أنطاكيا – «القدس العربي» : عاودت الميليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني نشاطها العسكري في ريف دير الزور شرق سوريا، بعد نحو أسبوع من تسجيل المنطقة لعمليات قصف متبادل بين قوات «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن، والميليشيات.
وأبلغت مصادر ميدانية «القدس العربي» أن الميليشيات استأنفت التدريبات العسكرية، والمعسكرات للعناصر الجدد، وذلك بعد توقف النشاط العسكري وإفراغ المعسكرات من العناصر تفادياً لخسائر محتملة قد تنجم عن قصف أمريكي جديد للمعسكرات والنقاط العسكرية. وبموازاة ذلك، أكد موقع «دير الزور الآن» وصول عدد من المنتسبين الجدد لميليشيا «حزب الله» السوري إلى دير الزور من محافظة حماة (وسط) لإجراء معسكرات تدريبية، مشيراً إلى أن العناصر استقروا في أحد أبنية جامعة الفرات على طريق دير الزور – حمص.
كذلك وصل رتل عسكري ريف دير الزور الشرقي عبر معبر البوكمال الحدودي قادماً من العراق، وتوجه نحو بلدة السيال بريف البوكمال، وفق الموقع، الذي أكد أن نشاطات الميليشيات الإيرانية تعود مجدداً في دير الزور، بعد ركود لأيام بسبب القصف الجوي مؤخراً. ويقول الصحافي زين العابدين العكيدي لـ«القدس العربي» إن الميليشيات ألغت الإجازات التي أعطتها لعناصرها الذين تم منحهم إجازات، واستأنفت نشاطها العسكري، بعد تغيير مواقع بعض المقرات العسكرية. وبجانب ذلك، واصل المركز الثقافي الإيراني في الميادين مزاولة نشاطه، حسب تأكيد العكيدي كما أعاد معبر البوكمال الحدودي العمل.
ويلفت إلى محدودية الخسائر البشرية نتيجة التصعيد الأخير، ويقول: «تعلمت الميليشيات كيف تتعامل مع الضربات». وشهد الأسبوع الماضي مناوشات وتبادل قصف بعد ضربات جوية أمريكية أمر الرئيس الأمريكي جو بايدن بها، استهدفت مستودع ذخيرة ومنشآت أخرى تستخدمها ميليشيات مدعومة من الحرس الثوري في 23 آب/أغسطس الماضي، وبعدها بيوم واحد ردت الميليشيات بشن هجمات صاروخية على قاعدتين لـ»التحالف الدولي»، ما أدى لإصابة أحد الجنود الأمريكيين، ليرد الجيش الأمريكي على الاستهداف الخميس 25 آب/أغسطس، معلناً عن مقتل 4 مقاتلين حسب مصادر أمريكية. ورغم التصعيد الذي ساد ريف دير الزور، إلا أن التوقعات كانت لا تصب في تطور الوضع إلى اشتباكات مباشرة وهو ما جرى فعلاً، حيث سرعان ما استعادت المنطقة الهدوء، وإن كان حذراً. ويؤيد ذلك الكاتب والمحلل السياسي فراس علاوي من دير الزور، ويقول لـ«القدس العربي»: إن التصعيد كان محدوداً.
وفي السياق ذاته، اعتبر مركز «جسور للدراسات»، في ورقة تقدير موقف اطلعت عليها «القدس العربي» أن التحرك الأمريكي لم يقتصر على ضرب مصادر النيران التي استهدفت قوات التحالف الدولي، وإنما «كان واسعاً ويستهدف البنية التحتية العسكرية التي أنشأتها الميليشيات، ما يعطي مؤشراً على قدرة الولايات المتحدة على تهديد مصالح إيران العسكرية في سوريا على نحو مكلف ومدمّر». وحسب المركز فإن الولايات المتحدة حققت هدفها من هذا التصعيد، وعززت من خلاله ثقة إسرائيل وبقية حلفائها الدوليين والمحليين بموقفها الثابت من الحرس الثوري وأنشطته الخارجية، وأكّدت قدرتها على الردع وليس الرد فقط.
ومن وجهة نظر «جسور للدراسات» تُفضل الولايات المتحدة وإيران خفض التصعيد مجدداً وإعادته الى حدوده الدنيا المعتادة، «لعدم رغبة الجانبين في رفعه إلى مرحلة يتحول فيها إلى صراع أو اشتباك مباشر قد يؤثر سلباً على مفاوضات إحياء الاتفاق النووي». ولا يمكن فصل الضربات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت ريف دمشق ومطار حلب الدولي مساء الأربعاء عن عمليات تبادل القصف الذي شهدها ريف دير الزور، إذ يبدو ان إسرائيل تريد القول إن توقيع الاتفاق النووي لا يعني توقف ضرباتها في سوريا، بالتنسيق مع الولايات المتحدة.