بيروت ـ «القدس العربي»: بعد أربع سنوات على البدايات، وبعد عدد من الأغنيات المنفردة أطلقت فرقة ضربة شمس الفلسطينية السورية ألبومها الأول «شو بيضر الأمل». عشية 11/11/2022 أحاطهم أهل وأصدقاء ومحبون في مقهى في مدينة حيفا، واستمتعوا بموسيقى وكلمات أغنيات الفرقة، ذات المضمون السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
تزامناً مع تقديم الفرقة جديدها في حيفا، تابعت الأغنيات في بيروت عبر لينك زوّدني به مدير أعمالها توفيق ناطور. فكل جديد فني آت من فلسطين يحمل معه متعة اللقاء عبر الأثير، والاكتشاف. إنها محاولة لتلمس الكلمة التي يرغب هؤلاء الشباب إيصالها للناس، ونوع الموسيقى التي يختارونها لهذه الأغنية أو تلك.
حنان واكيم تؤدي أغنيات فرقة «ضربة شمس» التي يكتبها ويلحنها إلى الآن مؤسسها وعازف العود سامر عساقلة. الفرقة خماسية الأضلع وهم إلى جانب عساقلة وواكيم، هشام أبو جبل عازف الغيتار، وهيمان سليمان عازف ايقاع، ومازن حمدان عازف غيتار بيس.
في كتابته لأغنيات فرقة ضربة شمس يتقن سامر عساقلة فن اللعب على الكلام، والنقد المباشر لظواهر اجتماعية استهلاكية مدمِرة. لهؤلاء كانت أغنية «بنك أتاك» كما لم يفته التذكير بال»معاش» الراتب وقلة حيلته. كما وصلت عبر موسيقى جميلة أغنية «سيد سيد» والموجهة لأحدهم «منشوفو حامل وطنو ع كتفو». إلى قراءة سياسية واضحة في أغنية «شيخ إمام» والبحث عن زعيم عربي «بياخد أوامرو بالعربي»؟
ضربة شمس فرقة موسيقية تنبض بروح الشباب كلمة وموسيقى وتطلعات مستقبلية. فرقة مستقلة وحرّة كلياً وترفض التمويل من أية جهة أتى. والطموح بالوصول إلى العالم العربي وكسر الحصار المفروض عليها يشغلهم. فجميعهم يحملون قسراً كما سائر الفلسطينيين تحت الاحتلال جواز سفر الكيان الإسرائيلي.
عبر «فيديو كول» كانت متعة اللقاء مع سامر عساقلة وحنان واكيم ومازن حمدان وتوفيق ناطور هذه تفاصيله:
○مبروك هل هو الألبوم الأول؟
•سامر: «يبارك فيكي». صحيح كانت لنا قبله أغنيات منفردة.
○»سلامتكو» هل شفيتم من ضربة الشمس بعد إطلاق «شو بيضر الأمل»؟
•حنان: وصولاً إلى الألبوم كان المشوار طويلاً. ومنذ بدأنا سنة 2018 تقلّبت الفرقة كثيراً، حتى رسونا على خياراتنا لجهة الآلات والصوت والموسيقى. نضيف إليها الصعوبات المادية، فنحن لا نتلقّى دعماً من أية جهة. لهذا تحتاج خطواتنا لوقت مضاعف.
○هل خضتم اختبارات على صعيد الموسيقى والكلمة؟
•سامر: في البدايات لم نكن نعبّر عن ذاتنا بشكل واعي. بدأنا المشوار حنان وأنا، فنحن أصدقاء وتجمعنا أطر سياسية مشتركة. كنت منجذباً فطرياً للكتابة والتلحين، وحنان تؤدي. غنينا فقط بين الأصدقاء. بالتدريج دخلنا الجدية وباتت لنا عروض. لم نكتف بمتعة الحضور أمام جمهور، فسريعاً اكتشفنا التحديات الجمة. كفرقة فلسطينية في الداخل نحتاج للإبداع المضاعف. قررنا رفض التمويل من أية جهة تابعة للإسرائيليين. وكوننا فلسطينيين نعيش في دولة إسرائيل، فهذا يمنعنا من زيارة بيروت على سبيل المثال. فقد دُعينا لعرض في مسرح المدينة ولم نتمكّن من تلبيته. إنها معضلة الجوازات المفروض علينا حملها. واجهنا تحدي المواظبة على التمارين، والبحث عن الأستوديو. مشوار علّمني الكثير منها برنامج «بروميير» الذي يتيح لنا تقديم فيديوهات.
حنان: ننجز الفيديو «إيديتنك» في المنزل، فلسنا نملك المال لشراء هذه الخدمات. كافة الأمور المتعلقة بالـ»أوديو» ننجزها منفردين.
○كيف جذبكم غناء الأمل وتصديره للآخرين؟
•حنان: «شو بيضر الأمل»؟ في واقعنا نحن أمام خيارين إما الاستسلام لليأس من الواقع السياسي والاجتماعي، حيث تتضاءل فسحات التفاؤل. فهل نخضع لهذه السوداوية المفروضة؟ أم نحاول بشتى السبل ومنها الغناء إضاءة شرارة أمل؟ نحن شخصيات نشيطة نهدف لنكون مع مجتمعنا في مكان أجمل.
سامر: لا معنى لأي نضال أو رسالة إن لم يكن الأمل بوصلتها. الأمل إيمان بسيط بأن تصبح الأمور أفضل. دون هذا الأمل لن يكون للناس حافز للإنتاج والنضال. أي نضال أو إنتاج يجب أن يحكمه الأمل.
○مازن حمدان متى كان انضمامك إلى ضربة شمس؟
•كنت الأخير بين الخماسي، وهذا يعود لعام مضى. تجمعني معرفة بحنان وسامر وهشام.
○هل تعزف غيتار بيس فقط؟
•مازن: بل أعزف الغيتار، اقترحت الفرقة أن اجرّب البيس، فأحببته. أحب كافة الآلات الموسيقية ولا أفاضل بينها. رغبت خوض التجربة والانضمام لفرقة ضربة شمس.
○أشعر أن كل منكم ملتزم بمهنة إلى جانب فرقة ضربة شمس. صحيح؟
•مازن: أعمل في مقهى.
○لماذا تعريف ضربة شمس بأنها فرقة فلسطينية وسورية؟
•حنان: في مرحلة الإغلاق بسبب كورونا تكثفت اللقاءات مع هشام وهيمان، فنحن نعيش في الحارة نفسها. في تلك المرحلة صورنا فيديو معاً عن قضية في الجولان السوري المحتل. لهذا نحن في خلطة طبيعية وصحية، خاصة وأن الأغنية وصلت للناس وأحبوها. بعد هذا النجاح صار هيمان وهشام ضمن فرقة ضربة شمس، ومؤخراً مازن. نحن فرقة فلسطينية سورية لأن هشام ينتمي للجولان السوري المحتل.
○كتّاب المقالة لم ينفذوا بجلدهم من أغنية لاذعة. هل برأيكم هناك من يعتاش من الكتابة مزنراً بالكوفية الفلسطينية؟
•حنان: المقصودون يعرفون ذاتهم.
سامر: كتبت الأغنية متقصداً الذين يستعرضون عضلاتهم اللغوية. هؤلاء يستخدمون مفردات نسأل لمن يتوجهون بها؟ «بتفلسف على مين يا كاتب هالمقالة؟ عصحابك الفنانين أو الزملا في البطالة.. بتفلسف عمين ياكاتب هالمقالة ع صبية بالعشرين ولاّ ع عامل على سقالة؟» فكرة الأغنية توجيه النقد لنوع معين من الكتابة الشائعة للأسف الشديد بين غالبية المثقفين في العالم العربي والفلسطينيين خاصة. إنها مقالات نخبوية ولقرّاء معينين.
○سامر عساقلة أنت الكاتب والملحن الوحيد لأغنيات ضربة شمس؟
•لحد «إسّا». وأتمنى مشاركة آخرين. أخبرني اليوم أحد أعضاء الفرقة دون ذكر اسمه أنه يحبّ كتابة كلمات الأغنيات.
○تكتب المحكية والفصحى بتقنية وأفكار مميزة. هل سيكون لك كتاب شعر؟
•لم أفكر في الموضوع بعد، أكتب فقط كي ألحن، وعندما أكتب بهدف النشر، يكون النص نثرياً.
○ما هي حدود تأثركم بمسار الأغينة السياسية والاجتماعية العربية من شيخ إمام إلى زياد الرحباني؟
•مازن: صراحة الفرقة متأثرة بالشيخ إمام كثيراً لأن سامر متأثر به. من جهتي تأثرت بزياد الرحباني وأحب موسيقاه. هذه الأغنيات تعبّر عن مسار سياسي واجتماعي، وعن ألم يلمّ بنا فنقوله عبر الموسيقى.
سامر: إنها مدرسة موسيقية تتمثل في كتابة كلمات بسيطة تلتقي مع لحن مناسب ليكون للرسالة صدى. على المستوى السياسي والاجتماعي، نعم ننتمي لهذه المدرسة. وفي البدايات كان التشابه واضحاً مع مدرسة الشيخ أمام. وبالتدريج بدأنا نشبه ذاتنا ونؤكد هويتنا دون انفصال عن سياق الأغنية السياسية بشكل عام سواء في مصر أو لبنان.
○أليس عبئاً عليك يا حنان أن تغني كل ما يخطر في بال سامر؟
•يضحكون جميعهم وتقول حنان: ليس عبئاً بالطبع. نصرّ أن لا نرسخ في أذهان المتلقين بشكل المغنية التي تقف في الوسط والفرقة تعزف من حولها. نؤدي أغنيات جماعية، ويلقي سامر كلمات في بعض أغنيات الألبوم. أحب الكلمات التي أغنيها وكذلك الألحان وأستمتع بها. كما أن النقاش مفتوح بيننا، فالفرقة تتميز بالمرونة، وهدف الجميع الوصول إلى عمل يرضينا.
○هل تستشيرون من ترونه ناقداً أو عارفاً بالكلمة واللحن؟
•حنان: نتشاور مع العديد من الأصدقاء.
سامر: مثلاً فيما يخص جودة التسجيل نستشير مهندس الصوت بِشر كنج من الجولان والذي يملك استوديو 67.
○كونك تعمل في أحد المقاهي هل تسمع ردود أفعال على أغنيات ضربة شمس؟
•مازن: بصراحة نعم. كثُر يسألونني عن الأغنيات وغالبيتهنّ صبايا. لا تمر أغنية جديدة دون تعليقات من الزبائن في المقهى. الناس تُعبّر عن مشاعرها، وتطرح أسئلة. والصدى يصلني عن كافة الأغنيات.
○أطلقتم على موسيقاكم تعريف «فيوجن» بماذا يختلف عن «الهيب هوب»؟
•حنان: الهيب هوب نوع موسيقي محدود والأغنيات معروفة وواضحة. ننتمي موسيقياً إلى الـ«فيوجن» حيث لا أغنية تشبه الأخرى. كما أن الألحان تتضمن عناصر شرقية يلمع بها سامر، أو هيمان الذي يعزف الإيقاعات الشرقية والدرامز. وفي الفرقة غيتار كهربائي يتيح دخول عالم الجاز والروك. وأسلوب غنائي يتضمن الشرقي والغربي وأحياناً المزج بينهما. وفي أغنيات أخرى إلقاء شبيه بالراب. لا حاجز مع أي موسيقى تخدم الأغنية التي نكون بصددها، ولسنا مقيدين بطابع موسيقي محدد.
○الألبوم دعم ذاتي إضافة لإيمان عائلاتكم وأصدقاءكم. ماذا تقول لهم يا سامر؟
•هم جزء أساسي من النتيجة التي وصلنا إليها. دعمهم شكل الركيزة التي أدت لخروج ألبوم «شو بيضر الأمل» إلى النور. واجهنا الكثير من التحديات على المستوى المادي والاجتماعي، والأهل والأصدقاء دعمونا مادياً وتقنياً. كل قدّم الدعم الذي يتمكن منه.
○كيف تجدون وقتاً للتمارين وجميعكم ملتزم بعمل؟
•مازن: لدينا موعد أسبوعي محدد نلتزم به منذ سنة. التمارين تجعلني أكمل يومي بشكل جميل. التمرين الأسبوعي ضرورة للحفاظ على اللياقة الموسيقية.
○القضايا المعيشية لها حيزها في البوم «شو بيضر الأمل» من المعاش إلى متعة الاستهلاك في أغنية «بنك أتاك». لماذا هذا التركيز؟
•سامر:»بَنْكْ أتاكَ» هو تلاعب بالكلام. الصديق رازي خوري سبقنا بتقديم أغنية «بنك اتاك» ونحن استلهمنا منه. نحكي الواقع المعيشي لأننا نؤمن بأن السيطرة على البشر تكون بتحويلهم إلى آلات إنتاج، ويعجزون عن فهم واقعهم السياسي والاجتماعي بشكل نقدي. بل ينغمسون في العمل وشاغلهم سداد ديونهم.
○أنتم أحرار في قول الكلام الذي ترغبونه ولا رقابة من الاحتلال؟
•حنان: إلى حينه لا. وكوننا لا نرتبط بأي تمويل فما من أحد يفرض علينا المضمون.
توفيق: نمط الحياة في هذا الكيان رأسمالي أمريكي وعنيف. لهذا الإنتاج الفني مكلف جداً. من يقبل تمويل الكيان سيخضع لرقابته، وكانت معاناة لبعض الفلسطينيين نتيجة ذلك. اخترنا في ضربة شمس عدم طلب الدعم من أي كان. لن نكون رهائن لأحد سواء للتمويل الإسرائيلي أو أي تمويل سياسي.
○هذا يعني أنكم لن تعيشوا من فنكم في المقبل من الأيام؟
•توفيق: نحن نأمل ذلك إنما ليس بأي ثمن. اخترنا الطريق الأصعب وهذا تحدي علينا قبوله لنكون أحرارا ومستقلين.
○أغنياتكم خاطفة وسريعة هل في ذلك استجابة لذائقة الجيل غير الصبور؟
•سامر: لم نفكر بالأمر عن سابق تصور وتصميم. ننتج ما نشعر به. ملاحظتك في مكانها، ولمسنا أن زمن أغنياتنا يخدم انتشارها.
○أين تقيمون حفلاتكم؟
•سامر: كانت لنا العديد من الحفلات في فلسطين الداخل وفي الضفة. سنكون في عمّان ولأول مرة خارج البلاد وذلك في مقهى مايسترو في 9/12.
○هل من معترضين على فنكم في البلاد؟
•حنان: قد لا يُعجب البعض. لكننا نعرف أن النقد الذي نغنيه هدفه البناء ولنكون في مكان أفضل.
○ما هي خطتكم لتسويق أغنيات «شو بيضر الأمل»؟
•توفيق: هدفنا الأساس من هذا الألبوم وفي المقبل من الأيام اختراق العالم العربي واكتشافه. والتحدي الذي نعيشه كفلسطينيين داخل الكيان يتمثّل بقطع صلاتنا بالعالم العربي. نسعى لتحقيق هذا الهدف، وخلق منصة لسوانا ليسير على الدرب نفسه. في خطتنا التسويقية الوصول إلى الجمهور العربي في شمال أفريقيا، وكذلك الجمهور في الدول العربية المشرقية.