دعوة البرلمان الأوروبي لزيارة مصر للتعرف على حقوق الإنسان… وضبط رئيس جامعة شهيرة استولى على 4 مليارات جنيه

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة – «القدس العربي» : رياح مغايرة باتت تخيم على الكثير من العواصم العربية فهاهي القدس، وهي تحت سلطة أبشع احتلال عرفه كوكب الأرض، قادرة على تصدير الأمل لضعاف العالم عبر فصائل المقاومة الوليدة وأمهاتها التي كانت خير معلم للأحفاد الذين لايعترفون باليأس. وبينما فلسطين عن بكرة أبيها تحتكر سلاح الرعب في مواجهة المحتل الغاشم تقود القاهرة جنبا إلى جنب مع معركة البناء حربا ضد الجوع الذي بات يهدد الكثير من سكان بلدان العالم النامي. ففي صحف أمس الجمعة حصدت قطر مزيدا من الثناء بسبب النجاح المتتالي الذي تحرزه في ملف المونديال التي تفوقت فيه من حيث التنظيم والإشراف على جميع من سبقها من بلدان بشهادة المتخصصين والخبراء. وشهدت الصحف دعوة أمل وتفاؤل خلفتها صور افتتاح مدينة المنصورة الجديدة التي تعد واحدة من أحدث المدن الذكية التي تشرف الحكومة على تنفيذها. ومن القرارات الرئاسية: أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بعزل المستشار محمود مصطفى سيد عبد الرحمن، نائب رئيس مجلس الدولة. وقرر تكليف اللواء عمرو عادل، بالقيام بأعمال رئيس هيئة الرقابة الإدارية. ومن معارك أمس، إثر الخلاف الحاد مع البرلمان الأوروبي، دعا طاهر الأزهري عضو مجلس النواب وعضو لجنة الدفاع والأمن القومي، عقب ما أثير حول “تقرير البرلمان الأوروبي” الذي يصف وضع حقوق الإنسان في مصر بالمتدهور، لزيارة القاهرة وكل المحافظات والاستمتاع بالأماكن السياحية الخلابة مع جو مليء بالحرية الشخصية والأمان. وطالب “الأوروبيين” بأن يستقوا تقاريرهم من جهات رسمية أو منظمات مشهود لها بالشفافية وغير مشبوهة وهو مالم يتحقق في تقريرهم الأخير على حد رأيه. ومن أبرز التصريحات: قال رئيس مكتب الهيئة اليابانية للتعاون الدولي (چايكا) في مصر كاتو كين إن المتحف المصري الكبير المنتظر افتتاحه قريبا، سيكون أحد أهم رموز تاريخ التعاون المصري الياباني الطويل والصداقة بين البلدين، موضحا أن “چايكا” تساهم في تمويل مجموعة واسعة من المشروعات في مصر، ويأتي أبرزها في قطاعات السياحة والتعليم والصحة، ومشاريع الطاقة والموارد المائية والنقل التي تساعد على التكيف والتخفيف من التغيرات المناخية. ومن أخبار الحوادث: ألقت الأجهزة الأمنية في مديرية أمن القاهرة القبض على 3 أفارقة لقيامهم ببتر كف يد سائق ميكروباص أثناء مشاجرة معه بسبب خلاف على الجلوس على كرسي داخل السيارة في مدينة نصر. ومن أبرز جرائم الكبار: استولى رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات المالكة لجامعة خاصة شهيرة، على مليارات الجنيهات، من الأموال الخاصة بالجامعة، قيمة الأصول والممتلكات الخاصة بها، وحاول غسل تلك الأموال لإخفاء نشاطه الإجرامي. وتمكنت الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية من كشف تفاصيل الواقعة وضبط المتهم الذي كشفت التحريات عن قيامه باختلاس المستندات والملفات المملوكة لجهتي عمله، وادعائه ملكيته الخاصة للجامعة «على خلاف الحقيقة». وقام المتهم باستغلال طبيعة عمله واختصاصه الوظيفي والاستيلاء على أصول وممتلكات الجامعة والحقوق المادية والفكرية لها، المقدرة بقيمة مالية بلغت 4 مليارات جنيه.

الغيث القطري

على الرغم من عدم تأهل المنتخب المصري إلى نهائيات كأس العالم قطر 2022، إلا أن الأهلي والزمالك سيحققان مكاسب مالية من المونديال الذي تستمر منافساته حتى 18 ديسمبر/كانون الأول الجاري. وتنص لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بحسب تقرير لـ “بوابة أخبار اليوم” على حصول الأندية التي يشارك لاعبوها في كأس العالم على مكاسب مالية مقابل مشاركة كل لاعب في البطولة، ويأتي ذلك ضمن برنامج تم تدشينه منذ مونديال 2010. طريقة حساب المكافأة المالية التي يتلقاها كل ناد من خلال حساب عدد لاعبيه المشاركين في المونديال مع منتخبات مختلفة، وعدد الأيام التي يقضيها كل لاعب في البطولة، علما أنه يتم احتساب المكافأة قبل 14 يوما من مباراة الافتتاح لكأس العالم وتنتهي في اليوم التالي لخروج منتخبه من البطولة. ومن المقرر أن يحصل كل لاعب على مبلغ 8,530 دولارا عن اليوم الواحد في نسخة 2022 وهو مبلغ تقريبي حيث يتم توزيع حصة كل لاعب على ناديه أو عدة أندية لعب لها آخر سنتين بشكل نسبي. وهذا يعني أن المنتخب الذي سيخرج من الدور الأول فإن أي ناد لديه لاعب واحد فقط سيحصل على قرابة 153,540 دولارا. نادي الزمالك سيحصل على مكاسب مالية من وجود سيف الدين الجزيري في قائمة المنتخب التونسي في مونديال 2022، بالإضافة إلى مشاركة لاعبه السابق فرجاني ساسي مع نسور قرطاج. ومن المتوقع أن يحصل النادي الأهلي على مبلغ قدره 153,540 دولارا تقريبا بفضل تواجد علي معلول مع المنتخب التونسي بعد نهاية مشوار نسور قرطاج في نهاية الدور الأول، كما أنه سيحصل على مكافأة مالية مقابل تواجد بدر بانون مع المنتخب المغربي، ويحصل المقاولون العرب على 5000 دولار تقريبا.

ما أزال متفائلا

لدى عبد القادر شهيب ما يدفعه للشعور بالأمن في “فيتو”: بينما يتحدث البعض عن الأيام الصعبة اقتصاديا التي تنتظرنا فإن الرئيس السيسي يخرج اليوم علينا في مناسبة افتتاح مدينة المنصورة الجديدة متفائلا بأننا سوف نجتاز الأزمة الاقتصادية بسلام ونجاح. وإذا كان السيسي منذ اندلاع تلك الأزمة الاقتصادية يؤكد أننا قادرون على تجاوزها رغم شدتها فإنه هذه المرة كان تفاؤله واضحا وثقته أكثر في قدرتنا على الخلاص من هذه الأزمة. ولعل تفاؤله يستند إلى مجموعة من الأمور والتطورات في مقدمتها أننا سددنا التزاماتنا الخارجية هذا العام (2022) المتمثلة في أقساط وفوائد الديون الخارجية، بعد أن جددنا أجل ودائع في البنك المركزي مستحقة لكل من السعودية والكويت تبلغ نحو تسعة مليارات دولار، ولذلك لم تعد كثير من المنظمات الاقتصادية العالمية تدرج مصر ضمن قوائم الدول التي قد تجد صعوبات في سداد التزاماتها الخارجية، فضلا عن أننا في سبيلنا لتدبير التزاماتنا الخارجية في العام المقبل (2023) أيضا بعد إقرار مجلس ادارة صندوق النقد الدولي اتفاقنا معه والذي سوف يتيح تمويلا منه ومن وجهات أخرى دولية. وفوق ذلك كله البدء في تنفيذ نهج توطين الصناعة داخل البلاد وهو ما سوف يؤدي إلى تخفيض فاتورة الاستيراد من الخارج وبالتالي يخفض من الفجوة في النقد الأجنبي التي نعاني منها والتي جعلت تلك الأزمة الاقتصادية قاسية علينا وعرضتنا كثيرا لتداعيات ارتفاع التضخم العالمي وزادت من وطأته علينا وعلى الجنيه وخفضت – ومازالت – من قيمته تجاه العملات الأجنبية. ويدعم ذلك كله عودة السياحة الخارجية إلى النشاط مجددا وهو ما سوف يترجم إلى زيادة في موارد النقد الأجنبي. واللافت للانتباه أن تفاؤل الرئيس السيسي هذا يأتي في وقت خفضت فيه وزارة التخطيط توقعاتها بخصوص معدل النمو الاقتصادي إلى خمسة في المئة مقابل 5.5 في المئة خلال العام المالي 2022/2023. ويشير ذلك إلى أن الرئيس ينظر بتفاءله هذا إلى ما بعد منتصف العام المقبل، وهو الموعد الذي تتوقع فيه الحكومة بدء انفراج الأزمة الاقتصادية، في ظل التوقعات العالمية الخاصة بتوقف القتال في أوكرانيا في هذا التوقيت أو ربما قبله.

بيوتهم من زجاج

ما يهم الدكتور محمد حسن البنا في بيان مجلس النواب ردا على البرلمان الأوروبي أن يدرك المواطن أن الدولة أحن عليه من هؤلاء الذين لا هم لهم سوى تدمير وتخريب الوطن ونهب ثرواتنا، كما حدث قبل ثورة يوليو/تموز 1952. ونحن نفهم أغراضهم الدنيئة، ونفهم من يساعدهم سواء من جماعة الإخوان أو منظمات مشبوهة. تناول بيان مجلس النواب إغفال البيان الأوروبى عن عمد الإشادة أو الإشارة إلى ما بذلته مصر من جهود لإنجاح المؤتمر السابع والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المنعقد في شرم الشيخ. تابع الكاتب في “الأخبار”: بل على العكس حاول الانتقاص من ذلك الأمر من خلال الإشارة إلى وقائع مغلوطة عن تضييق السلطات المصرية على ممثلي المجتمع المدني المصري أثناء المؤتمر. وأعرب مجلس النواب المصري عن استيائه البالغ إزاء الاستهداف المكثف الذي تعرضت له مصر من قبل البرلمان الأوروبى، استغلالا لاستضافتها لقمة المناخ (كوب 27)، حيث أثبتت مصر للعالم أجمع نجاحها في استضافة ذلك الحدث العالمي الكبير وتنظيمه على أعلى مستوى والذي شهد مشاركة واسعة غير مسبوقة، وخرج بنتائج ملموسة عبرت عن احتياجات ومطالب العالم بأسره من أجل إنقاذ كوكب الأرض. وأعجبني جدا تذكير مجلس النواب للبرلمان الأوروبى بأنه كان الأجدر به بدلا من الرصد المتزايد، وفق معلومات غير موثقة، لحالة حقوق الإنسان في مصر، أن يوجه أنظاره صوب مواجهة التحديات التي تجابهها دول الاتحاد الأوروبي للارتقاء بحقوق الإنسان. تلك الدول تشهد انتهاكات صارخة لتلك الحقوق. فى مقدمتها: المخاطر التي يواجهها المهاجرون واللاجئون والأقليات العرقية، العنصرية الممنهجة ضد بعض الدول الأوروبية. تنامي العديد من الظواهر المقلقة التي تهدد أمن وسلم المجتمع كالإسلاموفوبيا، وخطاب الحض على الكراهية، والعنف ضد المرأة والجرائم التي ترتكب ضد الأطفال القصر، وعنف الشوارع. وعلى رأي المثل «إن كان بيتك من زجاج فلا تحدف الناس بالطوب».

صغيرة ومذهلة

يبدو أن كرة القدم قد أصبحت على حد رأي فاروق جويدة في “الأهرام” الجواد الرابح في اهتمامات الشعوب، وتابع الكاتب: استطاعت قطر الدولة العربية الشقيقة أن تنتزع من كل دول العالم حدثا تاريخيا كبيرا منذ سنوات، وأن تحصل على حق إقامة أكبر مهرجان كروي في العالم وأن تقيم كأس العالم في كرة القدم على أراضيها. استطاعت، وهي الدولة الصغيرة وحاكمها الشاب، أن تقيم هذا العرس لأول مرة في دولة عربية. واستطاعت أن تنفق مليارات الدولارات لإقامة منشآت وفنادق وملاعب تستوعب الملايين من البشر من كل البلاد والأوطان واللغات، وأن تقيم الفنادق العائمة التي استوعبت آلاف الضيوف. وفي حفل افتتاح تاريخي أقامت عرسا كرويا شاهده العالم كله على الشاشات، وأشادت به دول كثيرة. وكانت الشعوب العربية أكثر الشعوب سعادة وتقديرا لهذا الحدث الكبير. لم يكن أحد يتصور أن الضيوف القادمين من كل دول العالم سوف تسبقهم عواصف شديدة وأمطار رعدية قاسية، وسرعان ما هبت على الدوحة أمراض وأوبئة كثيرة بدأت بالتشكيك فى قدرة الدولة القطرية على إقامة هذا الحدث الكبير، وانتهت إلى مطالب سلوكية وأخلاقية تتعارض تماما مع أخلاقيات وتقاليد دولة عربية لها ثوابتها. يبدو أن البعض حاول أن يستدرج الشعوب العربية ممثلة فى قطر لإحياء ما بقى من أطلال العولمة التى غربت شمسها، وأصبحت من ذكريات الماضي وربما وجد فيها البعض الآخر فرصة لتعويض ما لحق بالغرب من خسائر في التدخل الروسي فى أوكرانيا أمام عجز مهين في كارثة لم يتوقعها أحد. جاءت الحشود إلى الدوحة تسبقها مطالبها وهي تعلم أنها مرفوضة.

الدوحة لا تنكسر

تصاعدت المواجهة وتدخلت السياسة وبدأ الإعلام الغربي، كما أوضح فاروق جويدة يهاجم قطر، ووجد فيها البعض فرصة للهجوم على الإسلام والمسلمين، لم يتراجع المسؤولون في قطر أمام عواصف الهجوم الضاري عليهم، وأصر الشيخ تميم على موقف بلاده في رفض رموز المثليين والخمور، ووقفت دول عربية كثيرة تؤيد قطر في مواقفها. على جانب آخر كان الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» يؤيد موقف قطر، ووقف رئيس الاتحاد يؤكد أن ما يحدث فيه الكثير من النفاق. كانت السياسة بعيدة عن هذه الصراعات حتى دخلت وزيرة الداخلية الألمانية إحدى المباريات وهي تعلق شارة المثليين أمام الجميع. كان ذلك تحديا من أكبر دولة أوروبية لحق الدولة التي تستضيف كأس العالم في أن تمنع ما يتعارض مع دينها وثوابتها وتقاليد شعبها في سرية كاملة. كانت هناك وسائل ضغط على قطر ربما ترضخ، ولكن وصلت الأزمة إلى التهديد بطرد الدول التي لا تلتزم بما فرضته الدولة القطرية واتحاد الكرة. كان من الضرورى أن تدخل السياسة ولكن من بعيد، ولم تحاول الحكومات المشاركة أن تبدو طرفا واعتبرته خلافا بين المشاركين والدولة القطرية. وهنا ظهر الجانب الأخلاقي في محاولة فرض سلوكيات مرفوضة من المشاركين في دولة تحكمها أعراف وأخلاقيات وتقاليد ينبغي أن تحترم ثوابت الشعوب، خاصة أن قطر قدمت للعالم تجربة رائدة وأنفقت أموالا كثيرة. وهناك علاقات مميزة وفريدة بين قطر والغرب وفي أزمة الغاز الأخيرة وقفت قطر بجانب الدول الأوروبية وقامت بتوفير احتياجاتها من الغاز. إن ما حدث في كأس العالم كشف الوجه القبيح الذي مازال يسيطر على الفكر الغربي في الهيمنة وهي أشياء فات أوانها، وأصبحت من قصص الأمس والماضي الذي لن يعود.

حزين في عرسه

ليسوا كلهم سعداء في المونديال فهناك من سافر ولم يلعب، وهناك من لعب ولم ينتصر، وهناك من انتصر ولم يتأهل، لكن بحسب ما يرى يوسف أيوب في “المصري اليوم” يبقى ميلان بورجان هو أكثر الجميع حزنا وألما، وكان ما جرى له يوم الأحد الماضي هو النهاية القاسية والمؤلمة لمشوار دام 27 عاما عاشها ميلان كأنه بطل رواية طويلة مكتوبة بالدم لا الحبر، رواية بدأت أحداثها 1995 في مدينة كنين، في كرواتيا، لكن معظم سكانها من الصرب، وحين قامت الحرب الكرواتية الصربية في 1991، حاول الصرب الاحتفاظ بكنين، وحارب الكروات من أجل طرد الصرب من كنين. ونجح الكروات وخرج الصرب من المدينة، وكان منهم ميلان بورجان كصبي في الثامنة من العمر. وبعد خمس سنوات قضاها مع أسرته في بلغراد بدأ خلالها يلعب كرة القدم مع ناشئي نادى رادنيشيكى، قررت الأسرة في 2000 الهجرة إلى كندا هربا من جروح قديمة وتوتر دائم وخوف لا ينتهي. وعاد ميلان لكرة القدم من جديد في كندا، وبدأ ينتقل بين أندية الأرجنتين وأوروغواى بحثا عن حلم يمكن تحقيقه. واضطر في 2009 للعودة إلى أوروبا. لعب في صربيا وتركيا والبوسنة وبلغاريا حيث بدأ يلفت الانتباه لموهبته كحارس مرمى. ولم يتردد في اللعب لمنتخب كندا احتراما وامتنانا لما قدمته له هو وأسرته. وأصبح ميلان الحارس الأساسي والدائم لمنتخب كندا الذي شارك في مونديال 2022 في قطر. وكانت القرعة قد أوقعت كندا مع كرواتيا في مجموعة واحدة، ليلعب الاثنان معا يوم الأحد الماضي. ومنذ بداية المباراة قررت الجماهير الكرواتية الانتقام من ميلان، كأنه المسؤول الأول عن كل ما عاشته البلقان من حروب ومآس ومجازر ومخاوف ودماء. توالت اللعنات واللافتات والرسومات والعبارات التي تسخر من ميلان. وكانت تزداد حدة وقسوة كلما أحرزت كرواتيا هدفا في مرمى كندا. وبعد أربعة أهداف فازت بها كرواتيا، تلقى ميلان أكثر من 2500 رسالة عبر تليفونه الخاص فاضت بالسخرية والإهانة.

الربيع الصيني

عُرف عن الصين الاستقرار السياسي الداخلي منذ سيطرة الحزب الشيوعي كحزب سياسي حاكم وحيد، على الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية في البلاد. إلا أن ما شهدته الصين وتشهده، خلال الأسابيع الأخيرة، وفقا لمحمد المنشاوي في “الشروق” يترك الباب مفتوحا أمام أسئلة بلا إجابات. وبداية لا يفهم الكثير منا حول العالم ماذا يُدار داخل غرف الحزب الشيوعي الصيني المغلقة، ولا يعرف أحد كيف يخططون لسيناريوهات مجهولة في دولة تعداد سكانها 1.4 مليار نسمة وتملك ثاني أقوى اقتصاد وجيش في العالم. شهدت الصين، في حالة نادرة، احتجاجات في مناطق مختلفة خلال الأيام الأخيرة للمطالبة بإنهاء تدابير إغلاق فيروس كوفيد، وبفتح مجالات أوسع للحريات السياسية، في موجة تظاهرات واسعة لم تشهد مثلها البلاد منذ الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في العام 1989. ودفعت سياسة الرئيس الصيني شي جين بينج، المعروفة باسم «صفر كوفيد Zero Covid» لمعاناة الملايين من الشعب الصيني ممن فقددوا مصادر رزقهم بعد ارتباك السلطات الحاكمة في مواجهة الفيروس بحيث استمر الإغلاق حتى الآن، على الرغم من تغلب بقية دول العالم على انتشار وتفشي الفيروس، بما عادت معه الحياة لطبيعتها. ولا يعرف أحد إلى ما ستفضي إليه هذه الاحتجاجات، والتي ربما تفضي إلى لا شيء. لكن أسباب القلق، من وعلى الصين، لا تقتصر على الاحتجاجات والغضب الشعبي فقط، فقد أنهى الحزب الشيوعي مؤتمره العام، الذي يعقد كل خمس سنوات في نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأضحى مستقبل الصين في يد الرئيس شي وحفنة من الموالين له. ويحذر الخبراء من أن التركيز المفرط للسلطة قد يأتي بنتائج عكسية إذا أخطأ شي الحسابات. مدد الحزب للرئيس شي فترة حكم ثالثة لمدة خمس سنوات أخرى على الأقل، وهو ما يمثل انحرافا عن تقليد الحزب الشيوعي الصيني المستمر منذ عقود، والذي أكد على التبديل المنتظم للقيادة مع تجنب التركيز المفرط للسلطة.

مفسدة مطلقة

أوضح محمد المنشاوي أن الزعيم دينج شياو بينج، وهو الذي خلف الزعيم ماو، أدرك أن العالم يتغير بسرعة فائقة، وإذا أرادت الصين اللحاق بركب التقدم الاقتصادي فعليها اتباع آليات الاقتصاد الرأسمالي وتبني اقتصاديات السوق المنفتحة، إلا أنه صمم على أن يكون ذلك بنكهة صينية تقل فيها سلطة الدولة كمخطط للاقتصاد، مقابل الدفع بنظام مختلط لا يترك لقوى السوق حرية كاملة للحركة. ويحسب لبينج أنه خلق وصان حركة إصلاح وانفتاح كبيرة وضعت للصين أسس التقدم الاجتماعي والاقتصادي، وكذلك حفاظه على الخصوصية الصينية وعرفت الصين حينذاك «اشتراكية صينية» تختلف عما تصفه الأدبيات الغربية عن النظم الاشتراكية. أدرك بينج كذلك أن من الجرم إبقاء حاكم في منصبه مدى الحياة فصمم على عدم السماح بوجود ديكتاتورية مطلقة حيث رآها مفسدة مطلقة. كما صمم على عدم السماح بوجود سلطة لشخص مدى الحياة، وتمت صياغة ذلك في الدستور الصيني وذلك ليتجنب زعماء الصين الجدد الفساد المرتبط بالقرب من دائرة الحكم لفترة طويلة، وعدم استيعاب دائرة الحكم المطلق لضرورات وفوائد وحتمية التغيير. صمدت الصين أمام عواصف الانفتاح والإصلاح لما يقرب من نصف قرن منذ تبنيها سياسات الإصلاح والانفتاح الاقتصادي منتصف سبعينيات القرن الماضي، وصمدت كذلك بدستور 1982 الذي منع ظهور زعيم واحد ملهم يبقى في الحكم حتى مماته طبقا لتصور الأب الروحي للإصلاح والتقدم دنج شياو بينج. من هنا يمكن تفهم ما قام به الرئيس الصيني الحالي من خلال خطوات متنوعة لتعزيز وضعه خلال سنوات حكمه بمحوه قدرا كبيرا من إرث دينج شياو بينج، إضافة لإزاحته لكل خصومه المحتملين، معتمدا في المقام الأول على حملته الواسعة النطاق لمكافحة الفساد، والتي امتدت لتخليص الحزب الشيوعي من كل خصومه ومنافسيه السياسيين المحتملين. مع نهاية مؤتمر الحزب أصدر قادته بيانا أيدوا فيه الرئيس شي باعتباره «صمام أمان الحزب»، ودعوا الحزب إلى الاتحاد بشكل أوثق خلفه. وأصبح الرئيس شي يشغل حاليا أقوى ثلاثة مناصب في الصين ــ الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، ورئيس القوات المسلحة في البلاد، ورئيس الدولة ــ وهكذا أصبح نظام الحزب الواحد، نظام الشخص الواحد.

لا تقتلوها

يجب ألا ننسى ما تذكره سليمان جودة في “المصري اليوم”: أن الرئيس السادات جعل الصحافة سلطة رابعة، وأنه قال ذلك من خلال تعديل أدخله على الدستور في مايو/ايار 1980. ولم يكن القصد أن تحصل الصحافة على ميزة مضافة، ولكن كان الهدف أن تكون الصحافة سلطة وازنة مع السلطات الثلاث الأخرى، وكان الغرض هو التأكيد على أن أداء السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية سيكون أفضل عندما تكون الصحافة سلطة حاضرة في ساحة العمل العام. ولابد أن النص الدستوري الذي أدخله السادات على دستور 1971 حول هذا الشأن كان يقصد الإعلام عموما، لا الصحافة التي نعرفها كصحافة مكتوبة وحدها، فالحديث عن الصحافة في العموم هو حديث عن الصحافة المسموعة، والصحافة المرئية، والصحافة المكتوبة، ثم هو حديث عن الصحافة الإلكترونية التي استجدت علينا هذه الأيام. وقد جاء وقت فهم الصحافيون فيه ما قصده السادات خطأ. وكان السبب أنهم فهموا نص السلطة الرابعة في الدستور على أساس أنه يضعهم فوق الناس، وفوق القانون، وفوق المجتمع. ولم يكن هذا ما أراده بطل الحرب والسلام من وراء التعديل الذي أدخله، وإنما كان يريد بحكم ممارسته مهنة الصحافة فترة من حياته أن تكون عينا مفتوحة على السلطات الثلاث، وأن يؤدي ذلك إلى تصحيح الخطوات أولا بأول. إن الدولة تتكلم دائما عن مفهوم أوسع لحقوق الإنسان، وتقول إن حرية التعبير حق من حقوق الإنسان. هذا صحيح، ولكن الصحيح كذلك أن التعليم الجيد حق من حقوق الإنسان، وأن الرعاية الصحية الجيدة حق من حقوق الإنسان، وأن المواصلات العامة الآدمية حق من حقوق الإنسان، بل إن الأمن حق من حقوق الإنسان. تتكلم الدولة في هذا المفهوم العام لحقوق الإنسان وهي صادقة فيما تقوله. ولكن عليها أن تنتبه إلى أنها لن تضمن الوصول إلى الأخذ بهذا المفهوم الأشمل عمليا على الأرض ما لم تكن الصحافة عينا كاشفة أمامها، وما لم تكن عينا لها ترى بها ما لا يمكن أن تراه إلا من خلالها. الصحافة الحرة التي تمارس مهمتها بهذا المعنى، وباعتبارها سلطة رابعة، هي مصلحة للحكومة، وللدولة، وللنظام الحاكم، قبل أن تكون مصلحة للمواطن.

أبطال رغم الهزيمة

نتحول نحو طهران التي اهتمت بمجريات الأحداث فيها نادين عبد الله في “المصري اليوم”: خسر الفريق الإيرانى أمام الفريق الأمريكى في كأس العالم لكرة القدم، ولكن الخسارة في الكرة لا تنفي البطولة في أمور أخرى. فالفريق الإيرانى يلعب في ظروف شديدة الصعوبة، وتحت ضغوط لا يتحملها بشر. يلعب فريق إيران وهو يعلم أن أبناء وطنه يتعرضون لقمع شديد وقسوة مبالغ فيها فقط لأن نساءه قررن أن يخترن حياتهن وملبسهن بالشكل الذي يناسبهن دون تدخل أي أحد. هم أبطال لأنهم اختاروا الطريق الصعب، طريق إعلان موقف سيكلفهم الكثير. أعلن قائد الفريق تضامنه الكامل مع شعبه ومع سيداته اللاتي اخترن حريتهن. صحيح أن رفض ترديد النشيد الوطني أمر صادم، لأن عادة ما يعبر هذا النشيد عن الوطن وقيمته، إلا أنه في حالة إيران يمجد النشيد النظام الإيراني أيضا. تضامن لاعبو الفريق مع أبناء وطنهم ومع أبناء جيلهم والجيل الأصغر منهم، فاختاروا أن يكونوا أبطالا في الشجاعة واحترام قيمة الحرية حتى وإن لم يحالفهم الحظ في الكرة. فالحقيقة هي أن موقف الفريق الشاب لم يعبر فقط عن تعاطفه مع فتيات وسيدات وطنه بل عكس أيضا نوعا من التضامن الجيلي. فعلى الأرجح ينتمي أغلب أعضاء الفريق إلى «الجيل زد» Gen Z الذي ينتمي مواليده إلى الفترة بين 1995 و2009، وهو الذي يخلفه «الجيل ألفا» Gen Alpha الذي ينتمي مواليده إلى الفترة بين 2010 و2024. و«الجيل زد» هو الذي قاد المظاهرات التي اندلعت، مؤخرا في إيران ضد النظام الإسلامي، خاصة شرطة الآداب التي تفرض الحجاب على السيدات بالقوة، إلى أن لحق به «الجيل ألفا» الذي يعبر عنه طلاب المدارس، وهم أيضا قاموا بمظاهرات قوية دفاعا عن حريتهم أسفرت عن اشتباكات عنيفة مع الشرطة. يرفض أبناء هذين الجيلين، الذين عرفوا التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، أن يُقهروا وأن يُفرض عليهم نمط للحياة واللبس بالغصب والعنف. فهذه التحولات التكنولوجية دفعت إلى تغيرات اجتماعية وثقافية لهذه القطاعات الشابة التي عرفت عالما جديدا وانفتحت على حياة بشر آخرين في كل أنحاء العالم.

ضمير حي

استدعى حسين القاضي في “الوطن” سيرة موظف عمومي احتفظ بضميره يقظا: كان أحد علماء قريتنا في الصعيد واسمه الأستاذ محمد إبراهيم علي حسن مديرا لإحدى المدارس، وذهب إلى الإدارة التعليمية. وهو في الطريق حدث أن صديقا له دفع له الأُجرة، فرجع في اليوم التالي وشطب الخانة الخاصة ببدل الانتقال، إذ اعتبر أن صديقه دفع له الأجرة بدلا من الدولة، فرفض أن يتقاضى بدل انتقال!! وحدث هذا الموقف في الورع والحرص على المال العام مع العالم الشيخ محمد الصادق خليفة حجازي الخلوتي، من قرية المحاميد بأرمنت قنا، فعندما كان يسجل انتقاله بين المعاهد الأزهرية للتفتيش عليها كان يكتب: انتقلتُ من معهد كذا إلى معهد كذا سيرا على الأقدام، أو دفع لي الأجرة بعض الأصدقاء، أو انتقلت راكبا على دابة، وذلك حتى لا يأخذ بدل انتقال. يدعو إعلام جماعات التطرف الديني لدعوات تحرض على عدم دفع فواتير الكهرباء والمياه، وأوجدوا مخرجا شرعيا لسرقة المال العام، مع أن المرافق العامة كالمساجد، والحدائق العامة، والمستشفيات، والكهرباء، والمياه، والقطارات، مملوكة للدولة، والدولة في الإسلام لها شخصية اعتبارية مستقلة، لا علاقة لها بالقائم عليها. وقد يقال إن فى عدم دفع الفواتير إضعافا للدولة الظالمة، وهذا ما يفنده الدكتور عثمان عبد الرحيم بما خلاصته، بعد بيان جواز عدم الدفع للعاجز عن ذلك وفق القانون. هذا استيلاء على المال العام بغير حق، وهذا عمر بن عبد العزيز جاءه أحد الولاة يحدثه عن أمور المسلمين، وكانوا يستضيئون بشمعة، فلما انتهى من الحديث عن أمور المسلمين، وبدأ يسأل عمر عن أحواله، قام عمر فأطفأ الشمعة، فتعجب الوالي من ذلك، فقال له عمر: كنت تسألني عن أحوال المسلمين وكنت أستضيء بنورهم، وأما الآن فتسألني عن حالي، فكيف أخبرك عنه على ضوء من مال المسلمين؟!

ايزيس تبوح بأسرارها

​اكتشفت البعثة الأثرية المصرية أمس الأول واحدا من المباني الجنائزية الضخمة وداخله العديد من المقتنيات الأثرية العظيمة، كان أبرزها تمثال للمعبودة إيزيس أفروديت والتي يرجع أصلها للحضارة اليونانية الرومانية. أما عن وجودها في الفيوم على وجه الخصوص فهي من الأماكن التي مزجت بين الحضارة. ونقلت عبير خالد في “الوطن” عن بسام الشماع، المؤرخ وكاتب المصريات، عن «إيزيس أفروديت» قوله أن لفظ «أفردويت» يتم استخدامه للتعبيرعن الجمال، وتوجد العديد من التماثيل التي تحمل مشتقات لهذا الاسم، كما أن «إيزيس» يوحي إلى الأم أو الحانية أو المرضعة وغيرها من المصطلحات الأخرى، إذن المعنييان معا يرمزان إلى قوة خطيرة رغب اليونانيون في فرضها على المصريين. لم يكن تمثال المعبودة «إيزيس» هو الاكتشاف الوحيد داخل المبنى، بل أنهم قد عثروا أيضا على العديد من البورتوريهات التي يطلق عليها «بورتوريهات الفيوم» وهي مجموعة من الرسومات تجسد شخصيات واقعية رسمت على توابيت مومياوات مصرية في أثناء الحكم الروماني في مصر، وأهم ما يميزها عن غيرها أنها مرسومة بدقة كبيرة جدا تظهر فيها كل الملامح بشكل أقرب إلى الحقيقة بحسب «الشماع». ويتم من خلال البورتوية التعرف على شخصية المتوفى، ويتم رسمها بدقة متناهية ذات تفاصيل كثيرة جدا لدرجة تظهر فورمة الشعر أو الميكب أو الإكسسورات، ويتم وضعها على وجه المومياء للتعرف عليه من خلال الرسمة الموضوعة أعلاه ليتعرف الزائر بسهولة على المومياء.

ثورة الشباشب

ظاهرة الخروج بشباشب البيت هذه الأيام اثارت اهتمام نيفين مسعد في “الشروق”: لا يمكن تفسيرها بمجرد البحث عن الراحة، فهناك أنواع من الشباشب المخصصة للخروج تتميز بأنها مريحة لأقصى درجة ممكنة، لكن أظن أن تعامل الشباب مع الأحذية بشكل عام يعبر عن ثورة جيلية في العلاقة بين الاثنين. لقد عشت طفولتي وصباي بل وحتى شبابي وأنا تقريبا لا أكاد أرى أبي يرتدي إلا الحذاء البروك الإنكليزي الشهير ذي الشكل المميز. وكان لدى أبي من هذا النوع من الأحذية كل الألوان المتاحة، فكان لديه الأسود والبني والأبيض. ومن اللون الأسود بالذات كان لديه أكثر من زوج واحد، وكان يدهشني جدا عندما كان يفاضل بين زوج وآخر من أحذيته مع أنها جميعا طبق الأصل، فأتأمله وهو يخرج زوجا من البروك الأسود من تحت الدولاب ويتفحصه بعين خبير ثم يعيده إلى مكانه وهو يتمتم بصوت مسموع: لأ مش هو ده! ويشد زوجا آخر ليلبسه. فكرت أكثر من مرة أن أسأل أبي عن الفرق بالضبط بين أحذيته السود، لكني لم أفعل لثقتي في أن أبي يعرف جيدا ما يفعل. أما أكثر المشاهد التي طالما أبهرتني أثناء طفولتي في علاقة أبي مع أحذيته، فكان مشهده صباح يوم الجمعة من كل أسبوع، عندما كان يجلس على مقعد خشبي قصير ويفرش أرض المطبخ بورق الجرائد القديمة ويروح يلمع أحذيته البروك واحدا تلو الآخر فتكاد تتلألأ من فرط لمعانها، وبعد أن ينقل أبي ثروته العظيمة من الأحذية إلى الشرفة ليجف طلاؤها، يبدأ في إعداد العدة لأداء الصلاة. هكذا تربيتُ في أسرة لم يخطر على بالها فكرة الخروج بشبشب البيت، بل لم يكن رب الأسرة يقبل الخروج من البيت إلا بالحذاء البروك، وأظن أن كل الأسر من نفس الطبقة الاجتماعية كانت مثل أسرتي، فلقد كنا نشبه بعضنا في الزي والتفكير والعادات. ثم بعد ذلك يأتي ابن صديقتي ليشهدني أنا وأمه أن شابا روشا يشرب القهوة في أون ذا ران يرتدي شبشب البيت!

سحر الرقصة الأولى

اشارت نيفين مسعد إلى أن علاقة الشباب بالأحذية تعبر عن ثورة جيلية لأن الأمر يتجاوز مسألة الشباشب، فهناك طقوس جديدة وبعضها يبدو لأبناء جيلي مدعاة للاستغراب الشديد. تابعت الكاتبة: عشنا عمرنا نعرف أن الحذاء ذو الرقبة أو البوت لا يُلبس إلا في فصل الشتاء طلبا للتدفئة، ومع بداية ظهور هذا الاختراع العجيب كنا نشتريه من الخارج لأنه غير متوفر في السوق المصرية. الآن اختلف الوضع توفرت البوتات وصرنا نرى الفتيات يرتدينها في عز الحر، وكلما ارتفعت التنورة لأعلى طالت رقبة الحذاء أكثر. في الستينيات وحتى نهاية السبعينيات كانت تنانير الفتيات كلها قصيرة ومع ذلك لا أذكر أنني رأيت فتاة ترتدي بوتا في الصيف فالجو نار والتصاق الجلد بالساق مؤلم لأنه يغلق المسام ويزيد الإحساس بلهيب الحر. وعندما أبحث عن تاريخ تحول البوت من حذاء شتوي لحذاء صيفي لا أستطيع أن أجد نقطة زمنية محددة، وربما لا أجد تفسيرا منطقيا لانتشار هذه الظاهرة لأن اللامعقول نفسه قد يكون هو التفسير المحتمل. أما ظاهرة ارتداء البوت والأحذية بشكل عام دون جوارب أو على الأقل التفنن في تقصير هذه الجوارب وإخفائها حتى لا تكاد تُرى بالعين المجردة فإنها تعود لأعوام قليلة مضت. وأذكر أنني مررت بعشرات المحال حتى أستطيع أن أجد جوربا قطنيا متوسط الطول من تلك الجوارب التي اعتدنا عليها ولا يخجلنا ظهورها للعيان، لكن عندما ارتديته لفتت ابنتي نظري في أدب إلى أن “الشراب الطويل ما بقاش موضة يا ماما”. أما الأحذية الرياضية مع فستان الفرح فهذا هو المظهر الأبرز للثورة في تعامل الشباب مع الأحذية. على أيامنا كانت تجلس العروس في الكوشة في هدوء ووقار، لا تتحرك منها إلا لترقص أول ڤالس مع عريسها وما أدراك ما سحر الرقصة الأولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية