طرابلس «القدس العربي»: زيارة هي الأولى من نوعها للمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية إلى ليبيا منذ 10 سنوات، للوقوف على خلفية الجرائم التي ارتكبت على مدار سنوات في البلاد، ولتقديم إحاطة من ليبيا أمام مجلس الأمن الدولي.
بدأ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، منذ السبت، زيارة عمل إلى ليبيا استهلها بلقاء رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ثم وزيرة العدل بحكومة الوحدة الوطنية حليمة البوسيفي، والممثل الخاص للأمين العام رئيس بعثة الأمم المتحدة عبد الله باتيلي.
وقال كريم خان، إن الوضع في ليبيا يمثل أولوية للمحكمة الجنائية، مشدداً خلال لقائه عدداً من الأطراف السياسية في ليبيا، بعد وصوله العاصمة طرابلس، على ضرورة محاسبة منتهكي القانون وتطبيق العدالة تأكيداً لاحترام القانون الدول.
وبحث مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ووزيرة العدل في حكومة الوحدة الوطنية حليمة البوسيفي، والمبعوث الأممي عبد الله باتيلي ملف تعزيز العدالة وقانون حقوق الإنسان والتعاون مع الأطراف المحلية في هذا المجال.
وتناولت اللقاءات التي جاءت منفصلة، التعاون بين القضاء الليبي والمحكمة الجنائية الدولية ومكتب المدعي العام، في القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
كما نقل عميد بلدية ترهونة عن المدعي العام بالجنائية الدولية كريم خان، قوله خلال زيارته لمقابر ترهونة الجماعية واستماعه لأهالي الضحايا، إنه لم ير مثل هذه الجرائم من قبل وعلى مر الحروب في العالم كله، مبدياً تأثره من تلك المقابر.
ونقل الكشر قول خان كذلك، بأنه لم ير نظيراً لصبر الناس الذين ينتظرون تطبيق القانون ولم يسعوا لاستيفاء القانون بأنفسهم، مثمناً صبرهم وثقتهم في القضاء الليبي وتحقيق العدالة.
وفي تصريحات صحافية لقناة ليبيا الأحرار المحلية، قال الكشر إن مطالب الأهالي تمثلت في تجديد تفعيل البطاقات الحمراء الصادرة عن النائب العام، وملاحقة مرتكبي هذه الجرائم في ليبيا وخارجها.
وأكد الكشر أن المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية وعد أن يكون داعماً ومسانداً لمكتب النائب العام في ليبيا، وأن يقدم جميع أنواع التعاون مع المدعي العام الليبي.
وقال المدعي العام العسكري التابع لحكومة الوحدة الوطنية، اللواء مسعود أرحومة، إن القضاء الوطني هو من له الاختصاص الأصيل لمحاكمة المتهمين الليبيين، وذلك خلال لقاء مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، وعدد من مساعديه المعنيين بالحالة الليبية، الأحد.
وقال مكتب المدعي العام، في بيان، إن زيارة خان تأتي في إطار المستجدات المتعلقة بالتحقيقات الجارية لدى الجانبين تجسيداً لمبدأ التكامل بين القضاءين الوطني والدولي ومنع الإفلات من العقاب.
وحضر اللقاء عدد من أعضاء النيابة العسكرية بمكتب المدعي العام، وأكد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الحرص على تعزيز التعاون وتوفير الدعم الدولي الفني والتقني في المسائل الجنائية وتطوير نطاق التعاون وآلياته، وفق بيان مكتب أرحومة.
وأعلنت المحكمة الجنائية الدولية، مساء الإثنين، أن المدعي العام للمحكمة كريم خان سيقدم إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي حول الوضع في ليبيا يوم الأربعاء، التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، عبر تقنية الفيديو من العاصمة طرابلس، وفق ما نشرته عبر صفحتها على فيسبوك.
وقالت إن الزيارة تهدف إلى تسريع التعاون وتحقيق العدالة لضحايا جرائم الحرب في البلاد، وبناء شراكات مع الضحايا والسلطات الوطنية والمجتمعات المتأثرة من أجل تعزيز المساءلة عن الجرائم وفق نظام روما الأساسي، الذي أسست بموجبه المحكمة الجنائية الدولية عام 1998.
وخلال تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية زيارة مرتقبة لمدعيها العام إلى ليبيا دون أن تحدد موعداً دقيقاً لها، موضحة أن الزيارة ستأتي لتعزيز التعاون مع السلطات الليبية لضمان المساءلة كأحد المبادئ الأساسية لاستراتيجية المحكمة.
وأكد كريم خان في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أبريل / نيسان الماضي، أن الوضع في ليبيا يمثل أولوية لمكتبه، وأن تعميق التعاون مع السلطات الوطنية والسعي وراء المساءلة، أحد المبادئ الأساسية في صميم الإستراتيجية المتجددة للمحكمة. وأصبح مكتب المحكمة الجنائية الدولية في أيلول/ سبتمبر الماضي عضواً رسمياً في الفريق المشترك الذي يدعم التحقيقات في الجرائم ضد المهاجرين واللاجئين في ليبيا.
وفي آب/أغسطس الماضي، أعلن النائب العام الليبي الصديق الصور، فتح 280 قضية تتعلق بالمقابر الجماعية المكتشفة حديثاً في مدينة ترهونة الليبية، لافتاً إلى إحالة 10 قضايا منها إلى المحاكم، وتوجيه تهم القتل والتعذيب والخطف والإخفاء القسري والسطو المسلح والسرقة إلى 20 متهماً.
ورفض خلال مؤتمر صحافي، استغلال القضية لأغراض سياسية وإعلامية، وقال إن «ما يعنينا بالدرجة الأولى هم أسر الضحايا المتابعين مع مكتب النائب العام، ولا يهمنا من يريد الاستفادة من القضية لخدمة أغراض سياسية أو إعلامية»؛ مشدداً على أن ملف المقابر الجماعية في ترهونة يحمل كل معاني الإبادة.
وأكد إعطاء الملف أهمية بالغة، وتكليف رئيس نيابة ومجموعة من الأعضاء لمباشرة التحقيق وسرعة إنهائه، متحدثاً عن استخراج 259 جثة من 82 مقبرة في ترهونة وضواحيها، بينما جرى التعرف على هوية 120 جثة.