الأسرى الإداريون الـ30 يدخلون أسبوعاً جديداً في مواجهة السجان وأوضاع المرضى تزداد سوءاً بسبب “الإهمال الطبي”

أشرف الهور
حجم الخط
0

غزة– “القدس العربي”:

أنهى الأسرى الفلسطينيون الـ 30 أسبوعهم الأول في الإضراب المفتوح عن الطعام، متحدين العقوبات الإسرائيلية التي فرضت عليهم، بهدف ثنيهم عن مواصلة هذا الطريق لنيل حريتهم، خاصة بعد عدم قدرة إدارة السجون إفشال هذه المعركة، من خلال محاولتها مؤخرا التواصل مع عدد من المعتقلين الإداريين.

إضراب الإداريين

ودخل الأسرى المضربون يومهم الثامن في الإضراب عن الطعام، رفضا لاعتقالهم إداريا، بعد أن أوصلوا العديد من رسائل الإنذار لإدارة السجون، التي رفضت التعاطي مع مطالبهم.

وقالت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، التي ينتمي لها الأسرى المضربون، إن سلطات الاحتلال حاولت الانقضاض على هذه الخطوة بالتواصل مع بعض المعتقلين الإداريين من أجل تقديم عرض لهم، لكنهم تشبثوا بموقفهم الذي يقضي بإنهاء الاعتقال الإداري بحقهم، لافتة إلى أن هناك المزيد من المعتقلين سيلحقون بركب رفاقهم على دفعات حتى تحقيق مطالبهم، وذكرت أن الإضراب يأتي احتجاجًا على سياسة الاعتقال الإداري، وعمليات تجديد الاعتقال التي تتم أكثر من مرة دون تحديد سقف زمني لذلك، خاصة في أوساط الأسرى المحررين.

وهؤلاء الأسرى المضربون كانوا قد اعتقلوا عدة مرات سابقة، وأمضوا ما مجموعه 200 عام في سجون الاحتلال، وكررت مؤخرا سلطات الاحتلال تجديد اعتقالهم الإداري.

يشار إلى أن الأسير المضرب باسل مزهر بعث برسالة من سجنه، قال فيها “مهنتي هي محام، بالكاد أتذكرها، لأنني لم أتمكن من مزاولة المهنة فعليًا. منذ تخرجي تعرضت للاعتقال الإداري ثلاث مرات، ودخلت السجن بدلًا من ممارسة مهنتي (..) وسُلبت حريتي بسبب سياسة الاعتقال الإداري”، وأضاف: “زاولت السّجن بدلًا من مهتني فتحولت إلى عاطل عن العمل، بل عاطل عن الحرية أمام سياسة الاعتقال الإداري”. وأكد أن الهدف من هذه الإضراب “ليس الموت جوعا، ولكن القتال ببطوننا، كونها آخر وسيلة نلجأ إليها من أجل العيش”.

ويتواجد  28 من المعتقلين المضربين في أربع غرف عزل في سجن عوفر، فيما جرى عزل المعتقل الحقوقي صلاح الحموري في زنازين سجن هداريم، والمعتقل غسان زواهرة في زنازين سجن النقب.

وحسب الهيئات التي تتابع ملف الأسرى، فإن إدارة سجون الاحتلال فرضت منذ نهاية الأسبوع الماضي، عقوبات جماعية قاسية على الأسرى المضربين.

وكان من أبرز العقوبات المفروضة عليهم هي المنع من زيارة الأهل، وغرامات مالية كبيرة، وعزل في زنازين انفرادية لا تصلح للعيش الآدمي، وعدم السماح لهم بالخروج إلى ساحة السجن.

والاعتقال الإداري هو اعتقال دون تهمة أو محاكمة، حيث لا تسمح سلطات الاحتلال لمحامي الأسير بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني. وتتذرع سلطات الاحتلال وإدارات المعتقلات، بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها مطلقا، حيث باتت دولة الاحتلال هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة، وغالبا ما يتعرض المعتقل الإداري لتجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة ولفترات متفاوتة.

ومؤخرا صعدت سلطات الاحتلال من عمليات الاعتقال الإداري، وحسب تقارير فلسطينية، فقد أصدرت سلطات الاحتلال منذ عام 2015 حتى العام الجاري ما يزيد عن 9500 أمر اعتقال إداري، فيما أصدرت منذ بداية العام الجاري نحو 1365 أمر اعتقال إداري، أعلاها في شهر أغسطس الماضي، وبلغت 272 أمر اعتقال.

وحاليا يتواجد 780 معتقلاً إدارياً بينهم 6 قاصرين، وأسيرتان، ويقبع أكبر عدد منهم في سجني النقب وعوفر.

ويلجا الأسرى الإداريون لإضرابات عن الطعام لنيل حريتهم، وذكر نادي الأسير أنه منذ أواخر عام 2011، حتى نهاية العام الجاري، نفذ الأسرى ما يزيد عن 400 إضراب فردي، جلها ضد الاعتقال الإداري، لافتا إلى أن ما يزيد عن 80% من المعتقلين الإداريين هم معتقلون سابقون تعرضوا للاعتقال الإداري مرات عديدة، من بينهم كبار في السن، ومرضى، وأطفال

فعاليات مساندة

وقد دعا نادي الأسير إلى ضرورة تكثيف الإسناد الشعبي للمعتقلين المضربين عن الطعام، الذين شرعوا في إضرابهم كـ “صرخة في وجه جريمة الاعتقال الإداري الممنهجة”.

وتواصلت في المناطق الفلسطينية الفعاليات الشعبية، والتي نظمت أمام مقار اللجنة الدولية للصليب الأحمر وفي مراكز المدن، إسناداً للأسرى المضربين والمرضى، وبالأخص الأسير ناصر أبو حميد، الذي دخل مرحلة الخطر الشديد، جراء تفشي مرض السرطان في جسده.

وكانت العديد من الفعاليات الطلابية ومسؤولون في “الجبهة الشعبية”، خاضوا إضرابا عن الطعام، كخطوة إسنادية لهؤلاء الأسرى، وخاض المناضل اللبناني جورج عبد الله المعتقل في السجون الفرنسية، السبت، إضراباً عن الطعام ليومٍ واحد، وكتب في رسالته التي وجهها لمدير معتقل لانيميزان الفرنسي “تضامنًا مع مقاتلي المقاومة الفلسطينية المعتقلين في السجون الصهيونية والمضربين عن الطعام تنديداً باحتجازهم التعسفي والمطالبة بإلغاء قانون السماح بـ” الاعتقال الإداري، أنا مضرب عن الطعام”.

وأعلنت شبكة “صامدون” التي تنشط في فرنسا، أنها نشرت بياناً أعلنت فيه دعمها للمضربين عن الطعام ، بمن فيهم المحامي الفلسطيني الفرنسي صلاح حموري، ودعت إلى تنظيم تظاهرات في العواصم الأوروبية، ضد سياسات دولة الاحتلال، كما دعت لفعاليات مقاطعة لإسرائيل، وقالت إن هذه تعد “لحظة حاسمة لتصعيد الحملة لعزل النظام الإسرائيلي على جميع المستويات، بما في ذلك من خلال حملات المقاطعة التي تستهدف الاستغلال الاقتصادي للاحتلال للأراضي الفلسطينية، والأشخاص والموارد ، وكذلك تلك الشركات الدولية، التي تستفيد من الاستعمار المستمر لفلسطين”.

وتواصلت مأساة الأسرى المرضى، وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن سلطات الاحتلال تتعمد اللجوء الى سياسة الإهمال الطبي كأداة لقتل الأسرى جسديا ونفسيا، وذلك بترك الأمراض تتفشى داخل أجسادهم، لتزداد صعوبة مع مرور الوقت.

مأساة المرضى

وأشارت الهيئة، نقلا عن محاميها فواز شلودي، أثناء زيارته لـ”عيادة سجن الرملة”، إلى تراجع الوضع الصحي للمعتقل مشير الشحاتيت، لافتة إلى أن هذا الأسير كان يعاني من آلام أسفل الظهر وارتفاع بدرجة الحرارة، ونقل إلى مستشفى “شعاري تصديق”، وتم إجراء عملية له لإزالة “دمل” من أسفل ظهره، ومكث بالمستشفى أربعة أيام، قبل نقله إلى عيادة السجن، موضحة أنه قبل أسبوعين تدهور الوضع الصحي للمعتقل وتم نقله مرة أخرى الى المستشفى، وأجريت له عملية ثانية مكان الجرح، ولفتت إلى أن المعتقل الشحاتيت ما زال يعاني من أوجاع وعدم توازن ونقصان بالوزن وخدران باليدين والقدمين، وبحاجة إلى عمل صورة أشعة، إلا أن إدارة السجون ما زالت تماطل في إجرائها .

كما أبقت سلطات الاحتلال على عزل الأسير المريض بالسرطان إياد نظير عمر (40 عاما) من مخيم جنين، منذ نحو أسبوعين، وقال نادي الأسير إن إدارة سجون الاحتلال عزلته في زنازين سجن عسقلان، منذ نحو أسبوعين، رغم وضعه الصحي الصعب، حيث يعاني من الإصابة بورم سرطاني، وأضاف أن الأسير عمر قرر الإضراب عن الدواء، بسبب مماطلة الإدارة في متابعة وضعه الصحي، وحمل نادي الأسير إدارة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن مصير هذا الأسير عمر، المعتقل منذ عام 2002، والمحكوم بالسّجن لمدة 24 عاما.

يذكر أن وضع الأسير عمر الصحي بدأ يتفاقم بشكل ملحوظ منذ نحو عام، وخضع العام الماضي لعملية خلالها تم استئصال ورم (حميد) على الدماغ، وكان في حينها يقبع في سجن مجدو قبل نقله لاحقا إلى سجن عسقلان، ومن ثم إلى سجن نفحة، ومؤخرًا جرى إعادته إلى سجن عسقلان.

وفي سياق قريب، ارتفعت قائمة عمداء الأسرى، وهو مصطلح يطلق على الأسرى الذين أمضوا أكثر من 20 عاما في الاعتقال، لتصل إلى 283 أسيراً، وذلك بعد أن انضم إليها قسراً عدد من الأسرى القدامى خلال شهر سبتمبر المنصرم، وأوضحت هيئة شؤون الأسرى، في تقرير لها، أنّ من بين هؤلاء الأسرى يوجد 38 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 25 عاماً، وهؤلاء يطلق عليهم الفلسطينيون مُصطلح “جنرالات الصبر”، ومنهم 25 أسيراً معتقلين منذ ما قبل “اتفاقية اوسلو” وقيام السلطة الفلسطينية.

وبينت أن من بين هؤلاء الأسرى المعتقلين منذ ما قبل “أوسلو” يوجد 17 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من 30 عاماً بشكلٍ متواصل، ويُطلق عليهم “أيقونات الأسرى”، ومن بينهم 8 أسرى مضى على اعتقالهم أكثر من35 عاماً على التوالي، أقدمهم الأسيرين” كريم وماهر يونس” المعتقلان منذ يناير عام 1983، اي منذ قرابة 40سنة.

ولفتت الهيئة إلى أنّه، وبالإضافة إلى هؤلاء الأسرى الذي بلغ عددهم 283 أسيرا،ً يوجد عشرات آخرين ممن كانوا قد تحرروا في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، ومن ثم أعادت سلطات الاحتلال اعتقالهم منتصف عام 2014، وأعادت لهم الأحكام السابقة، وأبرزهم الأسير نائل البرغوثي الذي أمضى، على فترتين، أكثر من 42 عاماً في سجون الاحتلال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية