حجم الاعتداءات التي يتعرض لها المسجد الأقصى هذه الأيام ليس مسبوقاً، وحالة عدم الاكتراث العربي والدولي، بل حتى الفلسطيني، ليست مسبوقة، إذ لم يسبق أن تعرَّض المسجد الأقصى وتعرضت القدس المحتلة إلى حملة استهداف بهذا الحجم، وظل الفلسطينيون والعرب صامتون.
في أواخر عام ألفين تسببت زيارة اليميني المتطرف أرييل شارون إلى المسجد الأقصى بانتفاضة استمرت لسنوات، واللافت في تلك الانتفاضة أنها تسببت بهبة شعبية عربية غير مسبوقة أيضاً من المحيط إلى الخليج، وكانت الرسالة التي أراد الشارع العربي إيصالها، هي أن المسجد الأقصى خطٌ أحمر وينبغي عدم تجاوزه.
خلال السنوات والشهور الأخيرة تصاعدت وتيرة الاستهداف الإسرائيلي للقدس المحتلة والمسجد الأقصى، وأصبح واضحاً أنَّ لدى الإسرائيليين برنامج لتغيير معالم المدينة المقدسة، بما في ذلك تغيير واقعها الديمغرافي والتخلص من السكان الفلسطينيين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، أما المسجد الأقصى فواقع الحال يقول بأنه تم تقسيمه بالفعل زمانياً ومكانياً، إذ أصبحت أفواج المستوطنين تتدفق عليه يومياً خلال الفترة الصباحية، ما يعني أنه من الناحية الزمانية تم تقسيمه بالفعل ليؤمه الاسرائيليون خلال الفترة بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، أما من الناحية المكانية فتم الاستيلاء على عدد من بوابات الحرم وأصبحت محظورة على الفلسطينيين.
وخلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي 2022 نفّذ الاسرائيليون 217 اعتداء على المسجد الأقصى، فيما شهد شهر نيسان/ إبريل وحده 38 اعتداء، مسجلاً بذلك الرقم الأكبر من الاعتداءات على الحرم الشريف، وهذه الاعتداءات بطبيعة الحال هي التي تمكنت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» من توثيقها، ما يعني أن العدد ربما يكون أكبر من ذلك، فضلاً عن أن هذه الاعتداءات لا تشمل القدس بأكملها، وإنما تقتصر على استهداف الحرم القدسي الشريف الذي يقع على مساحة 144 دونماً فقط.
ما يتعرض له الحرم الشريف وعمليات تغيير الواقع في المدينة المقدسة تعني أن اتفاقات أوسلو كلها ألقيت في سلة المهملات الإسرائيلية، وعلى الفلسطينيين أن يفعلوا ذلك
هذه الموجة من الاعتداءات التي تستهدف المسجد الأقصى ليست مسبوقة، وهذه موجة لا يُمكن أن تكون عشوائية، بل هي منظمة وناتجة عن سياسة إسرائيلية مقررة سلفاً من قبل أعلى المستويات السياسية والعسكرية في الدولة العبرية، حيث يُراد أسرلة المدينة المقدسة، وتحويل المسجد الأقصى إلى مجرد موقع تراثي أثري يؤمه الناس من مختلف الأديان والطوائف، والأهم من ذلك أنه يُراد نزع أي سيادة إسلامية أو فلسطينية على هذا المعلم، ومن ثم يُصبح موقعاً إسرائيلياً. هذه السياسة المغلفة بالهجمات والاعتداءات اليومية، إنما تعني أن الإسرائيليين ينتهكون الاتفاقات كافة التي أبرموها مع الفلسطينيين والعرب، بما في ذلك اتفاق أوسلو مع منظمة التحرير، واتفاق «وادي عربة» مع الأردن، ما يجب معه التحرك بأكثر من الخطب والشعارات وبيانات التنديد والإدانة. على المستوى الفلسطيني فلا معنى لوجود السلطة الفلسطينية برمتها، إذا لم تكن قادرة على التحرك من أجل حماية المسجد الأقصى، ولا معنى لأي تحرك فلسطيني ما لم يكن الأقصى وحمايته على رأس أولوياته، كما أن الانتهاكات التي يتعرض لها الحرم الشريف وعمليات تغيير الواقع في المدينة المقدسة تعني بأن اتفاقات أوسلو كلها ألقيت في سلة المهملات الإسرائيلية، وعلى الفلسطينيين أن يفعلوا ذلك. لا حل اليوم سوى في قرار فلسطيني جريء بحل السلطة الفلسطينية التي كانت فخاً إسرائيلياً ومن ثم يجب الهروب من هذا الفخ والعودة الى منظمة التحرير والفصائل الأخرى، بما يؤدي إلى فضح الاحتلال وتعريته أمام العالم وتكبيده تكاليف ما يفعل على الأرض. أما على المستوى العربي، فالاعتداءات على المسجد الأقصى تشكل انتهاكاً صريحاً ومباشراً لمعاهدة السلام مع الأردن، التي نصت بأن للهاشميين «دور تاريخي» في القدس وأن إسرائيل تعترف بذلك، وأنها يجب أن لا تُحدث أي تغيير في المدينة، ولا حتى أن تُبرم أي اتفاق سلام نهائي دون أن يكون الأردنُ طرفاً فيه. ولو كان لاتفاقية «وادي عربة» البائسة من حسنة تُذكر فهي هذه المادة التي تتناول وضع القدس التي ينتهكها الإسرائيليون الآن صباح مساء.
على الفلسطينيين والأردنيين ومعهم العرب والمسلمون أن يتحركوا على المستوى الدولي لوقف الاعتداءات التي يتعرض لها المسجد الأقصى، وهذا التحرك يجب أن لا يقل عن ملاحقة الاحتلال أمام المحاكم الدولية، والتلويح بحل السلطة الفلسطينية وإلغاء اتفاقية «وادي عربة»، فإذا لم يكن المسجد الأقصى يستحق هذا التحرك فما الذي يستحق هذا من بعده؟!
كاتب فلسطيني
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم — يعلم اغلبية شعوبنا بان اغلبية من يحكم هم مزروعين لخدمة الصهاينه المحتلين وايضا لقمع الشعوب وجعلها جاهله خانعه وان شاء الله سيجئ يوم الصهاينه حتما
*اللهم انصر اخواننا في فلسطين على الصهاينة المجرمين القتلة وكل من لف لفهم.
طوبى لمن يدعم الأقصى المبارك ويدافع عنه.
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل متخاذل عن نصرة القدس الشريف وفلسطين الحبيبة.