واشنطن بوست: الجيش عاد من جديد ليقرر مصير باكستان

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقال رأي للمعلق الباكستاني حامد مير، قال فيه إن الجيش الباكستاني عاد إلى مركز السياسة في البلاد.

فبعد أشهر من المؤامرات، أعلنت باكستان أخيرا عن اسم قائد جيشها، وحصل على الوظيفة الجنرال عاصم منير، رئيس مؤسسة الاستخبارات العامة سابقا (آي آي). وقال الكاتب إن الكثير من الباكستانيين تنفسوا الصعداء لأن هذا جنّب البلاد أزمة سياسية، على الأقل في الوقت الحالي.

والسبب هو أن رئيس الوزراء السابق عمران خان، ظلّ يدفع باتجاه المواجهة مع قادة الجيش البارزين، بشكل أثار مخاوف الكثيرين من إعلان الجيش عن قوانين الطوارئ، ويبدو أن التهديد قد زال، على الأقل في اللحظة الحالية.

ولم يكن أحد قادرا على التكهن بالوضع الحالي في عام 2018، عندما أصبح خان رئيسا للوزراء في انتخابات وُصفت بأنها الأكثر قذارة في تاريخ البلد، وشابها التخويف والفساد والتلاعب بالأصوات. وافترض بشكل واسع أن وصول خان إلى السلطة تم بمساعدة من الجيش. وكان منافس خان الذي أطيح به عبر تصويت برلماني لنزع الثقة هذا العام، نواز شريف، واتهم قائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوا بالوقوف وراء هزيمته.

وتمتع خان في الأشهر الأولى من الحكم بعلاقات جيدة مع الجيش. وزادت علاقته مع الجيش من مصداقيته لدى الهند، مما ساعده على الإعلان عن عدة مبادرات لتطبيع العلاقات مع الهند، منها وقف إطلاق النار العام الماضي. إلا أن الخلافات بدأت تطفو على السطح، فقد كان الجنرال باجوا، راغبا بالتحرك سريعا وتحسين العلاقات مع الهند، لكن خان كان محذرا.

وفي خريف عام 2021، دخل خان في مواجهة مع الجيش حول رئيس الاستخبارات الجنرال فائز حميد، الذي أراد خان الحفاظ عليه ضد رغبة الجيش في نقله لمنصب آخر. وبدأ معارضو خان بالتشكك من أنه يريد تعيين حميد قائدا للجيش كي يحقق أهدافه. واتهم مدير المخابرات الحالي نديم انجوم، خان بأنه طلب من الجيش خدمات “لم يذكرها”.

وعندما وجدت المعارضة أن خان لم يعد يحظى بدعم الجيش، انتهزت الفرصة وأطاحت به عبر سحب الثقة من حكومته، وهذا هو مصدر حنق خان الحالي ضد الجيش، فهو يعتقد أن حلفاءه السابقين، خانوه سياسيا وحاول الانتقام وعمل ما يستطيع لمنع تعيين قائد جديد للجيش.

وعلينا تذكر أن خان ليس مجرد لاعب سياسي، بل هو محرك سياسي كبير في البلاد. ويسيطر حزبه “تحريك إنصاف” على ولايتين، البنجاب وخيبر باختون خاوا، إلى جانب منطقتين صغيرتين، أزاد كشمير وغيليت – بالتستان.

وكان رئيس باكستان عارف علوي، عضوا في حزب “تحريك إنصاف”. ومن الناحية الرسمية، على رئيس الوزراء استشارته في تعيين رئيس الوزراء الجديد، وحاول خان الاستعانة به لمنع تعيين قائد الجيش الجديد. لكن علوي اتخذ موقفا حذرا، ونصح خان بعدم تنفير قائد الجيش الجديد أو استعدائه.

وقادت عداوة خان للجيش لاتهامه والمخابرات بمحاولة اغتياله بداية الشهر الحالي. مع أنه لا توجد أدلة لدعم مزاعمه، حسب الكاتب مير. معتمدا على رواية المنفذ للعملية التي قال إنها بداوفع دينية، وبدون أية تفاصيل أخرى. وكان خان يخطط لمسيرة من روالبندي إلى إسلام أباد، حيث قرر وقفها لعدم زيادة التوتر. ويقول نقاد خان إن حملته لإثارة التوتر مع الجيش قد تكون نجحت، حيث أراد الدفع بانتخابات مبكرة هذا الشتاء. ويرى آخرون أنه كان يريد من الجيش فرض قوانين الطوارئ للتهرب من استبعاده بسبب اتهامات فساد. وقال في مقابلة: “فلتكن هناك قوانين طوارئ، أنا لست خائفا”.

وقال باجوا، قائد الجيش المنتهية ولايته في خطاب، إن الجيش سيظل خارج السياسة، لكن ليس هذا هو الواقع، ويعود الفضل في هذا لخان. ولو كان لا يريد حقيقة إخراج الجيش من السياسة، فالكاتب يدعمه. فقائد الجيش الجديد يواجه تحدي البقاء على الحياد. وعليه عدم اتخاذ مواقف، ويشعر ـنه أقوى من البرلمان وترك الأخير لتشكيل السياسة الخارجية في أفغانستان والهند بدون تدخلات. ويجب أن يكون تركيزه على الأمن، خاصة في المناطق المحاذية لأفغانستان حيث يتعرض الجنود يوميا لهجمات.

ومشكلة باكستان لم تنته بعد، فقد صعق خان الجميع عندما قال إنه سينسحب من مجالس الولايات، ولعب ورقته الأخيرة، في وقت ينتظر الجميع الخطوة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية