دمشق – «القدس العربي»: أنهى الجيش الوطني السوري استعداداته للحملة البرية المحتملة، التي تنوي أنقرة شنها في موازاة العملية الجوية التي بدأها الجيش التركي في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، تحت اسم “المخلب – السيف” ضد مواقع حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال سوريا.
كما دعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الاثنين، الدول الإسلامية إلى بذل مزيد من الجهد لتخليص سوريا من دوامة الصراع، وقال في كلمة ألقاها خلال مشاركته في افتتاح الاجتماع 38 للجنة الوزارية الاقتصادية التجارية في منظمة التعاون الإسلامي المنعقدة في إسطنبول الاثنين، إنه “يجب على الدول الإسلامية أن تبدي إرادة أقوى وأن تدعم جهود الحل السياسي في سوريا لتخليصها من دوامة الصراع والأزمة الإنسانية والإرهاب”.
وشدد على ضرورة إنهاء لعبة دعم تنظيم “بي كي كي” وامتداداتها التي تتخفى تحت ستار مكافحة تنظيم “داعش” بحسب وكالة الأناضول التركية. ولفت اردوغان إلى أن “التنظيمات الإرهابية تستهدف الإسلام والمسلمين”، رغم اختلاف أسمائهم وأهدافهم والبقاع الجغرافية التي ينشطون فيها، لافتاً إلى أن بلاده عازمة على استئصال جذور “التنظيمات الإرهابية” التي تشكل تهديداً لوحدة أراضي سوريا والعراق وتركيا أيضاً. وأردف قائلاً: “أينما وجد ظلم أو نزاع أو بريء يموت جوعاً وعطشاً، فجميعنا سيتحّمل وزر ذلك”.
معارضة أمريكية للهجوم
في غضون ذلك، قالت الرئيسة السابقة للجنة الأمريكية للدفاع عن الحريات الدينية، نادين ماينز، إن الولايات المتحدة “تقوم بالتواصل عبر أقنية خاصة مع تركيا ويعبرون عن معارضتهم لهذه العمليات العسكرية التي تقوم بها”. وأضافت “هناك الكثير من الأفعال التي يمكن القيام بها، سواء عقوبات وقرارات اقتصادية من أجل الضغط على اردوغان كي لا يستمر في هذه الضربات ويوقف أي عملية غزو”. لكنها أشارت أيضاً إلى أن واشنطن تريد الحفاظ على علاقة جيدة مع أنقرة، “ولا يريدون لتركيا أن تقف مع روسيا أو مع دول أخرى ضد الولايات المتحدة”.
وحول التحضيرات العسكرية للعملية البرية التركية قال القيادي في الجيش الوطني فاروق أبو بكر في تصريح لـ”القدس العربي” إن “قيادة وفصائل الجيش الوطني أنهت الاستعدادات اللازمة للعملية العسكرية والجاهزية لشن أي عمل عسكري في الأراضي المحتلة، ولاسيما الواقعة تحت نفوذ قوات قسد”.
وقال أبو بكر “نستطيع القول إن الجيشين التركي والسوري على أتم الجاهزية للعمل العسكري المحتمل، وحالياً الحملة البرية تنتظر ساعة البدء وإعطاء الأوامر لشنها”. وأضاف: “الترتيبات والتحضيرات العسكرية جاهزة بانتظار القرارات السياسية التي ستنتج عن المفاوضات والاجتماعات بين الدول”.
في غضون ذلك قال مسؤولون أتراك لـ”رويترز”: إن الحكومة التركية بصدد إصدار قرارها بشأن شن عملية عسكرية برية شمالي سوريا خلال اجتماعها (الاثنين).
تنسيق تركي ــــ روسي
وفي دلالة جديدة على التنسيق التركي – الروسي، رغم حديث موسكو عن بعض الخلافات مع أنقرة، فقد استهدفت القوات التركية مجدداً منطقة تقع تحت السيطرة الجوية الروسية في محيط قرية شيخ عيسى شرقي بلدة تل رفعت، وقرية عين دقنة شمالها، أثناء تحليق للطيران الحربي الروسي في سماء المنطقة.
وكان المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، قد قال في تصريح صحافي أمس، إن هناك خلافات بين روسيا وتركيا بشأن الوضع في سوريا، مبيناً أن مستوى العلاقات بين البلدين يسمح بحل هذه الخلافات عبر الحوار.
وأوضح بيسكوف أن الخلافات مع تركيا بشأن سوريا تم في وقت سابق وقفها والتقليص منها، وذلك بمجرد التوقيع على اتفاقية في سوتشي، مشيراً إلى أنه بعد ذلك صرح مسؤولون روس، وكذلك الرئيس اردوغان، عن عدم رضاهم عن تنفيذ الاتفاقية التي تم توقيعها. وأضاف أن “مستوى علاقاتنا وحكمتنا السياسية يسمحان لنا بحل هذه الخلافات، ليس من خلال المواجهة، بل من خلال المفاوضات الصعبة والطويلة أحياناً، ولكن مع ذلك بالمفاوضات”.
موقع “نورث برس” التابع لقوات قسد، قال “بعد منتصف ليلة الاثنين، استهدفت القوات التركية محيط قرية شيخ عيسى شرقي بلدة تل رفعت، وقرية عين دقنة شمالها، أثناء تحليق طيران حربي روسي في سماء المنطقة، وبعدها بساعتين، استهدفت القوات التركية قرية أبين التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين، بريف حلب الشمالي”.
بموازاة ذلك، ألغت الشرطة العسكرية الروسية، الاثنين، دورية مشتركة مع القوات التركية، كان من المقرر تسييرها في ريف مدينة عين العرب. وكانت قد ألغت الشرطة العسكرية الروسية، دورية مشتركة مع القوات التركية، الاثنين الفائت في ريف كوباني الغربي بسبب الحملة العسكرية التركية.
ويستمر الجيش التركي قصف مواقع قسد على الشريط الحدودي وخط التماس، منذ العشرين من الشهر الجاري، حيث كثف سلاح الجو التركي من غاراته على مناطق شمال شرقي سوريا، وتركزت بشكل خاص على ريف حلب الشمالي.
واستهدفت القوات التركية الاثنين، بقذائف المدفعية والهاون قريتين شمالي منبج، كما قصفت قريتي الماضي والجات، شمالي منبج، شمالي سوريا، وقصفت بالمدفعية الثقيلة والهاون قرية الكوزلية في ريف تل تمر شمال الحسكة.
وقالت مصادر إعلامية تابعة لقوات “قسد”، إن “القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها، استهدفت الاثنين، أطراف قرى في ريف حلب الشمالي، وقرية شمالي الحسكة، لليوم التاسع على التوالي، كما قصفت المدفعية التركية نقاط لحكومة دمشق في محيط قريتي دير جمال، كفرناية بأكثر من سبع قذائف”.
حقوقياً
طالبت 200 منظمة حقوقية وإنسانية، الاثنين، مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع طارئ بخصوص التصعيد العسكري والهجمات التركية على شمالي سوريا، والضغط من أجل وقفها وحماية المدنيين والبنى التحتية.
وأدانت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، في بيان لها الاثنين، التصعيد العسكري، وقال البيان “تدين المنظمات السوريّة الموقعة على هذا البيان، وبشدّة، التصعيد العسكري في شمال شرقي سوريا، وهجوم “شارع تقسيم” الإرهابي، وتطالب بوقف الاعتداءات على المدنيين والأعيان المدنية بشكل فوري واحترام القانون الإنساني الدولي” كما طالب البيان مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع طارئ بخصوص التصعيد العسكري الأخير والهجمات العسكرية التركية والضغط من أجل وقفها وحماية المدنيين والبنى التحتية إنفاذاً لأحكام القانون الدولي وصلاحيات مجلس الأمن بموجب ميثاق الأمم المتحدة”.
كما وجه البيان رسالة إلى الوكالات الأممية والمنظمات الإنسانية بضرورة تكثيف الجهود الإغاثية والإنسانية بحيث تتم الاستجابة الفورية للاحتياجات الإنسانية الناجمة عن التصعيد العسكري الأخير، خاصة في ظل استهداف الأعيان المدنية والمنشآت الحيوية والبنى التحتية.