كأن خروج العليمي من اليمن كان مقصودا من قبل دول التحالف العربي لتعزيز الحضور الفعلي لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى إلى انفصال الجنوب عن الشمال في اليمن.
تعز ـ «القدس العربي»: ذكر سياسيون يمنيون ان عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، ذو التوجه الانفصالي بدعم إماراتي، عيدروس الزبيدي، أصبح يدير المحافظات الجنوبية من العاصمة المؤقتة عدن كدولة انفصالية، في ظل غياب الرئيس رشاد العليمي، الذي فرّ من عدن قبل نحو أسبوعين، إثر تعرضه فيها لما يشبه الإقامة الجبرية من قبل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي التي تسيطر على محافظة عدن وأغلب المحافظات الجنوبية. وأوضحوا لـ«القدس العربي» أن الزبيدي أصبح بشكل علني يمارس نفوذه كـ»رئيس دولة» على دولة الجنوب، ويقوم بإصدار توجيهات رئاسية للمسؤولين الجنوبيين في عدن وبقية المحافظات الجنوبية، ويحصر لقاءاته الحكومية بالمسؤولين الجنوبيين فقط، بينما يتجاهل اللقاء بأي من المسؤولين عن المناطق الشمالية أو الذين ينحدرون إلى المحافظات الشمالية.
وذكروا أن الزبيدي عزز وضعه في الحكومة من خلال تواجده في عضوية مجلس القيادة الرئاسي، المعلن في السابع من نيسان/ابريل الماضي، والتي استغلها لفرض نفوذه تحت عباءة السلطة الشرعية، والتي شرعنت تدريجيا تصرفاته الانفصالية، بتحييد القيادة الشرعية عن ممارسة نشاطها وعن المشهد العام والحضور بدلا عنها في إدارة الوضع السياسي والعسكري والاقتصادي في الجنوب، بقوة السلاح الذي يسيطر به المجلس الانتقالي الجنوبي على العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات الجنوبية.
ويعقد الزبيدي لقاءات واجتماعات حكومية بالقصر الرئاسي في منطقة المعاشيق بمدينة عدن بشكل مستمر مع كبار مسؤولي الدولة، بحكم عضويته في مجلس الرئاسة، ولكنه في الواقع يلتقي بهم باعتباره الحاكم الأول والفعلي في الجنوب، ويعقد أغلب اجتماعاته تحت راية «العلم الجنوبي» الانفصالي وهو ما أثار تساؤلات سياسية ودستورية عديدة عن وضعية السلطة الشرعية في البلاد، التي أصبحت تتلاشى بشكل تدريجي منذ تشكيل مجلس الرئاسة قبل أقل من خمسة شهور، في الوقت الذي يتعاظم فيه حضور المجلس الانتقالي الجنوبي، الانفصالي، ويطغى فيه دور رئيسه عيدروس الزبيدي على المشهد السياسي. إلى ذلك قال موقع «المصدر اونلاين» الإخباري المستقل ان عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزبيدي «استبعد الوزراء المنتمين لمحافظات شمال البلاد من لقاءاته التي يعقدها في قصر معاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن بصفته نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي».
وأوضح ان تحركات الزبيدي، منذ غياب المجلس الرئاسي عن عدن، وخلو الساحة له بشكل تام «يتحاشى لقاء الوزراء ونوابهم الذين ينتمون لمحافظات شمال البلاد، وتنحصر لقاءاته فقط على المسؤولين من محافظات الجنوب».
وذكر ان لقاءات الزبيدي الأخيرة والتي نشرتها وسائل الإعلام الحكومية الرسمية، «أظهرت أن عيدروس يكتفى بلقاء مسؤولين من الدرجة الثانية في الوزارات من محافظات جنوب اليمن على الرغم من وجود الوزراء المعنيين بتلك الوزارات في عدن».
وأضاف انه «عقد الزبيدي منذ مطلع الأسبوع الحالي عدة لقاءات بمسؤولين في الحكومة، كان أكثرها لفتاً للنظر لقاءات عقدها مع نواب وزراء الإعلام، والصناعة، والتعليم الفني وجميعهم من المحافظات الجنوبية، على الرغم من وجود وزير الإعلام معمر الإرياني ووزير الصناعة محمد الأشول في العاصمة المؤقتة» اللذان ينتميان إلى المحافظات الشمالية.
وكان الزبيدي التقى الأربعاء الماضي في لقاءين منفصلين كل من نائب وزير الإعلام حسين باسليم، ونائب وزير التعليم الفني والتدريب المهني عبدربه المحولي، كما التقى الأحد الماضي، بنائب وزير الصناعة، سالم محمد الوالي، وناقشهم في قضايا إدارية تتعلق بتلك الوزارات على الرغم من وجوده على مقربة من المسؤولين الحقيقيين وهم الوزراء.
وشملت لقاءات الزبيدي الرسمية الأربعاء الماضي اجتماعه بمحافظ لحج أحمد التركي، ووزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سعيد الزعوري، واللذان ينتميان إلى محافظة لحج الجنوبية، فيما عقد الاثنين الماضي لقاء باللجنة العسكرية المكلفة بتقصي الحقائق في الأحداث التي شهدتها محافظة شبوة مؤخرا برئاسة وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري، وهو جنوبي أيضا من محافظة الضالع، وتتم هذه اللقاءات في الغالب من دون علم الدولة، أو بعلم الانفصال الجنوبي ان تم الاجتماع في مقر المجلس الانتقالي الجنوبي.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي اضطر إلى مغادرة العاصمة المؤقتة عدن قبل نحو أسبوعين، إلى دولة الإمارات في زيارة غير معلنة سلفا، ثم انتقل بعد عدة أيام إلى الاستقرار في العاصمة السعودية الرياض، وذلك للفرار من الحصار المفروض عليه من قبل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة المؤقتة عدن، التي لم يكن يستطيع فيها مغادرة القصر الرئاسي في منطقة معاشيق، ومع فراره إلى خارج البلاد خفتت أخباره الرسمية، وكأن خروجه من اليمن كان مقصودا من قبل دول التحالف العربي لإخفائه عن المشهد السياسي، لتعزيز الحضور الفعلي لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يسعى إلى انفصال الجنوب عن الشمال في اليمن.