مزاعم التطوير تدهس التراث المصري.. قبر عميد الأدب العربي آخر الضحايا

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة- “القدس العربي”: تواصلت الانتقادات في مصر، للحكومة، في ظل تصميمها على الاعتداء على التراث تحت زعم التطوير.

وطالت أزمة هدم المقابر المستمرة في وسط القاهرة، مقبرة عميد الأدب العربي طه حسين، حيث أضيفت كلمة “إزالة” بالخط الأحمر إلى علامات إكس حمراء على جانبي مقبرة طه حسين، وعلى المقابر التي تليها في نفس الصف.

وبدأت بالفعل عملية إزالة بعض المقابر في نفس صف المقبرة.

الدكتورة مها عون، حفيدة عميد الأدب العربي، قالت إن الأسرة علمت بشكل غير رسمي بإزالة المقبرة تماما وليس حتى نقلها، موضحة أنها لا تعلم إلى أين ستنقل رفات جدها حتى الآن.

وتابعت مها عون: “لم يتم إبلاغنا بشكل رسمي حتى الآن بشأن إزالة المقبرة، لم يتواصل أحد معنا، ففي البداية وضعوا لنا علامة إكس حمراء، ولكن بعدها المحافظة أكدت لنا أنه لا يوجد قرار إزالة للمقبرة، لكننا فوجئنا بموظفين تنفيذين يكتبون كلمة إزالة على المقبرة.

وأكدت عون، أنه لم يتم عرض أي تعويضات على أسرة عميدة الأدب العربي حتى الآن، موضحة أن المقبرة تم بناؤها منذ عام 1973 وقت وفاة عميد الأدب العربي وتضم أيضا رفات ابنته أمينة التي كانت من أوائل الفتيات اللائي حصلن على شهادة جامعية في مصر ورفات زوجها الراحل محمد حسن الزيات وزير خارجية مصر إبان حرب أكتوبر عام 1973.

مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب، قالت إنها تطالب كل المسؤولين في الدولة بالحفاظ على تراثنا وتاريخنا والعمل على إعلاء هذا التراث لا تدميره.

وتابعت، في بيان: تقدمت منذ مايو/ آيار الماضي بطلب إحاطة حول ما تردد حول إزالة مقبرة عميد الأدب العربي طه حسين، ولم يناقش الطلب منذ ذلك الوقت.

وأضافت: الحقيقة إن صح ذلك فهو يعد جريمة لا تغتفر في حق الوطن، الدول الأخرى تستعين برموزنا وتضعهم على أجندتها الدولية وتسمي بهم معارض ونحن نهدم هذا التاريخ بدلا من استغلاله والبناء عليه.

وتقع مقبرة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في مقبرة سيدي عبدالله في منطقة التونسي بالقرب من مسجد ابن عطاء الله السكندري.

لم يقتصر الاعتداء على التراث على القاهرة، بل امتدت لمدنية الإسكندرية شمالي مصر.

في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة المصرية لتنظيم مؤتمر المناخ “cop 27” التابع للأمم المتحدة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، تواجه انتقادات بسبب ما تصفه المعارضة بمذابح الأشجار والحدائق العامة في مصر.

آخر هذه المذابح، طالت حديقة انطونيادس العريقة، في الإسكندرية- شمال مصر-، حيث شهدت مصر جدلا واسعا خلال الأيام الماضية، حول أعمال تطوير في حدائق أنطونيادس الشهيرة وسط مخاوف من تأثر معالم الحديقة التاريخية سلبا، وخاصة الأشجار النادرة بالأعمال التي تجرى بها من تطوير بعد أن تداول عدد من مستخدمي صفحات التواصل الاجتماعي، معلومات تحدثت عن هدم معالمها وقطع أشجارا نادرة بها وسط مطالبات بتوضيح حقيقة ما يحدث.

جدل في مصر بسبب هدم حديقة يعود تاريخها للعصر البطلمي

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورا قالوا إنها لعمليات قطع الأشجار، وأخرى للافتات على أبواب الحديقة خاصة بأحد شركات المقاولات تتحدث عن خطة لتطوير الحديقة.

سميرة الجزار عضو مجلس النواب المصري، تقدمت بسؤال مُوجه إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، بشأن تطوير حديقة أنطونيادس.

وقالت الجزار، إن الأهالي يطالبون من الحكومة؛ الحفاظ على تاريخ الحديقة والتماثيل الرخامية النادرة الكاملة الحجم لشخصيات أسطورية وتاريخية، والنباتات النادرة، وأن يقتصر التطوير على تنظيف الحديقة وتجديد السور، وتجريم قطع الأشجار نهائيا، وعدم إعادة تنسيق الحديقة، والحفاظ على معالمها التاريخية والإبقاء عليها كنموذج مُصغّر من حدائق قصر فرساي في باريس.

وتابعت: هذا النوع من التطوير يخالف المادة 50 من الدستور، التي تنص على أن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى؛ ثروة قومية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته وليس تطويره، والاعتداء على أي من ذلك؛ جريمة يعاقب عليها القانون، وتولى الدولة اهتماما خاصا بالحفاظ على مكونات التعددية الثقافية في مصر، وليس طمسها في بعض الأماكن بقصد أو بدون قصد.

من جانبها نفت الدكتورة بدرية حسن، مدير حديقة أنطونيادس التاريخية في الإسكندرية، صحة الأنباء المتداولة عن هدم الحديقة وقطع أشجارها النادرة، مشيرة إلى أن “أنطونيادس” تشهد عملية تطوير شاملة للحفاظ عليها بعد تهالك بعض منشآتها.

وأوضحت بدرية أن خطة تطوير حدائق أنطونيادس تشمل أعمال تقليم وتهذيب للأشجار حفاظا على عملية نموها، بالإضافة إلى أعمال ترميم وبناء أسوار جديدة نتيجة تهالك الأسوار الحالية، مبينة أن التطوير يشمل كامل أنحاء الحديقة التي تقع على مساحة 96 فدانًا.

وأكدت أن أعمال التطوير تجرى مع مراعاة الحفاظ على تاريخ الحديقة ومحتوياتها من المعالم المميزة والتماثيل والنباتات النادرة، خاصة وأنها تعد من أقدم الحدائق في مصر.

تعد حدائق أنطونيادس أقدم حدائق مدينة الإسكندرية ومن بين أقدم الحدائق، إذ يرجع بعض المؤرخون تاريخ إنشائها إلى العصر البطلمي في مصر باعتبارها كانت تقع ضمن ضاحية إيلوزيس أو ما يعرف بـ”جنات النعيم” وعاصرت هذه الضاحية أحداثًا تاريخية مهمة لملوك البطالمة.

في القرن التاسع عشر كانت الحدائق ملكًا لأحد الأثرياء اليونانيين، وكانت تعرف باسمه “حدائق باستيريا” حتى تملكها محمد علي باشا وأقام قصرًا له بها، وفي عام 1860 ميلادية عهد من قبل الخديوي إسماعيل إلى الفنان الفرنسي “بول ريشار” بإعادة إنشاء الحدائق كنموذج مصغر من حدائق قصر فرساي في باريس التي أقام بها الخديوي إسماعيل أثناء زيارته لفرنسا، وكانت مساحة الحدائق آنذاك نحو 50 فدانًا بل وصلت مساحة الحدائق نتيجة التوسعات التي أمر بها الخديوي إسماعيل، وأضيف وقتها عدد كبير من الأشجار والنباتات النادرة إلى الحديقة حيث عرف عن الخديوي إسماعيل ولعه بصيد الطيور بها.

انتقلت ملكية القصر والحدائق إلى أحد الأثرياء وهو البارون اليوناني جون أنطونيادس عام 1860 وسميت الحدائق باسمه لاحقًا، وظل جون أنطونيادس زمنًا بالقصر، وعندما توفي عام 1895 آلت الحدائق والقصر بالميراث لابنه أنطوني الذي نفذ وصية والده بإهداء القصر والحدائق إلى بلدية الإسكندرية العام 1918 ميلادية.

وتشتهر الحديقة بوجود مجموعة مميزة من التماثيل الرخامية النادرة الكاملة الحجم لشخصيات أسطورية وتاريخية فضلا عن بعض المنشآت يونانية الطابع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية