المستشار الألماني يدعو إلى علاقات تجارية متساوية في قمة الصين المثيرة للجدل

حجم الخط
0

بكين: قال المستشار الألماني أولاف شولتس للقادة الصينيين في بكين الجمعة، إن برلين تتوقع المعاملة بالمثل في التبادلات التجارية مع تطلعه لتعزيز التعاون الاقتصادي رغم عدم الثقة المتزايد إزاء القوة الآسيوية العظمى في الغرب.
ويتعرّض شولتس لضغوط من أجل دفع بكين إلى اتخاذ موقف متشدد حيال روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، وقال الجمعة إن ألمانيا والصين اتفقتا على أنهما تعارضان أي استخدام للأسلحة النووية في الصراع.
وشولتس هو الأول من بين قادة مجموعة السبع الذي يزور الصين منذ ظهور وباء كوفيد الذي دفع ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم لإغلاق حدودها إلى حد كبير.
وأثارت الزيارة الجدل إذ أنها تأتي بعد فترة وجيزة من تعزيز شي قبضته على السلطة وفي ظل ارتفاع مستوى التوتر بين الغرب وبكين بشأن قضايا تبدأ من ملف تايوان ولا تنتهي عند انتهاكات حقوق الإنسان.
وأجرى شولتس محادثات مع محامين حقوقيين معارضين للنظام في بكين قبل الرحلة، على ما أفاد مصدر في الوفد المرافق له لوكالة فرانس برس.
وقال شولتس الذي استقبله الرئيس الصيني بعد وصوله إلى بكين في قاعة الشعب الكبرى إنه يسعى إلى “تنمية” التعاون الاقتصادي بشكل أكبر بينما أقر بوجود تباين في وجهات النظر حيال عدد من القضايا.
ونقل عنه مصدر حكومي ألماني قوله “من الجيد أن يكون بإمكاننا تبادل وجهات النظر هنا بشأن كل القضايا، بما فيها تلك التي نراها من منظورين مختلفين. هذا هو الهدف من التواصل”.
وأضاف “نريد أيضا أن نناقش كيف يمكننا تطوير تعاوننا الاقتصادي في مواضيع أخرى: تغير المناخ والأمن الغذائي والدول المثقلة بالديون”.
بدوره، شدد شي جينبينغ على ضرورة عمل الصين وألمانيا معا في أوقات التغيرات وعدم الاستقرار والمساهمة بشكل إضافي في السلام العالمي والتنمية كما أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة عن اللقاء.
التقى شولتس أيضا رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ في اجتماع دعا فيه إلى تجارة منصفة بين البلدين.
وقال في بيان “نحن لا نؤمن بأفكار فك العلاقات (مع الصين) لكن من الواضح أيضا أن ذلك مرتبط بالعلاقات الاقتصادية المتساوية مع المعاملة بالمثل”.
وحض بكين على بذل المزيد من الجهود للضغط على حليفتها روسيا التي تخوض حربا في أوكرانيا منذ أشهر.
وقال شولتس خلال لقاء مع الصحافيين “لقد قلت للرئيس (شي) انه من المهم أن تستخدم الصين نفوذها على روسيا”.
كما دعا شولتس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى تمديد اتفاق تصدير الحبوب من أوكرانيا.
وقال الجانبان إنهما يعارضان استخدام الأسلحة النووية في الصراع فيما صرّح شولتس للصحافيين بأن “الجميع في الصين يعلم أن تصعيد (الحرب) ستكون له عواقب علينا جميعا”.
وأضاف “هذا هو السبب في أنه من المهم للغاية بالنسبة إلي أن أشدّد على أن يقول الجميع بوضوح أن التصعيد باستخدام سلاح نووي تكتيكي أمر مستبعد”.
تجنبت الصين انتقاد روسيا خلال الغزو الأوكراني وحملت بدلا من ذلك الولايات المتحدة وحلف الأطلسي مسؤولية الحرب.
مواصلة التعامل التجاري
كان حرس عسكري في استقبال الوفد الألماني المؤلف من أكثر من 60 شخصا على مدرج المطار في مطار بكين، بالإضافة إلى عاملين صحيين يرتدون بزات واقية أجروا فحوصات الكشف عن كورونا في حافلات حولت إلى مختبرات نقالة.
تم إجراء فحص شولتس في الطائرة من قبل طبيب ألماني حضر معه تحت إشراف مسؤولين من القطاع الصحي الصيني، بحسب الحكومة الألمانية.
ويرتبط الاقتصادان الألماني والصيني بشكل وثيق. ويرى البعض في برلين أن للعلاقة أهمية بالغة بالنسبة لألمانيا التي تشهد أزمة طاقة أثارتها حرب أوكرانيا ويتّجه اقتصادها نحو الركود.
توفر الصين سوقا مهما للمنتجات الألمانية، من الآليات وصولا إلى المركبات التي تصنعها شركات مثل “فولكسفاغن” و”بي إم دبليو” و”مرسيدس بنز”.
كما يواجه اعتماد الصناعات الألمانية الشديد على الصين انتقادات في وقت تتأثر برلين بشكل كبير من تداعيات اعتمادها المبالغ فيه على واردات الطاقة الروسية التي تركتها في أزمة عندما قررت موسكو تقليص الإمدادات.
وفي تعليقه على ذلك، قال النائب المعارض نوربرت روتغن لصحيفة “راينيش بوست” إن نهج شولتس ما زال قائما على فكرة “أننا نرغب بمواصلة التعامل تجاريا مع الصين بغض النظر عن ما يعنيه ذلك بالنسبة لتبعية اقتصادنا وقدرتنا على التحرك”.
ولم تخف شخصيات ضمن الائتلاف الحاكم أيضا قلقها حيال العلاقة مع الصين إذ قالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك إن على الأخطاء التي ارتُكبت في الماضي مع روسيا ألا تتكرر.
وبرزت شدة حساسية المسألة عندما اندلع خلاف الشهر الماضي بشأن إن كان سيُسمح لمجموعة الشحن الصينية العملاقة “كوسكو” شراء حصة في محطة حاويات في ميناء هامبورغ.
وبينما رفض شولتس الاستجابة لدعوات ست وزارات لرفض الصفقة على خلفية مخاوف أمنية، سمح للشركة بدلا من ذلك بشراء حصة أصغر.
“ازداد اهمية”
وتسري مخاوف من أن الزيارة التي تجري بعد ضمان شي ولاية رئاسية تاريخية ثالثة خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الشهر الماضي، قد تكون أثارت قلق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال نواه باركين الأستاذ في برنامج آسيا في صندوق مارشال الألماني الأمريكي “بالنسبة لبكين يتعلق الأمر بشكل أقل بنتائج ملموسة وأكثر برمزية حضور المستشار الألماني لزيارة شي بعيد انعقاد مؤتمر الحزب”.
وأضاف “هذا يعطي شرعية دولية لولايته كزعيم مدى الحياة ويظهر أن الصين ليست معزولة”.
لكن برلين تشدد على أنها تشاورت مع أبرز شركائها، بينما أصر شولتس بأنه يزور الصين كـ”أوروبي” وليس كمسؤول ألماني فحسب.
ودافع زعيم أكبر قوة اقتصادية في أوروبا عن الزيارة، مشددا على أن إجراء محادثات مباشرة مع قادة الصين “ازداد أهمية” بعد توقف هذا النوع من المباحثات جراء الوباء.
وقال في مقال صحافي “لن نتجاهل القضايا المثيرة للجدل” بينما عدد سلسلة مواضيع سيطرحها تشمل احترام الحريات المدنية وحقوق الأقليات العرقية في شينجيانغ.
(أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية