السهر مع «الجار السوري»: صدمة الشارع الأردني بتكدس «المخدرات»… و«الحكاية الأصلية» لم ترو بعد

بسام البدارين
حجم الخط
5

عمان- «القدس العربي»: أين وكيف ومتى توارى كل هذا السيل من السموم والمخدرات وتجارها ورموزها؟ سؤال لا أحد في الحكومة الأردنية يريد الإجابة بشكل مباشر عليه، ولو من باب الخلفية السياسية لطرح التساؤلات على أمل الردع من أجل المستقبل، حيث تترك السلطات السياسية وأجهزة الإعلام والمؤسسات الرسمية حتى اللحظة مديرية الأمن العام وحدها في الكشف الميداني الحسي عن حالة الاشتباك مع تجار السموم والمخدرات.
يسأل أردنيون بكثافة عبر منصات التواصل: كيف تكدست كل هذه الفعاليات في عالم المخدرات وأوساط ومفاصل المجتمع الأردني طوال السنوات في الماضي؟ كيف ومن أين ولد هذا العدد الكبير من تجار وموزعي مواد الموت؟
هذا نمط من الأسئلة مطروح اليوم.
لكن حجم الصدمة الاجتماعية كبير ولا يكفل الإجابة عليه حتى الآن، ليس لأن مديرية الأمن العام التي تكفلت بواحدة من أنبل المهام الوطنية لا تمثل الجهة التي ينبغي أن تجيب عن أسئلة من هذا الطراز وحدها، ولكن لأن المستوى السيادي أعلن ومنذ العام الماضي الحرب على المخدرات ولأسباب قد تتعلق بمصالح الدولة وأمنها القومي هذه المرة.
ولأن الرأي العام وهو يتابع التفاصيل، لم يكن يدري بأن البلاد فيها هذا الحجم الكبير من المخدرات، ولا العدد غير المفهوم من الموزعين والمتاجرين والمروجين الذين تثبت إفصاحات الأمن العام اليومية بأنهم منتشرون أفقياً وعمودياً وفي مختلف مناطق المملكة.
ما لا تقوله مؤسسات الاشتباك الأمني هو تلك التفاصيل المرتبطة بهجمة المخدرات بكل تفاصيلها من الجار السوري تحديداً، مع أن القوات المسلحة هي التي تتولى اليوم على الحدود رصد كل صغيرة وكبيرة في السياق.
وما لا تقوله السلطات بعد هو ذلك الجزء التفصيلي في الرواية والذي يوحي بأن عدد المستفيدين والمشاركين بحفلة استقبال وتوزيع وإخفاء وترويج المخدرات بين الأردنيين أكبر بكثير من كل التوقعات، مما يدفع مجدداً مرة تلو الأخرى باتجاه تكرار السؤال تلو الآخر: كيف تراكمت ولماذا في الماضي كل هذه المعطيات حول المخدرات بين الأردنيين؟
بعد ظهر الخميس، أعلن الناطق الرسمي باسم مديرية الأمن العام عن عمليتين جديدتين للمكافحة انتهتا في مدينتي عمان والمفرق بالقبض على 8 متورطين بتجارة المخدرات. وتحدث البيان الأمني عن ضبط كميات كبيرة وعن مداهمة مواقع تخللها أيضاً ضبط أسلحة. وليس سراً أن كميات المخدرات التي تضبط اليوم في الأردن ترافقها كميات من الأسلحة النارية.
وليس سراً أو لم يعد سراً أن خدمات المخدرات المدعومة والمنظمة من الجار السوري الذي يسهر الأردنيون معه ليلهم الطويل، مستمرة ومتواصلة وتظهر إلحاحاً وعناداً في الاختراق وتكرار المحاولات بالرغم من رصد المتسللين لا بل اعتقالهم وقتل بعضهم أحياناً وضبط تجارتهم من السموم.
وليس سراً أيضاً أن عدد المقبوض عليهم بموجب إفصاحات الأمن العام وعدد الكميات المضبوطة مرعب فعلاً للجميع، لا بل أرقام الكميات والأشخاص لم تناقش بعد على المستوى الوطني والسياسي لا من حيث فهم خلفياتها، ولا من زاوية كيف تراكمت أو من زاوية الوقاية منها مستقبلاً، والسبب واضح وهو الانشغال في المهمة والتركيز على الاحتواء والضرب. طرح الأسئلة والإجابة عليها ليس واجب المنظومة الأمنية الداخلية، بل واجب السلطات والحكومات والبرلمان، برأي كثير من المعلقين. والانطباع قوي بأن تنظيف البلاد من السموم مادام الأمني مشتبكاً ويقوم بواجبه يومياً يتطلب خطة وطنية سيادية وسياسية وتشريعية عابرة تماماً للظرف الحالي.
المقاربة في الإفصاحات الإعلامية صادمة، فالأذن الأردنية تلتقط اليوم بكثافة عبارات تتحدث عن كميات كبيرة تضبط أصناف الحشيش ومساحيق السموم بصورة يألفها الأردنيون.
وتجارة الهروين موجودة وضبط كميات الحشيش أصبح أيضاً مألوفاً والسموم في مزارع وفلل وشقق والسلاح رفيق الليل والنهار مع التجار والمجرمين وفي عدة حالات أطلق الرصاص على رجال المكافحة مرات عدة أثناء المداهمات.
وعدد المتورطين الذين ألقي القبض عليهم بدأ يقترب من المئات، الأمر الذي يظهر ولو بأثر رجعي أن التحدي الأمني كان خطيراً وكبيراً، وأن السموم كادت تغرق البلاد والعباد لولا الاستدراك والقرار السيادي العميق في الاشتباك. لكن رغم كل الجهود التي تبذل، مازالت المقاربة غامضة، ولا تزال بعض الأسئلة عالقة بلا أجوبة، والرأي العام مصدوم من الوقائع التي تظهرها بيانات الإفصاح بشكل يومي. والأهم سياسياً ووطنياً، أن قصة تكدس وتراكم المخدرات بين الأردنيين لم ترو بعد.
والحلقة الأهم تتعلق بفهم الظروف والملابسات التي أدت في الماضي القريب إلى تكديس هذه الكميات بما في ذلك الدور الفاعل للتواطؤ البيروقراطي والصمت، الذي يشير إلى أن الماكينة الأمنية في الدولة تحركت متأخرة وعندما بدأت تنظيمات مسلحة في سوريا حصراً بالبحث عن موطئ قدم لها ولتجارتها في العمق الأردني.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد:

    لو اعدم هؤلاء لكانوا عبره لمن خلفهم ويجب اعدامهم علنا وحضور حشد من الناس
    أما السجن فليس رادعا لأنهم يتابعون أعمالهم من خلف القضبان

  2. يقول abuelabed:

    ما يجب أن تقوم به الدولة الأردنية هو إعدام هؤلاء الذين يتاجروا و يدخلوا هذه السموم. السجن لهم بضع سنوات ليس حلا. إذا أعدموا بعضهم ستتوقف أعمال التجارة بالمواد السامة على الاقل 75%.

  3. يقول ابو باسل:

    هل مجلس الأمة مناط ببه التشريع ووضع للقوانين او انه مجرد مجلس للاستعراض فقط. حيث أن القوانين تأتي من الحكومة والتي تقوم بتفاصيلها حسب قياسها وليس حسب قياس الشعب
    لماذا لا يبادر المجلس لوضع التشريعات لتسير عليها الحكومة وليس العكس.
    على المجلس ان يبادر بوضع تشريعات تغلظ العقوبات على مرتكبي الجرائم الكبرى
    كالاغتصاب والقتل والتجسس والمخدرات.. لقد رأينا الكثير من الدول تسن التشريعات في سبيل ذلك لقد رأينا ان عقوبة الإعدام قد طبقت على الكثير من قضايا المخدرات.. سواء بادخالها الي البلاد أو بالترويج لها ونشر سمومها بين أفراد المجتمع..
    ولا ننسى ان نشر قضايا المخدرات إعلاميا كفيل بالحد من انتشارها خاصة وأننا أصبحنا نسمع ونرى ان هناك من أصحاب ألنفوذ من يقومون بالمساهمة في نشر وترويج هذه السموم. وهم امنون حتى لو تم إلقاء عليهم أو تدور من حولهم الشبهات بسبب قرارات منع النشر او قانون اعتيال الشخصية.
    فليس من المعقول ان نرى ونسمع عن الكميات والأفراد الذين يتم القبض عليهم ومعظم هم يضبطون متلبسين والبعض منهم وصلت الجرأة برفع السلاح على القوى الامنيه.
    فلا يعقل ان يكون هؤلاء يقومون بعملهم هذا دون وجود جهة ما ترعاهم. واثقة من قدرتها على النجاة. بفضل نفوذها. وسطوتها..

  4. يقول Samir:

    كبار البلد هم من يدعمون هؤلاء التجار

  5. يقول محمد لطفي:

    الله مع قواتنا المسلحه الباسلة والأجهزة الأمنية بكافة أفرادها بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه للأردن سندا وذخرا وللشعب الاردني

إشترك في قائمتنا البريدية