باريس ـ «القدس العربي»: استفاق قصر «فونتينبلو» الإمبراطوري بضواحي العاصمة الفرنسية باريس على أغرب عملية سطو فنية حين تمكن لصوص مجهولون من وضع يدهم على بعض مقتنياته و قطعه الفنية النادرة الموغلة في التاريخ،حيث لم تدم العملية سوى سبع دقائق فقط في ساعة مبكرة من الصباح وفق المحققين.
وجاء في بيان لوزارة الثقافة الفرنسية توصلت «القدس العربي» بنسخة منه أن نحو 15 قطعة فنية نادرة سرقت من المتحف الصيني في قصر « شاتو دو فوتنبلو» الإمبراطوري الواقع في مدينة «فونتينبلو» جنوب شرق باريس
وبحسب الوزارة فإن المسروقات تضم تاجا لملك سيام قدم للامبراطور نابليون الثالث خلال زيارة الملك الرسمية لفرنسا في عام 1861،حيث جاءت الأعمال الفنية المسروقة من الصين وسيام (تايلاند) وجمعتها الامبراطورة اوجيني زوجة نابليون واحتفظت بها في متحفها الذي انشيء عام 1863 أي ثلاثة أعوام فقط بعد الزيارة التاريخية.
وقالت الوزارة إن السطو الذي وقع في واحد من أشد المواقع أمنا بالقصر استغرق سبع دقائق فقط وانها بدأت تحقيقا في الحادث.
وقصر «فونتينبلو» المعروف لدة الفرنسيين باسم «شاتو دو فوتنبلو» كان مقر إقامة ملوك فرنسا على مر التاريخ بدءا من الملك لويس السابع وحتى نابليون الثالث وقد حول إلى وطني يقصده السياح و الزوار من كل العالم.
ورغم أن جميع أروقة القصر التاريخي مجهزة بكاميرات المراقبة و أجهزة الإنذار ضد السرقة إلا أن الفاعلين تمكنوا من سرقة القطع الفنية بمهارة كبيرة امتدت فقط لسبع دقائق،و لم تطلق أجهزة الإنذار العنان لصفاراتها إلا بعد تمكن الجناة من مغادرة القصر بالكامل و معهم القطع ال15 الفنية المسروقة.
وقال جان فرانسوا هيبير، رئيس المؤسسة العامة لحفظ القطع الفنية النادرة في القصر لـ «القدس العربي» إن «بعض القطع الفنية المسروقة مطلية بالذهب الخالص، كما ان جناح بعضها لم يكن مفتوحا أمام جمهور المكان التاريخي حفاظا على قيمتها التاريخية النادرة».
وفي رد على سؤال لـ «القدس العربي» بشأن القيمة المالية للقطع الفنية المسروقة قال إن ما سرقه الجناة من قصر «فونتينبلو» الامبراطوري قيمته المالية لا تقدر بثمن و يستحيل تقييمها ماليا لما تحمله من صبغة تاريخية قديمة،مؤكدا أن « الجناة تمكنوا في بداية الأمر من كسر ثلاث نوافذ للقصر و الدخول عبرها حيث وضعوا أيدهم للوهلة الأولى على تاج طبق الأصل يعود للملك سيام و بعض مقتنياته الخاصة التي تعود للقرن الثامن عشرة وكلها ذات جودة فنية عالية جدا و قيمتها لا تقدر بثمن.
واضاف «اللصوص يبدو أنهم محترفون جدا و لديهم معرفة دقيقة بنظام الفتح و الإغلاق داخل المتاحف و هذا واضح جدا حين استخدموا طفاية حريق لمو كل الآثار التي كان يفترض أن يتركوها خلفهم، لقد حسبوا عمليتهم بشكل دقيق و استعدوا لها بشكل احترافي لدرجة لم يتركوا معها خلفهم أي خيط قد يقود المحققين إليهم،إنهم بلا شك يعرفون القيمة الفنية للقطع التي سرقوها».
و بخصوص نتائج التحقيق الأولية قال المسؤول الفرنسي إن «الشرطة تعمل بشكل متسارع لمحاولة ايقاف الجناة قبيل ابتعادهم عن المدينة أو ربما سفرهم خارج فرنسا، كما أننا أخطرنا المكتب المركزي لمكافحة الاتجار غير المشروع في التحف الفنية ة قد بدأ في الفعل اجراءاته من أجل منع أي عملية بيع للقطع المسروقة و ايقاف سارقيها او حتر من يشتريها في كل العالم.
وتحدث رئيس المؤسسة العامة لحفظ القطع الفنية النادرة عن ما وصفها بالصدمة الكبيرة التي ضربت القصر الإمبراطوري وعالم المتحف في البلاد و الثقافة الفرنسية برمتها وفق تعبيبره، معبرا عن أمله في أن تظهر التحف المسروقة قريبا في أسواقها المختصة حتى يتمكن القصر التاريخي من استعداتها من جديد.
وكان قصر فونتينبلو الامبراطوري الذي كان يستخدم من قبل ملوك فرنسا على مر التاريخ للإقامة الخاصة قد تعرض لسطو مماثل في العام 1995 حيث اختفت منه 11 قطعة فنية مماثلة،حيث لم يتمكن المحققون سوى من استعادة تسعة منها فقط حتى الآن بينما لا تزال ثلاث قطع أخرى نفيسة في حوزة سارقيها أو مشتريها.
وتصنف سلطات الآثار الفرنسية القطع الخمسة عشرة المسروقة بالأغلى قيمة فنية و الأكثر جمالا في القصر التاريخي العملاق،حيث يجمع المحققون على أن الفاعلين متخصصون في الآثار الفنية بشكل جيد جدا بحجة أنهم في سبعة دقائق فقط استطاعوا عزل القطع الأكثر قيمة تاريخية و التي لا تقدر بثمن من بين آلاف القطع في القصر.
ووضع الجناة أيديهم أيضا على بعض المزهريات الموغلى في القدم حيث أنهم نجحوا في سرقة المزهريات الأغلى ثمنا والأعلى قيمة فنية من بين مئات المزهريات في القصر الإمبراطوري بعضها كانت تزين الغرفة الخاصة للملك الامبراطور نابليون بونابرت شخصيا.
و يعتبر قصر «فونتينبلو» الشهير الذي يتوسط ضاحية «فونتينبلو» ويبعد عن وسط العاصمة باريس بنحو 68 كيلومترا أحد أكبر القصور الملكية الفرنسية،حيث بني خلال القرن السادس عشر الميلادي و جعل منه ملوك فرنسا مسكنا خاصا لهم بينهم الامبراطور نابليون بونابرت ونابليون الثالث.
كما يقع القصر التاريخي في قلب غابة تمتد على مساحة 17 ألف هكتار وهو أحد أهم القصور الفرنسية لاعتباره مقرا تاريخيا تعاقب للإقامة فيه نحو 34 حاكما فرنسيا من لويس السادس إلى نابليون الثالث حيث صنعوا تاريخ فرنسا على مر قرون.
وتدرج منظمة اليونسكو القصر ضمن قائمتها لمواقع التراث العالمي وهو يعد القصر الوحيد من بين كل قصور الأسرة المالكة الفرنسية التي تم الحفاظ بالكامل على حالتها من حيث الاثاث ة القطع الفنية النادرة، وهو يضم أكثر من 1530 قطعة فنية جنبا إلى جنب مع ديكوراته واثاثاته القديمة التي لا تقدر بثمن.
محمد واموسي