«القدس العربي» ترصد الشبكات المسيطرة على طريق اللجوء من تركيا إلى أوروبا

وائل عصام
حجم الخط
2

أنطاكيا – «القدس العربي»: امتهن الكثير من شباب العشائر في دير الزور خلال الحرب السورية العمل في شبكات تهريب اللاجئين الى أوروبا، و يطلق على هؤلاء اسم “الريبريه”، وهو مصطلح يعني “أدلة طرق” يقودون الناس، وأبرز هؤلاء كان أبناء عشيرة البوسراي التي اشتهرت بالسيطرة على الطريق المؤدي من تركيا إلى اليونان منذ عام 2012، وينسب البعض لهم نقل خط سير المهاجرين من البحر إلى البر، إذ كان التهريب يتم عن طريق عبور بحر إيجه سابقاً، لكن البوسراي يعتبرون من أوائل الذين استدلوا على الطرق البرية التي يمكن النفاذ منها والوصول إلى اليونان، بعد اجتياز النهر الفاصل بين تركيا واليونان “نهر إيفروس”، لاسيما أن لديهم خبرة “بالتجديف” بحكم سكنهم على شواطئ الفرات في ريف دير الزور.
بعد عام 2015 ومع بدايات موجات الهجرة الكبيرة نحو أوروبا، تطور عمل هؤلاء الأدلاء، “الريبريه”، الى أن أصبحوا أمراء للتهريب، لديهم شبكات من الاشخاص تعمل معهم، وتتوزع الشبكة بين مدن وبلدان عدة ، بعضهم في إسطنبول والبعض الآخر في صربيا، يديرون الأعمال عبر الهاتف.
وفي تصريحه لـ”القدس العربي” يشرح سلطان الكنج الصحافي والكاتب السوري في موقع “مونيتور” الامريكي، مواصفات تلك الشبكة العشائرية وأعضائها من خلال تجربته الشخصية خلال رحلة لجوئه، ويقول “البوسراي يتصفون بالشجاعة والمغامرة، فهم يجتازون بك جبال اليونان دون خوف ولا كلل، وكأنهم في نزهة، وبينما يلهث اللاجئ وقلبه يصل حنجرته تجد “الريبريه” يصرخ على الركاب وفي مقدمة الصاعدين ويحمل حقيبة ثقيلة على ظهره، وفي يده إما عصا يقود بها الركاب، أو مشروب طاقة “ريد بول” وسيجارة، ولا يبدو عليه التعب ولا المشقة، وفي حال تعرضت المجموعة لكمين من “الكوماندوز” اليوناني، فإن أول المهددين هو “الريبريه” لانه لو اعتقل فسيتعرض للضرب المبرح والركل من الشرطة اليونانية كونهم ينظرون لهم كتجار بشر، يغرقونهم بآلاف المهاجرين”.
وتصل شبكات البوسراي الى ڤيينا، ولديهم سيارات لنقل اللاجئين إلى الدول المختلفة وكثير منهم يحمل الإقامات الأوروبية ويجيد اللغة، بل بعضهم يحمل الجنسية الاوروبية. لكن النفوذ الأقوى لهذه الشبكات يتركز في صربيا واليونان وإسطنبول في تركيا. ففي اليونان تمكنوا من تأسيس شبكات مكونة من يونانيين أصلهم تركي، يعملون كسائقين للسيارات التي تحمل الركاب لتوصلهم إلى مدينة “سالونيك”، وكذلك يونانيين يعرفون اللغة، وسماسرة أفغان وبلغار، وهؤلاء يقومون بسرقة لوحات سيارات نظامية مصفوفة ليلاً في شوارع مدينة سالونيك ووضع تلك اللوحات على هذه السيارات المسروقة من مقدونيا أو صربيا أو بلغاريا، وكذلك تتكفل شبكات اليونان بتأمين بيوت لاستقبال النازحين، واحتكار بيعهم الحاجيات كونهم لا يستطعون الخروج للأسواق، وهذا يجعل النازح لقمة سهلة للاستغلال المادي.
وهنا تنتهي المرحلة الأولى من مرحلة الهجرة غير الشرعية، وتبدأ مرحلة ثانية هي من “سالونيك” أو أثينا أو صوفيا نحو مقدونيا وألبانيا ثم الوصول لصربيا، هنا يتعاملون مع سائقي سيارات تنقل الركاب خارج “سالونيك” ، وينتمي السائقون لمدن مختلفة من سوريا، لكن أغلبهم من شرق سوريا مناطق العشائر، وتتركز الشبكة الأكبر لشباب البوسراي في صربيا، فهي نقطة الالتقاء للقادمين من اليونان ونقطة الانطلاق نحو أوروبا الغربية، ويكون أغلب “رؤوسهم” متواجداً في صربيا، تلك الرؤوس التي طالما تسمع بأسمائهم منذ انطلاقك، حيث تنتهي كنيته “بالسراوي” المختار السراوي، عبود السراوي، الخال السراوي، الشايب السراوي.
ولعل من أسباب قوة شبكات البوسراي هي وحدتهم أمام شبكات المهربين الآخرين، فهم شبكة قوية تربطها روابط العشيرة والعصبية العشائرية والمصلحة الواحدة والمهنة الواحدة، ويضيف سلطان الكنج “هذا ايضاً جعلهم عرضة للمنافسة فيما بينهم داخل عائلاتهم، كونهم أنداداً لبعضهم البعض وكون التنافس يلعب دوراً بين أبناء العم، لكنه شأن العشائر، سرعان ما يتوحدون في حال تعرضوا لمنافس خارجي يهدد مصالحهم”. ولعل طبيعتهم البدوية الريفية القائمة على تحدي الظروف المناخية والمخاطر المتعددة التي تحيط بهم، شأن أغلب العشائر، منحم قوة وصلابة جسدية أكثر، تمكنهم من مقاومة الرحلة الطويلة التي تصل 300 كلم داخل اليونان، وكذلك خبرتهم في السباحة في الأنهار بحكم سكنهم على ضفاف الفرات.
وينقل الصحافي السوري سلطان الكنج مشاهداته عن شبكة عشيرة البوسراي في أحد مخيمات صربيا، ويقول لـ”القدس العربي” : “هنا لهم غرف خاصة في مخيم “سنبر” في صربيا، هذا المخيم تشعر فيه وكأنك في مضارب البوسرايا في دير الزور،
حيث تسمع الأغاني الديرية على أنغام الإيقاع الديري الخاص والشاوي العام، وتشاهد الدبكة و”الرقص” الديري والشاوي بأنواعه، حتى تحت المطر وفي أجواء الثلج تقام تلك الاحتفالات”، ويرى الصحافيون والنشطاء الذين اطلعوا على هذا المخيم أن هذه النشاطات هي بمثابة “نفوذ ناعم” أمام الأطياف المختلفة المارة والعبارة التي تشاهد هذه الرمزية الدالة على حضور وقوة شباب البوسراي وشبكاتهم… وكذلك من باب جلب الزبائن، ويرى الكنج “لكن ليس شرطا اذا أكلت على موائدهم أن تذهب الى هنكاريا عن طريقهم، لكن طعمي الفم تستحي العين كما يقال”.
وقد تصل النزاعات بين شبكات التهريب لمرحلة الاقتتال المسلح، وهذا ما يحصل مع البرسراي احيانا، حيث يقيمون الولائم ويشنون “الغارات” على خصومهم من الشبكان المنافسة ، سواء فيما بينهم او متوحدين ضد الشبكات الاخرى من السوريين أو الافغان، وكثيرا ما تجري مواجهات دامية وتصفية حسابات، حتى تلك الخلافات العشائرية في سوريا قد تصفى هنا احياناً، لكن أكثر المواجهات تحدث بينهم وبين الأفغان الذين هم أشد المنافسين لهم، ويتحكمون بممرات كثيرة على الشريط الهنغاري – الصربي”.
والافغان عبارة عن مافيا منظمة تحمل السلاح الخفيف “كلاشنكوف” والمسدسات “الكواتم” ، ولهم مخيمات هي بمثابة محميات على الحدود، والحرب بينهم وبين البوسرايا سجال، لذلك تجد شباب البوسرايا يحملون الرشاشات والكواتم، لكن في أغلب الأوقات تتم تسوية الخلافات على شكل تسويات واتفاقات بينهم وبين الأفغان، وكذلك هناك شبكة أخرى منظمة تنافسهم وتقع معها مناوشات، وهي شبكة المغاربة، الذين أيضاً لهم منافذ وطرق خاصة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول السراوي:

    ??

  2. يقول مالك الحسون:

    اسمهم البوسرايا وليس بوسراي
    وهم قبيلة وليسو عشيرة
    وليسو وحدهم في التهريب هناك عراقيين وفلسطينيين كثر من غزة

إشترك في قائمتنا البريدية