزارة قررت إيقاف الشيخ محمد زين الدين إمام أحد مساجد مدينة نابل (60 كلم من العاصمة) عن العمل بشكل مؤقت بعد تلاوته في احتفال برأس السنة الهجرية الآيتين 26 (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) و144 (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ومَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) من سورة “آل عمران”.
ونقلت وسائل إعلام عن شهود قولهم إن وزير الشؤون الدينية إبراهيم الشائبي عاتب الإمام المذكور، ودعاه لعدم قراءة آيات عن “الانقلاب” مجددا، قبل أن تقرر الوزارة إيقافه عن العمل مؤقتا.
وأكد الشيخ محمد زين الدين الواقعة، وقال إن الوزير طلب منه “ممازحا” الابتعاد عن قراءة هذا النوع من الآيات، قبل أن يتلقى بعد أيام اتصالا من السلطات المحلية يطلب منه الركون للراحة لعشرة أيام إلى حين النظر في الأمر، مشيرا إلى أنه يقرأ الآيات المذكورة منذ 18 عاما، وليس لديه أي انتماء سياسي، ولم تحدث له أي مشاكل مع السلطات سابقا. كما أشار إلى أن السلطات المحلية أبلغته لاحقا بإمكانية العودة لعمله، لكن خير مواصلة الإجازة الممنوحة له.
وقال كاتب عام نقابة الشؤون الدينية في اتحاد الشغل، عبد السلام العطوي، إن النقابة ستدقق في أسباب تجميد عمل الإمام المذكور، مضيفا “الأئمة في حال ذهول مما حدث. ولن نبقى مكتوفي الأيدي ونحن ننسق مع قيادة الاتحاد لاتخاذ خطوات للرد على نزيف عزل الأئمة”.
ودعا عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد، إلى إقالة وزير الشؤون الدينية، مؤكدا أن “الإمام حر في محرابه ومنبره ان يتخير من آيات الذكر الحكيم ما يؤم به المؤمنين من دون تدخل السلطة السياسية”.
وعلق الوزير السابق والقيادي في حركة النهضة، رفيق عبد السلام، بالقول “الأمر لم يعد يقتصر على تفسير الإسلام أو تاويله وفق النظرية المقاصدية على الطريقة القيسية (وليس وفق رؤية الشاطبي أو الطاهر بن عاشور) حيث تكون الدولة هي المفسر والمؤول والمجتهد الأول والأخير، ومن خلفها الإمام الأعظم الذي يحدد مقاصد الدين وحدوده ومعانيه، الآن يحتاج الأمر الى ترخيص من ولي الأمر فيما يجوز تلاوته وما لا يجوز من كتاب الله في بيوت الله (..) ابتسم انك في الجمهورية القيسية الجديدة!”.
وعلق الناشط السياسي، محمد بن جماعة، ساخرا “تسريبات إعلامية: قريبا، تعميم من وزارة الشؤون الدينية للقراءة في الصلاة الجهرية بسورتين فقط: في الركعة الأولى سورة (الضحى) وفي الثانية سورة (الكوثر)”!
وقبل أيام أثار إمام في مدينة صفاقس (جنوب شرق)، جدلا واسعا، بعد دعوته لمقاطعة الاستفتاء على الدستور، الذي اعتبر أنه يعزز الحكم الفردي في البلاد، وهو دفع بعض المصلين لطرده، فيما دعا البعض إلى النأي بالمنابر الدينية عن اللعبة السياسية.