نيويوركر: إلى أين تتجه أمريكا مع أولى نتائج الانتخابات التشريعية النصفية؟

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن ـ “القدس العربي”:

 رغم أنه لم تعلن بعد النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية النصفية في أمريكا التي لم تحدث فيها بعد نتائج كبيرة ولم تؤد إلى ما أطلق عليه تيار الرئيس السابق دونالد ترامب بالموجة الحمراء، وهو ما اعترف به سناتور ساوث كارولينا، ليندزي غراهام، إلا أن الديمقراطيين ثبتوا في الكثير من الولايات التنافسية واستطاعوا السيطرة على بنسلفانيا وحرمان محمد أوز، الذي كان يتوقع أن يكون اول سناتور مسلم في مجلس الشيوخ.

ويرى بنجامين والاس ويلز في مجلة “نيويوركر” أن المرشحين الذين اختارهم ترامب بنفسه ودعمهم لم يحققوا النتائج المطلوبة والتي كان بناء عليها يحضر أنصاره لإعلان “مهم”، فيما فهم أنه ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية في 2024.

وأشارت المجلة إلى أن الديمقراطيين والجمهوريين كانوا يعتقدون مع إغلاق صناديق الاقتراع ليلة الثلاثاء، حيث كان الكثير من الناخبين ينتظرون بقلق في الطوابير، أن شكل السياسة الأمريكية سيتغير ولصالح الجمهوريين من خلال موجة حمراء إن لم يكن تسونامي أحمر، شعار الحزب. وكانت النتائج الأولى في فلوريدا إشارة على أن هذا قد يحدث، فقد فاز الجمهوري رون دي سانتيس في سباق الحاكم بفارق عشرين نقطة مدهشة. ولم يفز فقط في مناطق فلوريدا الريفية بل في منطقة تامبا هيلزبرا وميامي- ديد، وكانت النتائج الكبيرة في فلوريدا إشارة عن حدوث موجة تغيير في شكل السياسة بالولايات الأمريكية. لكن الاختراقات الأولى لم تكن كافية لتقديم تأكيد، ومع إضافة نتائج جديدة في بقية الولايات بات الناس يتساءلون عن الموجة؟ فليس في نيوهامبشير حيث فشل الجمهوريون بهزيمة المرشحة الديمقراطية مارغريت حسن. وليس في ضواحي فيرجينيا، التي احتفظت فيها الديمقراطيتان أبيغيل سبانبرغر وجنيفر واكستون بمقعديهما، وليس في بنسلفانيا، المركز الرمزي لبلد ترامب، حيث استطاع مرشح الديمقراطيين جون فيترمان الفوز في صباح يوم الأربعاء  على مرشح الجمهوريين الطبيب والنجم التلفزيوني محمد أوز.

الديمقراطيون ثبتوا في الكثير من الولايات التنافسية واستطاعوا السيطرة على بنسلفانيا وحرمان محمد أوز، الذي دعمه ترامب و كان يتوقع أن يكون اول سناتور مسلم في مجلس الشيوخ.

وبحلول منتصف الليل بدا الجمهوريون أنهم في الطريق نحو السيطرة على مجلس النواب، ولكن بهامش قليل وأقل مما توقعه الكثير من المعلقين السياسيين في الماضي.

وفي ضوء ما حدث في السابق، فهذا يعتبر حدثا مدهشا في حدث ذاته، فقد خسر الديمقراطيون في عهد باراك أوباما 63 مقعدا و52 في عهد بيل كلينتون، وسيكون التغيير هذا العام أقل بكثير. وكل هذا في وقت لا يوافق الرأي العام فيه على ما يفعله جو بايدن التي تراجعت شعبيته. وفي وقت تتزايد فيه معدلات البطالة، والاقتصاد في وضع ليس جيدا.

 فلماذا لم يتخل الناخبون عن جو بايدن بطريقة حازمة كما توقع الكثيرون؟ والإشارة جاءت من الاستطلاعات الأولية التي أشارت إلى أن الكثيرين لا يحبون بايدن، نسبة 43 وافقت على أدائه مقابل نسبة 54 لم توافق. ولكن الناخبين لا يحبون دونالد ترامب أيضا، فقد نظرت نسبة 37% بنوع من القبول إليه. وكانت خطة الجمهوريين في الانتخابات الحالية هي التركيز على الاقتصاد، أي تقديم أنفسهم كبديل عن الوضع الراهن الذي لم يكن الرأي العام يريده ويدعمه. ولكن تحقيق هذا أمر صعب عندما أصدرت المحكمة العليا قرارا غير شعبي الغت فيه قانونا لحماية الإجهاض، أو ما عرف بـ رو ضد ويد. وهو أمر صعب أيضا في ظل بقاء ترامب جزءا لا يتجزأ من الأخبار ويطلق التصريحات المجنونة، كما فعل يوم الإثنين في دايتون وأنه يجب قتل تجار المخدرات فورا وبدون محاكمة. ولو كان الأمريكيون يعتقدون أن الأمور تسير نحو الأسوأ فإن هذا لأن المحافظين هم جزء من السبب.

 ولا تزال الكثير من الأصوات لم تعد، وكذا الأصوات التي تمت عبر البريد، بحيث لا يمكن لأحد الحديث بشكل قاطع عن مسار الانتخابات. ففي جورجيا، يبدو أن  رفائيل وارنوك  المرشح الديمقراطي و هيرشل وولكر في طريقهما لجولة ثانية.  والناخبون في الولايات التي حلم الديمقراطيون مرة بالفوز بمقاعد مجلس الشيوخ وبشكل حاسم، فقد رفضتهم مثل أوهايو ونورث كارولينا. وفاز الجمهوريون في تكساس وجورجيا. وفي الولايات التنافسية بالغرب التي قد تحسم من سيسطر على مجلس الشيوخ، نيفادا وأريزونا، فالنتائج الأولية لا تعطي فكرة عمن سيفوز فيهما. والتناقض الظاهري في هذه الانتخابات هي أن الناخبين سئموا من الوضع الراهن وهذا بالضبط ما سيحصلون عليه في النهاية.

وفي الوقت الذي لم تظهر نتائج ليلة الثلاثاء إشارات عن موجة كبيرة، فلا توجد أدلة عن تحولات جيلية، فقد بدا بايدن في الحملة الانتخابية مثل الشبح لكبر عمره، ولم يدعم الكثير من أعضاء الحزب الذين كانوا في خطر . ولو شعر الديمقراطيون أنهم حققوا نتائج أحسن مما توقعوا، فهذا لا علاقة له ببايدن.

وكانت النتائج أوضح بكثير على الجمهوريين، ففي ليلة الإنتخابات، انتشرت أخبار عن إعلان ترامب ترشحه لانتخابات عام 2024، وتحدث هو نفسه عن “إعلان كبير” في 15 تشرين الثاني/نوفمبر. ونقلت مجلة “بوليتكو” عن سناتور جمهوري قوله إن خمسة أعضاء مجلس الشيوخ من بين 50 عضوا جمهوريا يدعمون ترشيحه.

 وعندما تحدث ترامب من طائرته الخاصة مع خمسة صحافيين بدا وكأنه يعيش وبشكل بغيض في الماضي “شعرت بالخيبة من بيبي لأن أحدا لم يفعل لإسرائيل ما فعلته لها. وكان أول من اتصل مع بايدن وهنأه”، وكان يتحدث عن بنيامين نتنياهو الذي عاد إلى السلطة من جديد في إسرائيل. بل وأكثر من هذا بدا ترامب وهو يخرب على دي سانتيس، النجم اليميني المتطرف الصاعد في صفوف الحزب “سأخبركم أشياء عنه قد لا تكون جيدة. وأعرف عنه أكثر من أي شخص، باستثناء زوجته” و “أعتقد أنه لو رشح نفسه فسيضر بنفسه بشكل سيء”.

 وقدم انتصار دي سانتيس ردا قويا على تهديدات ترامب، فبفوزه في فلوريدا وبعشرين نقطة فقد بنى قوة له حتى في المناطق التي خسرها قبل أربعة أعوام. وأخبر أنصاره “في فلوريدا ستموت ووك” في إشارة لحركة المطالبة بالعدالة ومنع العنصرية. وكان دي سانتيس هو الشخص الوحيد الذي حقق انتصارا للجمهوريين وليس أوز أو وولكر اللذان اختارهما ترامب بعناية. وما سيحدث هو نفس الأزرق والأحمر ونفس الانسداد الحزبي وبتغير في بعض الوجوه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية