فرح الكثير من الجزائريين بالقرار الأخير لمنظمة اليونيسكو، التي اعترفت فيه بجزائرية غناء الراي، من دون أن يعني هذا بالضرورة، أن الراي بمعنى رجاحة العقل وحسن التفكير والتدبير التي تحيل اليها كلمة راي، عند الجزائريين في الأصل، وقد عاد فعلا للجزائريين لا لغيرهم من سكان شبه القارة المغاربية ككل، هم الذين ما زالوا مصرين على الدخول في حروب وهمية الرابح فيها خاسر، بكل تأكيد، حول رموزهم وثقافتهم المشتركة منذ آلاف القرون، يصرون على استعمالها كمعول هدم وفرقة.
فقبل حرب الراي التي حاول البعض من الداخل والخارج إشعالها بين الجزائريين والمغاربة، كانت محاولة الزج بالكسكسي كمطعم مشترك لأبناء المغرب الكبير الممتد من بن غازي الليبية إلى أقصى الأطلسي للقيام بالمحاولة التدميرية نفسها، للكسكس الذي لم أكن أتصور يوما انه سيتحول إلى عامل فرقة وشقاق بين أبنائه هو الذي يرمز إلى اللقاء والوحدة. مرورا بمعركة الزليج التي اندلعت بين المغرب والجزائر، بعد الإعلان عن شكل قميص الفريق الوطني الجزائري لكرة القدم، في انتظار معارك أخرى، ما زال يصر عليها من لا راي لهم. من أبناء بلاد الراي.
معارك وهمية تعكس حالة التردي التي أوصلت إليها النخب الرسمية الحاكمة، الشعوب المغاربية، بعد معارك الاستقلال وبناء الدولة الوطنية. شعوب كانت وما زالت تغنّي بالنغمة الموسيقية نفسها، وتأكل الطعام نفسه، وتلبس اللباس نفسه وترقص الرقص نفسه. داخل نسيج ديموغرافي وثقافي متجانس إلى حد كبير، وحّده التاريخ منذ قرون، وحّده الزواج المشترك والتنقل بين مختلف مناطق المغرب الكبير، ما جعل الشيخة الرميتي الوجه الراياوي المعروف في الجزائر، تتحول إلى جزائرية في مرحلة تاريخية محددة، رغم أصولها المغربية المؤكدة -هو حال الشابة الزهوانية نفسه – كما هو حال الكثير من أبناء المدن الغربية في الجزائر، كنتيجة منطقية لهجرة واسعة بين البلدين، قبل وبعد ظهور الحدود الدولية الحالية، التي لم تكن لا دائمة ولا مستقرة، ونحن نتصفح التاريخ القريب والبعيد.
حروب وهمية الرابح فيها خاسر، بكل تأكيد، حول رموز وثقافات مغاربية مشتركة منذ آلاف القرون، يصرون على استعمالها كمعول هدم وفرقة
الحال نفسه الذي ينطبق على أبناء الجزائر من أصيلي ولايات معسكر، تلمسان ومستغانم الذين نصنفهم الآن كمغاربة مفتخرين بمغربيتهم، عكس القراءة التاريخية التي تقول إنهم جزائريون من حيث أصولهم البعيدة على الأقل، تنقلوا إلى ما يسمى المغرب الآن لأسباب عديدة، كما كان يحصل عند كل شعوب الأرض. وضع ينطبق على أبناء قبيلة الفراشيش على الحدود الجزائرية التونسية – كمثال فقط – وغيرها من القبائل الكثيرة التي تسكن المنطقة الحدودية، داخل شبه القارة المغاربية، تماما كما هو حال سكان قبائل الطوارق في أقصى الجنوب، ونحن نتحدث عن تلك العائلات التي ما زالت تجسر العلاقات بين أبناء الشعبين الليبي والجزائري في بعدها الافريقي. علاقات لا يمكن أن تخفيها العين مهما كانت قاصرة ومستعملة ضد منطق التاريخ والجغرافيا، الذي تعاملت معه شعوب المنطقة بكل أريحية وسلاسة لقرون عدة.
بديهيات لم يكن من الضروري التذكير بها، لولا غياب الراي عند أبناء الراي، الذين أراد بعض مسؤوليهم عند وصولهم للسلطة بعد الاستقلال، وضع حواجز جمركية امام الأغنية الشعبية المتأصلة بين أبناء الشعب الواحد، وأبناء شعوب المنطقة، كما كان الحال مع أغنية الراي في الجزائر من قبل النخب الرسمية ومن ورائها النخب الفكرية والإعلامية المدافعة عن توجهاتها، بحجة «عدم أخلاقية كلماتها».
الحجة نفسها التي استعملت ضد الأغنية الشاوية، كما تؤكده حالة المطربة الشعبية حدة بقار ولأسباب سياسية أخرى عندما يتعلق الأمر بالأغنية الأمازيغية، بكل أنواعها القبائلية والطرقية والمزابية، وهي تتحول لاحقا إلى سلاح سياسي فعال ضد النظام السياسي الذي حاربها ونفاها إلى الخارج، في وقت اتجهت فيه النخب السياسية الحاكمة في الجزائر في محاولة فرض «أغنية وطنية « لا لون ولا طعم لها رفضها الذوق الشعبي العام، رغم ما تم توفيره لها من إمكانيات مادية واحتكار إعلامي من قبل مؤسسات الدولة، التي احتكرت الأرض والسماء خلال هذه الفترة، في طريق بناء مشروع وطني يعقوبي رفض الاعتراف بأي نوع من أنواع التميز والاختلاف، مهما كانت بسيطة ومقبولة في قارة ثقافية مثل الجزائر. كما عبّر عن نفسه هذا المشروع في ظل حكم الرئيس بومدين خلال سبعينيات القرن الماضي.
نظام سياسي يعقوبي لم يعترف فيه للشعب وحتى لنخبه، بما يمكن أن يميزها من انتماءات جغرافية وثقافية جعلها تتنكر كمستهلكة ثقافية لأذواقها الفنية والغنائية وتتعامل معها كميدان خاص يجب السكوت عنه في الفضاء العام، حتى لو تعلق الأمر بأغنية أو نوع موسيقى غير حاصل على الشرعية الرسمية. وضع جعل الشاوي الحاضر بقوة على مستوى مراكز القرار في الجزائر خلال هذه الفترة، لا يبوح بعشقه لأغاني حدة بقار إلا في الفضاءات الضيقة، بين أبناء جهته ويتنكر لها لتركها تموت في حالة يرثى لها في مدينة عنابة، بعد طول تهميش، وهو يستهلك «الأغنية الوطنية « التي فرضها على الذوق العام، من دون نجاح. فشل لهذه الاغنية الأحادية التي وصفت بالوطنية على حساب تنوع الغناء الشعبي الممثل لكل جهات الوطن، هو الذي يجعلنا نربط بينه وبين فشل المشروع الوطني على المستوى السياسي، الذي لم تكن النخب الحاكمة قادرة على منحه عمقا فنيا وثقافيا إنسانيا، كان كفيلا بحصوله على القبول الشعبي. بما يفترضه من نوع من الهيمنة التي كانت غائبة لدى هذه النخب السياسية الرسمية، التي بقيت ببعد واحد في علاقاتها بالشعب، بُعد سياسي جاف كما تصوره هذه الصورة الحزينة التي تكلم عنها الدكتور أحمد طالب في مذكراته، وهو يتحدث عن الرئيس بومدين في أيامه الأخيرة، وهو على فراش الموت في موسكو. كان بومدين يدندن بلحن أغنية شاوية معروفة في منطقة الشرق الجزائري، لم يكن يسمح بحضورها في التلفزيون الجزائري خلال فترة حكمه لا هو، ولا وزير إعلامه الدكتور طالب.
كاتب جزائري
النجاح لديه ألف أب أما الفشل فيتيم الأبوين…صحيح أن أبرز أعلام الراي حاليا وجلهم جزائريون، مازالوا أحياء ومازالوا يبدعون، وربما ساهمت ظروف عديدة في ظهورهم واستمرارهم، لكن أغلبهم يقترب من نهاية مسيرته، مما يطرح مشكل الخلف الذي يحتم على الدولة الجزائرية (بما أن الجزائر هي مهد هذا الفن ) أن تبذل قصارى الجهود من أجل أن يستمر إشعاع هذا التراث، وكذلك انفتاح المحيط المغاربي عليه، ولم لا أن يصل إلى العالمية (بمعنى أن يصبح كالراب مثلا، تتبناه كل شعوب الأرض، وليس نجاح بضع أغاني على الصعيد العالمي، والذي هو بالمناسبة إنجاز بلغته أنواع موسيقية عديدة في دول صغيرة )…وعلى ذكر الراب، فهو أيضا يعاني من غياب أي ظاهرة عالمية منذ سنوات بعد تراجع مستوى نجومه، إلى درجة أنه أصبح ينافسه شبيه هابط فنيا هو Mumble rap.
.
اليونيسكو تسجل أن الأمر من ثقافة بلد ما .. و لا تحكم بحصرية الأمر .. و لا تستطيع ..
.
بامكانها في المقابل أن تحكم أن امرا ما ليس من ثقافة ما .. حسب الادلة التي يعطيها اصحاب الملف ..
.
مثلا .. الزليج المعين قد ثم تقديم ملف أنه ليس مي ثقافة الجزائر .. و هنا .. اليونيسكو ستبحث
الأمر .. و على محامي الطرف الجزائري اتباث أنه ثقافة جزائرية .. و هنا سيكون الأمر صعبا لأن
الزليج موجود في مكان واحد شيده و رممه مغاربة ..
و لا يوجد في آلاف الاماكن .. كالمغرب .. كي نطلق عليه وصف ثقافة ..
.
بالنسبة للراي .. الأمر موثق في اليونيسكو أن الراي من ثقافة الجزائر .. لكن ليس حصريا جزائريا ..
.
ربما بعد سنوات .. قد تتقدم جمعية الراي من مدينة وجدة الى اليونيسكو .. و ستأكذ أن الراي
موجود في المنطقة بسبب أن المنطقة الغربية الجزائرية و الشرقية المغربية هي منطقة راي ..
.
و يبدو أن اليونيسكو ستحكم أن الراي من ثقافة المغرب .. لكن .. ليس حصريا مغربيا ..
.
يتبع رجاءا 1
لذلك طرح المغرب تقديم ملف مشترك مثل الكسكسي .. لأن الأمر واضح .. لكنه قوبل بالرفض ..
و سيكون اذا ملفان .. لن تعطي اليونيسكو فيها حصرية لأحد .. كما لا تفعل .. و لا تستطيع اصلا ..
.
كل ما تستطيع أن تفعل هو أن تحكم أن امرا ما ليس من ثقافة معينة .. و هذا ما سيحصل مع الزليج المغربي.
و هي هنا لن تحكم بحصرية مغربيته .. بل .. بأنه ليس جزائريا فقط .. و هذا بيت القصيد.
.
مجرد تساؤل: هناك من رأى أن الحديث عز الزليج المغربي كلام فارغ .. لكنه لا يرى في التهليل للراي
في اليونسكو أي كلام فارغ … لماذا ؟
.
و اجد أن في تكرار وصف “شبه قارة” كمرادف لكلمة جزائر .. اجد فيه شيئا لا يستقيم ..
و ربي يبارك في الطول و العرض .. لكن ليس غربا الى المحيط الاطلسي .. ?
واضح جدا?
شكرا لك ابى عروة .. يبدو انك في كندا .. و انا كنت اظنك في مغربنا الجميل .. دمت بخير.
هناك أشياء تعتبر موروث ثقافي مشترك بين دول المغرب العربي كالزليج والموسيقى الأندلسية والكسكسي الخ وهناك اشياء لها خصوصية الراي مثلا جزائري فن ناس الغيوان مغربي الخ
هناك زليج في الجزائر .. الزليج بالطراز المعروف مغربي خالص .. و منطقة وجدة و الشرق المغربي عموما معروفة بثفافة الراي ..
.
على اي .. المختصون في اليونيسكو سيحددون الامور ..
يعطيك الصحة ناصر