الدوحة ـ«القدس العربي» : أعلن مسؤولون وخبراء في قطر التوجه نحو تعزيز الوعي بأهمية لغة الإشارة، في المجتمع، مع التأكيد على حقوق الفئة، والتنسيق بين الدول والمؤسسات لتفعيل برامج مشتركة.
ونظمت السلطات في قطر بمناسبة اليوم العالمي للغة الإشارة، فعاليات، ونقاشات شارك فيها عدد من المسؤولين.
وتحدّثت ميسم بدر وهي مترجمة لغة الإشارة، والتي تتعاون مع مؤسسة قطر لتحقيق التزامها بإتاحة الوصول الميّسر، عن دورها في بناء مجتمع أكثر شمولية.
«لغتهم هي الإشارة، ولسانهم هو أيديهم، هكذا هو عالم الصمّ، عالمٌ تُعد فيه لغة الإشارة هي اللسان الناطق للصمّ، ومن يتعرّف على هذا العالم يستطيع أن يلمس ما فيه من السمات الجميلة والمميزة». تصف بهذه العبارات، ميسم موسى بدر، وهي مترجم وخبير لغة إشارة معتمد في الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، وتعمل مع المركز الثقافي الاجتماعي القطري للصم، هذا العالم، وتتحدّث عمّا فيه من سمات ومميزات، وما نحتاجه لنكون جزءًا منه ونحقق شمولية المجتمع».
وشاركت ميسم في تقديم لغة الإشارة مباشرة خلال أحدث نسخة من سلسلة محاضرات المدينة التعليمية بالعربي التابعة لمؤسسة قطر، التي استضافت بثينة بنت علي الجبر النعيمي، وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، في مكتبة قطر الوطنية في المدينة التعليمية.
وهي المرة الأولى التي تتضمن تقديم لغة الإشارة خلال سلسلة محاضرات المدينة التعليمية.
وتحدّثت ميسم عن رحلتها في عالم لغة الإشارة، وروّت أن شقيقتها الكُبرى كانت صمّاء وحاولت ميسم التواصل معها بلغة تواصلية وإشارية بسيطة. وعندما انتقلت إلى الأردن، تعزّز انخراطها في عالم الصم بسبب الشريحة الكبيرة من الصمّ في الأردن، وبدأت ترتاد نوادي الصمّ وتتعرف على المزيد من الأفراد الصمّ، وتلحظ التحديات التي تواجههم في التواصل بينهم وبين المحيطين بهم، وكانت دائمًا تتطوّع للمساعدة، ومن ثمّ عملت على تطوير مهاراتها أكثر فأكثر من خلال التعليم والدورات، وكانت بدايتها الرسمية في لغة الإشارة منذ أوائل التسعينات.
وعلى الرغم من مسيرتها الطويلة في هذا المجال، تقول ميسم أن تعلّم لغة الإشارة هو عملية مستمرة، وتعللّ ذلك قائلةً: «لغة الإشارة فيها تطوّرات دائمة ومستمرة، لأن العالم من حولنا يتغير باستمرار في ظل الانفتاح الذي نعيشه، لذلك فالتعليم فيها لا يتوقف».
وحسبما ذكرت «لا تتطلّب لغة الإشارة دارسة فحسب؛ بل أكثر من ذلك». وتوضح أن هناك الكثير من الأفراد ممن يخالطون عالم الصمّ لفترات زمنية طويلة، إلا أنهم بالكاد يستطيعون التواصل مع الصم ولا يتعلّمون سوى إشارات بسيطة.
وتقول: «تعلّم لغة الإشارة يحتاج إلى موهبة وقدرات جسدية ومهنية، وسرعة بديهة، وقدرات عصبية لتحويل الكلمة إلى وصف إشاري، والقدرة على تخزين عدد غير محدود من الإشارات، والأهم من ذلك أن يكون لدى المترجم اهتمام وحب لمجتمع الصم، ومن ثمّ يتم صقل هذه المهارات بالتعليم والتدريب».
وتُعد لغة الإشارة مثل أي لغة أخرى من اللغات المنطوقة، وتختلف من بلد لآخر، ولكلّ لغة لهجات وخصائص مختلفة، وقد جاء تنظيم الإشارة القطرية العربية الموحدة من خلال اقتراح وتنفيذ المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في قطر سابقًا، بتوحيد لغات الإشارة العربية، وأنتجت قاموس لغة إشارة عربي من خلال استقطاب خبرات مهيئة من الصم ومترجمي لغة الإشارة العرب.
وتقول: «ظل الانفتاح الذي يشهده عالمنا اليوم، أصبح هناك تواصل كبير بين الصم في أنحاء العالم، وهذا يتطلّب تحديث اللغة بشكل دائم، ونحن بصدد وضع المزيد من القواميس التي تشمل كافة المصطلحات المحليّة بدعم من وزارة الثقافة، وبمشاركة مجموعة من الكفاءات والخبرات من الصمّ». وتؤكّد ميسم أن المجتمع بحاجة إلى المزيد من الوعي المجتمعي بأهمية لغة الإشارة.
وأوضحت أن الصمّ لديهم قدرات استثنائية للإبداع في المجالات البصرية خاصةً، نظرًا لقدرتهم على التركيز البصري. وتضيف: «آمل أن نرى خروج الصمّ من الإطار الوظيفي المعتاد في مجالات الكتابة أو الطباعة أو الأرشفة، وأن نتيح المزيد من الفرص لهم لنخرج ما فيهم من إبداع، فنحن لدينا نماذج رائعة للصم المبدعين في كلّ المجالات، ومنهم مشاهير عبر منصات التواصل الاجتماعي، ومنهم من حازوا أعلى الدرجات العلمية».
ودعت ميسم صنّاع القرار في الوطن العربي إلى إشراك الصم أنفسهم في اتخاذ القرارات المتعلّقة بالصم، وتقول: «المترجم هو مجرّد وسيلة لإيصال اللغة، ولا يجب أن ينوب عن الأصم فيما يتعلّق باتخاذ القرارات، لأن الصمّ هم المعنيين باتخاذ القرارات الصحيحة التي تتعلّق بما يريدونه».
وأضافت: «اللبنة الأولى لتأسيس أصم قادر ومتمكّن هي التعليم، وهناك الكثير من التجارب الناجحة في العالم من حيث تعليم الصم وإتاحة المصادر، والتي يُمكننا أن نستلهم منها ونقطف ثمارها».